إرساء ملامح نظام نقدى جديد يعزز صلابة الاقتصاد تحقيق المرونة فى سعر صرف العملة المحلية وفقا لآليات العرض والطلب

إرساء ملامح نظام نقدى جديد يعزز صلابة الاقتصاد تحقيق المرونة فى سعر صرف العملة المحلية وفقا لآليات العرض والطلب

وجاءت القرارات الأخيرة التى اصدرها البنك المركزى المصرى صباح الخميس الماضى متكاملة، لتحقيق المرونة فى سعر صرف العملة المحلية وفقا لآليات العرض والطلب، بما يضمن الوصول إلى سعر عادل وحقيقى، مع رفع معدل الفائدة ٢% لامتصاص السيولة من السوق وخفض الطلب، وهو ما سيدفع الأسعار إلى الهبوط.

وتواكبت مع هذه القرارات الموافقة على حزم تمويل من صندوق النقد الدولى بقيمة ٩ مليارات دولار، منها ٣ مليارات دولار سوف تقر من قبل مجلس المديرين التنفيذيين لصندوق النقد ديسمبر المقبل، ومليار أخرى يجرى التفاوض عليها مع صندوق النقد، و٥ مليارات من مؤسسات تمويل أخرى، وذلك لسد الفجوة التمويلية خلال ٤ سنوات وحماية استقرار الاقتصاد الكلى، واستدامة الدين العام، وتحسين قدرة الاقتصاد المصرى على مواجهة الصدمات الخارجية الناجمة عن الأزمات العالمية الحالية، إلى جانب تعزيز شبكة الأمان الاجتماعى، بالإضافة إلى العمل على مضاعفة الاصلاحات الهيكلية، لتحفيز النمو، وتوفير المزيد من فرص العمل، من خلال مشاركة القطاع الخاص.

بعد عدة شهور من المفاوضات والمناقشات بين مصر وصندوق النقد الدولى، توصل الطرفان إلى اتفاق على حزمة متكاملة من السياسات والتدابير والإصلاحات الاقتصادية والهيكلية المتسقة مع برنامج الإصلاح الوطنى.

وفى نفس الوقت، أعلن حسن عبد الله، القائم بأعمال محافظ البنك المركزى، أن الأولوية لتحقيق استقرار الأسعار، حيث تعمل السياسة النقدية الحالية على خفض التضخم تدريجيًا حتى يصل إلى حدوده المستهدفة من قبل «المركزى»، والتى سوف يعلن عنها نهاية العام الجارى.
ولتعزيز الإنتاج وتوفير مستلزماته ورفع القدرات التصنيعية وزيادة الامكانات التصديرية للبلاد، حدد البنك المركزى قواعد جديدة تنظم عمليات الصرف الآجلة ومبادلة أسعار الصرف والصرف الآجلة غير القابلة للتسليم، باعتبارها من ضمن الأدوات التى سوف تسمح للسوق بالتعامل مع مرونة سعر الصرف، كما أعلن عن الإلغاء التدريجى للتعليمات الخاصة باستخدام الاعتمادات المستندية فى عمليات تمويل الاقتراض حتى إتمام الإلغاء بالكامل لها قبل نهاية العام، حيث رفع مبلغ الشحنات السابق استثناؤها من تطبيق تعليمات البنك المركزى، باستخدام الاعتمادات المستندية، إلى 500 ألف دولار، بدلا من 5 آلاف.

وثمنت الدكتورة إيفانا هولار، رئيسة بعثة مصر المُكلفة من قبل صندوق النقد الدولى، الاجراءات التى اتخذها البنك المركزى المصرى، فى ضوء ما تشهده البيئة العالمية فى الوقت الحالى من تغيرات متسارعة، والتداعيات المرتبطة بالحرب فى أوكرانيا والتى فرضت تحديات كبيرة على جميع دول العالم، ومنها مصر، مشيرة إلى أهمية القرارات التى اتخذتها مصر لتعزيز الحماية الاجتماعية، وتنفيذ نظام سعر صرف مرن، والتخلص التدريجى من الاستخدام الإلزامى للاعتمادات المستندية، فضلاً عن الالتزام بأجندة طموح للإصلاح الهيكلى وسط ظروف عالمية صعبة.
وقالت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، إن البرنامج الجديد مع صندوق النقد الدولى يدعم خطة الإصلاحات الهيكلية التى أطلقتها الحكومة من أجل الاستفادة من إمكانات مصر ومقوماتها العديدة، لتحقيق نمو مُستدام، وتعزيز تنافسية وقدرة الاقتصاد المصرى، حيث يهدف بشكل رئيسى إلى زيادة المكون الإنتاجى وقدرة الاقتصاد المصرى على التصدير، وإفساح المجال للقطاع الخاص لكى يقوم بدوره الأساسى فى دفع عجلة التنمية وتوفير المزيد من فرص العمل.

وأشاد خبراء الاقتصاد، بقرارات البنك المركزى المصرى والاتفاق مع صندوق النقد الدولى وما سبقها من قرارات للحماية الاجتماعية التى تحقق استقرار الاقتصاد وترسم خريطة الخروج من الأزمة الحالية.

يقول أحمد شمس، رئيس قطاع البحوث بالمجموعة المالية هيرميس، إن الاتفاق مع صندوق النقد يعتبر حلاً منخفض التكلفة لإعادة جدولة جزء من الديون الخارجية فى ظل ارتفاع تكلفة التمويل عالميًا وتعزيز الضبط المالى ووضع الاقتصاد على الطريق الصحيح.

ولفت إلى أن جذب الاستثمارات الأجنبية يتطلب معالجة المشكلات الحقيقية وفى مقدمتها كفاءة الجهاز الادارى للدولة، ودعم تنافسية القطاع الخاص والقيمة المالية المضافة، أى فرق العائد المتوقع على رأس المال وتكلفته مقارنة بالأسواق الناشئة الأخرى المنافسة.

وأوضح أن البورصة هى آداة لتوسيع قاعدة المشاركة فى دعم التوسعات الرأسمالية والحصول على رأس مال بطريقة أكثر كفاءة وأقل تكلفة، كما انها يمكن ان تكون أداة مهمة من أدوات إعادة توزيع الثروة على المواطنين، لذا ينبغى العمل على تنشيطها وتفعيل دورها.
وقالت هبة منير، محللة قطاع البنوك والاقتصاد الكلى باتش سى: إن رفع الفائدة يساعد فى احتواء التضخم، الذى وصل إلى 15٫0٪ سبتمبر الماضى، وأصبح السوق أكثر جاذبية للاستثمارات الاجنبية فى ادوات الدين المصرية.

وأضافت أن قرارات البنك المركزى بشأن بعض القواعد المنظمة لسعر الصرف، ومنها السماح للبنوك المحلية باستخدام مشتقات العملات الأجنبية وإلغاء الاستيراد بخطابات الضمان تدريجيا، من المتوقع أن تسهم فى توفير العملة الأجنبية بشكل أكبر فى السوق وتساعد على استعادة النشاط التجارى فى مصر.

وأضافت ان سوق الأوراق المالية سوف يتفاعل بشكل إيجابى مع القرارات بسبب تقييمات الاسهم المنخفضة للغاية التى كانت تعكس تباطؤ النشاط الاقتصادى فى مصر.

وفيما يتعلق بالحزمة التمويلية «9 مليارات دولار»، أوضحت هبة منير، أن هذه الحزمة ستغطى بالكامل إجمالى سداد ديون مصر المستحقة عن النصف الثانى من العام الحالى 2022، وجزءاً من النصف الأول لعام 2023، لافتة إلى أن الاتفاقيات تعد شهادة بالثقة فى برنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى وتضمن استمراره على المسار الصحيح. وزيادة مشاركة القطاع الخاص أمام نسبة مشاركة القطاع العام، واعتماد إطار تنافسى أكثر قوة، وتعزيز الشفافية، وضمان تسهيلات قطاع التجارة، وهو ما يمكن أن يطلق العنان لإمكانات النمو الاقتصادى فى مصر.