رغم مرور عشرات السنين على حرب العاشر من رمضان، وإنشاء مدينة متكاملة تحمل اسمها تخليدا لذكرى معركة العبور وما تضمنته من ملاحم وبطولات لن تمحى من ذاكرة التاريخ، إلا أنها مازالت تسطر العديد من الملاحم والإنجازات لتحقيق حلم إرساء معالم مجتمع صناعى وتخفيف الضغط السكانى عن العاصمة ومد حركة العمران لخارجها، حيث أصبحت واقعاً حقيقياً يشار إليه بالبنان.. وبعد 42 عاماً على إنشائها أصبحت واحدا من أكبر المجتمعات العمرانية والأكثر نموا بما تشهده من طفرة إنشائية وتنموية.
سنوات طويلة عاشتها مدينة العاشر من رمضان بمنأى عمن حولها من المدن والمحافظات مقتصرة على كونها مدينة صناعية لها إيقاعها الخاص، حيث احتفظت بمساحة خاصة ميزتها عن معظم المدن الجديدة ورغم جمال المدينة واعتدال مناخها إلا أن الوقت مر بطيئا وطويلا قبل أن تمتد لها حركة العمران لكن الآن ومع تنفيذ عدد ضخم من المشروعات التنموية والعمرانية العملاقة أصبحت تخطو خطواتها بقوة على طريق التنمية.
»الأهرام» قامت بجولة بالمدينة فى عامها الـ 42 لترصد أهم ملامح التنمية التى طرأت عليها بعد تنفيذ عدد من المشروعات التنموية الجديدة بها، بالتزامن مع احتفالات انتصار العاشر من رمضان.
فبمجرد أن تطأ قدماك الحيز العمرانى للمدينة وترى مشهد البنايات المشيدة على أحدث الطرق المعمارية وفنون العمارة الحديثة فيوحى إليك بنهضة عمرانية متفردة ومستويات متميزة عرفت طريقها إلى المدينة التى ظلت لعشرات السنين تحيا العزلة، حتى تصميمات وحدات اسكان الشباب والاسكان الاجتماعى تجدها قد تميزت بنمط واحد ونموذج متكرر ثابت، اختلفت هى الأخرى لتواكب تلك الطفرة الجديدة وتغرى الآلاف من الشباب والراغبين فى السكن على القدوم للمدينة والإقامة فيها، فلم تعد مجرد بلوكات صماء بل أصبحت تحيطها مساحات شاسعة من الحدائق تتوسطها المظلات كالقرى السياحية، الأمر الذى أدى لزيادة الإقبال عليها والتوسع فى إقامة العديد من الأنشطة التجارية والخدمية والترفيهية التى بدت منتشرة بشكل كبير فى الشوارع الرئيسية والمتفرعة كذلك حركة المارة والسيارات، التى اكتظت بها الطرقات والميادين.
يقول الدكتور ممدوح غراب محافظ الشرقية إن مدينة العاشر من رمضان إحدى مدن الرعيل الأول للمجتمعات العمرانية والصناعية الجديدة وأهم القلاع الصناعية التى تسهم فى توفير فرص عمل حقيقية للشباب وزيادة الإنتاج ورفع مستوى الدخل وتعد من أكبر وأكثر المدن الجديدة نموا خلال الفترة الحالية، حيث تشهد العديد من المشروعات الضخمة فى مختلف القطاعات والتى كان أبرزها العام الماضى افتتاح المرحلة الأولى للمشروع القومى للصوب الزراعية الحديثة بأحدث تكنولوجيا زراعية عالمية، والذى يعد الأضخم فى العالم ويمثل ثورة زراعية حقيقية ويضم 100 ألف صوبة زراعية على مساحة 34 ألف فدان، وتعادل إنتاجيتها إنتاج مليون فدان من الزراعات التقليدية المكشوفة بمعدلات استهلاك مياه أقل، حيث تستهلك زراعات الصوب 60% من كميات المياه التى تستهلكها الزراعات التقليدية للأراضى المكشوفة، وتهدف إلى تقليص الفجوة الغذائية وتحقيق الأمن الغذائى.
وفى قطاع الإسكان، أكد غراب أنه يشهد إقبالا كبيرا بالمدينة، حيث يوجد على قوائم الانتظار آلاف الطلبات للحصول على وحدة سكنية بالمدينة، كما تمتد طوابير الحجز فور إعلان طرح أراض سكنية، مشيرا الى وجود نحو 24 ألف وحدة قائمة بالمدينة لمختلف الشرائح والفئات، كما شهد قطاع الاستثمار خلال السنوات الماضية تطوراً غير مسبوق، حيث وصل عدد المصانع المنتجة إلى 2056 مصنعا باستثمارات 31 مليار جنيه بإنتاج سنوى 35 مليار جنيه تتيح مئات الآلاف من فرص العمل للشباب، فيما يقدر عدد المصانع تحت الانشاء بـ 1183 مصنعا باستثمارات 10 مليارات جنيه وقيمة إنتاج سنوى 23 مليار جنيه ستسهم فى توفير 26 ألف فرصة عمل، كما يجرى الإعداد لانشاء مجمع صناعى متكامل على مساحة 72 فدانا.
ويضيف المهندس محمد الزاهد ــ عضو مجلس النواب ــ أن المدينة أصبحت تضاهى المدن الأوروبية فى نسقها كما أصبحت تضم جميع الخدمات ومازلنا نجتهد لتحقيق جميع المطالب، حيث تم إنهاء مشكلة الغاز وتوقيع بروتوكول تعاون مع احدى الشركات لتوصيل الغاز الطبيعى لوحدات الاسكان والموافقة على ترخيص 200 تاكسى جديد بشوارع المدينة، وتجهيز مقر جديد للشهر العقارى وتخصيص إدارة خاصة بالمجتمعات العمرانية للتموين لمنح تراخيص المخابز ومستودعات الأنابيب، كما تمت مخاطبة وزير التعليم لانشاء مستشفى تعليمى جامعى.
وعلى الرغم من كل هذه المميزات إلا أن المدينة بها بعض القصور فى الخدمات.. حيث تنتشر بها الحفر والمطبات ومخلفات التطوير بالشوارع، وكما يقول محمود النجار ــ موظف بالمدينة ــ إن الحفر والمطبات ومخلفات الكسر أصبحت تملأ أرجاء المجاورات بشكل مخيف تستهدف المواطنين والعربات نتيجة أعمال توصيل الغاز وعدم الرقابة الجادة، وطالب المسئولين بسرعة التدخل ومراجعة الأعمال والزام الشركة المنفذه برد الشىء لأصله.
فيما اشتكت شيماء عبده ــ ربة منزل ــ من تهالك شبكات الصرف الصحى القديمة وتكرار الطفح بسبب تعدد كسور المواسير مما أحال بعض الشوارع الى برك ومستنقعات، بالإضافة الى انقطاعات المياه المتكررة فى عدد من المجاورات منها على سبيل المثال وليس الحصر المجاورات 19 و38 و40 و41 و53.
ويشير إسلام أشرف ــ طالب جامعى ــ إلى مشكلة عدم التزام قائدى السرفيس بخطوط السير وارتفاع الأجرة سواء بالسرفيس أو التاكسى وانتشار القمامة والمخلفات بالمصالح الحكومية.
بينما أشار إبراهيم عبدالعزيز إلى بعض المجاورات مثل المجاورة 14 والتى انتشرت بها تربية الماعز والأغنام، حتى كادت تتحول الى منطقة عشوائية أشبه بمناطق الايواء يمرح بها الباعة الجائلون وتجار الخردة، .
ويضيف المهندس خالد شاهين ــ رئيس جهاز المدينة ــ أنه تحقيقا للهدف التنموى وإيجاد مجتمعات عمرانية متكاملة يجرى تنفيذ مجموعة من الخدمات التعليمية والصحية والترفيهية بالتوازى مع تنفيذ الوحدات السكنية وتشمل وحدات صحية ومدارس بينها مدرستان يابانيتان بالمجاورتين 37 و72 بالإضافة لحضانات وأسواق تجارية وملاعب ونوادى، فضلا عن إنشاء حديقة بمساحة 90 فدانا وزراعة الأشجار بمختلف طرق وشوارع المدينة.
أما عن خدمات المرافق فيقول الدكتور أحمد عبدالمولى ــ نائب رئيس الجهاز ــ إن المدينة تضم محطة عملاقة لتنقية المياه وفقا لأحدث النظم العالمية لتغذيتها و4 مدن أخرى وهى العاصمة الإدارية الجديدة وبدر والشروق وخليج السويس بتكلفة مليارين و250 مليون جنيه وطاقة يومية 700 ألف متر مكعب.
وفى قطاع الطرق، جار الانتهاء من مجموعة من الطرق الرئيسية والفرعية، بالاضافة إلى تنفيذ كوبرى للمشاة على طريق مصر ــ الاسماعيلية الصحراوى أمام المركز التجارى وتزويده بالسلالم الكهربائية للتيسير على المواطنين وخدمة كبار السن، وطرح اعمال تأهيل وتطوير طريق بلبيس ــ العاشر وانشاء الكبارى والأنفاق من طريق مصر ــ السويس الروبيكى وحتى مدخل مدينة بلبيس .
وفى المجال التعليمى والتكنولوجى، تقرر إنشاء جامعة الشرقية الاهلية على مساحة 80 فدانا بمدينة المعرفة باستثمارات مليار و500 مليون جنيه، حيث قال الدكتور خالد عبدالبارى، رئيس جامعة الزقازيق: إن الجامعة الجديدة تسعى لإيجاد تخصصات علمية جديدة ومتميزة من خلال ربط المقررات الدراسية باحتياجات سوق العمل بالمحافظة وفتح قنوات تعاون فى مجال التعليم والبحث العلمى بالتنسيق مع الجامعات الدولية ومنظمات المجتمع المدنى وتقديم خدمة متميزة لأبناء المحافظة عبر فتح مسارات جديدة فى التعليم التكنولوجى المرتبط بسوق العمل، كما وافقت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة على تخصيص 50 فدانا لإقامة جامعة صناعية ستكون الأكبر فى الشرق الأوسط بالتنسيق مع اتحاد عمال مصر والاستعانة بخبرات كبار الصناع لتخريج عمالة فنية مدربة تنهض بالاستثمار والاقتصاد المصرى.