«الذهب الأبيض» يواجه المصير المجهول

«الذهب الأبيض» يواجه المصير المجهول

أزمات كثيرة عاناها القطن المصرى طويل التيلة، خلال الفترة السابقة، ومازال يعانى أزمة تسويقية، مرورا بمحاولات تدمير بذرة القطن المصرية، ووقف الفلاحون حائرين لم يستطيعوا إنقاذه من هذه الأزمات التى تلاحقه وما تسببه لهم من خسائر فادحة، ومازال القطن لدى المزارعين وفى الشون لا يجد من يشتريه، مما أدى إلى عزوف المزارعين عن زراعته هذا الموسم، ناهيك عن أن انهيار زراعة القطن يمثل خسارة كبيرة، حيث إن شجرة القطن من الأشجار ذات القيمة الإستراتيجية العالية، فهى قليلة استهلاك المياه وذات فوائد عديدة، وتوفر وتدر العملة الصعبة فى حالة زراعتها والكف عن الاستيراد، فضلا عن تصدير الفائض، وإنعاش صناعات الغزل والنسيج والزيوت والأعلاف.

فى أواخر 2017، قامت وزارة الزراعة بإعداد خطة لتنمية القطن المصري، كان من أهم بنودها هو مضاعفة المساحة المزروعة بحيث تصل فى موسم 2019 إلى 500 ألف فدان، لكن وبناء على ما حدث من عدم نجاح وزارة الزراعة فى تسويق القطن فى موسم 2018، أقلع معظم المزارعين عن زراعته هذا الموسم، حيث لم تتجاوز المساحة المزروعة 105 آلاف فدان، وهى أقل مساحة فى تاريخ القطن المصرى فى العصر الحديث منذ عصر محمد علي، وخرجت محافظات كاملة من مناطق زراعة القطن، ولا يبدو أن هناك خطة واضحة لإنقاذ القطن المصرى من الانهيار.

الدكتور هشام مسعد، مدير معهد القطن، يقول إن مساحة زراعة القطن ليست 105 آلاف فدان، وإنما وصلت إلى 140 ألفا، ومن المتوقع أن تزيد المساحة الفترة المقبلة وفقا لكميات البذور التى تم توزيعها، حيث إن محافظة الدقهلية مازالت تزرع القطن، وكذلك كفر الشيخ تقوم بزراعته بعد القمح.

وأشار إلى أن سبب التأخير فى زراعة القطن جاء بسبب طول فترة موسم الشتاء هذا العام وانخفاض درجات الحرارة وسقوط الأمطار فى شهر أبريل، وأن 70 % من مساحة القطن التى تزرع حاليا عقب محصول القمح، وهذا لم يحدث قبل ذلك، حيث كانت تتم زراعة القطن دائما بعد البرسيم. وفيما يخص مشكلات أزمة التسويق، يرى مدير معهد القطن أن الموسم السابق حدثت به أزمة تسويق، ومن ثم انخفضت أسعار القطن نتيجة ان الإنتاج مرتفع، أما المساحة المنوط بوزارة الزراعة تسويقها وفقا للقانون رقم 4 لسنة 2015، فقد تم تسويقها بشكل جيد، حيث أن هذا القانون يلزم الوزارة بتسويق القطن فى مساحات الإكثار، والأزمة الحقيقية كانت فى مساحة القطن التجاري، حيث ان القانون 210 لسنة 1994 ينص على أن نظام التسويق حر، وبالتالى الوزارة لا تستطيع التدخل بصورة أساسية فى تسويقه، لأنه يعتمد على العرض والطلب، ونأمل أن يتم وضع نظام تسويق جديد يحمى المزارع والتجار فى آن واحد، وبسعر عادل على كل المستويات.

أما عن عزوف بعض المزارعين عن زراعة القطن هذا الموسم فيقول إنه من المعروف أن يحدث ارتفاع فى الأسعار يعقبه زيادة فى المساحة أو العكس، ولكن ما حدث من انخفاض المساحة لم يحدث من قبل خلال السنوات السابقة، وأسباب هذا التقلص يرجع إلى عدم وجود ميكنة للقطن، فكل المحاصيل الأخرى لها ميكنة، بينما هناك عبء كبير خلال جنى محصول القطن، والعقبة الأساسية فى أثناء الجنى هى صغر مساحات زراعة القطن، كما أنه يحتاج الى عمالة كبيرة، والسبب الآخر يرجع إلى تفتيت الملكية الزراعية داخل الدلتا، فيلجأ المزارعون لزراعة الحبوب بدل القطن، وخاصة بعدما قامت الدولة بزيادة مساحة الأرز، لاسيما بوجود أصناف تحتاج لمياه قليلة، مؤكدا ان تقلص مساحة القطن جاء بسبب زيادة مساحة الأرز.

وتابع قائلا: إنه رغم انخفاض أسعار القطن الموسم السابق، فمازالت هناك إنتاجية مرتفعة لدى المزارعين، وبالتالى عدم رضاء المزارعين عن نظام التسويق، ولكن مع انخفاض الأسعار حقق البعض تسويق أقطانهم، مشيرا إلى أن أزمة التسويق ترجع أيضا إلى أن القطن كان جزءا منه مخصصا للوفاء بالطلب عليه محليا والجزء الآخر للتصدير، ومن موسم 2010 حتى 2015 كان هناك خلط فى القطن فى الأسواق المصرية، وبعد ثورة 25 يناير كان هناك عدم سيطرة على تسويق التقاوي.

وأكد مدير معهد القطن أن هناك اتجاها فى وزارة قطاع الأعمال العام لتطوير قطاع الغزل والنسيج لحل هذه الأزمة، وإذا حدث هذا فسيكون هناك ثبات فى الأسعار يحفظ للمزارع حقه ويستعيد القطن مكانته مرة أخري.