أثار انتشار الجراد في جنوب أسوان تساؤلات حول خطورة هذه الأسراب على الزراعات ودور الأجهزة فى مكافحتها.. والمعروف أن سقوط أمطار موسمية غير اعتيادية علي شمال السودان تسبب فى تكاثر الجراد، مما أدى إلى هجرة أعداد منه عبر الحدود منذ عدة أشهر وتم السيطرة عليه، ثم عاد انتشاره مرة أخرى في غرب أسوان منذ أيام حيث هاجم بعض الزراعات هناك.
"بوابة الأهرام" ترصد آراء الخبراء فى هذه القضية وسبل التصدي لأسراب الجراد التي ظهرت في أسوان وهل توجد أضرار لها..
قال حسين عبد الرحمن أبو صدام نقيب الفلاحين، إن مجموعات الجراد التي ظهرت بأبوسمبل بأسوان قليلة ولا تشكل تهديدا كبيرا علي الزراعات وقد قامت وزارة الزراعة بالتصدي لها علي الفور بالمكافحة والمقاومة برش المبيدات اللازمة من خلال مواتير، مؤكداً وجود قاعدة الجراد الرئيسية بمدينة أسوان، بالإضافة إلى 11 قاعدة جراد أخرى بأبو سمبل السياحية، والعلاقي، وجرف حسين، ووادي عبادي، والبرامية، وأبرق، وحماطة ومرسى علم والشيخ الشاذلي وأبو رماد وشلاتين.
مسح شامل
وأضاف أبو صدام، أن مجموعات الجراد لم تصل لحجم الأسراب وظهرت بمنطقة الكيلو 16 بمدينة أبو سمبل وأدت لها فرق المكافحة وتم إجراء المسح الشامل لكل الزراعات بالمدينة.
ولفت إلى الجراد الصحراوي والإفريقي القادم من السودان، وأن ظهور الجراد الصحراوي والإفريقي في هذا الوقت طبيعي ويرجع ذلك إلى بدء موسم تكاثر الجراد الذي سينتهي في شهر سبتمبر المقبل.
وأشاد أبو صدام بالتحرك السريع لوزارة الزراعة للقضاء علي مجموعات الجراد في أسوان والأقصر، موضحا أن المكافحة السريعة تنقذ المحاصيل من أضرار جسيمة قد تحدث نتيجة تغذي هذه المجموعات علي النباتات فكلما تأخرت المكافحة زاد عدد الجراد و زاد الضرر.
زيادة الأعداد
وفي سياق متصل، قال الدكتور محمد فهيم خبير التغيرات المناخية في مركز البحوث الزراعية إن الأمطار الغزيرة التي هطلت شمال الساحل والسودان بشكل غير معتاد خلال شهر أغسطس وخلال شهر سبتمبر الماضي والربيع المتصرف أدت إلي التكاثر على نطاق صغير وزيادة أعداد الجراد بشكل طفيف في مناطق التكاثر الصيفية من موريتانيا غربا إلى إريتريا شرقا، واستمر التكاثر المحدود على جانبي الحدود الهندية الباكستانية، مستكملاً أنه قد ظهرت بعض الحشرات البالغة المتناثرة على ساحل البحر الأحمر في السودان وإريتريا واليمن وجنوب غرب المملكة العربية السعودية، حيث يمكن أن يحدث تكاثر مبكر في تلك المناطق التي حصلت على أمطار جيدة في أغسطس.
وأشارالدكتور محمد فهيم، إلي ضرورة الإبقاء على الاستطلاعات المنتظمة في جميع مناطق التكاثر الصيفية خلال شهر سبتمبر مع إجراء مسح إضافي على ساحل البحر الأحمر، موضحاً أن الجراد الصحراوي يعيش حياة انفرادية حتى تمطر، مما يسبب نمو النباتات ويسمح للإناث لوضع البيض في التربة الرملية، والغطاء النباتي الجديد يوفر الغذاء للجراد الذي يفقس حديثا، ويوفر لهم المأوى لأنها تتطور إلى الحشرة البالغة المجنحة.
الجراد يغطي 64 دولة
وأكد أستاذ التغيرات المناخية في مركز البحوث الزراعية أن الجراد الصحراوي ينتشر في مساحة كبيرة في قارتي آسيا وإفريقيا يغطي حوالي 64 دولة، مضيفاً أن حشود الجراد تتميز بالنشاط الزائد والسير في مجموعات متكاثفة إذا كانت في الأعمار الأولي "الأول حتي الثالث" أما في العمرين الأخيرين الرابع والخامس، فتزداد المجموعات في الحجم وتشغل مساحة أكبر وتسير بعد شروق الشمس وسخونة أجسادها وتأكل كل ما يقابلها من الأعشاب الخضراء أثناء هذا السير في اتجاه واحد لعدة أيام وهو غالباً ما يكون في اتجاه الريح.
الإنذار المبكر
ولفت الدكتور محمد فهيم، الى أن الإنذار المبكر والمكافحة الوقائية هي الإستراتيجية التي اعتمدتها البلدان المتضررة من الجراد في إفريقيا وآسيا، في محاولة لوقف هجمات الجراد من التطور والانتشار، مشيراً إلى أن هناك خدمة المعلومات "نظام معلومات الجراد الصحراوي" التابعة لمنظمة "الفاو" في روما، إيطاليا تراقب الطقس، والظروف البيئية وأوضاع الجراد على أساس يومي.
وشدد، على ضرورة الإبقاء على الاستطلاعات المنتظمة في جميع مناطق التكاثر الصيفية مع إجراء مسح إضافي على ساحل البحر الأحمر وجنوب مصر خلال بداية هذا الصيف وحتي سبتمبر، وتساءل الدكتور محمد فهيم، هل يوجد لدينا "لينك" مع نظام معلومات الجراد الصحراوي يتلقى نتائج عمليات المسح والمكافحة التي تقوم بها الفرق الوطنية في البلدان المتضررة، والتي يتم جمع هذه المعلومات مع بيانات القمر الصناعي مثل MODIS، هطول الأمطار ودرجة الحرارة الموسمية التقديرات والتنبؤات هطول الأمطار لتقييم الوضع الحالي والتنبؤ بتوقيت وحجم وموقع التربية والهجرة تصل إلى ستة أسابيع مقدما، ويتم نشر تقييمات للأوضاع وتوقعات في النشرات الشهرية لمنظمة الأغذية والزراعة للجراد والتي تعود إلى سبعينات القرن الماضي.
خط سير محدد
من جانبه، قال الدكتور محمد رجائي عبد الفتاح أستاذ الحشرات بالمركز القومي للبحوث، إن الجراد له خط سير معين، يأتي إلي مصر من إثيوبيا والسودان حتي يصل إلي أسوان، ويطير مع اتجاه الريح، مستكملاً أن وزارة الزراعة تتابع مع هيئة الغذاء والزراعة العالمية "الفاو" عن طريق أخذ صور بالأقمار الصناعية لرصد حركات الجراد.
وأضاف الدكتور محمد رجائي، أن وزارة الزراعة لديها فرق موجودة على الحدود لرصد حركة الجراد والتصدي لها وفى أوقات معينة يتم التدخل بالمبيدات، مشيراً إلي أن ما حدث في 2004 كانت أسراب من الجراد الغير ناضج وكان تأثيره على الزراعة ضعيفا ولكن لم نكن نشاهدها من قبل بهذه الكميات.
أهبة الاستعداد
واستكمل أستاذ الحشرات بالمركز القومي للبحوث، أن وزارة الزراعة والمركز القومي للبحوث على أهبة الاستعداد للتدخل في حالة ظهوره بأحدث الوسائل، مؤكداً أن مصر من الدول القليلة على مستوي العالم التي لديها أساتذة طب حشرات موجودة في كليات الطب والعلوم والزراعة والطب البيطري والصيدلة تقوم بدراسة الحشرات الخاصة بالصحة العامة والزراعة.
قدرة تحمل عالية
واستطرد الدكتور محمد رجائي، أن الجراد لدية قوة كبيرة من التحمل فيستطيع أن يعبر البحار لمدة 300 كيلو، كما أنه يتغذى على الدهون التي توجد داخل جسمه، مؤكداً أنه لا توجد خطورة من هذا الجراد وله خط سير معين ويوجد فرق قوية في مكافحة الحشرات سواء من البعوض أو الجراد للتصدي له.
وأضاف الدكتور محمد رجائي، أن من أهم أضرار الجراد هو أنه يتغذي علي الزرع الأخضر بكميات كبيرة ويأكل ضعف وزنه ويأتي في أسراب كبيرة، مؤكداً أن مصر ليست منطقة جراد كما أن الجراد في الدول العربية مثل السعودية يتم أكله لأنه يحتوى علي نسبة عالية من البروتين ويوجد به مواد تقوي المناعة.
وأشار أستاذ الحشرات بالمركز القومي للبحوث، أن النمل الإفريقي ودود القز وصرصار الغيط يتم بيعها في محلات كبيرة في بعض دول العالم لأن هناك من يعتمد عليها في الغذاء كما أنه من الممكن أن يصبح طعاما للحيوانات في الفترة القادمة.