إستياء شديد من مزارعى ” الذهب الأبيض ” هذا الموسم 2019 عقب ما أعلنت عنه الحكومة ممثلة فى وزارة قطاع الأعمال والزراعة بتطبيق نظام شراء القطن من المزارعين، وحيث بدأ المزاد الأول في محافظتي الفيوم وبني سويف، والذى جاء مخيبا لآمال المزارعين وشركات القطاع الخاص، حيث حضر المزاد شركة وحيدة هى الوادي لتجارة وحليج الأقطان، وبدأ المزاد بسعر 2100 جنيه للقنطار، ولم يجد من يزايد علي السعر، لعدم وجود شركات أخرى خاصة أو عامة وتم بيع القطن بهذا السعر الذى تم الاعلان عنه لشراء قطن إكثار محافظتى ” الفيوم وبنى سويف ” مما جعل المزارعين تشعر بحالة من الإحباط والندم على ما قاموا به طوال عام كامل من جهد وإنفاق مبالغ وفى النهاية لم يجنوا إلا مرارة الخسائر وخراب بيوتهم
عديمى الخبرة
فى البداية يوضح عفيفى قادوس أحد المزارعين ولديه خبرة كبيرة فى زراعة المحاصيل، مشاكل تسويق منظومة القطن هذا العام للاسف الشديد بدأت منذ أن تم وضعها أمام مسئولين عديمى الخبرة، وليس لديهم حس وطنى بأهمية المحصول الاستراتيجى الذى تعتنى به القيادة السياسية، متسائلاً كيف يتم تجاهل جمعية ولجنة تسويق الأقطان من منظومة التسويق وكذلك معهد بحوث القطن ( المعنى بإنتاج بذور القطن ) ولديه خبراء هم القائمين على إنتاج أفضل البذور.
ويرى قادوس من أهم سلبيات النظام أن يتم حظر دخول شركات القطاع الخاص فى المزاد المعلن، والاكتفاء بدخول شركة أو أثنين من قطاع الأعمال، فلا يوجد شركة تقوم بالمزايدة على السعر المعلن للشراء، فلا طبق النظام الجدديد المزايدة، ولا النظام السابق الذى قامت باقراره الحكومة ممثلة فى وزارتى الزراعة والتجارة والصناعة بوجود سعر ضمان لشراء الأقطان ” الاكثار ” طويلة التيلة بـ 2600 – 2500 جنيه لأقطان الاكثار بمحافظات الصعيد، و2700 جنيه لأقطان الأكثار طويلة التيلة لمحافظات الوجه البحرى، وتم بيع أقطان محافظة كفر الشيخ بـ 2800 جنيه
مزاد إجبارى
وأوضح قادوس ما يتم الان من نظام للتسويق للاقطان بنظام المزاد الاجبارى هذا العام لموسم 2019 مخالف بشكل كبير لما تم بمواد قانون 210 وتعديلاته وهو أن تكون وزارة الزراعة بتكليف الجمعية العامة لتسويق وتداول الأقطان على مستوى الجمهورية بمهمة تجميع وتسويق وتداول الاقطان، وقد أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، قراراً بقانون بشأن تنظيم تجارة القطن في الداخل، حيث ينص القانون على إضافة فقرتين جديدتين للمادة الأولى من مواد إصدار القانون رقم 210 لسنة 1994
وجاء نص القانون كالآتي: “ولا تخضع أقطان الإكثار لأحكام القانون المرافق ، ويكون تداولها عن طريق وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي دون غيرها“
وأن يصدر سنوياً قرار من وزير الزراعة واستصلاح الأراضي بتحديد تلك الأقطان وشروط وإجراءات تداولها، ويأتي هذا القرار بقانون في إطار سعى وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي للحفاظ على المصلحة العامة للبلاد من خلال استثناء أقطان الإكثار من التداول في السوق، حتى لا تتعرض للخلط وبما يهدد الصفات الوراثية والنقاوة لأصناف القطن المصري وتدهور سلالاته، الأمر الذى يهدد مكانته العالمية
وأوضح قادوس أن أخر قرار لوزيرى التجارة والزراعة نص على أن يكون تداول القطن الزهر لموسم 2019/2020 وفقًا للضوابط والاشتراطات التي تقررها لجنة تنظيم تجارة القطن في الداخل حيث تلتزم اللجنة بتقديم تقريرًا شهريًا للوزيرين بشأن حركة التداول.
ويتسائل قادوس مجدداً كيف يتم أجراءات مزاد للاقطان دون حضور منتجين ومزارعين وشركات للشراء؟
وهل ما يتم على الأرض القضاء وصراحة على قطن زهر الاكثار طويل التيلة والابقاء على زراعة أقطان قصيرة التيلة؟ .
مراكز تجميع للاقطان
ويرى عفيفى من المفروض أن تقوم وزارة الزراعة بتوافر مراكز تجميع للاقطان فى كل مركز لديه منتجين للاقطان وأن يعمم ذلك على جميع المحافظات، بحيث يحدد سعر الاقطان فى كل مركز تجميع إذا كان الأمر بالمزاد، ولكن الأفضل أن يتم تطبيق سعر ضمان للشراء من جانب شركات عامة وخاصة لحماية الفلاح، وعدم تكبدهم خسائر، مضيفاً قطن الاكثار لأبد أن يعامل معاملة جيدة من قبل المسئولين وأن يكون من خلال خبراء لديهم المعرفة الكاملة بأهميته، مع وضع ضوابط صارمة لعدم الخلط، ويشرف عليها الجمعية واللجنة المخولة بتجميع وتسويق وتداول الأقطان
ويتفق مع الرأى السابق جمال فتحى رئيس جمعية منتجى محاصيل ببنى سويف، مشيرا الى ان ” ما يتم الآن فى عملية تسويق أقطان موسم 2019، ما هو إلا إتفاق بين وزارتى قطاع الأعمال والزراعة للقضاء على الفلاح المصرى، والذى يتحمل العناء طوال حياتى، ولم يخرج خلال الثورات كما خرجت جميع الفئات والمستويات، بل ظل ينتج ليأكل الشعب.
متسائلاً لماذا ألغت الحكومة ممثلة فى الزراعة وقطاع الأعمال، نظام العام الماضى ” سعر الضمان” لشراء الأقطان من محافظات الوجه القبلى بـ ” 2500 – 2600 ” والوجه البحرى ” 2600 – 2700 ” .
ويوضح رئيس جمعية محاصيل بنى سويف من السلبيات الخطيرة لهذا النظام الجديد، أن سعر بيع أول وثانى مزاد للاقطان ببنى سويف من تجميع 246 قنطار قطن إكثار لا يزيد عن 2100 جنيه للقنطار، وكان العام الماضى مع تكلفة أقل تم بيعه بسعر ضمان للفلاحين بـ 2600 جنيه للقنطار، موضحاً الفلاح خسر 500 جنيه للقنطار الواحد .
واضاف جمال فتحى الفلاح الذى يزرع أقطان يتكبد بهذا الشكل خسائر ضخمة تؤدى لخراب بيته، موضحاً إذا افترضنا أن فدان القطن ينتج ما بين” 10 – 12 – 15 ” والمتوسط هو 10 قناطير قطن اكثار ” طويل التيلة ” وتم بيع القنطار بهذا السعر 2100 فإن إجمالى ما يتم الحصول عليه 21 ألف جنيه للفدان، مشيراً الفلاح يصرف طوال العام على زراعة الفدان ما يقرب من 27 – 28 ألف جنيه، وتصبح خسارته تقارب الـ 6 الأف أو الـ 7 ألاف جنيه على الأقل، أى أن الفلاح لا يستطيع تحصيل ما أنفقه على زراعة المحصول، ولا يستطيع تسديد ما عليه من ديون للبنك الزراعى أو للذين أقترض منهم للزراعة.
ويوضح فتحى سبب عدم دخول شركات القطاع الخاص مزاد وزارة قطاع الاعمال، أن الشركة القابضة الكسئولة عن المزاد والتابعة لقطاع الأعمال تفرض على كل شركة قبل دخولها المزاد مبلغ 70 جنيهاً، فقررت عدم الدخول أمام شركات قطاع الأعمال، متسائلا أين دور وزارة الزراعة ؟، وأين دور الأدارة المركزية للأرشاد والخدمات الزراعية وما تقدمه للمزارعين؟، مضيفاً أن هذه الجهات للاسف تعمل ضد المزارع ولا تقدم له أى مساعدة اومعونة والمفروض أن تكون مساعدة مع اول وهلة للمزارع وان تصادق الفلاحن وترشده وتقدم له المشورة ومستلزمات الانتاج ولا تتركه فريسة لكل فاسد وعابث.
ويؤكد جمال فتحى للاسف ما نرى من وزارة الزراعة ومراكز الارشاد إلا أنها تبيع للمزارعين أسمدة وتقاوى ” فاسدة ” وتعجل بموت الفلاح فى كافة المحافظات .
ومن جهة أخرى من أجل الحفاظ على موسم جنى الاقطان وتسويقه هذا العام قام المهندس عمرو نصار وزير التجارة والصناعة والدكتور عز الدين أبو ستيت، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي بإصدار قرارًا مشتركًا بشأن نظام تداول القطن الزهر لموسم 2019/2020
ونص القرار على أن يكون تداول القطن الزهر لموسم 2019/2020 وفقًا للضوابط والاشتراطات التي تقررها لجنة تنظيم تجارة القطن في الداخل حيث تلتزم اللجنة بتقديم تقريرًا شهريًا للوزيرين بشأن حركة التداول، القرار نص أيضًا على أن يكون تداول أقطان الإكثار وغيرها من الأقطان في محافظتي الفيوم وبنى سويف وفقًا للنظام الذي حدده القرار.
وأن وزارة التجارة والصناعة للحفاظ على الثقة العالمية في جودة القطن المصري وفتح أسواق جديدة أمام صادراته، بما يسهم في وضع شعار القطن المصري في المكانة اللائقة به كأهم وأجود الأنواع في العالم
وأن هناك تنسيقا كبيرًا بين وزارتى التجارة والصناعة والزراعة واستصلاح الأراضي لتطوير منظومة إنتاج القطن وتنويع استخداماته في الصناعة المصرية، بما يسهم في الارتقاء بجودة المنتجات المصنعة بقطن مصري خاصة أنها تلقى قبول المستهلكين في كافة أنحاء العالم
متوسط الأسعار العالمية
ومن جانبه يتفق مع المصادر السابقة حسين أبوصدام نقيب الفلاحين، أن فتح أول مزاد لبيع القطن بنظام المزايدة بسعر 2100 جنيه لقنطار القطن الزهر، تأكدت به مخاوف المزارعين، وخيبة أمل المهتمين بالشأن الزراعي حول مستقبل زراعة القطن في مصر، حيث تم فتح المزاد، بناء على متوسط الأسعار العالمية بين قطن البيما الأمريكي طويل التيلة و”إندكس A” قصير التيلة، وبسعر الصرف اليومي للدولار الأمريكي، وحضر المزاد 5 شركات من القطاع الخاص بإشراف شركة الوادي لتجارة وحليج الأقطان التابعة للشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج، ولم يتقدم أحد من التجار للمشاركة في المزاد بدعوى ارتفاع سعر فتح المزاد وهذا كان متوقع من التجار، ورسى المزاد على شركة الوادي التي قامت باستلام الأقطان بسعر 2100 للقنطار
وأضاف أبوصدام، أن مخاوف المزارعين تمثلت في تكاتف شركات القطاع الخاص العاملة في تجارة القطن واتفاقهم علي عدم المزايدة لشراء القطن بسعر “بخس”، مما أجبر الشركة القابضة للقطن علي الشراء بسعر فتح المزاد دون أدنى زيادة، وهذا يؤكد صحة المقولة الشهيرة “تعيش الأغنام طِوال حياتها خائفة من الـذئب وفي النهاية يأكلها الـراعي
ويختلف صدام مع رأى جمال فتحى رئيس جمعية منتجى محاصيل ببنى سويف أن متوسط تكلفة زراعة فدان القطن من تجهيز وحرث الأرض وري ومصاريف سماد وتقاوي ومبيدات وأيدي عامله لزراعة وجني المحصول، تصل إلي نحو 12 ألف جنيه تقريبا، حيث إن جني محصول فدان القطن الواحد، يحتاج إلي 50 عاملا في كل مرة ، أجر العامل 100جنيه أي نحو 5 آلاف جنيه لجني محصول فدان واحد فق، إضافة إلى 4 آلاف جنيه مقابل إيجار الفدان الواحد لزراعة محصول القطن فقط
وأوضح أبوصدام، أن فدان القطن ينتج من 5 إلى 7 قناطير، ومن ثم فإن 2100 جنيه مقابل القنطار، سعر مخيب للآمال ويأتى بخسائر كبيرة للمزارعين وينذر بمستقبل ضبابي لزراعة القطن في ظل تدني أسعار تسويقه وتخلي الحكومة عن شراء المحصول بهامش ربح، طبقا للمادة 29 من الدستور التي تلزم الدولة بشراء المحاصيل الأساسية بهامش ربح، وتمسك المسئولين وإصرارهم علي سياسة الشراء بمتوسط السعر العالمي
تكلفة الإنتاج
من جانبه، يتفق حسين عمر مزارع بمحافظة قنا ” نجع حمادى ” مع المصادر السابقة مشيراً إلى إن تجربة بيع القطن بطريقة المزاد التى تم تنفيذها هذا العام في محافظة الفيوم وبنى سويف ما زالت موضع تقييم من الوزارة، مستكملاً، أن السعر غير عادل مقارنة بتكلفة الإنتاج؛ حيث أدى ارتفاع أسعار الوقود إلى زيادة أسعار المستلزمات الزراعية، وارتفاع تكلفة العمالة، وتحديد سعر القنطار بـ2100 سوف يؤدي إلى عزوف المزارعين عن زراعة محصول القطن العام المقبل. ويطالب عمر، بأن يكون هناك “سعر ضمان” عادل لجميع المحاصيل الإستراتيجية، حتي يعلم المزارع السعر قبل عملية الزراعة.
حماية المزارع من مطامع التاجر
في سياق متصل، يختلف رجل الأعمال المهندس الزراعى سمير عطية أن المنظومة الجديدة للقطن التى تطبق هذا العام بمحافظتي الفيوم وبنى سويف، تتضمن إلغاء نظام الحلقات التابعة للتجار وعمل مراكز لتجميع القطن تابعة للحكومة، مشيراً إلى أن المزارعين لن يكونوا تحت أيدي التجار، حيث إن هذه المنظومة تحمى المزارع من مطامع التاجر.
مشيراً إلى أن المنظومة الجديدة حددت – للحفاظ على القطن من التلوث – أن يلتزم المنتجون بعدم خلط القطن بأصناف غريبة، وكذا منع خلط “أقطان الإكثار” نهائيًا والحفاظ عليها، والحرص على خلو الأقطان من الشوائب وأن يقتصر تداول أقطانهم على مراكز استلام محددة فى كل مركز إدارى بكل محافظة، ويتم تداول أقطان الإكثار تحت إشراف هيئة التحكيم ومعهد بحوث القطن بالتعاون مع الإدارة المركزية لإنتاج التقاوي، ويسمح هذا النظام لكبار المزارعين الذين يبلغ إنتاجهم 50 قنطارًا فأكثر بتوريد أقطانهم مباشرة إلى المحالج