جاءت موافقة مجلس النواب منذ بضعة أيام على تعديلات قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966، الذى يهدف إلى حظر زراعة محاصيل معينة فى مناطق محددة ، شرهة للمياه للحفاظ على المقنن المائى بمثابة الصدمة لدى الكثير من الفلاحين بل بعض النواب تحت قبة البرلمان ، خاصة بعد أن تمت التعديلات لتصل إلى توقيع عقوبة الحبس 6 أشهر وغرامات تصل إلى 10 آلاف جنيه عن الفدان الواحد أوكسور الفدان ، إلى جانب إزالة المخالفة على نفقة المخالف.
من وافقوا على القانون يرون أن الغرض الأساسى هو الحفاظ على المياه وبداية جديدة لإصلاح السياسات الخاطئة للزراعة المصرية ، بينما من اعترض فيرى أن الدولة لاتقف فى مصلحة الفلاح المصرى ، الذى يعتبر بمثابة خط الإنتاج والدفاع الأول للزراعة. هو يعانى كثيرا فى أثناء زراعته أى محصول وإنتاجيته لاتكفيه للعيش والتمتع بعيشة كريمة فى ظل الارتفاع الجنونى للأسعار . وهنا كان التساؤل هل سيصبح الفلاح فى قفص الاتهام مستقبلا ؟!
الدكتور سيد خليفة نقيب الزراعيين يقول إن التعديلات هى البداية الحقيقية لإصلاح السياسات الزراعية فى مصر خاصة أن مصر تعانى من مشكلات فى المياه يعرفها القاصى والدانى ، والقانون حدد المحاصيل الشرهة للمياة وهى الموز والأرز وقصب السكر وهى تستهلك مياها كثيرة جدا رغم محدوديتها.
وأضاف نقيب الزراعيين أن وزارة الرى حددت نحو 750 ألف فدان لزراعة الأرز هذا العام ، وهناك محاصيل أخرى تستهلك المياه بشراهة عالية ومنها « الموز» ، فالفدان الواحد يستهلك 18 ألف متر مكعب من المياه فى الأراضى القديمة، بينما كيلو الأرز يصل إلى 2 متر مكعب مياه ، بالإضافة إلى قصب السكر أيضا ، إذن كان لابد من وضع الضوابط الحاكمة لتلك المحاصيل ، وهذا لايجور على الفلاح أبدا ، بل هى عملية تنظيمية تصب فى مصلحة الجميع.
بينما يرى محمد العقارى رئيس النقابة العامة للفلاحين أنه بعد الموافقة على القانون من مجلس النواب ثم تصديق رئيس الجمهورية عليه ، سيتم عقد اجتماعات مع الجهات المختصة ومنها وزارة الزراعة والرى والاتحاد التعاونى والنقابة وممثلو الجمعيات الزراعية لبحث القانون جيدا ووضع آليات محددة للتعامل مع القانون الصادر بما لايضر بمصلحة الفلاح ، الذى يعانى كثيرا فى مصر ، فنحن مع المصلحة العليا للبلاد وهى أن مصر تحتاج إلى المحافظة على كل نقطة مياه ، فالأمر يحتاج إلى معالجة وحكمة فى التعامل مع الفلاح ، فنحن دولة زراعية فى المقام الأول ، والفلاح هو خط الإنتاج الأول ويجب الاهتمام به.
ومن داخل كواليس لجنة الزراعة بمجلس النواب فى أثناء مناقشة القانون قبل عرضه على الجلسة العامة للمجلس أكد النائب هشام الحصرى وكيل لجنة الزراعة أن التوجه فى أثناء عرض ومناقشة القانون داخل اللجنة كان تشديد عقوبة الغرامة فقط على الفلاح بعيدا عن الحبس فى حالة المخالفة ، واتفق الجميع على ذلك، لكن عددا من الأعضاء فى الجلسة العامة رأوا وضع عقوبة الحبس فى حالة المخالفة ، وهى عقوبة ليست وجوبية وتخضع لسلطة القاضى وهى تقديرية بالفعل، وأن أصل العقوبة هو الغرامة ، فالفلاح هو النموذج الوطنى المصرى الذى وقف مع الدولة فى كل شيء ، ونحن نراعى ظروفه جميعا والدولة تفعل ذلك أيضا ، لذا يجب مراعاة تطبيق أى عقوبة عليه إذا خالف .
من جانبه يقول الدكتور حامد عبدالدايم، المتحدث الرسمى لوزارة الزراعة إن التعديلات على قانون الزراعة هى فى المقام الأول لمصلحة الفلاح ، فلأول مرة ترسم سياسة زراعية جديدة لتحديد زراعة محاصيل معينة وحظر أخرى ، وهذا بالتأكيد سيصب لمصلحة الفلاح، موضحا أن القانون من خلاله سيتم حظر محاصيل معينة فى مناطق محددة والتى تكون شرهة للمياه من أجل الحفاظ على المقنن المائى وترشيد استهلاك المياه.