«الحر الشديد بجانب العفن الهبابى.. تسببا في خراب بيوت مستعجل لآلاف المزارعين».. مصير مأساوى ينتظر آلافا من مزارعى المانجو في الإسماعيلية، بسبب ظهور المرض الذي أدى مع زيادة درجات الحرارة إلى سقوط الثمار قبل نضجها.
وهو الأمر الذي قد ينعكس بالسلب على المزارع والمستهلك في آن واحد خاصة في ظل وجود توقعات بزيادة أسعار المانجو خلال الموسم الحالى بسبب تلف المحصول..
مزارعون: «خراب بيوت مستعجل».. ونقيب الفلاحين: التقلبات الجوية أثرت على 20% من المحصول
فرج عبدالراضى، أحد كبار التجار بسوق الجملة، يقول إن سوء الأحوال الجوية ومرض العفن الهبابى الذي أصاب الأشجار هذا العام تسبب في خسائر فادحة بالنسبة للمزارعين، ويترتب على ذلك ارتفاع الأسعار بشكل كبير بعد إصابة الأشجار والمزارع بالمرض الذي يسبب عقما، بخلاف أنه من الأمراض الزراعية المعدية، حيث ينتشر ويصيب الأشجار بالعقم وتساقط الأوراق، فلا نجد أي إنتاج أو ثمار بسبب هذا المرض.
ويحمّل «عبدالراضى» مسؤولى الزراعة والإرشاد مسؤولية انتشار مرض العفن، حيث لا يوجد الإرشاد الكافى بالنسبة للفلاحين المزارعين، ولا يعلم الفلاح البسيط أي أنواع المبيدات التي يقوم برشها في المزارع مع انتشار المبيدات والأدوية غير الصالحة للاستخدام من «مصانع بئر السلم»، مطالبا مسؤولى الإرشاد الزراعى بالنزول إلى المزارعين للتوعية عن طريق حملات مكثفة في كيفية التعامل مع المرض ومحاصرته والقضاء عليه، وتوفير المبيدات والأدوية المطلوبة لمكافحته.
ويقول ياسر الدهشان، مزارع، إن محصول المانجو هذا العام ستكون جودته متوسطة بسبب العوامل الجوية وندرة حصة الأراضى من مياه الرى، حيث إن المانجو يحتاج كميات وفيرة من المياه، في الوقت الذي توفر فيه مديرية الرى المياه كل ٨ أيام لرى المحصول، لافتا إلى أن «خراب البيوت المستعجل في انتظار المزارعين، فإنتاج المانجو في العامين الأخيرين واجه صعوبات بسبب برودة الطقس والأمطار الغزيرة التي قضت على الأزهار وإصابة الثمار».
ويضيف «دهشان» أن المحصول تم تدميره بسبب هذا المرض القاتل «العفن الهبابى»، وعجزت وزارة الزراعة عن تبنى خطة لإنقاذ آلاف الأفدنة في شرق وغرب القناة لمكافحة المرض، محملا الحكومة المسؤولية عن انهيار محصول هذا العام، ومطالبا بتوفير الأدوية المدعومة للمزارعين. ويحذر من خطورة اختفاء أشجار المانجو التي تنفرد بها المحافظة دون سائر محافظات الجمهورية بعد لجوء العديد من المزارعين إلى قطع أشجار المانجو واستبدال زراعات الخضر بها.
ويستطرد «الدهشان» أنه طالب بزيادة عدد نوبات الرى لتصل إلى 7 أيام أسبوعيا لطبيعة الأرض الرملية، مؤكدا أنه لا أحد يستجيب. ويؤكد أن هذا العام يشهد ندرة في إنتاج مانجو «الزبدة»، وهى الأكثر شيوعا بين أنواع المانجو المختلفة لاستخدامه في تصنيع العصائر لكبر حجم الثمرة وإمكانية تخزينها، ويرجع انخفاض نسبة محصولها إلى الأمراض التي تصيبه خلال موجة الطقس السيئ التي تشهدها البلاد مع انتشار أمراض اللفحة وتدمير العقد ومرض العفن الهبابى في المنطقة وخفض عدد أيام الرى إلى 4 أيام، ما أثر بالسلب على إنتاجية المحصول وانخفاض الإنتاج لأكثر من 50% لاحتياج الأراضى الرملية بالمنطقة إلى كميات كبيرة من المياه.
ويقول حسن أبودموس، مزارع بمنطقة كوبرى سيناء التابعة لقرية المنايف، إن هناك المئات من المزارعين قدموا بالفعل طلبات للجمعيات الزراعية لتغيير نشاطهم الزراعى من المانجو إلى زراعات أخرى كالطماطم والفلفل والخيار وباقى المحاصيل، بعد فشلهم في مواجهة المرض، مناشدا وزارة الزراعة سرعة التدخل لإنقاذهم.
ويضيف أنه شخصيا يفكر الآن في تحويل زراعات المانجو إلى صوب زراعية بعد فشله في مكافحة المرض وتحوّل جنينة المانجو الخاصة به من اللون الأخضر إلى اللون الأسود.
ويقول الدكتور السيد خليل، وكيل وزارة الزراعة ونقيب الزراعيين بالمحافظة، إن مرض العفن الهبابى تسببه حشرة قشرية بالورقة، تفرز مادة عسلية يتغذى عليها فطر يعطى الورق اللون الأسود، مشيرا إلى أن المرض ظهر قبل عام مضى بسبب إهمال المزارعين في عمل خطة تنظيف وتقليم الأشجار وتهويتها للسماح للشمس بالدخول إلى الحقول والقضاء على أي حشرات أولا بأول، مؤكدا أن نسبة الإصابة بمرض العفن الهبابى تصل إلى ٣٠%.
ويواجه الفلاحون والمزارعون مشكلة أخرى، وهى جدولة فوائد القروض وزيادة فترة رى الأراضى. ويطالب مزارعو المانجو بإعفائهم من فوائد القروض المتراكمة عليهم لبنك التنمية والائتمان الزراعى والتى يحصلون عليها سنويا.
ويطالب حسن الروض، مزارع، بضرورة الاهتمام بالقطاع الزراعى، وتوفير الأدوية المضمونة للمحاصيل، وتنظيم مديرية الزراعة حملات للمزارعين حول كيفية التصدى للمخاطر التي تؤثر سلبا على الأراضى في الإسماعيلية.
ويؤكد متولى عواد، مزارع، أن الأراضى في الإسماعيلية لا تحتاج إلى أسمدة اليوريا التي تصرفها الجمعيات الزراعية إجباريا، لأنها سريعة الذوبان ولا يقبل عليها المزارعون وتؤدى إلى سقوط الأزهار، ويطالب بزيادة كميات النترات.
ومن جانبه، يقول عربى مجاهد، نقيب الفلاحين، إن سوء الأحوال الجوية وموجة الطقس السيئ التي تشهدها مصر كلها حاليا أثرت بالفعل بالسلب على محصول المانجو بالإسماعيلية، والتى تتميز بإنتاج محصولها من المانجو الإسماعيلاوى، حيث أثرت التقلبات الجوية على «العقد»، وهى مرحلة ما بعد «الشيح»، وهى أساس ثمار المانجو على الأشجار، حيث إن التقلبات الجوية تؤثر بالسلب على المحصول بشكل مباشر، حيث إن تلك التقلبات من الجو الحار ثم أمطار شديدة وثلوج تؤدى إلى إصابة الأشجار والمحصول بالأمراض، منها مرض «الذبابة»، والتى تقوم بالقضاء على «العقد» على الأشجار وتسقط بعدها الثمار وهى مصابة تمام.
ويضيف «مجاهد» أن النقابة تقوم بعمليات توعية للفلاحين والمزارعين بالقيام برش الأشجار حشريا لمحاولة الحفاظ على الثمار سليمة ومؤمنة من مرض الذبابة، مؤكدا أن سوء الأحوال الجوية يؤدى إلى إصابة الأشجار بـ «اللفحة»، وهو مرض يصيب الأشجار، ويؤدى إلى جفاف الأشجار تماما، والثمار تصيبها «العقد» مما يؤدى إلى تدميرها تماما.
ويشير «مجاهد» إلى أن نسبة الخسائر في أشجار المانجو في المحافظة حتى الآن بسبب سوء الأحوال الجوية بلغت 20%، مما سيؤدى إلى ارتفاع أسعار محصول المانجو هذا العام.
ومن جانب آخر، يشير نقيب الفلاحين إلى أن الدستور الجديد يضم مكتسبات متعددة للفلاحين، أهمها العلاج على نفقة الدولة والمعاشات، وفيما يخص المشاكل المذكورة، فإن مخاطبات عديدة تجرى مع وزارة الزراعة لبحث مشاكل الفلاحين وحلها وتوفير الأسمدة، أما فتح المساقى فذلك يتطلب موافقة من رئاسة الوزراء لتغير مواعيد غلق وفتح المساقى، لأن فترات الرى تطبق على جميع أراضى الجمهورية.
ويؤكد «مجاهد» أن العلاج الذي يقوم به لمكافحة المرض هو- على حد قوله- بسيط جدا، ولكن يحتاج إلى كثير من الاهتمام من قبل الدولة، ممثلة في وزارة الزراعة والإرشاد الزراعى، وطالب بعودة عملية الرش الإجبارى لكل حدائق المانجو الموجودة بالمحافظة، من خلال الجمعيات الزراعية، وتنشيط دور المرشد الزراعى، مع انتشار مكثف خلال عمليات الزراعة، والتوعية الدائمة للفلاح عبر وسائل التواصل التليفزيون أو الندوات أو التواصل المباشر، وهو الأهم مع الفلاح، لشرح كيفية المعالجة على أرض الواقع، وهى أفضل الطرق التي تؤدى إلى نتيجة إيجابية في الوقت الحالى، لأن المرض الذي تسبب في ضعف محصول المانجو هذا العام هو مرض معد للحدائق.. وهناك بعض الفلاحين يقومون برش مزرعتهم، والآخرون لا يقومون بالرش للجهل بطرق الرش وكيفية استخدامه، ومنهم من لا يستطيع أن يوفر ثمن الأدوية والمبيدات التي أصبحت غير مضمونة في الأسواق بعد انتشار مصانع ومنتجات يكتشف المزارع بعد رش المحصول أنها فاسدة غير صالحة للاستهلاك، ومن هنا نناشد أيضا وزارة الداخلية والتموين عمل حملات مكبرة على تلك المصانع التي تضر بشكل مباشر بصحة المواطنين، حيث إن هناك أبحاثا تثبت أن المبيدات غير المطابقة للمواصفات تسبب أمراض السرطان للمواطنين، وهذا ما يعجز عنه الفلاح في كشف حقيقة تلك المبيدات وعدم صلاحيتها من عدمها.
ويطالب «مجاهد» وزارة الزراعة بإعادة توفير المبيدات والأدوية اللازمة لمكافحة وعلاج أي أمراض في الحدائق بالجمعيات الزراعية حتى يتثنى للفلاح الحصول عليها بسعر مناسب، ويضمن أنها صالحة ومطابقة للمواصفات العالمية، وذلك ليكون توفير المبيدات والأدوية مثل توفير الأسمدة الموجودة بالجمعيات الزراعية ويتم صرفها للفلاحين بنفس طريقة صرف الأسمدة.
وتابع «مجاهد» أن ارتفاع أسعار الوقود أثر سلبا على محصول المانجو بالمحافظة، حيث تم رفع سعر النقل من المزارع إلى الأسواق، ومنها إلى المواطن للبيع بالتجزئة، كما ارتفاعات أسعار الرى للفدان، حيث إن ماكينات الرى تحتاج إلى 20 لترا لرى فدان واحد، وارتفع سعر الوقود حتى وصل إلى الضعف، مما يؤثر على الفلاح ويقوم بتحميل التكلفة على المواطن.
وطالب نقيب الفلاحين بتفعيل البورصة الزراعية التي كان قد تم إنشاؤها في النوبارية بناء على تكليفات وقرار من الرئيس عبدالفتاح السيسى بإنشائها، والتى من شأنها محاولات السيطرة على أسعار الخضراوات والفاكهة في الأسواق، لعدم قيام أي تاجر باحتكار نوع معين من الخضراوات أو الفاكهة والتحكم في أسعاره في الأسواق.
ويكشف أحمد عادل، أحد تجار المانجو بسوق الجملة، عن تراجع كبير سوف يشهده محصول المانجو هذا العام بسبب سوء الأحوال الجوية والأمراض التي تصيب الأشجار والمحصول، ويضيف: «كثير من التجار أصيبوا بخسائر فادحة بسبب سوء الأحوال الجوية، والفشل في محاصرة بعض الأمراض التي أصابت المحصول والثمار وهى في مرحلة العقد على الأشجار».