بدأت الحكومة -ممثلة في أكاديمية البحث العلمي- بالتعاون مع مركز بحوث الصحراء ومحافظة البحر الأحمر، تنفيذ أعمال التوسع في زراعة غابات المانجروف على ساحل البحر الأحمر من أجل تعظيم إمكانيتها الاقتصادية والتخفيف من آثار التغيرات المناخية على منطقة البحر الأحمر، وتحويل المنطقة إلى أحد المقاصد السياحية بعد التعافي من تداعيات فيروس كورونا.
من جانبه، قال اللواء عمرو حنفي، محافظ البحر الأحمر، إن مصر لديها خطة طموحة للتوسع في غابات المانجروف بإطلاق أكبر مشروعات لهذه الغابات على سواحل البحر الأحمر للمساهمة في تحقيق قيمة إقتصادية تجنيها الدولة من هذه الغابات وتحسين الأوضاع البيئية في المنطقة لصالح السكان المحليين ومواجهة مخاطر التغيرات المناخية والاستفادة من الميزة النسبية للمنطقة في التوسع في زراعة غابات المانجروف.
وقال الدكتور محمود صقر، رئيس أكاديمية البحث العلمي، إن المشروع البحثي يركز على الجانب التطبيقي للعلوم بهدف تحقيق أعلى عائد اقتصادي يخدم الاقتصاد الوطني، جنبًا إلى جنب مع تحسين الأوضاع البيئية في المناطقة المستهدفة والتحول نحو تشجيع السياحة البيئية عقب تخفيف الإجراءات للوقاية من كورونا وعودة السياحة وفقا للضوابط التي تحددها الدولة، مشيرًا إلى أن المشروع يعطي قيمة مضافة من التوسع في زراعات المانجروف في تربية النحل وإنتاج العسل المتميز من ناحية الجودة.
وأضاف «صقر» أن مشروع التوسع في غابات المانجروف يمكنه الاستفادة من هذه الأشجار باعتبارها بيئة جيدة لتربية النحل وإنتاج أنواع من العسل الفاخر الذي يضيف قيمة إقتصادية كبيرة لهذه الغابات ويوفر فرص عمل، موضحًا أن المشروع هو أحد أدوات حماية الشواطئ في المنطقة المستهدفة من الآثار السلبية لارتفاع منسوب مياه البحر الناتج عن التغيرات المناخية.
من جانبه، قال الدكتور سيد خليفة، رئيس الفريق البحثي للمشروع، إنه يجري تنفيذ مشروع لإكثار والتوسع في مساحات المانجروف بساحل البحر الأحمر، كأحد تكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسي بتكثيف مشروعات السياحة البيئية، والاستفادة من المحميات الطبيعية في تحقيق هذه الأهداف، موضحًا أنه تم مضاعفة المشاتل لإكثار غابات المانجروف بمناطق سفاجا – حماطة – شلاتين بمحافظة البحر الحمر، ومحمية «نبق» بمحافظة جنوب سيناء لإنتاج حوالي 25 ألف شتلة مانجروف في العروة الواحدة بمعدل عروتين سنويًا، بإجمالي 300 ألف شتلة خلال فترة المشروع بإجمالي مساحة مستهدفة تصل إلى 500 فدان.
وأضاف «خليفة»، أنه يمكن الإستفادة من مشروع تنمية غابات المانجروف بزيادة عدد خلايا النحل لإنتاج أفضل أنواع العسل لأنها تعد أحد المراعي المتميزة لتغذية النحل، لإنتاج أفخر أنواع عسل النحل في العالم والأغلى من ناحية القيمة الغذائية فضلا عن إنه الأعلى سعرًا في الأسواق الدولية، موضحًا أن إقامة مناحل في هذه الغابات يوفر فرص عمل جديدة وتسويق منتجات المشروع وإنتاج عسل ذات مواصفات قياسية من غابات المانجروف بعيدا عن الملوثات والمبيدات ويساهم في الحصول على منتجات عالية القيمة مثل حبوب اللقاح وإنتاج الغذاء الملكي وإنتاج طرود النحل وإنتاج الملكات العذارى من ذوي الأسعار المتميزة.
وأوضح «خليفة»، أن المشروع يعمل كمنطقة عازلة بين المنظومات الأرضية والبحرية ويحافظ على الشاطئ ويحميه من التأكل، بالإضافة للحماية من الغمر الناتج من ارتفاع مستوى سطح البحر وعن طريق ارتباط المانجروف بكائنات أخرى، مثل أعشاب البحر والشعاب المرجانية، ويلعب المانجروف دورًا هامًا في الحفاظ على الاستقرار والاتزان البيئي.
وأشار مدير مشروع غابات المانجروف إلى أن الميزة النسبية لزراعة أشجار المانجروف تكمن في أنه ينمو على الصخور المرجانية الساحلية وأيضًا في الشقوق والفجوات الموجودة بالصخر، ويحتل المانجروف أيضًا دلتاوات الوديان، حيث تتراكم الرواسب المحمولة بمياه الأمطار موضحًا أن التوسع في زراعة أشجار المانجروف على ساحل البحر الأحمر يهدف لتعظيم إمكاناتها الاقتصادية والبيئية والسياحية التي تنعكس على الاقتصاد القومي، وتشكل أحد أركان تطبيق البحوث العلمية في هذا المجال الواعد الذي يشكل أيضًا أحد الخطط الطموحة للدولة لتنمية شواطئها والاستفادة من الميزة النسبية للبحوث في تحقيق التنمية المستدامة.
من جانبه، قال الدكتور عمران غالي، الباحث بمركز بحوث الصحراء والمدير التنفيذي للمشروع، إنه رغم الاستخدام المباشر لأشجار «المانجروف» في مصر لايزال محدودًا حاليًا لكن الاستخدام غير المباشر، مثل الخدمات البيئية والسياحة البيئية موجود بشكل واضح نسبيًا، مشددًا على أن المنطقة تحتوي على أهم الأنظمة البيئة التي يمكنها تغيير خريطة البيئة إيجابيًا في حالة مواصلة التوسع في إقامة غابات المانجروف.
وقال «غالي»، إن التوسع في المشروع يساهم في الحد من مخاطر التغيرات المناخية، ويحول منطقة سواحل البحر الأحمر إلى أحد أهم الوجهات السياحية والبيئة، خاصة مع ارتباط المشروع بتحسين الاوضاع البيئة لأحد القرى الريفية للصيادين والعاملين بمشروع زراعات المانجروف.
وأضاف المدير التنفيذي لمشروع التوسع في غابات المانجروف بالبحر الأحمر أن بيئة المانجروف ترتبط بوجود الكائنات الحية من النباتات والحيوانات المصاحبة وبالتالي تعتبر مخزون للمادة الوراثية، حيث تعد أشجاره مأوى للطيور وللعديد من الحيوانات البحرية والأرضية، كما أنه يحمي الشواطئ من التآكل ومن ارتفاع مستوى سطح البحر المتوقع نتيجة ارتفاع درجة حرارة الارض، مشيرًا إلى أن وجود المانجروف يؤدي إلى الحد من الملوحة الزائدة وتصل درجة الملوحة للأراضي التي ينمو فوقها المانجروف لحوالي 50 جزء في الألف.