أعدت كليات الزراعة بجامعات الإسكندرية والقاهرة وعين شمس وأسيوط، رؤى علمية بهدف بحث إمكانية تطوير الزراعة المصرية وبصفة خاصة الإنتاج النباتي سواء محاصيل الخضر والمحاصيل البستانية والحقلية والثروة الحيوانية والتصنيع الغذائي والداجني والسمكي على مستوى الجمهورية.
وتنشر جريدة المصري اليوم، رؤية كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية لتطوير المنظومة الزراعية والحيوانية والسمكية والداجنة في مصر.
وقال الدكتور صبحي سلام، وكيل كلية الزراعة لشؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة في جامعة الإسكندرية بالشاطبي، وأحد المشاركين في إعداد الرؤية، أن الهيئة عقدت اجتماعات كثيرة بحضور ومشاركة عمداء كليات الزراعة في الجامعات الأربع، وتم مناقشة رؤية كل كلية على حدا فيما يتعلق بالتطوير .
قال «سلام»، إن تحقيق الأمن الغذائي من التحديات الرئيسية التي تواجه المجتمع المصري خصوصاً بعد جائحة فيروس كورونا المستجد، الذي ضرب العالم أجمع منذ ديسمبر 2019 وحتى الأن، والذي سيغير خريطة العالم الإقتصادية، مشيرا إلى أن مشكلة الأمن الغذائي لها محورين أساسيين هما أسعار المواد الغذائية ومستويات الإنتاج الزراعي، ومن هنا يتوجب علينا مواجهة تلك التحديات بوضع سياسات اقتصادية ملائمة لها على مستوى التعاون المشترك بيننا، لافتا إلى أن الارتفاع المستمر في أسعار السلع الغذائية وخاصة في بداية الألفية الجديدة كان له الدور الأكبر في التأثير على مستوى المعيشة للأسرة والفرد ومن ثم الدولة حيث انخفاض الادخار الفردي، وبالتالي انخفاض الادخار القومي، وكذلك التسبب في اختلال الميزان التجاري للدول وارتفاع نسب التضخم وأضعاف الجهود الرامية لمكافحة الفقر واندلاع حروب الغذاء، لافتا إلى أن ارتفاع أسعار الغذاء العالمية تأتي نتيجة الاندماج الاقتصادي في الأسواق العالمية، وكذلك بسبب انخفاض الكميات المنتجة من المحاصيل الغذائية نتيجة الظروف الطبيعية غير الملائمة للزراعة، وكذلك ارتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج الزراعي والنقل، ونمو عدد السكان مع عدم الاستقرار النسبي للمعروض من المواد الغذائية، مما يسبب عجز في الطلب على المواد الغذائية .
وأضاف «سلام» أن الدولة تبنت مهمة تطوير الزراعة المصرية التي تتطلب توفير مناخ من الأمن والاستقرار، بالإضافة إلى الدعم الشعبي لجهود التطوير مع العمل من خلال شراكة الدولة مع القطاع الخاص ومنظمات العمل الدولي، حيث تبنت الدولة زيادة الاعتماد على الذات في توفير السلع الغذائية الإستراتيجية، بحيث تقترب من الاكتفاء الذاتي لبعض سلع الغذاء المستوردة وعلى رأسها الفواكه والخضر والأرز والدواجن والأسماك والان مع تضييق الفجوة اللإستهلاكية في القمح والسكر والذرة وتطوير الأنماط الاستهلاكية لتحسين مستويات التغذية وزيادة نصيب الفرد من سلع الغذاء ذات القيمة الغذائية العالية وخفض معدلات الفاقد من الغذاء وربط المزارع بالأسواق، وإنشاء هيئة مستقلة لسلامة الغذاء تابعة لرئاسة مجلس الوزراء لوضع نظام قومي لتقصي الملوثات في الغذاء خاصة بمرحلة الإنتاج، وكذلك بعد وصولة إلى الأسواق وتطوير شبكات الآمان الاجتماعي وتقديم مواد غذائية ذات جودة معقولة إلى الأسر الفقيرة وخاصة النساء والأطفال لاستهلاك ما يكفي من الطعام الصحي والمغذي، وتطوير قطاع الإنتاج الحيواني عن طريق الاهتمام بصحة الحيوان وتوفير الأمصال وإتباع طرق جديدة في إنتاج سلالات عالية الإنتاج وتسجيل الحيوانات ومكافحة الأمراض الوبائية ووضع تشريعات زراعية لقانون الزراعة بما يسمح باستصلاح أراضي جديدة وعدم التعدي على الأراضى الزراعية والاستغلال المستدام للأراضى الزراعية الجديدة وإعادة تأهيل التعاونيات الزراعية ومراكز الخدمات الإرشادية والتدريبية، وتحسين سبل المعيشة في المناطق الريفية بما يسهم في الاستدامة الزراعية، وقد صدر قانون لإنشاء صندوق للتكافل الزراعي لتغطية الإضرار الناتجة من الكوارث الطبيعية وغيرها من مخاطر الآفات التي تتعرض لها الحاصلات الزراعية لتحقيق التنمية الزراعية المستدامة، وكذلك قانون التأمين الصحي على الفلاحين وعمال الزراعة .
وتابع الدكتور صبحي سلام، أن الدولة تبنت التوسع في مشروعات التصنيع الزراعي والغذائي التي من شأنها رفع القيمة المضافة للمنتج الزراعي، وتحسين عمليات التسويق وما ينتج من زيادة دخل الأسر في المناطق الريفية، وهذا يتضمن برنامج لتقليل الفاقد من عمليات ما قبل وبعد الحصاد في منتجاتنا الزراعية التي تصل نسبتها إلى ما يقرب من 20% من إجمالي الإنتاج الزراعي، كما تساهم هذه البرامج في خلق فرص عمل جديدة للتغلب على مشكلة البطالة التي تمثل أحد أهم المحاور الرئيسية التي تواجه قضايا التنمية بشكل عام، وتطوير مشروع الري الحقلي بالأراضي القديمة في الوادي والدلتا والتي تمثل أكثر من 5 ملايين فدان لرفع كفاءة الرى وتحسين جودة التربة.
وكشفت الرؤية، التي نشرتها «المصري اليوم»، عن مقترحات تطوير قطاع الثروة الحيوانية والداجنة والسمكية لتحقيق الأمن الغذائي، وفيما يتعلق بتحسين قطاع الإنتاج الحيواني (المجترات)، وسد فجوة اللحوم الحمراء والألبان في مصر يقترح إنشاء مجموعة من المشروعات الكبري المتكاملة لتربية وإنتاج الجاموس المصري بإستخدام تكنولوجيا الإنتاج الحيواني المكثف الحديثة بإقليم غرب الدلتا، حيث يمثل الجاموس المصري ذو الأصول الوراثية المتميزة حيوان اللبن الأول والمصدر الرئيسي لعجول التسمين (البتلو)، ويعتبر إنتاج اللبن إنتاجاً متميزاً ويقوم المزارع بإنتاج الجزء الأكبر في هذا اللبن ذو التركيب الغذائي المتميز ثم يتم التخلص من هذه التراكيب الوراثية بالذبح مما يمثل إهداراً يستدعي البحث عن أسلوب علاج ملائم له، كما لوحظ الإتجاة الحالي لإدخال دماء مستوردة من الجاموس الهندي والباكستاني والإيطالي بإستخدام التهجين وهو ما يستدعى التحذير من الخلط غير المدروس الذي قد يؤدي إلى نتائج غير محموده، ونظراً للقيمة العالية لألبان الجاموس والذي يمتلكه المزارعين الصغار وينتجه الزرابة، فإن هناك حاجة ماسة لإنشاء مراكز تجميع لألبان الجاموس وإستخدام الميزة العالية لهذا اللبن في إنتاج مصنعات لبنية ذات قيمة مضافة (مثل جبن الموزاريلا والسمن).
وأكدت الرؤية على أن هذه المشروعات تستلزم المراقبة الآلية المستمرة للحيوانات في كل لحظة وفي أي مكان بهدف التحذير الفوري عند حدوث الأخطاء بحيث يمكن اتخاذ إجراءات سريعة، تزداد قيمة مثل هذه المشروعات الكبرى عند إقامتها على الأراضي الصحراوية، والمستصلحة حديثاً في إقليم غرب الدلتا لوجود مقومات إنشاء مصل هذه المشروعات والتي تشمل منطقة المغرة الزراعية ومساحتها 280 ألف فدان ومصانع تصنيع منتجات الألبان الجديدة بمنطقة برج العرب وفرص إنشاء مصانع أخرى بمدينة الحمام ووفرة مخلفات التصنيع الزراعي والتي تساهم في حل مشكلة نقص الأعلاف، وإنشاء كيانات إنتاجية وتصنيعية متخصصة لإنتاج وتصنيع الألبان من سلالات الأبقار الأجنبية عالية الإنتاجية (الهولوشتين)، مع إنشاء مركز ضخم لتجميع الألبان من صغار المربين في إقليم غرب الدلتا (برج العرب والحمام)، وتبنى الدولة ممثلة في جهاز مشروعات الخدمة الوطنية مشروع قومى متكامل للنهوض بالثروة الحيوانية سواء في التسمين وإنتاج اللبن بالتعاون مع كليات الزراعة بالجامعات المصرية للإستغلال الأمثل للمزارع الغير مستغلة بكليات الزراعة بعد صيانتها ورفع كفاءتها والإستغلال الأمثل للموارد البشرية ذات الخبرة المتراكمة من أعضاء هئية التدريس والعاملين.
وشددت الرؤية، على أهمية المشروع القومي لمنع ذبح البتلو لما له من دور فعال وإيجابي تنادي به جامعة الإسكندرية منذ أكثر من ثلاثة عقود، وذلك من أجل تعظيم إنتاج اللحوم وخفض أسعارها وتقليل حجم الإستيراد من اللحوم إلا أنه هناك بعض المعوقات التي يجب تداركها في إجراءات وآليات تنفيذ قروض المشروع، وخصوصاً لصغار المربين مما يتطلب إعادة النظر في آلية تنفيذ المشروع القومي للبتلو مع البنك الزراعي المصري لتقليص الفجوة في اللحوم الحمراء ويقترح إنشاء مراكز لتجميع وتربية وتسمين عجول البتلو بالتعاون ما بين جهاز مشروعات الخدمة الوطنية والجامعات المصرية كلا في نطاقة الجغرافي، وإنشاء مركز لتربية وتسمين وإنتاج الأغنام والماعز في الساحل الشمالي وتحسين إنتاج اللحوم من المجترات الصغيرة باستقدام سلالات متخصصة كماعز البور (Boer) المتميزة في التسمين واستخدام ذكورها في الخلط مع الماعز البلدية وتطوير منظومة بيانات الثروة الحيوانية (قواعد البيانات الزراعية).
وتأوضحت: أنه «وفقاً لنظريات الإدارة الإستراتيجية الحديثة وتجارب الدولة الناجحة في هذا الصدد (السعودية – الإمارات)، فإن أحد الحلول الإستراتيجية يكمن في الاعتماد على المصادر الخارجية (out sourcing)، بإنشاء مزارع خارج نطاق الدولة (السودان أو تشاد)، ثم نقل الماشية حية أو مذبوحة إلى مصر أو إنشاء مزارع لإنتاج العلف خارج الدولة وتصديرها كما هو الحال في السعودية، حيث اعتمدت على زراعة أراضي شاسعة في الأرجنتين ثم تصدير هذه الأعلاف إلى السعودية لتغذية الماشية والإستثمار خارج أرض الدولة مع دول صديقة كالسودان وغيرها سواء لإنتاج اللحوم أو الأعلاف ثم تصديرها لمصر وتفعيل اتفاقيات التكامل بين مصر والسودان والتشديد في قانون عدم الذبح خارج المجازر المرخصة سواء للإنتاج الحيوانى والداجنى وتفعيل قانون تجريم ذبح الإناث.
وعن تطوير إنتاج الأعلاف، أوصت الرؤية بضرورة التوسع في زراعة بنجر السكر على حساب قصب السكر للحد من استهلاك المياة وإنتاج السكر وإنتاج تفل بنجر السكر كمصدر بديل للذرة التي تعتبر عصب صناعة الإنتاج الحيواني وحصر المخلفات في كل إقليم ووضع خطة للإستفادة منها وإنشاء مراكز تجميع وتدوير مخلفات التصنيع الزراعي والتوسع في زراعة محاصيل الأعلاف الغير تقليدية في الأراضي الهامشية، مثل البانيكوم والكينوا والكاسافا والدخن ،ولوبيا العلف، وحشيشة السورجم والراي والتربيتكال والتوسع في إستخدام النباتات الملحية في الأراضى الهامشية لتغذية الحيوان مع الأخذ في الإعتبار محتواها من الأملاح المعدنية وإستخدام مسحوق الحشرات كمصدر للبروتين في علائق الدواجن كبديل عن كسب فول الصويا لإحتواءة على نسبة عالية من البروتين الخام تصل لأكثر من 50%، بالإضافة لمحتواة العالى من الأحماض الأمينية الضرورية وإستخدام بعض أنواع الطحالب مثل الاسبيرولينا Spirulina platensis Algae (SPA) والكلوريلا Chlorella vulgaris كرافعات طبيعية للمناعة ومحسنات للنمو في أعلاف الدواجن وإستخدام بعض الإضافات الغير غذائية في تكوين الأعلاف مثل مركبات Humic acid والعناصر المعدنية المعاملة بتكنولوجيا النانو مثل النحاس والسلينيوم والكروميوم واليود والمتابعة الدورية لمصانع الأعلاف وخاماتها ومحتواها من السموم الفطرية التي لها تأثيرات سلبية على آداء الثروة الحيوانية والاهتمام بمناطق المراعى الطبيعية في مصر مثل منطقة الساحل الشمالى الغربى من مصر والذى يمتد من الاسكندرية إلى السلوم بطول ٥٤٠ كيلو متر وبعرض من ١٠- ٣٠ كيلو متر وذلك بأعادة زراعتها بنباتات المراعى ذات القيمة الغذائية المرتفعة والاستساغة العالية تحت ظروف الامطار بهذة المناطق، كذلك الاهتمام بمناطق الساحل الشرقى لمصر في سيناء وتحويلة إلى مناطق مراعى طبيعية وكذلك بعض مناطق ساحل البحر الاحمر والذى تتساقط علية الامطار بكمية تسمح بتنمية المراعى بها.
وبالنسبة للإنتاج الداجني أشارت الرؤية، إلى ضرورة إنشاء كيانات استثمارية كبيرة لتربية وإنتاج الدواجن تمشيا مع القرار الوزاري 368 لسنة 2017 في المناطق الصحراوية والظهير الصحراوي وتوقيعها على خرائط مساحية مع ضرورة وضع خرائط المياه الجوفية عن مدى توافرها وحجم المخزون الجوفي منها مع تفعيل وسائل الأمان الصحي والحيوي والتوسع في إنشاء مجازر الدواجن من مختلف القدرات التشغيلية في نطاق كل محافظة بالتناسب مع حجم الإنتاج وعدد السكان، وذلك لتحقيق هدف عدم استقدام ونقل الدجاج الحي من خارج المحافظات مما يحد من انتقال أمراض الدواجن الوبائية الواردة من المحافظات المجاورة وتشغيل المحطات البحثية والإنتاجية بالجامعات والمعاهد البحثية المعطلة لأقصى طاقة إنتاجية لها وإجراء التطوي