«بحيرة المنزلة هى الحلم اللى حلمت ليكم بيه يا مصريين» كلمات وصف بها الرئيس السيسى مشروع تطوير بحيرة المنزلة، وبعد أربع سنوات تحول الحلم إلى حقيقة بسبب النية الصادقة التى أطلقتها الإرادة القوية والعزيمة التى لا تلين ولا تقف أمام أى معوقات، وعد مخلص قطعه الرئيس على نفسه، وبه تحمس له الملايين من أبناء محافظات بورسعيد ودمياط والدقهلية حتى تضاعفت مساحة البحيرة وتمت إزالة أكثر من 99.5% من التعديات لتعود لمكانتها التاريخية بصفتها أهم بحيرات مصر الطبيعية».
الصيادون: الرئيس وعد فأوفى.. ونحتاج تصاريح الصيد المتوقفة من 21 سنة
تعد بحيرة المنزلة من أكبر وأهم البحيرات الطبيعية فى مصر وكان اسمها قديما «بحيرة تنيس» وسميت بالمنزلة لأنها قريبة من مدينة المنزلة بمحافظة الدقهلية فسميت باسمها، وكانت معروفة بخصوبتها حيث يتوفر لها أهم مقومات الثروة السمكية الطبيعية لتوافرالمواد الغذائية الطبيعية واعتدال المناخ طوال العام وكانت تنتج ما يقرب من 48% من إنتاج البحيرات الطبيعية من الأسماك.
وتتميز بحيرة المنزلة بموقعها فى الركن الشمالى الشرقى لدلتا النيل، حيث يحدها من الشمال البحر المتوسط، ومن الشرق قناة السويس، ومن الغرب نهر النيل فرع دمياط، ولأنها متصلة بالبحر من خلال البواغيز والفتحات التى تسمح بتبادل المياه المالحة والعذبة وتوازنها، أدى ذلك إلى دخول وخروج الأسماك وساعد على وجود أفخر أنواع الأسماك فى وقت من الأوقات، ولكن بسبب التلوث والتعديات اختفت أنواع كثيرة.
وفى مايو عام 2017 أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسى المشروع القومى لتطوير بحيرات مصر بتكلفة 100 مليار جنيه، ومن ضمنها بحيرة المنزلة، والتى ظلت تعانى منذ مائة عام من الإهمال والبلطجة والتعديات والأعمال الإجرامية، ورصدت الدولة تكلفة تقديرية 30 مليار جنيه لعملية التطوير.
وفى أول يونيو 2017 نزلت الكراكات والحفارات التابعة للهيئة الهندسية بالقوات المسلحة وشركات مصرية وعربية للبحيرة، واستعانت الهيئة الهندسية بحفارات قناة السويس العملاقة وبدأت عمليات التطهير وإزالة التعديات.
«المصرى اليوم» التقت عددًا من صيادى البحيرة لرصد ذكرياتهم مع المعاناة فى الماضى، والتعرف على ردود فعلهم حول تطوير البحيرة.
قال الحاج عباس أنور الساهى، 70 سنة: «كنت أخرج مبكرا فى الثالثة صباحا حاملا معداتى متوجها بها إلى بحيرة المنزلة لاصطياد الأسماك التى تزخر بها البحيرة»، مشيرًا إلى أنه كان يصطحب حفيده «محمد»، 12 سنة، ليرى معه الأمل الذى تحقق فى عودة البحيرة إلى حضن الصيادين البسطاء بعدما نفذت الدولة المشروع القومى للتطوير.
وأضاف «الساهى» لـ«المصرى اليوم»: «أنا أخدت الولد معايا علشان يشوف البحيرة بعد ما اتطورت واتفتحت للصيد الحر ويتعلم يحب بلده ويحب البحيرة زى ما كنا إحنا بنحبها لأننا وعلى مدار سنوات طويلة كنا بنخاف على أولادنا من البحيرة بسبب البلطجة والتلوث وضرب النار اللى كان موجود فى كل شبر فيها قبل الدولة ما تقرر تنزلها وتطهرها وترجعهالنا».
وتابع: «أنا عندى 3 أولاد كلهم بيعملوا فى الصيد بالبحيرة وأحفادنا كمان لازم يورثوا المهنة ويتعودوا على الصيد، خاصة بعدما رجعت زى زمان والرزق فيها بقى كتير والصياد الغلبان بقى له مكان فيها».
وأشار إلى أنه فى الثلاثين سنة الأخيرة فقدت البحيرة أكبر مساحات منها بسبب عدم اهتمام الدولة، وأصبحت المساحات المتبقية يسيطر عليها أصحاب النفوذ والبلطجية وعصابات الآثار والتهريب والخارجون على القانون، والصيادون هجروا البحيرة ومنهم اللى راح البحر فلم يتبق للصياد الغلبان سوى ممرات صغيرة يصطاد فيها.
حال «الساهى» لا يختلف كثيرا عن باقى الصيادين بالبحيرة، حيث دب الأمل فى نفوسهم منذ أعلنت الدولة اهتمامها بالبحيرة وأهلها، واستقبلوا الكراكات والحفارات بالمزمار وفرقة السمسمية وسط احتفالات وتأييد شعبى كبير وغضب من أصحاب النفوذ والمعتدين الذين حاولوا عرقلة المشروع وإيقافه.
وأكد محمد الأطرش صياد، 47 سنة، أن وضع البحيرة أفضل كثيرا بعد عمليات التطهير وإزالة التعديات، قائلا: «الحمد لله تم تطهير أكثر من 70% من البحيرة وبعد تطهير البواغيز بدأت تظهر أسماك الدنيس والوقار بأحجام صغيرة بعدما اختفت لسنوات طويلة وذلك بفضل عمليات التكريك لعمق 2 متر التى تقوم بها الهيئة الهندسية فى المناطق التى أزالت منها التعديات كما بدأ ظهور الجمبرى والكابوريا وعادت البحيرة لسابق عهدها لأن الرئيس السيسى وعد فأوفى والمستقبل أفضل إن شاء الله».
وقال أحمد الفقى، 43 سنة، من المطرية: «أنا بصطاد فى البحيرة من وأنا عندى 10 سنين وكان حلم عمرى أشوفها مسطح مائى مفتوح خالى من التعديات والبلطجية، ولما الرئيس السيسى وعد يرجعها لأصحابها وقال مفيش مزارع ولا تعديات بعد الآن فى البحيرة، خوفنا نصدق الحلم ده، لكن النهارده الرئيس أوفى بوعده وبعد انتهاء محطة المعالجة وإزالة باقى التعديات البحيرة هترجع تغذى مصر كلها من الأسماك»، مطالبا بالتصدى بقبضة حديدية للصيد الجائر الذى مازال مستمرا فى البحيرة سواء من خلال الصيد بالكهرباء أو الجر أو الزريعة، مما يقضى على الثروة السمكية فى المستقبل، مطالبا أيضًا، بإنشاء بورصة للأسماك خاصة ببحيرة المنزلة تحت إشراف الدولة لتقنين بيع الأسماك وتحقيق المنافسة وضبط الأسعار.
وقال عبد الله الشاعر، 39 سنة، صياد، إنه تم تطهير وإزالة التعديات من نحو 70% من بحيرة المنزلة ولم يتبق سوى 30% بمناطق العجايبى والبجوم والجنجى وبحر البقر، وبذلك تنتهى أعمال التطهير بالكامل بينما لايزال العمل جاريا فى محطة المعالجة التى تقوم بها لمعالجة مياه الصرف القادمة من بحر البقر والتى ستغير من شكل البحيرة تماما وتحسن من جودة ونوعية الأسماك الموجودة بها.
وأضاف: «يبقى على الدولة أن تهتم بالصياد نفسه وأن تعيد استخراج تصاريح الصيد والتى توقفت منذ أكثر من 21 سنة وأصبح هناك المئات من الصيادين يعملون بدون تصاريح مما يعرضهم لملاحقات شرطة المسطحات، كما يجب تقنين وضع المراكب والمواتير التى تسير فى البحيرة بما لا يزيد على 15 حصانا لأن المواتير واللانشات التى تسير بأكثر من ذلك تعمل فى التهريب أو الصيد الجائر.
وطالب رئيس الوزراء بعمل مرسى للصيادين وتقنين أوضاعهم ومنحهم مراكب بأجهزة حديثة إذا لزم الأمر كمشروع لهم، وقال: «نحن فى انتظار تنفيذ تعليمات الرئيس».