يشاع عند حدوث ازمة طارئة " انها سحابة صيف , ياسادة عالم بلا عمل كسحابة بلامطر مع هطول أمطار على أجزاء من شمال الدلتا فجر اليوم 27 رمضان الموافق 12 يونيو 2018 ملازمة للسحب المتكاثرة على السواحل الشمالية , والمنخفضة على شمال البلاد عموما , ويعنى ذلك ان مناخ اقليم البحر المتوسط (الذي يتبعه مناخ مصر) والذي كان على مدار آلاف السنين من أكثر مناخات أقاليم العالم وضوحاً واستقراراً " حار جاف صيفاً معتدل دافيء ممطر شتاءً " , وهذه الخاصية المناخية تعود إلى كتلتين هوائيتين فيهما اختلاف للخصائص المناخية والمصدر في رسم صورته المناخية .
الى ذلك فان الكتلة المدارية البحرية القارية هي المسئولة عن حرارة الصيف وجفافه ، في حين أن الكتلة القطبية البحرية تعود إليها أمطار واعتدال ودفء الشتاء . فعند انتقال الكتلة المدارية البحرية والقارية إلى العروض دون المدارية مع حركة الشمس الظاهرية إلى مدار السرطان شمالاً في فصل الصيف فان هذه الكتلة تصل إلى منطقة ابرد نسبياً فيحصل للجزء السفلي لهواء هذه الكتلة ركود واستقرار هوائي (Very stable Air) , وعدم تصعيد بسبب برودة الأرض . وفي مثل هذه الظروف لا تتشكل السحب فتكون السماء صافية فترتفع الحرارة ولا يسقط المطر صيفاً . أما في فصل الشتاء فتتحرك الكتلة القطبية البحرية المحملة بالرطوبة وبخار الماء جنوباً إلى المنطقة دون المدارية مع حركة الشمس الظاهرية أثناء انتقالها إلى الدائرة الاستوائية ومدار الجدي جنوباً . هذه الكتلة الهوائية الباردة تصل إلى منطقة ادفأ نسبياَ فيحصل لهوائها السفلي تسخين فيتمدد ويصعد إلى أعلى (تكوَن الضغط المنخفض للبحر المتوسط) ويحصل له ما يسمى بعدم استقرار ( Unstable Air ) فتتشكل السحب ويسقط المطر الشتوي . وتعمل الرياح العكسية الغربية على نقل هذا المنخفض الجوي باتجاه الشرق إلى حوض البحر المتوسط وبلاد الشام وشمال المملكة العربية السعودية . ومع حدوث ما يطلق عليه "تغير المناخ" وحدوث انقلابات مناخية "حادة" فى العوامل المناخية المميزة للمنطقة ومنها مصر يبدأ حدوث تغيير أكثر تشتتاً وأقل استقراراً فى العوامل المناخية وسيادة حالة من التقلبات المناخية الحادة مثل شتاء متقلص الفترة (قصير جداً) شديد البرودة وربيع قصير بخماسين أكثر شراسة وصيف طويل شديد الحرارة وأمطار غير موسمية تمتد وتتوغل داخل أشهر الصيف ويزيد توغلها مع مرور السنوات
علاقة التغيرات التى طرأت على المناخ بالزراعة .
باتأكيد حدوث ارتباك فى مواعيد الزراعة لمعظم الحاصلات الزراعية من المحاصيل الحقلية , ومحاصيل الخضر , والنباتات العطرية , الى جانب ظهور مشكلة فعلية فى استيفاء "احتياجات البرودة" لكثير من أشجار الفاكهة (خوخ – عنب – برقوق – كمثرى – زيتون – تين – لوزيات .... الخ) ... مما وينعكس سلبا على الانتاج بنقص حاد يتطلب توفر أصناف تجارية مرغوبة ذو احتياجات برودة أقل أو استنباط معاملات زراعية تعوض الاشجار نقص احتياجات البرودة , ودي بالذات خارج خبرة المزارع تماماً لانها لا تعتمد على سوابق الخبرة بقدر اعتمادها على امكانية حساب وتقدير والتنبؤ بالعوامل المناخية خلال موسم الانتاج
للاسف ان معظم الخسائر فى الانتاجية خلال هذا العام (2018) كانت بسبب عدم مناسبة المناخ السائد فى فترة نمو معينة للمحصول (القمح والخضر وخصوصا البطاطس والبردقوش والريحان وغيرها) بالاضافة الى نضج المحاصيل فى توقيتات واحدة وزيادة العرض منها على حساب الطلب مما أدي إلى انخفاض كبير فى اسعارها لا يتناسب تماما مع التكاليف او هامش الربح المتوقع.
الى ذلك فانه يجب على المراكز والهيئات العلمية والبحثية القيام بمهامها "الأصلية" في حسابات الاحتياجات المناخية اللازمة للنمو الامثل للمحصول وعمل خريطة مناخية متراكبة مع خريطة التركيب المحصولي بشقيه الموسمي والجغرافي توضح المناطق المناسبة لكل محصول ولكل صنف وتوقيتات , وميعاد الزراعة والعمليات الزراعية ومواعيد الحصاد .
الظروف المستجدة بحسب التغيرات المناخية من تقلبات حرارية حادة وزيادة الرطوبة الحارة اصبحت مناسبة جدا لوجود دورات مرضية سريعة على النباتات والحيوانات على السواء واشتداد وطأتها ومقاومتها للمواد الفعالة من المبيدات والعلاجات كما حدث مع امراض البياض الزغبي والدقيقي على معظم المحاصيل وامراض الندوات المتأخرة والمبكرة هذا الموسم وكذلك امراض نيوكاسل على الدواجن والحمى القلاعية وحمى الثلاث ايام والجلد العقدي على الحيونات وكذلك امراض التسمم الدموي على الاسماك .
اما بخصوص انتشار الافات الحشرية وظهور آفات جديدة فى مناطق لم تكن موجودة بها .. وتحول قطاع كبير من الافات "الثانوية" الى آفات "رئيسية" سببت مشاكل كبيرة فى الانتاج والجودة مثل " ذبابة الفاكهة وذبابة الخوخ وحشات المن والتربس وغيرها وبما استوجب تفعيل انظمة الانذار المبكر والتنبؤ بحدوث الافات واعداد برامج مكافحة متكاملة "ذكية" ومراجعة شاملة لتقييم تأثير المواد الفعالة من المبيدات والعلاجات ورفع المناعة على هذه الآفات والامراض ومراقبة سوق تداول المبيدات فى مصر من قبل الجهات المعنية بشكل دقيق .
بقلم الدكتور : محمد على فهيم
المدير التنفيذى لمركز معلومات تغير المناخ بمركز البحوث الزراعية