نجاحات متتالية تتحقق على أرض الواقع منذ أن شرعت وزارة الموارد المائية والرى فى إقناع المزارعين بنُظم الرى بالغمر إلى نُظم الرى الحديث نظراً لما تقدمه من مميزات عديدة بداية تعظيم إنتاجية المحاصيل وخفض تكاليف التشغيل وزيادة ربحية المزارع من خلال الاستخدام الفعال للعمالة و الطاقة والمياه، بالإضافة لرفع جودة المحاصيل المنتجة.
وهناك العديد من النماذج الناجحة لاستخدام نظم الرى الحديث، للتحول للرى الحديث لتحقيق نفس المكاسب. كما يقول المهندس محمد غانم المتحدث الإعلامى لوزير الرى فقد تلقينا طلبات من عشرات الآلاف من المزارعين يقبلون على التنفيذ نظم الرى الحديث بأراضيهم والمستهدف تحويل مليونى فدان هذا العام والجدير بالذكر هنا أن المزارع يقوم بتنفيذ منظومة الرى الحديث من خلال شركة يتم التعاقد معها حتى تتولى عملية الصيانة والإرشاد لنسرع خطوات العمل فى هذه المنظومة، وإيجار فدان الرى الحديث ارتفع من 15 ألف جنيه إلى 24 ألف جنيه ، لزيادة إنتاجيته نتيجة لتوفير مصاريف الإنتاج كماً ونوعاً بنسبة 30-40% .
ويضيف المهندس محمد غانم أن مهندسى وزارة الموارد المائية والرى قاموا بابتكار جهاز حساس لقياس درجة رطوبة التربة وتحديد مدى احتياج الزراعات للمياه من خلال مؤشر يبين درجة رطوبة التربة ومدى احتياجها للرى من عدمه، وتم توزيع عينات تجريبية على عدد من المزارعين لاستخدام الجهاز كتجربة ريادية فى بعض الأراضى التى تم التحول فيها من نُظم الرى بالغمر إلى نُظم الرى الحديث بهدف التحكم فى رى المزروعات بكل دقة لتحقيق أقصى استفادة من وحدة المياه، على أن يتم التوسع فى هذه التجربة لاحقاً ، كما يجرى حالياً تطوير الجهاز بحيث يتم إرسال البيانات أتوماتيكياً للمزارع على الهاتف المحمول بما يمكنه من اتخاذ القرار المناسب فيما يخص كمية وموعد الري.
ويسوق المهندس محمد غانم - المتحدث الإعلامى لوزارة الرى - خبرا سارا للمزارعين المنضمين حيث صدرت الموافقة على ضمانة وزارة المالية للبنك المركزى للسماح للبنك الزراعى بتمويل تحديث نظم وأساليب الرى للتحول من الرى بالغمر إلى الرى الحديث وفى إطار مبادرة البنك المركزى للشركات والمنشآت الصغيرة. وقد أعطت الدولة أولوية لقرى مبادرة »حياة كريمة« التى تستهدف القرى الأقل دخلاً، لتنفيذ المشروع .
التوعية ضرورة
ومن جانبه، يقول الدكتور محمد هيكل أستاذ الاقتصاد المائى بوزارة الزراعة إن الدولة تقوم الآن بعمل العديد من الندوات للتوعية بضرورة وأهمية سرعة التحول فى نظام الرى من الغمر للطرق الحديثة آخرها الندوة التى عقدت بعنوان سياسات وبرامج ترشيد استخدام مياه الرى فى الزراعة بمشاركة الوزارات المعنية حيث تناولت الخطة الطموح للتحول من الرى بالغمر للرى باستخدام الطرق الحديثة والتقنيات المتقدمة فى الرى سواء التنقيط أو بالرش مما يضمن توفيرا وترشيدا فى مياه الرى أكبر قطاع يستهلك من مياه النيل.
فنحن لدينا نحو 9 ملايين فدان منها 6 فى الوادى القديم حوالى 3 ملايين فدان بالاراضى المستصلحة يتم ريها بالغمر مما ينتج عنه هدر كبير فى كمية المياه أثناء عملية الرى لكن اتجاه الدولة وفقا لخطة الحكومة تهدف للهروب من فخ الرى بالغمر للطرق الحديثة باستخدام أساليب الرى المطور وكل دخل مصر من الماء حسب آخر الإحصائيات 76 مليار متر مكعب، 55٫5 من نهر النيل ومليار من الآبار و6 مليارات متر مكعب، من الصرف الزراعى، 10٫5 من مياه الصرف الصحى المعالجة و3 مليارات من الأمطار ـ وكانت الحكومة قد حددت نحو 10 سنوات لذلك التحول لكن أعتقد أننا يمكن أن ينتهى من هذا المشروع فى غضون من 4 إلى 6 سنوات على الأكثر.
مراحل للتحول
وتنفيذ خطة الحكومة - كما يقول المتحدث - يتم على 3 مراحل لتنفيذ التحول من الرى بالغمر إلى الرى بالتنقيط والرش والتى تم البدء فى المرحلة الأولى منها وهو ما يعرف بتحديث الرى الحقلى وهو مخطط وزارتى الزراعة والرى معا على مساحة مليون ونصف المليون فدان فى مناطق الاستصلاح التى تروى بالغمر بالمخالفة، حيث كان مخططا لها أن تروى بالرش والتنقيط حسب الدراسات لكن استخدام الري، كما تضم هذه المرحلة أيضا المناطق التى تعانى مشكلات مياه الرى مثل محافظة الفيوم بزمام يبلغ حوالى 400 فدان.
كما يجرى الآن فى هذه المرحلة وتحديث الرى الحقلى وفقا للمبادرة الرئاسية لتحويل مسارات الرى من نظام الرى بالغمر للرى بالطرق الحديثة تحويل نظام رى 504 آلاف فدان فى الواحات والسويس والشرقية والإسماعيلية، وفقا للمخطط وتم تقسيمها على مرحلتين، المرحلة الأولى 205 آلاف فدان فى السنة الحالية و269 ألف فدان العام القادم فى الواحات والوادى الجديد وفقا لجدول زمنى يتيح تحويل من 20 الي22ألفا فى الشهر.
أما المرحلة الثانية التى تسير وفقا لجدول زمنى منضبط فستشمل مناطق زراعات الأشجار والبساتين بزمام يبلغ حوالى 1٫6 مليون فدان وتستغرق نحو عامين وتقوم على استخدام الرى بالتنقيط للأشجار على الجذور مباشرة، فالغمر يضيع المياه فى البخر فى حين أن الجذور فقط هى التى تحتاج للماء .. بالإضافة إلى انه يجرى الآن تقنين المساحات المزروعة بالنباتات الشرهة للماء مثل الموز والأرز والتى تحتاج لأكثر من 600 متر مكعب.
وكذلك إضافة محاصيل وأنواع منها تطرح مبكرا مثل الأرز الذى يحصد الآن فى 180 يوما بدلا من 210 أيام، مما يقلل فترة وجوده فى الأراضى بما ينعكس على تقليل كمية الماء التى يستهلكها، ويجرى الآن تعميم ذلك باستخدام المحاصيل المبكرة فى كل أصناف الفاكهة والخضار.
وتأتى المرحلة الثالثة من المشروع فى المحافظات الجنوبية بالوادى والدلتا ومناطق الزراعات الحقلية بزمام يبلغ حوالى 4 ملايين فدان.
قروض ميسرة للفلاحين
وحول تكلفة هذا التحول يوضح الدكتور هيكل أن الدولة عهدت إلى بنك التنمية الزراعى بهذه المهمة بعد أن تم إدراج هذه المبادرة تحت بند تنمية المشروعات الصغيرة، وتمويل حتى يستفيد الفلاح من نسبة الفائدة المنخفضة على قروض التطوير 10 إلى 15 ألف جنيه للفدان بفائدة لا تتعدى 5% تسدد على ثلاث سنوات باعتبارها جزءا من المشروعات الصغيرة للتنمية حسب نوع الرى الذى سيستخدمه الفلاح.
ويؤكد الدكتور محمد هيكل أن الدولة فى خطتها للتحول من الرى بالغمر للرى بالتنقيط واستخدام طرق الرى الحديثة تعمل فى اتجاهين: الأول منهما هو تحسين وسائل الرى وتوفير بدائل رخيصة وذات جودة وكفاءة عالية للفلاح تعوضه عما اعتاد عليه من فلسفة الرى بالغمر .. والثانية تحسين وسائل الرى من خلال تطهير الترع وتبطينها ورفع كفاءة المصارف والخزانات المائية مما يحقق الفائدة من عملية التحول وهى رفع إنتاجية المحصول وترشد استهلاك الماء وهذه التجربة تحقق الآن فى الفيوم وكفرالشيخ والبحيرة بنتائج مبشرة.
مكاسب للفلاح
أما الدكتور محمد سالم مشعل مستشار وزير الزراعة وأستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة وعضو مجلس إدارة الهيئة العامة للاستصلاح الزراعى فيرى أن خطة الحكومة التى اعتمدها مجلس الوزراء ويجرى الآن تطبيقها على أرض الواقع ستستغرق من 6 إلى 10 سنوات لتغيير منظومة الرى بالغمر إلى الرى الحديث، لترشيد استهلاك مياه الرى وحل مشاكل نقص المياه فى نهايات الترع والمجارى المائية، وهذه خطة التى تنفذ الآن مراحلها الأولى ليس فقط منها تعويض العجز المائى فنحن لدينا عجز مائى بنحو 20 مليارا سنويا فقط، وهذا سوف تكون له فوائد مباشرة للفلاح أبسطها وفقا للدراسات رفع إنتاجية الفدان الزراعى فالتحول للرى الحديث يسهم فى زيادة الإنتاجية الزراعية بنسبة تصل إلى 30%-50% بالإضافة لتحسين نوعية المحصول وجودته لتحسن جودة مياه الري.
كما سيحقق نفعا آخر للفلاح وهو زيادة المساحة المزروعة من خلال زراعة مساحات المساقى والمراوى لأنه سوف يتم الاستغناء عنها بالخراطيم او بالرش بالإضافة لتحسين جودة المحصول الزراعى نتيجة لتحسين مياه الرى فسيتم الاستغناء عن مياه الصرف الزراعى بما يسهم فى تحسين نوعية المياه المستخدمة.
وسيوفر الأسمدة، ويخفض من تكاليف الطاقة اللازمة للري.
ويضيف الدكتور مشعل أن هناك دورا كبيرا تقوم به الآن وزارة الزراعة من أجل تحقيق هذا الهدف وهو التحول من الرى بالغمر للرى بالتنقيط بالتعاون مع وزارة الرى وهو الجانب التوعوى للفلاحين فى شتى بقاع مصر، والفلاح المصرى ذكى ويستوعب سريعا فهو أول من مارس مهنة الزراعة ويستطيع التكيف مع كل الأساليب العلمية الحديثة، فيتم الآن عمل ندورات تضم مهندسين زراعيين ومهندسين من وزارة الرى لشرح وتبسيط عملية التحول فى الرى والتى ستتم على مراحل وليس على مرحلة واحدة، تقريبا على ثلاث مراحل تغطى أراضى الوادى القديم والتى تقدر بنحو 5 ملايين فدان.
حيث تناقش هذه الندوات توعية المزارعين، فمثلا هناك محاصيل يصلح معها الرى بالتنقيط مثل كل أنواع الخضار وكل أنواع الفاكهة والشجيرات والبساتين .. وهناك محاصيل لا يصلح معها ذلك مثل القمح والبرسيم والذرة وهنا يكون الرى باستخدام الرش.
وهنا يجب الإشارة إلى ما تقوم به وزارة الزراعة من إعادة إحياء لدور الجمعيات الزراعية والمرشدين الزراعيين فى المساعدة فى تحقيق خطة الحكومة فى هذا التحول والتوعية بكيفية التعامل مع الوسائل المتطورة فى الرى بالرش او بالتنقيط .
ويؤكد الدكتور محمد سالم مشعل التعاون الجيد بين القطاعات المختلفة فى وزارة الرى ووزارة الزراعة لتحقيق هذا التحول فى أسرع وقت لأنه هدف استراتيجى للدولة فى هذه المرحلة ويقول إن وزارة الرى تقوم الآن بمشروعات عملاقة وكبيرة من أجل الاسراع فى التحول لطرق الرى فى الوادى والدلتا، فهناك مليون فدان يتم ريها وفقاً لمنظومة الرى الحديث، لترشيد استخدامات مياه الزراعة للوفاء باحتياجات مياه الشرب والقطاعات التنموية المختلفة.
تقزم الملكية
ويتدخل فى الحديث الدكتور محمود عرفة أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة ويقول: إن تبطين الترع وهو المشروع الذى دشنته الرئاسة هو نقطة قوية للتحول من الرى بالغمر للرى بالرش والتنقيط، وهو يجرى تنفيذه الآن على الأرض مع المرحلة الأولى للتحول الكبير فى فلسفة الرى المصرية لأنه وفقا للدراسات العالمية الرى الحديث بالرش والتنقيط سيوفر 20 % من فاقد المياه حوالى 12 مليار متر مكعب من الماء فى حال تم تطبيقه بشكل علمى وسليم وهو عبء تقوم به وزارتا الرى والزراعة.
ويشير الدكتور عرفة إلى نقاط مهمة يجب الانتباه اليها ونحن نسير فى خطوات تنفيذ هذا التحول الكبير فى فلسفة الزراعة فى مصر وهو تحول مهم جدا يشير الى تفتيت الملكية الزراعية بمعنى أن هناك قطع أراض قُسمت بفعل المواريث من عشرات الأفدنة الى قراريط محدودة يجب ان تتم مراعاة ذلك والدولة تتدخل الآن ممثلة فى وزارتى الرى والزراعة لإيجاد حلول بشكل تقنى لحل هذه الأزمة التى قد تقف عائقا أمام تنفيذ هذا الهدف الاستراتيجى فى هذه المرحلة، نقطة اخرى تم الانتباه اليها ولابد على القائمين على تنفيذ ذلك التحول حتى لا يتم تعطل المشروع وهى الصيانة فلابد من عمل خطط للصيانة تتوازى مع تنفيذ خطوات التحول على الأرض وان يكون مهندسو الرى والزراعيون متواجدين بشكل يومى مع الفلاحين يوما بيوم فى المرحلة الأولى لضمان عمل تحول ناجح بدون أى آثار جانبية أو خسائر مادية.
الفلاح جاهز للتجربة
ولان الفلاح مستعد للتجربة وبما أن الفلاحين هم النقطة الأهم فى هذا التحول الكبير فى نظم الرى من الغمر للرش والتنقيط والطرق الحديثة للرى فكان لابد من استطلاع آرائهم للتعرف منهم على وجهة نظرهم وتخوفاتهم - كما يقول - محسب عبد الله من محافظة سوهاج: هو فكرة جيدة جدا خاصة فى ظل نقص مياه الرى وانخفاض منسوب الترع ونحن على أتم الاستعداد لتنفيذ خطة الدولة طالما سيعود بالنفع على الجميع لكن نحتاج إلى دورات تدريبية وإرشادات لان هذه الطريقة جديدة على الصعيد فلابد من وجود مشرفين ومهندسين زراعيين بجوارنا فى البداية وألا يتركونا للتجربة فنقع فريسة لضياع المحصول وللبنك الذى سوف يمنحنا القروض.
ويضيف ابراهيم محمود بالجيزة: اشتغلت بطرق الرى بالرش فى مزارع كبرى فى الخليج واعرف كيف تعمل فهى جيدة جدا فى المساحات الكبيرة والعملاقة وبالطبع ستكون مفيدة جدا فى ترشيد المياه كما أنها ستوفر فى الوقت والوقود الذى يحتاجه الفلاح للرى خاصة بعد ارتفاع سعر المحروقات مما سيقلل تكلفة الإنتاج للفلاح ويزيد فى الربح، لكن نجاح هذه التجربة مرهون بالتوعية والمحفزات التى ستوفرها الدولة للفلاح.
ويضيف محمود نور الدين مزارع الفلاح المصرى ذكى جدا ويحب أرضه وسيسعى بكل ما لديه من قوة للسير على خطة الدولة لكن الأهم ان يكون هناك مهندسون للصيانة يوجدون فى الجمعيات الزراعية فى كل القرى والمراكز للتدخل لحل المشكلات التى قد تحدث فى عمليات التحول من الرى بالغمر للرى بالرش والتنقيط أو التى تنتج فى محطات رفع المياه أو فى مكينات ضخ الماء فى الأنابيب حتى لا يضار الفلاح فى المحصول الخاص به وكذلك يشرفون على جداول الرى فى المساحات الكبيرة والصغيرة.