«البطاطس» بـ«رُخص التراب» بسبب «كورونا».. ومزارعون يلقون المحصول فى الشارع

«البطاطس» بـ«رُخص التراب» بسبب «كورونا».. ومزارعون يلقون المحصول فى الشارع

مزارعو البطاطس فى أزمة بسبب انهيار الأسعار رغم الميزة النسبية لمصر فى الإنتاج، ووفقا لخبراء يتعرض المحصول لمؤامرة تحتاج لتدخل عاجل من الدولة لحماية الأمن الغذائى وضمان عدم عزوف مزارعى البطاطس عن الزراعة الموسم المقبل.


وقال الدكتور إسماعيل عبدالجليل رئيس مركز بحوث الصحراء الأسبق إن انخفاض وانهيار أسعار البطاطس «فرصة تاريخية» لتصويب النمط الغذائى الاستهلاكى للمصريين بالتوجه نحو استهلاك البطاطس أكثر من المحاصيل الغذائية الأخرى الأكثر استهلاكا للمياه رغم أننا نستورد منها كميات كبيرة، بينما تمتلك مصر ميزة نسبية فى إنتاج البطاطس.


وأضاف «عبدالجليل»، لـ«المصرى اليوم»، أن العالم يتجه إلى تبنى سياسات تغيير النمط الغذائى الاستهلاكى لمواجهة الآثار السلبية للتغيرات المناخية وانعكاسها على ارتفاع معدلات الجفاف من خلال التوجه نحو المنتجات الغذائية الأقل استهلاكا للمياه ومنها البطاطس التى تحتل أحد أولويات العالم كإحدى مزايا النمط الغذائى الصحى والمناسب لمواجهة هذه المخاطر.


وطالب رئيس مركز بحوث الصحراء الحكومة بوضع الخطط اللازمة لتوعية المواطنين بتغيير النمط الاستهلاكى بتشجيع استهلاك البطاطس وتطبيق قانون الزراعة التعاقدية عليه لمردوده الاقتصادى خاصة فيما يتعلق بإدارة وحدة المياه والاستفادة من القيمة الاقتصادية لوحدة المياه فى إنتاج الغذاء، مشيرا إلى أن محصول البطاطس هو محصول اقتصادى يوفر من فاتورة استيراد القمح من الخارج ويقلل من تحديات زيادة الطلب على المياه. وأشار «عبدالجليل» إلى أن البطاطس تحتل مكانة بارزة نتيجة لكمية إنتاجها الغذائى من ناحية الإنتاجية البالغة أكثر من 15 طنا للفدان مقارنة بالمياه المستخدمة لمحاصيل أخرى، حيث تنتج البطاطس غذاء أكثر مما ينتجه أى محصول رئيسى آخر من وحدة المياه، موضحا أن البطاطس تنتج 5600 كالورى من الطاقة الغذائية بمقارنتها بالذرة التى تنتج 3860 كالورى والقمح 2300 ينتج كالورى والأرز 2000 كالورى كما تحتوى البطاطس على كميات من البروتين والطاقة ضعف ما ينتح من القمح والذرة.


من جانبه، طالب الدكتور سمير النجار رئيس جمعية رجال الأعمال الزراعيين بتدخل عاجل من الجهات المسؤولة وعلى رأسها وزارة الزراعة لإنقاذ محصول البطاطس الذى تعرض لكارثة هذا الموسم بسبب زيادة المعروض أمام الطلب بسبب جائحة كورونا وزيادة الخسائر التى وصلت إلى إعدام الشحنات المصرية فى الداخل والخارج، مشيرا إلى أن هناك كميات كبيرة من البطاطس التى تم حصادها فى الموسم الشتوى الأخير وبدء حصاد العروة الصيفية وهو ما تسبب فى زيادة المعروض بشكل كبير وانهيار الأسعار.


من جانبه قال الدكتور أحمد العطار رئيس الحجر الزراعى المصرى إن أزمة تسويق المحصول ليست مشكلة زيادة الصادرات إلى الخارج، لكن أزمة كورونا تسببت فى انخفاض الطلب على الإنتاج بسبب سياسات الإغلاق للحد من انتشار المرض والتى ترتب عليها إغلاق المطاعم ومحال بيع منتجات البطاطس.


وطالب «العطار» بوضع خطط للتوسع فى تسويق البطاطس محليا، لمواجهة الأزمات الطارئة فى حالة انخفاض الطلب من خلال حملات ترويجية مصرية بأهمية البطاطس فى النمط الغذائى للمصريين نظرا لفوائدها المتعددة على الجوانب الصحية للأفراد مقارنة بالنمط الغذائى لبدائل البطاطس.


من جانبه قال حاتم النجيب نائب رئيس غرفة الخضروات والفاكهة باتحاد الغرف التجارية إن البطاطس تعرضت لإغراق كبير بالأسواق بسبب زيادة إنتاجية المحصول، وعدم فتح أسواق جديدة لزيادة صادرات مصر من البطاطس، انعكس على انخفاض سعر الكيلو ليتراوح ما بين 50 قرشا و150 قرشا للكيلو فى أسواق العبور، مطالبا الحكومة بالتدخل من خلال سياسات رشيدة لتحقيق التوازن بين العرض والطلب لحماية منتجى البطاطس أو المنتجات الزراعية الأخرى لضمان الاستدامة فى الإنتاج الزراعى.


وأضاف «النجيب»، لـ«المصرى اليوم»، أن أسواق بيع الخضروات والفاكهة تعرضت لانخفاض كبير فى الأسعار منها أسعار البطاطس امتدت لمحاصيل أخرى ومنها الطماطم التى انخفضت أسعارها بسبب زيادة المعروض لتصل إلى 3 جنيهات للكيلو الواحد، وانخفض سعر الفلفل الرومى إلى 3 جنيهات مقارنة بـ10 جنيهات عن نفس الفترة من العام الماضى وتراوح سعر كيلو الباذنجان من 75 قرشا – 1.5 جنيه بأصنافه، وبلغت أسعار الخيار من 2.5 – 4 جنيهات، فى حين بلغ سعر الملوخية من 2.5 – 3 جنيهات للكيلو وأسعار البرتقال تراوحت من 2.5 – 3 جنيهات واليوسفى تراوح ما بين 1.5 – 2.5 جنيه والجوافة من 3 – 5 جنيهات وتراوح سعر كيلو الرمان من 4 – 6 جنيهات مقارنة بـ12 جنيها خلال نفس الفترة من العام الماضى.


ووفقا لتقارير وزارة الزراعة فإن مصر تزرع نحو 400 ألف فدان بطاطس موزعة على 3 عروات زراعية، أولاها العروة الصيفى وتزرع فى ديسمبر ويناير وتحصد فى مايو، وعروة البطاطس النيلى وتزرع فى يونيو وتجمع فى شهر أكتوبر، والشتوى وهى تزرع فى أغسطس وسبتمبر وتجمع فى محافظات المنيا وبنى سويف والفيوم خلال شهر ديسمبر، بينما تصل إنتاجية الفدان إلى أكثر من 15 طنا للفدان.


ومن جانبه قال الدكتور على عبدالمحسن مدير معهد الاقتصاد الزراعى إن العالم يمر حاليا بـسنة استثنائية وعام أزمة، بسبب أزمة كورونا وتعرض حركة التجارة الدولية لشلل كبير، انعكس على أحد أهم المحاصيل الزراعية المصرية وهو البطاطس المتميزة على مدار الأعوام السابقة بالأسواق الدولية، بزيادة المعروض بسبب انخفاض أسعارها دوليا وتدنى أسعارها أكثر فى السوق المحلية، مشيرا إلى أن القطاع الزراعى تعرض خلال نفس الفترة إلى توسع فى زراعة المحصول بعد تعرضها لارتفاع غير مسبوق فى الأسعار فى عام 2019.


واقترح مدير معهد الاقتصاد الزراعى على الحكومة التوجه نحو تبنى 3 حلول لمنع تكرار الأزمة أو التخفيف من آثارها على الفلاح المصرى ومنها تقديم قروض ميسرة تساعد الفلاح على تخزين المحصول، ليتم تسويقه بصورة منتظمة على مدار العام، بالإضافة إلى تقديم قروض ميسرة لتصنيع البطاطس للتوسع فى عمليات التصنيع وللحصول على قيمة مضافة من تصنيع البطاطس، وضمان الاستدامة فى تسويق منتجات البطاطس، مشيرا إلى أن المقترح الثالث يعتمد على نجاح مصر فى البرنامج الوطنى لإنتاج تقاوى الخضر لتوفير التقاوى بأسعار مناسبة تخفض من تكلفة الإنتاج وتقلل من آثار تقلبات الأسواق بسبب زيادة المعروض عن الطلب أو العكس.


وفى المنيا قام مزارعون بإلقاء كميات من محصول البطاطس على جانبى الترع والمصارف والطرق، فى أعقاب انهيار سعر الكيلوجرام من 10 جنيهات إلى 70 قرشا، وللطن من 10 آلاف جنيه إلى 70 و100 جنيه. وإخلاء الأرض لزراعات أخرى قد تعوضهم عن خسارتهم فى البطاطس.


وشهدت قرى المنيا ومطاى وبنى مزار حالة من الحزن فى أعقاب انهيار أسعار البطاطس إلى 70 جنيها للطن، بدلا من ألف جنيه العام الماضى. وشهدت قرية البرجاية حالة ركود بين التجار الذى كشفوا أنه ولأول مرة تم وقف التصدير بسبب وباء كورونا..




انخفاض أسعار محصول البطاطس

وقال محمد فوزى وأحمد عرفات، من أبناء قرية البرجاية، المنيا، إن القرية أصيبت بحالة من الحزن، لكونها قرية مصدرة للبطاطس فى أعقاب حالة الركود بسبب وقف التصدير وزيادة المعروض من المنتج، ما تسبب فى انخفاض الأسعار بنسبة 90% عن العام الماضى. مطالبا بمصانع للمنتجات الزراعية بالصعيد، للحفاظ على المحاصيل من الركود. وأضاف حسين أبوصدام، نقيب عام الفلاحين، أن هناك عدة أسباب لانخفاض محصول البطاطس هذا العام، من أهمها زيادة المعروض من التقاوى، والتخلص منه بالزراعة بالأراضى الصحراوية، ثانيا التوسع فى زراعات مساحات شاسعة من البطاطس هذا العام عن العام الماضى، مع وقف عمليات التصدير بسبب وباء كورونا المستجد، ورفض الدول الحركة التجارية للوقاية من الوباء. مطالبا برقابة جادة من وزارة الزراعة على التقاوى قبل بيعها للمزارعين.