للعام الثانى على التوالى ورغم تداعيات جائحة كورونا الجائرة، احتل البرتقال المصرى الصدارة فى ترتيب الصادرات على مستوى الأسواق العالمية مسجلا 15 مليون طن العام الماضي، ومتغلبا على صادرات إسبانيا و جنوب إفريقيا اللتين تراجعتا بعد أن تفوق المنتج المصرى بجودته الفائقة وسعره المنافس ، حيث سجلت الصادرات المصرية عام 2019 نحو 17 مليون طن وعام 2018 نحو 19 مليون طن.
المزارعون والمصدرون أشادوا بمجهودات وزارة الزراعة فى عهد وزيرها السيد القصير بما يقدمه من الإرشادات للمزارعين وكذا الحجر الزراعى ومعهد البساتين للزراع وشركات التصدير من حيث الالتزام بقواعد الصحة المهنية العالمية فى التعامل مع أشجار الثمار وتسميدها بمبيدات مسموح بها عالميا حتى تتوازن مع نسب المتبقيات فى الثمار المتعارف عليها، بالإضافة إلى أساليب الغسل والتطهير والتعبئة المتداولة فى الأسواق الخارجية وهو ما يعرف «بتكويد» المزارع.
كما اتفق الخبراء على ضرورة تكوين رابطة مهنية تضم المزارعين والمصدرين لتحديد آلية للتسعير العادل لهذه السلعة، وكذا رابطة لأصحاب المزارع الصغيرة لدعم أنشطتهم لتمكينهم من تطبيق النظم الحديثة لتخفيض تكلفة الزراعة وتمرير منتجاتهم إلى الأسواق العالمية، مطالبين بالتوسع فى تصنيع منتجات الموالح .. وتفاصيل أخرى فى السطور التالية
فى البداية يوضح الدكتور أحمد العطار رئيس الادارة المركزية للحجر الزراعى ب وزارة الزراعة أن إجمالى نسبة البرتقال المصرى التى تم تصديرها العام المنصرم وصلت إلى 15 مليون طن، وأن عملية التصدير بدأت منذ أوائل ديسمبر 2019، وأن الحجر الزراعى يقوم بكل عمليات الرقمنة المرتبطة بعملية التصدير وفتح أسواق عالمية جديدة وتنفيذ جميع الاشتراطات فى المزارع ومعاينتها وفحص كل الصفقات التصديرية ومطابقتها لمتطلبات المستوردين فى شتى أنحاء العالم ومن أبرز الاسواق التى تم فتحها أمام البرتقال المصرى السوق اليابانية التى تتطلب مواصفات للجودة على أعلى مستوى وأشد صرامة فى الاشتراطات الصحية، وكذا البرازيل والأرجنتين حيث بلغ عدد هذه الاسواق 11 سوقا عام 2020 فقط لتضاف الى 36 سوقا أخرى سبق فتحها ويصدر لدول العالم 5 أنواع من الموالح على رأسها البرتقال الصيفى و أبو صرة و اليوسفى والكلامنتينا والليمون والجريب فروت وتصل هذه المنتجات الى دول الاتحاد الأوراسى «الاتحاد السوفيتى السابق» والدول العربية (الخليجية) و الاتحاد الأوروبى و الصين و أستراليا .
ويضيف العطار أن الحجر الزراعى يقوم بفحص المزارع الخاصة بالمصدرين للتأكد من مطابقتها المواصفات العالمية المقررة للزراعة والتسويق لهذه المنتجات فى الخارج، حيث يغلف البرتقال بطبقة شمعية تحفظه فى اثناء رحلة الشحن التى قد تصل الى 23 يوما كما فى اليابان بل يتم غسل هذه الثمرة بالمطهرات المشروعة عالميا بما يجعل السلعة مطابقة للمواصفات العالمية وهذا يفسر توقف إرجاع الشحنات من موانى الاستيراد لأن المزارع المنتجة لها أكواد محددة ويجرى فحصها فى الحجر الزراعى للتأكد من اتباع الشروط العالمية فى الزراعة، ومطابقة المواصفات العالمية فى التعبئة والتغليف.
ويقول: رغم تداعيات كورونا على الأنشطة والقطاعات الاقتصادية فإن الموالح المصرية بوجه عام تمكنت من التفوق على كل من إسبانيا و جنوب إفريقيا ، بل إنها أحرزت المركز الاول فى مقدمة الصادرات خاصة البرتقال بدءا من عام 2019 لأنه ينطبق عليه جميع الشروط العالمية للتصدير، موضحا أن أى دولة مستوردة للموالح من حقها أن ترسل لجنة فنية إلى الحجر الزراعى وأماكن المزارع للتعرف على نوعية ومراحل الزراعة والحصاد ومطابقتها للمواصفات العالمية.
فتح أسواق عالمية
أما على صعيد جهود جهاز التمثيل التجارى لفتح أسواق جديدة، فيقول الدكتور أحمد مغاورى رئيس جهاز التمثيل التجارى ووكيل أول الوزارة إن دور الجهاز فى فتح أسواق عالمية يقوم من خلال 3 مراحل الأولى تبدأ بتقديم طلب ثم المفاوضات الأولية مع الجانب الأجنبى المسئول فى البلد المراد فتح أسواقه للتعرف على القواعد الأساسية لدخول الصادرات، وبعد الحصول على عدم الممانعة نترك المفاوضات حول الملفات الفنية للجهة المصرية المختصة سواء كانت وزارة الزراعة أو الصناعة وتشمل المواصفات الفنية التى تضمن الصحة والسلامة، وبعد نجاح المواصفات الفنية تبدأ عملية التصدير بشكل رسمي، حيث يقوم الممثل التجارى باستقبال أول شحنة تصل الى هذا البلد والترويج لها فى الأسواق التى يجرى التوزيع فيها والتعرف على رأى التجار والمستهلكين فيها من حيث الجودة والمذاق والسعر ثم نتابع حركتها فى الأسواق ونوالى الجهات الرسمية المصرية المختصة بكتابة التقارير عن حركة ونشاط هذه السلعة لمعرفة الإيجابيات وتعظيمها واستبعاد السلبيات والتغلب عليها.
السوق اليابانية
وعن الجهود الكبيرة التى بذلها المكتب الاقتصادى والتجارى المصرى فى طوكيو لفتح هذه السوق التى تعد من أكبر أسواق العالم استهلاكا للموالح، كما يقول حسام نجم رئيس المكتب السابق ونائب رئيس وحدة المناطق الصناعية المؤهلة بوزارة التجارة والصناعة : إن هذه المفاوضات استمرت منذ أن تولى مسئولية هذا المكتب فى 2017 حيث كانت اليابان تفرض حظرا على الموالح والكثير من الحاصلات الزراعية المصرية منذ 27 عاما ،ً ثم تمكن من إجراء مفاوضات مع عدد من الخبراء اليابانيين فى وزارة الزراعة والمصايد والغابات اليابانية لمعرفة المعوقات والأسباب ونقل هذه المواصفات والمعوقات إلى الحجر الزراعى المصرى والمسئولين فى وزارة الزراعة وتقريب وجهات النظر بين الطرفين، وأشار الى أنه تم الاتفاق على تشكيل لجان من الخبراء اليابانيين الذين قاموا بزيارة مزارع الموالح المصرية فى ديسمبر 2019 وتأكد الجانب اليابانى أن المزارعين المصريين يطبقون القواعد الدولية فى الزراعة ويلتزمون بالمواصفات الفنية «I-S-B-M» فتم رفع الحظر وتمت الموافقة على فتح السوق اليابانية فى نوفمبر 2020 بعد حظر دام أكثر من 27 عاما ، حيث إن هذه السوق تستورد بـ400 مليون دولار سنويا من الموالح وفقا لإحصائية 2018 بل إن رفع هذا الحظر يتيح للمصدرين المصريين أن يدخلوا جميع الحاصلات الزراعية الأخرى الى اليابان التى تعد أكبر مستورد للمحاصيل الزراعية والمنتجات الغذائية المصنعة لأن طبيعة التربة اليابانية لا تسمح بالزراعة وغزو هذه السوق أكبر دليل على الثقة فى سلامة وصحة المنتجات المصرية، وهى شهادة أخرى لغزو أسواق باقى دول جنوب شرق آسيا بالمنتجات الزراعية والغذائية.
دعم المناعة
ويقول مصطفى النجارى رئيس لجنة التصدير ب جمعية رجال الأعمال المصريين إن البرتقال يستخدم للاستهلاك المنزلى على نطاق واسع فى جميع دول العالم لما له من أهمية فى تحسين جهاز المناعة ودعمه فى مواجهة الفيروسات وعلى رأسها الكورونا وفى الأغراض الصناعية كالعصائر، كما تستخدم كميات كبيرة من الموالح فى مستحضرات التجميل والأدوية.
ويضيف أن كمية الصادرات فى عام 2018 بلغت 19 مليون طن بسعر 400 دولار للطن، ورغم تداعيات كورونا وصلت الكميات المصدرة الى 15 مليون طن العام الماضي، ووصل سعر الطن الى 500 دولار للطن الواحد مسجلا أعلى الصادرات جلبا للعملات الأجنبية بما يقترب من 700 مليون دولار سنويا .
ويقول إن الموجة الثانية لكورونا أكثر حدة من الأولى لذا فإنه يتوقع اجراءات احترازية متنوعة من حكومات الدول وقد يتسبب ذلك فى تراجع الكميات المصدرة من الموالح بكميات كبيرة، كما أن أسعار النولون البحرى ارتفعت لأرقام فلكية بسبب الإجراءات الانغلاقية التى تتبعها حكومات الدول المختلفة بشأن دخول الصادرات، إضافة إلى تراجع أعداد السفن المستخدمة فى الشحن البحرى نتيجة الإجراءات الاحترازية الوقائية وتراجع أعداد العاملين على هذه السفن.
الصيفى و أبو صرة
وحول ترتيب أصناف الموالح من حيث الطلب عليها فى الخارج والكميات المصدرة يقول سمير النجار أحد منتجى الموالح : إن البرتقال الصيفى يأتى فى صدارة الكميات التى تستوردها دول الاتحاد الأوراسى «السوفيتي» سابقا يليها الاتحاد الاوروبى ثم دول منطقة الخليج على رأسها السعودية، حيث تصل الكميات المصدرة منه ما يقرب من 55% من إجمالى الصادرات، يليه « أبو صرة » ثم الكلامنتينا و اليوسفى ثم الليمون فالجريب فروت الأحمر والأخير الكميات المصدرة منه ضئيلة وتقبل على شرائه أوروبا و الصين ، موضحا أن أسعار الخضر والفاكهة متقلبة يوميا وفقا للظروف العالمية والعرض والطلب، مضيفاً أن عدد الشركات العاملة فى تصدير البرتقال يصل إلى 400 شركة ومطلوب التنسيق بينهما لتسويق هذه السلعة بسعر عادل.
التكويد
أما علاء دياب صاحب مزرعة لإنتاج البرتقال فيحدد مواعيد وأماكن زراعة أصناف الموالح ، قائلا : إن المناطق الواقعة فى شمال الدلتا تجود فيها زراعة البرتقال الصيفى وهى أرض الدلتا القديمة فى البحيرة و القليوبية و المنوفية ، حيث يبدأ إنتاجه من شهر فبراير حتى نهاية مايو من قبل ذلك تظهر بشائر البرتقال أبو صرة من نوفمبر حتى نهاية يناير ، وهذان الصنفان يمثلان 75% من حجم الموالح المنتجة، مشيرا الى أن المصدرين لا يفضلون تصدير اليوسفى لأنه سريع التلف ولا يفضله المستهلك الأجنبى بسبب البذور التى يحتوى عليها علاوة على أن وجود فراغ بين ثمرة اليوسفى وقشرتها يجعلها تتلف بسرعة.
ويضيف أن الزراعات الحديثة تفضل زراعة البرتقال وحده فى المزرعة ويجب الابتعاد عن زراعة اى زراعات أخرى مع البرتقال حتى لا تؤثر على الانتاجية وجودة المحصول، مؤكدا ان حجم إنتاج الفدان يصل إلى 20 طنا فى المتوسط وتكلفته تصل الى 20 ألف جنيه، مشيرا الى أن شركات التصدير تقبل على جمع محصوله وشرائه لأنه يخضع لنظام التكويد الذى يقرره دول الاتحاد الاوروبى والهدف من هذا النظام اتباع الأساليب الحديثة فى الزراعة والابتعاد عن استخدام المبيدات المحرمة دوليا وتقليل نسبة المتبقيات فى الثمرة.
وزارة الزراعة
من جانبها تقول الدكتورة هدى مصطفى رئيس قسم الموالح ب معهد المحاصيل البستانية ب وزارة الزراعة إن المساحة المنزرعة ب الموالح تصل إلى نصف مليون فدان بطاقة انتاجية تصل إلى 45 مليون طن وفق احصائيات 2018 وإن 70% من الانتاج يمثلها البرتقال الصيفى و أبو صرة بإجمالى 3 ملايين طن سنويا ، مؤكدة أن مصر حصلت على المركز الأول عالميا فى صادرات البرتقال للعام الثانى على التوالى بسبب رخص أسعاره وجودته العالية وأنه مطلوب الحفاظ على هذه المنافسة بل إن مصر رقم 7 فى الانتاجية على مستوى العالم وقد سجلت الصادرات 15 مليون طن العام الماضى لأكثر من 50 دولة، مؤكدة أن الحجر الزراعى يطبق بحسم نظام «التكويد» الذى يلزم المزارع باستخدام الأصناف الجيدة من الثمار والابتعاد عن المبيدات الضارة أو المحرمة دوليا وهو ما يعنى تطبيق قواعد الصحة والسلامة العالمية فى الإنتاج، مشيرة إلى أن مناطق شرق وغرب الدلتا تجود فيها زراعة البرتقال خاصة الصيفى و أبو صرة .
وتقول: إن أساليب تصنيع البرتقال عديدة ومربحة لأنها ترفع القيمة المُضافة المترتب عليها زيادة تشغيل العمالة مثل العصائر والمربات والجيلاتين المصنع من قشر البرتقال الذى يستخرج منه «التانك»، كما تستخدم القشور ومخلفات التصنيع كسماد وتدخل أيضا فى صناعة الأدوية والعطور موضحة أن حجم التصنيع المحلى الحالى للموالح لا يتعدى 3%، وهى نسبة متدنية يجب إعادة النظر فيها.
التسعير العادل
وتطالب رئيس قسم الموالح ب معهد المحاصيل البستانية بضرورة تشكيل رابطة بين مصدرى البرتقال ومنتجى الموالح للتنسيق فيما بينهم للتسعير العادل للبرتقال و الموالح بصفة عامة فى الأسواق الخارجية لأن أسعارها متدنية نتيجة قيام البعض من المصدرين والمنتجين بحرق هذه الأسعار والمضاربة عليها وهذا يضر بسلعة جيدة تتميز مصر فى إنتاجها ولا تحقق الاستفادة القصوى من وراء زراعتها حيث يباع الطن فى الأسواق الخارجية بـــ 400 دولار بينما السعر العادل يصل إلى أكثر من 550 دولارا أو 500 بحد أدني.
وتوضح أن معهد البحوث البستانية ب وزارة الزراعة يقدم خدمات متكاملة للمزارعين والمصدرين للحفاظ على النجاحات التى حققتها هذه الثمار فى تصدر الصادرات وللحفاظ على جودة المنتج المصرى فى الأسواق العالمية على رأسها تقديم الأبحاث العلمية لتقليل الفاقد فى أثناء الزراعة والحصاد والنقل وتقليل المتبقيات من المبيدات فى الثمار ورفع جودته وكيفية الوقاية ومحاربة الأمراض التى تصيب الموالح والتى كانت وراء العديد من الصفقات التى تم رفضها فى موانٍ عالمية عديدة.
كما تطالب الدكتورة هدى مصطفى أيضا بتكوين رابطة لصغار المنتجين لتوحيد مساحاتهم المنزرعة لتسهيل رشها بالمبيدات وتخفيض التكلفة لإمكان ضمهم الى كبار المصدرين ومساعدتهم فى تمرير منتجاتهم الى الأسواق العالمية مع ضرورة التوسع فى الأصناف البلدية الأصيلة ذات القيمة الغذائية العالية مثل «أبو دمو».