ما تحقق من زيادة فى حجم الصادرات الزراعية خلال عام ٢٠٢٠ يعد بحق قصة نجاح حقيقية وغير مسبوقة، وبالرغم من تداعيات وباء فيروس كورونا القاتل الذى دمر العديد من اقتصادات الدول حتى القوى الكبرى، وأربك حركة التجارة والنقل العالمية، فإن حجم الصادرات الزراعية ال مصر ية ارتفع لأكثر من 5 ملايين طن هذا العام وبنسبة تصل لأكثر من ٣٠٪ وبقيمة تزيد على مليارى دولار، أى نحو ٣٣ مليار جنيه مصر ى.
وتعد مصر من أكثر دول العالم اعتمادا على التكنولوجيا الحديثة لتحقيق الارتقاء بالإنتاجية فى جميع قطاعات الزراعة، نظرا لمحدودية الموارد الطبيعية الزراعية بالنسبة لعدد السكان المتزايد دوما. وقد أدركت الدولة ال مصر ية هذه الحقيقة منذ زمن طويل. ففى مطلع القرن العشرين أنشأت الأقسام الفنية الزراعية التى سبقت إنشاء وزارة الزراعة نفسها، ومن ثم انصب التركيز الدائم على تنمية القدرات البحثية فى تلك الأقسام الفنية فى إطار وزارة الزراعة التى تبلورت مع بداية السبعينيات فى إنشاء مركز البحوث الزراعية عام ١٩٧١ بالقرار الجمهورى رقم ٢٤٢٥ تحت اسم هيئة البحوث وتم الجمع فيها بين المعاهد البحثية المتعددة والمنفصلة والتى أنشئت عبر فترات متعاقبة بداية من عام ١٩٠٣ حتى تاريخ إنشاء الهيئة، ليأتى بعدها بعدة أعوام القرار الجمهورى رقم ١٩ لسنة ١٩٨٣ لتحويل الهيئة إلى مركز البحوث الزراعية .
فى البداية نشير إلى أن السيد القصير وزير الزراعة و استصلاح الأراضى قد أعلن ارتفاع حجم الصادرات الزراعية ال مصر ية إلى أكثر من ٥ ملايين طن هذا العام بنسبة تصل إلى ٣٠٪ رغم ظروف تفشى فيروس كورونا وارتباك حركة النقل والتجارة الدولية، مشيدا بالجهود التى بذلها رجال الحجر الزراعى خلال هذا العام لتسهيل اجراءات التصدير ومواصلة العمل على مدار الساعة سواء فى المزارع أو الموانى ومحطات التصدير، مؤكدا أن العام الماضى شهد أيضا فتح ١١ سوقا جديدة أمام منتجاتنا الزراعية، أهمها السوق اليابانى وتوقيع بروتوكول لتصدير المانجو ال مصر ية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذى يؤكد جودة المنتجات الزراعية ال مصر ية وزيادة الطلب عليها من كل دول العالم.
وأضاف وزير الزراعة أن الصادرات بلغت 5 ملايين و65 ألفا و325 طنا من المنتجات الزراعية بقيمة 2.1 مليار دولار - نحو 33 مليار جنيه - الأمر الذى يسهم فى دعم احتياطى النقد الأجنبي، وضمت قائمة أهم الصادرات الزراعية الموالح ، البطاطس، البصل، البنجر، الرمان، العنب، البطاطا، المانجو، الثوم، الفراولة، الفاصوليا، الجوافة، الفلفل.
البحوث الزراعية
تاريخ طويل وممتد لأكثر من قرن من الزمان بالاهتمام بالبحوث الزراعية، وتحقيق الأمن الغذائى للمواطن وإرشاد الفلاح، هكذا بدأ الدكتور محمد سليمان رئيس مركز البحوث الزراعية حديثه، قائلاً: إن المركز مكلف - فى إطار استراتيجية التنمية الزراعية- بالقيام بثلاث مهام رئيسية هى:إجراء البحوث التطبيقية والأكاديمية المرتبطة بالإنتاج بهدف توليد فيض مستمر من التكنولوجيا التى تكفل الارتقاء بالإنتاجية وخفض تكلفة الإنتاج، ونقل التكنولوجيا الجديدة إلى حقول التطبيق من خلال الإرشاد الزراعى ومتابعة تطبيقها وتطويرها إذا لزم الأمر، وأخيرا التدريب المتواصل للقدرات البشرية.
وأضاف رئيس مركز البحوث الزراعية أنه خلال السنوات الماضية شهد المركز طفرة فى الإنجازات البحثية من أجل النهوض بالثروة الزراعية ال مصر ية. وقد أسهم مركز البحوث الزراعية (وهو أكبر جهة بحثية تطبيقية فى مصر ) فى تنمية الكثير من المجالات وذلك لخدمة القطاع الزراعى ال مصر ي، فقد أسهم المركز فى زيادة الرقعة الزراعية وحمايتها، علاوة على المساهمة فى تحقيق الأمن الغذائى ال مصر ي، من خلال زيادة معدل الأصناف المستنبطة العالية الإنتاجية، وزيادة انتاجية المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والذرة والأرز، وارتفاع قيمة معامل التكثيف الزراعى ومعدلات الزيادة فى إنتاجية وحدة الأرض، كما أسهم مركز البحوث الزراعية فى زيادة معدلات الاستثمار الزراعي، ومعدلات القدرة التنافسية للمنتجات الزراعية ال مصر ية فى الأسواق العالمية، وحجم الصادرات الزراعية ال مصر ية، إضافة إلى الإسهام فى حماية تنمية الثروة الحيوانية والداجنة والسمكية.
ويضيف د. محمد سليمان أن مركز البحوث الزراعية كانت له جهود ملحوظة فى السيطرة والتحكم فى انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19)، حيث تم فحص (9385) عينة من واردات غذائية متنوعة (لحوم ، دواجن، أسماك، ألبان ومنتجاتها)، ومستلزمات بيطرية ضد فيروس كورونا المستجد والواردة عن طريق الموانى والمطار وكذلك فحص (264) عينة مسحات فمية وأنفية من حيوانات أليفة وكانت نتائج الفحص جميعها سلبية، وذلك لتفعيل الدور الرقابى والرصد والمتابعة الحثيثة للأمراض الوبائية والمحجرية لمنع دخول أو تسرب أى أمراض لما لها من مردود اقتصادى على الثروة الحيوانية وصحة المواطن ال مصر ي.
وأشار إلى أنه فى إطار المحافظة على سلامة البيئة وصحة الإنسان ال مصر ي، وتماشيا مع الاتجاه العالمى السائد نحو التسميد الحيوى والزراعة النظيفة ، فإن المركز قام بإنتاج المخصبات ذات التأثير الحيوى للتربة والنبات، مما ينعكس أثره على زيادة خصوبة التربة والإنتاجية الفدانية وخفض استخدام الأسمدة المعدنية بمعدل 25% من خلال تنقية السلالات المستخدمة فى إنتاج الطحالب وتقدير كفاءتها، والعمل على التوسع فى الزراعة النظيفة والآمنة الخالية من استخدام المبيدات الكيماوية.
وأضاف أنه فى مجال تكنولوجيا الأغذية تم إجراء البحوث العلمية والتطبيقية المتعلقة بمجال تصنيع الأغذية من المصادر النباتية والحيوانية والاستغلال الأمثل للغذاء مع الارتقاء بمستوى جودته غذائيا (تطبيق نظم الايزو) وصحيا (تطبيق نظم الهاسب)، كذلك تعديل أسلوب تداول الغذاء للارتقاء بجودة وسلامة المنتجات وتقليل الفاقد والبحث عن مصادر غير تقليدية وتطبيق الجودة الشاملة للمحافظة على الصحة العامة، وإنشاء قاعدة بيانات تسويقية جديدة تمكن المنتج من الوصول إلى المعلومات التسويقية السليمة، كما تم استخدام الهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية فى تنفيذ برامج التربية المختلفة مثل زراعة الأنسجة النباتية والنقل الوراثى فى النباتات الاقتصادية وإنتاج سلالات مقاومة للإصابة بالأمراض الفيروسية والحشرية ونباتات مقاومة للظروف البيئية غير الملائمة (الجفاف – الملوحة – الحرارة المرتفعة).
بدوره، أوضح الدكتور محمد أحمد سعد مدير معهد بحوث الأمصال واللقاحات البيطرية بالمركز أن المعهد ينتج ما يقرب من 67 لقاحا لحماية الثروة الحيوانية والداجنة، ويقوم بإمداد الهيئة العامة للخدمات البيطرية باللقاحات اللازمة للحملات القومية ضد أمراض الحمى القلاعية وحمى الوادى المتصدع والجلد العقدى وإنفلونزا الطيور.
وأضاف أن المعهد يوفر اللقاحات بأسعار اقتصادية، وذلك لتقليل التكلفة على المربين، ولأهمية معهد بحوث الأمصال واللقاحات البيطرية فقد حصل على ثلاث شهادات اعتماد دولية من مكتب الاعتماد «ايجاك وأيلاك العالمية»، فضلا عن تعاقد المعهد مع العديد من الشركات لتصنيع اللقاحات لزيادة القدرة الإنتاجية والتسويقية للمعهد، حيث تعاقد المعهد مع وكلاء فى الدول العربية والافريقية، وتم تسجيل منتجات المعهد فى دولتى الكويت والإمارات ، كما يُصدر المعهد لقاحات إلى الدول العربية والإفريقية وهذه اللقاحات مسجلة فى الباركود العالمي، مضيفا فى هذا الصدد أن المعهد ينتج اللقاحات طبقا للبروتوكول العالمى، كما يتم تدريب الباحثين بالتعاون مع المعاهد والجامعات العالمية المرجعية.
وأكدت الدكتورة هند عبد الإله محمود، مديرة المعمل المركزى لتحليل متبقيات المبيدات والعناصر الثقيلة بمركز البحوث الزراعية، أننا لدينا معمل بمواصفات عالمية على أرض مصر ية، حيث قامت وزارة الزراعة ال مصر ية بتنفيذ خطة الحكومة من خلال مركز البحوث الزراعية والجهات التابعة له ومنها المعمل المركزى لتحليل متبقيات المبيدات والعناصر الثقيلة فى الأغذية (كيوكاب) وهو أول معمل معتمد لإجراء التحاليل المتعلقة بسلامة الغذاء فى مصر و الشرق الأوسط والحاصل على شهادة الاعتماد الدولية طبقاً لنظام الأيزو من هيئة الاعتماد الفنلندية منذ عام 1996، كما يتميز المعمل المركزى بأنه أحد أهم المعامل فى مصر و الشرق الأوسط ، حيث إنه يعد المعمل الوحيد المشترك فى اختبارات الكفاءة الخاصة بمعامل الاتحاد الأوروبى من خارج الاتحاد الأوروبي، كما أنه يعد وفقاً لتصنيف الهيئات الدولية التى تقوم بإجراء اختبارات الكفاءة بالاتحاد الأوروبى فى الفئة الأولى المتميزة والتى تضم عددا محدودا من المعامل جميعها من دول الاتحاد الأوروبى باستثناء المعمل المركزى الذى يمثل مصر وذلك منذ أكثر من 15 عاما على التوالي.
وأضافت أن المعمل المركزى يضم أحدث الأجهزة التى تستخدم فى أكبر المعامل العالمية، كما أن لدينا فريق عمل متكاملا يضم أفضل الخبرات المتميزة والمدربة بكفاءة عالية، ومن خلال ما يتميز به هذا المعمل فإنه يقوم بدور مهم على المستوى القومى للحفاظ على سلامة المستهلكين فى مصر من خلال قيامه بالمشاركة فى منظومة مراقبة الصادرات وقيامه بدوره الفعال فى تنمية الصادرات عن طريق تحليل الصادرات وبعض الواردات إلى مصر من المحاصيل الزراعية والأغذية من أصل نباتى وحيواني، وبناء على نتائجه يتم عدم التصريح بدخول المخالف منها للمواصفات ال مصر ية والعالمية الغذائية، حيث يقوم المعمل بتنفيذ برامج التقصى لنسب الملوثات الكيميائية والبيولوجية فى الكثير من المنتجات الزراعية بالأسواق المحلية بهدف المساهمة فى الحفاظ على صحة المواطن ال مصر ى وحمايته من الأغذية الملوثة، مما يعطى الثقة للقاعدة العريضة من المستهلكين فى سلامة الغذاء والمنتجات الزراعية فى مصر و المنتجات الموجودة بالأسواق.
وأوضحت أن المعمل يسهم فى الدور المجتمعى من حيث الإرشاد والتدريب، حيث يشارك فى ورش العمل وتدريب صغار المزارعين وتدريب طلاب الجامعات والخريجين، بالإضافة إلى التدريبات المتخصصة دولياً وإقليمياً ومحلياً، علاوة على ذلك يقوم المعمل المركزى بدعم المصدرين من خلال توقيع بروتوكولات التعاون مع الجهات التى تضم المصدرين لتقديم الخدمات المتاحة بالمعمل بأقل الأسعار.
من جانبه، قال د. محمد القرش مساعد وزير الزراعة والمتحدث الرسمى للوزارة إن هذه الزيادة نتيجة اهتمام وزارة الزراعة بمختلف قطاعاتها بتطوير الإنتاجية الزراعية، فقد قام الحجر الزراعى، بالتنسيق مع المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية ومكاتب التمثيل التجارى والسفارات ال مصر ية بالخارج بالتواصل مع معظم دول العالم وقد نجحت وزارة الزراعة فى فتح اكثر من ٣٥ سوقا جديدة للصادرات الزراعية ال مصر ية، كما تمكنت أيضا من فتح أكثر من ١١ سوقا خلال عام ٢٠٢٠ وهذا أسهم فى استمرار تدفق الصادرات الزراعية للخارج
واكد القرش ان الحجر الزراعى ال مصر ى تبنى منظومة لتمويل الحاصلات الزراعية لتسهيل عملية التتبع من المزرعة حتى الوصول إلى المستهلك سواء فى السوق المحلية أو التصدير .
وأشار د. محمد القرش الى أن الوزارة تبنت برنامجا يهدف لتدريب المزارعين على التعامل مع المبيدات ودربت بالفعل أكثر من ١٤ الف مطبق للمبيد.
وأكد أن مشروع تعزيز القدرات التسويقية لصغار المزارعين فى الريف ال مصر ى ‹› برايم ‹› عمل على تنفيذ اكثر من ١٤٢ تعاقدا تسويقيا وتصديريا لمنتجات صغار المزارعين، كما أسهم ايضا فى تكويد أول جمعية فى اتحاد المصدرين بما ساعد فى زيادة حجم الصادرات الزراعية ، وأكد القرش أن مشروع برايم قدم نموذجا لتدريب المزارعين على الزراعة الصحيحة وأطلق حملة «ازرع صح» لتعزيز قدرات المزارعين الإنتاجية والتسويقية، كما اطلق المشروع تطبيقا للتسويق الالكترونى لمنتجات صغار المزارعين (تطبيق شارى).
5 ملايين طن صادرات 2020
بلغ إجمالى الصادرات الزراعية من الموالح مليوناً و 542 ألفا و947 طنا، بالإضافة إلى تصدير 682 ألفا و 275 طنا من البطاطس، لتحتل المركز الثانى فى الصادرات الزراعية بعد الموالح ، بينما تم تصدير 428 ألفا و919 طن بصل، محتلا المركز الثالث فى الصادرات، واحتل البنجر المركز الرابع فى الصادرات الزراعية بإجمالى 344 ألفا و 970 طنا، فى حين احتل العنب المركز الخامس فى الصادرات بإجمالى 139 ألفا و 59 طنا، واحتلت صادرات مصر من الرمان المركز السادس بإجمالى 100 الف و471 طنا ، بينما احتلت صادرات البطاطا المركز السابع بإجمالى 94 ألفا و142 طنا، يليها فى المركز الثامن المانجو بإجمالى 51 ألفا و 729 طنا، بينما حصل الثوم على المركز التاسع فى الصادرات بإجمالى كمية بلغت 35 ألفا و 315 طنا، بينما حصلت الفراولة على المركز العاشر فى الصادرات الزراعية بإجمالى 32 ألفا و 516 طنا ، وحصلت الفاصوليا على المركز الحادى عشر بإجمالى 25 ألفا و 220 طنا، والجوافة المركز الثانى عشر بإجمالى 8987 طنا، والفلفل المركز الأخير بإجمالى 4669 طنا.