عميد زراعة عين شمس: الرى الحديث والتكنولوجيا الحيوية والأصناف عالية الإنتاجية ستضاعف حجم الإنتاج
رئيس مركز بحوث الصحراء: دراسات لاستصلاح700 ألف فدان وزراعتها بمنطقة الحمام بالضبعة
نقيب الفلاحين يطالب بإنشاء صندوق لتعويض المزارعين فى حالة الخسارة
مستقبل مصر.. العنوان الكبير الذى تنطوى تحته كل الجهود التى تبذلها الدولة المصرية لتحقيق الأمن الغذائى للمواطن المصرى وبهدف التوازن بين معدلات الزيادة السكانية والموارد المتاحة، خاصة مع معاناة كثير من الدول فى تأمين احتياجات مواطنيها .خطوات تليها خطوات والهدف منها تحقيق الاكتفاء الذاتى من السلع والمحاصيل الإستراتيجية وتوفير الغذاء بأسعار مناسبة وفى متناول الجميع .
تحقيقات «الأهرام» تفتح ملف الأمن الغذائى وتكشف التحديات التى تواجه الدولة فى التنمية الزراعية وتستعرض القضايا التى تمثل عبئا على المزارعين والمشتغلين بهذا القطاع .
ففى رأى حسين أبو صدام نقيب الفلاحين إن وزارة الزراعة بعيدة كل البعد عن الفلاحين ومشاكلهم . ومن أبرزها عدم تفعيل قانون الزراعات التعاقدية الذى أقره السيد رئيس الجمهورية عام ٢٠١٥، وعلى الرغم من إنشاء مركز للزراعات التعاونية بالوزارة إلا أن دوره شكلى ولم يتم أى تعاقد مع الفلاحين. كما ينتقد الغياب الكامل لدور لجنة التسعير التى تضم ممثلين من وزارات الزراعة والتموين والتجارة والصناعة فلا يتم تسعير المحاصيل الأساسية مثل القمح الذى تشتريه الحكومة من الفلاح بالشكل الذى يراعى قيمة التكلفة وهامش الربح المناسب .
ويضيف: إن قطاع الإرشاد الزراعى بوزارة الزراعة مختف تماما فلا يوجد تواصل بينه وبين الفلاح من حيث توفير المبيدات والتقاوى وأوقات الزراعة وكل البيانات التى تنشر قديمة وغير مستحدثة كما أن التقاوى والمبيدات فى الجمعيات الزراعية غير كافية حيث إننا نستورد 98%من تقاوى الخضراوات، كما ان تقاوى الحبوب المتوافرة فى مصر غير كافية وأسعارها مرتفعة، فعلى سبيل المثال نزرع 3 ملايين فدان قمح وما يوجد من تقاوى يكفى زراعة مليون فدان فقط، والباقى تقاوى كسر محلى أى أن الفلاح يقوم بالاحتفاظ بإردبى تقاو لزراعتهما فى العام المقبل نظرا لعدم وجودها .
ويطالب نقيب الفلاحين بإنشاء صندوق تكامل زراعى لدعم الفلاحين وتعويضهم فى حالة الخسارة، كما حدث هذا العام فى محصول البطاطس، وأيضا توفير الآلات الزراعية الحديثة مدعمة أو على أقساط من البنك الزراعى او بإيجار بسيط وتوفير الخراطيم والآلات اللازمة للتحويل من الرى بالغمر إلى الرى بالتنقيط، كما وجه السيد رئيس الجمهورية، والاهتمام بالفلاحين معنويا من خلال وجود تحفيز لهم، خاصة الملتزمين وضرورة عقد لقاء دورى مع الفلاحين والوزير والمسئولين لسماع شكواهم ومطالبهم.
أسواق الجملة العشوائية
ويتفق حاتم النجيب، نائب رئيس شعبة الخضر والفاكهة بغرفة القاهرة التجارية مع مقولة غياب التنسيق بين اتحاد التجار والغرفة التجارية والمزارعين، وبين وزارة الزراعة مشيرا الى معاناتهم فى عرض مشاكلهم. وطرح النجيب بعضا من المشاكل التى تواجههم أبرزها غياب الرقابة على مدخلات الإنتاج الزراعى من الأسمدة والبذور والمبيدات التى تبيعها الشركات ولا تخضع لرقابة الحجر الزراعى، وكذلك غياب الشفافية فلا يوجد لدى وزارة الزراعة قواعد بيانات كاملة من حيث الإنتاج والاستهلاك والكميات المنزرعة من كل صنف وحجم الاستهلاك منه، فعلى سبيل المثال محصول البطاطس المساحة المنزرعة منه زادت 500 ألف فدان العام الماضى والإنتاج زاد مليون طن عن حاجة السوق مما تسبب فى زيادة المعروض وحدوث خسائر للمزارعين والتجار فهل تنتظر وزارة الزراعة ان يقوم الفلاح الذى تحمل هذه الخسارة ولم يجد دعما من الوزارة ولم يحصل على اى تعويض ان يقوم بزراعته العام المقبل ام سيعزف عن زراعة هذا المحصول . وتساءل نائب رئيس شعبة الخضر والفاكهة بغرفة القاهرة التجارية أين الكارت الذكى وقاعدة البيانات عن الأحواض المركزية داخل الجمعيات الزراعية، هل عرفت المتضرر منهم، وهل دعمتهم .وأضاف: كل التجار تبيع لحساب المزارع مباشرة وتحصل على عمولة ولكن وجود حلقات تداول وسيطة ليس للتاجر او الفلاح يد فيها حتى يصل المنتج للمستهلك بأسعار مغالى فيها لا يوجد رقابة على هذه الحلقات الوسيطة من تجار نصف جملة ثم تجار تجزئة ثم المستهلك كيف يتم تنظيم عمل هذه الحلقات . وكشف حاتم النجيب عن الفوضى الموجودة فى أسواق الجملة العشوائية التى لا تخضع للرقابة ولا تعمل تحت مظلة الاقتصاد الرسمى ولا يتحملون اى رسوم أو ضرائب وهى أسواق منتشرة ومعروفة للجميع من أبرزها سوق زاوية شهود وكمبرة وبرطس وشبرا الخيمة والوراق وإمبابة والعمرانية وسوق مصر القديمة وترسا وسرياقوس ومنها أسواق تبيع بنفس طاقة سوق العبور ولا يدفع للدولة اى ضرائب وسوق سريا قوس بالقرب من مدينة السلام و المرج الذى يبعد 12 كيلو من سوق العبور .
وأشار النجيب إلى ان سوق العبور مساحته ٢٢٠ فدانا، وهناك أماكن وعنابر لم تستغل حتى الآن، فلماذا لا يتم ضم تجار هذه الأسواق لسوق العبور وتصبح لدينا سوق منضبطة ، مطالبا بالسيطرة على الأسواق العشوائية او إنشاء أسواق جديدة لزيادة التنافسية ومنع الاحتكار والاستغلال . وطالب نائب رئيس شعبة الخضر والفاكهة بغرفة القاهرة التجارية ، وزارة الزراعة بممارسة دورها بشكل ايجابى والسماع لشكاوى التجار والمزارعين وتفعيل الرقابة على الجمعيات الزراعية وتنشيط الزراعة الدورية ونشر الثقافة الزراعية لدى الفلاحين .
الطرق الحديثة للرى
على الجانب الآخر توجد رؤية مغايرة يطرحها المسئولون والأكاديميون حول استراتيجيات التطوير من خلال رؤية مصر 2030 والتى ستنتهى معها معظم مشاكل العاملين بالقطاع الزراعى ، حيث يرى الدكتور احمد جلال عميد كلية الزراعة جامعة عين شمس أن القطاع الزراعى هو قلب التنمية الاقتصادية، ومن اهم القطاعات الحيوية فى مصر , وأوضح ان القطاع الزراعى له شقان الأول الانتاج النباتى والثانى الإنتاج الحيوانى . وفيما يخص الإنتاج النباتى نواجه مشكلة محدودية المياه والأرض، بمعنى ان حصة مصر من المياه 55 مليار متر مكعب، إضافة إلى 20 مليار متر مكعب تتوافر من مصادر المياه الجوفية ومعالجة مياه البحر والمعالجة الثلاثية لمياه الصرف، اى لدينا حوالي75 مليار متر مكعب من المياه ورغم ذلك غير كافية لاحتياجاتنا فى ظل الزيادة السكانية الكبيرة، حيث تواجه مصر مشكلة الفقر المائى . ويضيف ان قطاع الزراعة يستهلك من 70 إلى 80 % من المياه الإجمالية، لذلك فإن القيادة السياسية ممثلة فى الرئيس عبد الفتاح السيسى وجه بالتحويل للرى المطور بكل أشكاله، سواء الرى بالتنقيط أو الرش لأن هذه السياسة يمكن أن توفر من 20 إلى 30 % من المياه المستخدمة فى الزراعة، ومن ثم يمكن الاستفادة بهما فى الاراضى المستصلحة وزيادة الرقعة الزراعية، وتعويض العجز فى المياه ،موضحا ان استخدام الأساليب الحديثة فى الرى والتكنولوجيا الحيوية واستخدام الأصناف عالية الإنتاجية سيضاعف حجم إنتاجية الفدان، كما أن اتباع الطرق الحديثة فى الزراعة ما بعد حصاد المحاصيل وجمعها سيمنع هدر 20 % من الحصاد، إضافة إلى زيادة القيمة المضافة من التصنيع الزراعى الذى يعانى مشكلة كبيرة، فعلى سبيل المثال مصر تنتج من7 إلى 8 أطنان من محصول الطماطم سنويا و ما يتم تصنيعه لا يتجاوز 600 الف كيلو فقط .
توفير الأسماك
ويرى الدكتور احمد جلال عميد كلية الزراعة جامعة عين شمس ان توجه الدولة للاستزراع السمكى ، مشيرا إلى أن دعم الرئيس السيسى الكبير لهذا الملف، أحدث طفرة هائلة، ولولا المشروعات القومية الكبرى سواء مشروع غليون او مشروع الفيروز فى شرق تفريعة بورسعيد، ومثلث الديبه فى مجال الاستزراع السمكي، ما حدث اكتفاء ذاتى للأسماك، حيث إننا نغطى 85 % من احتياجاتنا بفضل هذه المشروعات، لافتا الى أن مصر تنتج مليونى طن من الأسماك سنويا، المزارع السمكية تنتج منها 1.6 مليون طن والكمية الباقية 400الف طن من المصايد والبحرين الأحمر والمتوسط والنيل وبعض البحيرات، ولولا المزارع السمكية التى تم افتتاحها لكان لدينا مشكلة كبيرة فى هذا القطاع .
ولفت عميد كلية الزراعة جامعة عين شمس الانتباه إلى أن مصر نتيجة هذه المزارع احتلت المرتبة الأولى عربيا وافريقيا فى الاستزراع السمكى والمرتبة الخامسة عالميا، مشيرا إلى أن مشروع الفيروز يعد أكبر مشروع استزراع سمكى مغلق على مستوى العالم مما يعنى ان مصر فى طريقها لتحقيق الاكتفاء الذاتى والتصدير لدول العالم، حيث إن الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك لا تتجاوز 200 ألف كيلو فقط ويمكن تحقيق هذا الفارق بسهولة .
إعادة هيكلة صناعة الدواجن
أما عن نسبة الاكتفاء الذاتى فى قطاع الثروة الحيوانية فى مصر فيؤكد الدكتور جلال أنها تبلغ 57 % ونستورد الباقي، مشيرا الى ان الخطة الطموح لتحسين العامل الوراثى للقطعان المحلية وإحياء مشروع البتلو وتبنى الدولة رؤية عمل محطات للإنتاج الحيواني، ستساعد بشكل كبير على سد احتياجات المواطنين. كما أن اهتمام ودعم الدولة للتوسع فى مراكز تجميع الألبان والاهتمام بالمزارع والمربى الصغير، وتوفير اللقاحات والتحصينات وتمويل القروض لهذه الفئة سينعكس بشكل كبير على القطاع ككل فى النهاية. أما فيما يتعلق بقطاع الدواجن فقال إنه يعانى مشكلة فى إعادة هيكلة صناعة الدواجن فى مصر كى يتواءم مع المتطلبات المحلية والعالمية، حيث تنتج مصر 1.4 مليار طائر تسمين سنويا، وتنتح حوالى 12 مليار بيضة سنويا وهو رقم كبير ولدينا قدرة توسعية لزيادة الانتاج. ويرى ان قطاع الدواجن يحتاج الى إعادة النظر فى التشريعات فيما يخص الصناعة مما سيجعل مصر رائدةعلى مستوى الوطن العربى والإفريقى فى صناعة الدواجن.
استصلاح 700 ألف فدان
وحول دور مركز بحوث الصحراء فى ظل الطفرة التى يشهدها القطاع الزراعى حاليا ، يقول الدكتور عبد الله زغلول رئيس المركز إن من أبرز المشروعات التى بدأ العمل فيها مشروع مستقبل مصر (٥٠٠ ألف فدان) أول محور الضبعة مع تقاطع الدائرى بعمق ١٣٠ كيلو الذى افتتحه السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى .
ويكشف رئيس مركز بحوث الصحراء عن دراسات لاستصلاح أراض بمنطقة الحمام بالضبعة لمساحة 700 ألف فدان وزراعتها، حيث يتم تحليل التربة وتوفير للمياه المتاحة بالمنطقة ، ويتم اختيار أفضل المحاصيل التى تناسب المناخ هناك. و من أبرز المحاصيل التى تصلح للزراعة بنجر علف وبنجر سكر و القمح والشعير ومحاصيل الخضر والبطاطس . ونوه الدكتور عبد الله زغلول إلى أن إنتاجية الفدان فى الثمانينيات كانت 8 أرادب والآن زادت الإنتاجية الى 18 أردبا للفدان من خلال برامج زيادة إنتاجية المحاصيل .وأضاف انه يتم استخدام سياسة التوسع الأفقى بإدخال مساحات أراض فى المناطق الصحراوية من خلال مشروعات قومية كبرى بخلاف مشروع المليون ونصف المليون فدان .
تشريعات جديدة
وفيما يتعلق بتطوير التشريعات لمعالجة أوجه القصور التى تعوق الانطلاقة الزراعية، يرى النائب صقر عبد الفتاح وكيل لجنة الزراعة بمجلس النواب أن مصر استطاعت أن تحقق نجاحا كبيرا فى ملف الأمن الغذائى وتوفير السلع الرئيسية بأسعار مناسبة ورخيصة رغم جائحة كورونا، ولم تشهد مصر نقصاً فى اى من المحاصيل الزراعية الأساسية، بل إن مصر استطاعت ان تصدر محاصيل زراعية اثناء الجائحة بحوالى 30 مليار جنيه فى ظل ظروف صعبة عانت منها كثير من الدول . وأضاف وكيل لجنة الزراعة بمجلس النواب أن استخدام الأساليب والتقنيات الحديثة فى الزراعة ودخول الهندسة الوراثية واستخدام الأسمدة الاستخدام الأمثل أسهم فى تحقيق زيادة الإنتاجية فى المحاصيل الزراعية وأيضا التوجه نحو الزراعات المحمية وإتباع الزراعة الرأسية والأفقية أدت إلى زيادة الرقعة الزراعية مشيرا إلى الدولة تسير فى الطريق الصحيح .
.. ووزير الزراعة فى تصريحات لـ«الأهرام»: حققنا فائضا فى الخضر والفاكهة ونقترب من الاكتفاء الذاتى فى بعض المحاصيل
فى تصريحات خاصة للأهرام يؤكد السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضى أن قضية الأمن الغذائى جزء لا يتجزأ من الأمن القومى للدولة المصرية، وأن الأمن الغذائى يعد من أبرز التحديات التى تواجه الدول المتقدمة والنامية على حد سواء، ولكى يتحقق الأمن الغذائى على مستوى الدولة يجب أن تكون الدول قادرة على إنتاج أو استيراد حاجتها من الأغذية، وأن تكون قادرة على تخزينها وتوزيعها وضمان حصول جميع الأفراد عليها بصورة عادلة .ويقول وزير الزراعة واستصلاح الاراضى إن هناك خططاً ومستهدفات تتسم بالتكامل والشمول بين الوزارات المختلفة لتحقيق الأمن الغذائى حيث تعمل الدولة على إنشاء محطات معالجة للمياه، وشبكات رى ومشروعات تبطين الترع، وخطوط ناقلة للمياه، للحفاظ على مواردنا المائية، واستغلالها الاستغلال الأمثل . مشيرا الى انه يتم العمل على تطوير وتحديث نظم الرى الحقلي، جنبا إلى جنب مع تطوير منظومة الإرشاد الزراعى ونقل التكنولوجيا الزراعية وتعظيم الاستفادة من الممارسات الزراعية الحديثة والموفرة لمياه الرى مع تقليل الفاقد فى المحاصيل الزراعية أثناء عملية الحصاد وما بعدها. وعن رؤية 2030 يؤكد وزير الزراعة واستصلاح الأراضى أن رؤية الوزارة حتى عام 2030، ترتكز على عدد من المحاور تقوم عل