مصر بلد زراعي قديم، ولما لا، وهي "هبة النيل" يجري على أرضها، حاملًا الخير الوفير لشعبها، الذي عرف الزراعة منذ آلاف السنين، فزرع العديد من المحصولات مثل القمح والشعير، والمحاصيل الصناعية مثل الكتان والبردي.
ومكّنت سهولة التنبؤ بالنهر والتربة الخصبة المصريين من بناء إمبراطورية على أساس ثروة زراعية كبيرة، فشكلت جزءًا مهمًا من حضارتهم، وعُرف المصريون أنهم من أوائل من مارسوا الزراعة على سطح الأرض، بسبب براعتهم فيها واستحداثهم أساليب متعددة للري.
ولم يختلف الحاضر عن الماضي، حيث مازالت مصر تعتمد بشكل أساسي على الزراعة في الحصول على الثروة الغذائية وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتطويع آخر ما وصل إليه العلم في خدمة الزراعة.
ورغم ظهور بعض الممارسات السلبية من بعض المواطنين، بالزحف على الزراعات بالكتلة الخراسانية، وتبوير الأراضي في بعض المناطق، لا سيما في فترة 2011، إلا أن الدولة ـ بعدما استعادت عافيتها ـ نجحت في الحفاظ على الرقعة الزراعية، والعمل على دعم الفلاح والتوسع في زراعة كافة المحاصيل بما يحقق الاكتفاء الذاتي من الأغذية.
هذه الجهود، لم تتوقف على الحفاظ على الرقعة الزراعية القائمة بالفعل، وإنما حرصت على التوسع في الرقعة الخضراء من خلال استصلاح الأراضي الصحراوية، وإنشاء مشروعات زراعية ضخمة، تدعم الزراعة في مصر.
مشروع "مستقبل مصر"، أحد أهم المشروعات الزراعية في مصر، الذي يجني المصريون ثمارها، ويعود بالخير الوفير عليهم، حيث يقع في نطاق المشروع القومي العملاق "الدلتا الجديدة" لزراعة مليون فدان على امتداد محور روض الفرج ـ الضبعة الجديد، وذلك بالقرب من مطاري سفنكس وبرج العرب ومينائي الدخيلة والإسكندرية، مما يساعد على سهولة توصيل مستلزمات الإنتاج والمنتجات النهائية، ويجعل المشروع مقصداً زراعياً جاذباً للمستثمرين، حيث يهدف إلى تنمية منطقة الساحل الشمالي الغربي من خلال إنشاء مجتمعات زراعية وعمرانية جديدة تتسم بنظم إدارية سليمة، فضلاً عن إقامة مجمعات صناعية تقوم على الإنتاج الزراعي المكتمل الأركان والمراحل من زراعة المحاصيل وحصادها بأحدث الآليات ثم الفرز والتعبئة والتصنيع، ويوفر مشروع "مستقبل مصر" أكثر من 200 ألف فرصة عمل جديدة.
مصر باتت تتحرك في كل الطرق على التوازي، تبني وتشيد وتزرع، وتضيف للجمال جمالًا، لتعود إليها ريادتها وقوتها في كل شيء من جديد.