لم تكن عملية الاهتمام بالزراعة واختيار تقاوى جيدة هى السبيل الأوحد لوفرة الإنتاج بل صاحب ذلك اختيار أصناف ترشد من استهلاك المياه وكذا بناء وتصميم الصوامع الحديثة المطابقة للمواصفات العالمية وتطوير الموجود منها فى المحافظات مما ساعد على تقليل الهدر والفاقد من القمح بما يقرب من مليون طن.
وأعلنت وزارة الزراعة عن استعدادها لموسم القمح القادم بإعداد
وتجهيز 28 صنفا من التقاوى عالية الجودة والأكثر مقاومة للظروف البيئية والمناخية ويتوقع الخبراء وصول حجم الإنتاج الكلى فى الموسم المقبل الى 9٫5 مليون طن لتقليل حجم الاستيراد وترشيد استهلاك العملة الصعبة بينما حرصت وزارة التموين على تخزين رصيد احتياطى من القمح يكفى البلاد لـ6 أشهر فى ظل جائحة كورونا لتلبية احتياجات المواطنين.
بداية يكشف د.عباس الشناوى وكيل الوزارة بوزارة الزراعة ورئيس قطاع المتابعة والخدمات الزراعية: أن إجمال المساحات المزروعة بالقمح التى تم حصادها وصلت الى ١٫٩ مليون فدان تم حصادها بمتوسط 3 ملايين طن للفدان لكن بعض الفلاحين يحتفظون بكميات من القمح فى منازلهم للاستخدام المنزلى وأن الحصاد والتوريد للقمح مستمر حتى 15 يوليو وانه جار فرز القمح للأغراض التجارية وتصنيع هذه الحبوب بجانب الإكثار من الأصناف الممتازة لإنتاج التقاوى للموسم الجديد بمعرفة لجنة من الخبراء من مركز البحوث الزراعية وقسم بحوث القمح لتوزيع هذه التقاوى على الفلاحين خلال شهرى أكتوبر ونوفمبر للزراعة الشتوية للمحصول. مشيرا إلى أن قطاع المتابعة والخدمات الزراعية بالتعاون مع قطاع الإرشاد الزراعى يضع خطة للمحاصيل الصيفية بعد الانتهاء من حصاد القمح على رأسها زراعة الذرة الشامية وقصب السكر.
28 صنفا من التقاوى
يوضح د. علاء خليل مدير مركز المحاصيل الحقلية بوزارة الزراعة ان المركز استعد للموسم الجديد لزراعة القمح لعام 21/ 2022 بمجموعة من الأصناف العالية الجودة والمقاومة للإجهادات البيئية والحيوية منها 12 صنفا من أقماح الخبز و6 من أقماح المكرونة علاوة على 5 أصناف تحت التسجيل و5 أصناف تتحمل الحرارة العالية وترشد استخدام المياه والسماد وتصل انتاجية هذه الأصناف الى 30 أردبا للفدان، مشيرا الى ان المركز قام بتقييم عملية الزراعة والحصاد للمحصول الحالى على مستوى الجمهورية وتمكن من الوصول الى أصناف جديدة مبكرة النضج خلال 150 يوما بدلا من 6 أشهر وهذه الأصناف عالية الجودة وأكثر مقاومة للأمراض للحصول على إنتاجية عالية للموسم الجديد.
توفير الطاقة ومياه الرى
يقول د.علاء إن الطرق الحديثة للزراعة والحصاد ساهمت فى تقليل الفاقد فى المحصول حيث تستخدم الآن الزراعة بالسطارة على المصاطب التى وصل حجمها الآن الى مليون فدان تقريبا مما جعلها توفر 25% من الطاقة المستخدمة فى الآلات الزراعية و25% من مياه الرى المستخدمة. مما يساعد ذلك على تنظيم توزيع التقاوى ويسهل عملية الحصاد ويقلل الفاقد الذى وصل فى الفترات الماضية إلى مليونى طن من حجم الإنتاج الكلى حتى وصلت الى مليون طن فقط العام الماضى ويتوقع لها ان تنخفض بنسبة 50% الأعوام المقبلة مع التوسع فى استخدام المعدات الحديثة فى الزراعة والنقل والتخزين والطحن موضحا ان سوء التخزين فى الشون الترابية كان العامل الأول للفقد وهدر المحصول حيث كان يصل إلى 38% من اجمالى المحصول بسبب المتغيرات المناخية صيفا وشتاء وتسرب الحشرات والقوارض والطيور الى المخازن لتلتهم القمح وتفسده، مشيرا إلى أن الحكومة بدأت تلزم الفلاح بالدورة الزراعية فى زراعة المحاصيل الحقلية ومنها القمح لذا لابد من الاستمرارية فى رفع اسعار التوريد لأن تكاليف الزراعة وأسعار مستلزمات الإنتاج قد ارتفعت ودائما الفلاح يسعى الى زراعة المحاصيل التى تحقق له عوائد مادية كبيرة مثل البنجر.
٩٫٥ مليون طن
ويشير د.مصطفى عزب رئيس بحوث القمح بمركز البحوث الزراعية إلى الأصناف الجديدة التى ستتم زراعتها فى موسم 2021 ـ 2022 هى سخا 95 وسدس 14 و مصر 3 وجيزة 171 بجانب الأصناف القديمة التى تمت الموافقة على استمرارية استخدامها للموسم الجديد وعددها أكثر من 10 أصناف علما بان هناك أصناف تم إلغاؤها لأنها غير مقاومة للأصداء مثل الشندويلى 1 وجيزة 11 و جيزة 168 وسدس 12 لذا فانه يتوقع ان تصل الإنتاجية للعام القادم للمحصول الجديد الى ٩٫٥ مليون طن حيث يعطى الفدان 25 أردبا مع الفلاح المتميز و30 فدانا للمحصول داخل مزرعة المركز البحثى موضحا ان عملية التجارب على البذور قد تصل إلى 10 أعوام ويتم توزيعها بعد اعتمادها وتسجيلها على الفلاحين من خلال الجمعيات الزراعية. او شركات بيع وتسويق التقاوى الاستثمارية وان تحديد سعر التقاوى يكون من خلال لجنة من الخبراء.
حجم الاستهلاك
ويوضح أن استهلاكنا يبلغ 17 مليون طن سنويا ننتج منها 8 ملايين طن بنسبة 55% فقط ومع ارتفاع أسعار الأعلاف فمن المتوقع أن تتناقص هذه النسبة الى 35%، لأن المزارعين لا يوردوا سوى ٣٫٥ مليون طن والباقى يستخدمه الفلاح كغذاء له وكعلف للماشية.
ويؤكد أن الدولة وضعت خطة إستراتيجية متكاملة لتحقيق كميات آمنة من الاكتفاء الذاتى لهذا المحصول ترتكز على التنمية الأفقية والتنمية الرأسية للإنتاج الزراعى وتقليل الفاقد فعلى صعيد التنمية الأفقية يتحقق ذلك من خلال تحميل محصول القمح على المحاصيل الأخرى مثل الطماطم وقصب السكر مما يزيد المساحات المزروعة فى الصعيد ويمكن نشر هذا الفكر الزراعى فى محافظات مصر الوسطى أيضا من خلال تحفيز الزراع بزيادة حصة السماد الأزوتى المدعم المسلم لهم بل ويمكن زراعة القمح فى مناطق الساحل الشمالى الشرقى والغربى مع تزويد المزارعين بالتقاوى الجيدة والسماد الأزوتى المدعم.
ويضيف ان متوسط إنتاجية الفدان تصل إلى ١٨٫٥ أردب بينما هذه الإنتاجية تصل فى المزارع الإرشادية الى ٢٤٫٥ أردب للفدان بل قد تصل فى بعض الحقول للمزارعين إلى 30 أردبا للفدان الواحد مؤكدا ان هذه الأصناف تكون أكثر مقاومة للأمراض وتحملا لعوارض المحصول خاصة الإجهاد البيئى وأكثر تأقلما للظروف المناخية خاصة الحرارة والرطوبة وكذا ملوحة التربة بل أن هذه الأصناف تتحمل العطش لتستهلك كميات من المياه ضئيلة مقارنة بالأصناف القديمة التى يتم تدريجيا إلغاء استخدامها فى الزراعة مشيرا الى انه يوجد أصناف مثل جيزة 171 وسدس 14 وجميلة 12ومصر 1 ومصر 2 فهذه الأصناف تزرع على مستوى الجمهورية بينما جميزة 11 وسدس 12تزرعان فى محافظات الوجه القبلى فقط لأنهما أكثر مقاومة للصدأ الأصفر الذى ظهر عند زراعتهما فى الوجه البحرى بل ان هذين الصنفين تجود زراعتهما فى أراضى الوادى الجديد.
يختتم قائلا: إن الأبحاث فى المركز لا تركز على الإنتاجية العالية فقط بل استنباط أنواع ترشد استخدام المياه مثل زراعة القمح على مصاطب وثبت أن هذه الطريقة فى الزراعة توفر 25% من كميات المياه المستخدمة فى الرى كما أن استخدام السطارة فى رمى البذور على المصاطب يوفر 15 كيلو من التقاوى عند زراعة الفدان الواحد حيث انخفضت من 60 كيلو الى 45 بل ان بعض المزارعين استخدموا أسلوب النقر على المصاطب فخفضوا كميات البذور الى 30 كيلو فى الفدان وليس 45.
أما على صعيد وزارة التموين فقد أعلن د . على مصيلحى أن موسم توريد القمح 2021 موسم مميز وان مراكز التجميع مفتوحة لتلقى حصاد القمح حتى يوليه القادم وان الشون والصوامع مفتوحة لاستقبال اى كميات سيتم توريدها بطاقة إنتاجية حتى ٣٫٤ مليون طن.
طاقة تخزينية
ويكشف شريف باسيلى، رئيس الشركة القابضة للصوامع، عن أن الطاقة الاستيعابية الحالية للصوامع بعد عمليات التطوير التى أدخلت على الشون والصوامع الترابية وتحويلها إلى صوامع خرسانية صالحة لتخزين وحفظ القمح داخلها بحالة جيدة علاوة على بناء أكثر من 25 صومعة حديثة وفق احدث المواصفات العالمية لحفظ وتخزين القمح بداخلها وموزعة على جميع المحافظات فإن الطاقة الاستيعابية الإجمالية لهذه الصوامع تستوعب ٣٫٤ مليون طن بل وهناك خطة إستراتيجية للتوسع فى بناء وتشييد الصوامع الحديثة وفق إستراتيجية تنفذ خلال الفترة من 2020 الى 2030 لتزداد الطاقة الاستيعابية مليونى طن أخرى مع ضرورة التوسع فى زراعة القمح، موضحا أن الرغيف التموينى المدعم يستهلك 9 ملايين طن قابلة للزيادة بصفة دورية.
يضيف باسيلى أن الصوامع الجديدة تحتوى على حاويات يخزن بداخلها القمح لفترة لاتقل عن ستة أشهر يحتفظ بداخلها القمح بكامل المواصفات الفنية التى يتحلى بها عند دخوله الصومعة حتى خروجه للاستخدام فى المطاحن والمخابز لان هذه الصوامع محكمة بعيدا عن دخول الحشرات والقوارض والطيور إليها بل ومزودة بأجهزة تتحكم فى كمية الحرارة والرطوبة التى يحتاجها القمح حتى لا يفسد وقد وفرت هذه الصوامع الحديثة نسبة من الفاقد والهدر تتراوح بين 10 و15% من الكميات المخزنة والأقماع التى كانت تضيع أثناء الزراعة ثم الحصاد والنقل بفضل تطوير المنظومة منذ إلقاء البذور حتى إنتاج الرغيف المدعم او السياحى وتصل هذه الكميات التى تم توفيرها من الهدر الى مليون طن وفرة كبيرة فى المحصول.
إنتاجية عالية
أما الفلاحون فقد أشادوا بمجهودات الحكومة فى مساندتهم فى زراعة المحصول الحالى وحصاده وكذا سرعة إجراءات التوريد وتسليم النقدية قيمة المحصول كما يقول عنتر محمود نقيب الفلاحين فى محافظة بنى سويف موضحا أن إجمالى المساحة التى كانت منزرعة بالقمح بالمحافظة وصلت الى 123 ألفا و416 فدانا وان المستهدف من حجم التوريد للقمح بعد حصاده 200 ألف طن وانه يوجد بالمحافظة 8 صوامع متطورة وحديثة لتخزين هذا القمح وان متوسط حجم الإنتاجية للفدان فى المحافظة وصلت الى 20 فدانا وأحيانا إلى 22 فدانا. ويطالب بزيادة عدد شكائر الأسمدة التى تصرفها الجمعيات على البطاقة الزراعية لتكون 5 شكائر بدلا من 3 فقط مؤكدا ان المحصول القادم سيزداد 25% مع الجهود التى تبذلها وزارة الزراعة فى مساندة الفلاح وإمداده بالبذور والمبيدات الفعالة.
يضيف عبد النبى الدميسى فلاح من البحيرة ان الحكومة وفرت كافة مستلزمات الزراعة للفلاح مثل التقاوى والأسمدة والمبيدات لذا كانت الإنتاجية عالية لكن هناك مشكلة يعانى منها الفلاح هى قيام بعض تجار السوق السوداء ومصانع بير السلم بتجميع العبوات الفارغة الخاصة بوزارة الزراعة التى سبق تعبئتها بالبذور أو المبيدات ويقومون بتعبئتها منتجات (مضروبة) وبيعها مرة أخرى بأسعار زهيدة فيقبل عليها المزارعون ليفاجأوا أنها مغشوشة وقد أضير عدد من الفلاحين من هذا الإجراء وخسروا محصولهم وأموالهم لذا نطالب المسئولين بملاحقة هؤلاء الجشعين حماية للفلاحين الذين يسهل خداعهم بهذه الأساليب الاحتيالية.
يقول حسين عطا (مزارع من أسيوط) إن المحصول هذا العام كان وفيرا حيث اعطى الفدان الواحد 18 أردبا بحد ادنى و20 كحد أقصى وتكلفة الفدان تصل الى 6 آلاف جنيه لأن الحرارة العالية تؤثر على الإنتاجية وتجعله يحتاج الى كميات كبيرة من المياه خاصة فى المناطق الصحراوية التى تشتد فيها الحرارة حيث يروى كل4 أيام لان الارض الصحراوية لا تحتفظ بالمياه كما هو الحال فى الاراضى الزراعية الطينية فى الوجه البحرى حيث يروى كل 15 يوما بحد ادني، مشيرا الى ان الحرارة العالية تجعل المحصول ينمو ويحصد بسرعة.
التجار الجشعون
يضيف على العصفورى (مزارع من الدقهلية) ان المحصول هذا العام جيد وفدان القمح من نوع مصر 1 ومصر 2 يعطى إنتاجية حتى 20 أردبا بل إن الحكومة رفعت أسعار التوريد 25 جنيها للأردب عيار ٢٣٫٥ عالى النقاوة بل والفلاح يورد المحصول إلى مركز التجميع بسهولة ويسر دون الانتظار ساعات طويلة كما كان يحدث العام الماضى بل ويتقاضى الفلاح سعر التوريد اما فى الحال أو خلال 72 ساعة بحد أقصى.
يشير إلى ان البعض من المزارعين يجبرون على التوريد للتجار بسعر 680 جنيها للأردب لأنهم يداينونهم وهو اقل من سعر التوريد الحكومى حيث يكون المزارع قد استلف من هذا التاجر أموالا بضمان المحصول لذا فإنه يخضع لأوامر هذا التاجر الجشع عند حصاد وتوريد هذا المحصول.
أسعار الشحن البحرى
أما فى غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات، فيقول طارق حسنين رئيس الغرفة إن أسعار الدقيق المستورد زادت 15% بسبب الإجراءات الحترازية لكورونا التى تسببت فى ارتفاع تكلفة الشحن البحرى مطمئنا بأن الحكومة تحتفظ بمخزون من القمح والدقيق يكفى للاستهلاك لـ6 أشهر.
زيادة الطلب العالمى
يضيف حسين بودى رئيس شعبة المطاحن والمخابز ان هناك عدة عوامل ساهمت فى رفع اسعار القمح عالميا منها تراجع الكميات المطروحة بسبب موسم الجفاف فى عدد من الدول المنتجة له مثل أوكرانيا ورومانيا واتجاه الدول المستوردة الى زيادة الكميات المستوردة لتأمين الاحتياطات من القمح المخزون لديها بسبب جائحة كورونا والخوف من إغلاق الحدود الدولية لبعض الدول علاوة على قيام الأرجنتين باتخاذ قرار بإيقاف تصدير الذرة نهائيا مما تسبب فى استخدام القمح كبديل عن الذرة فى تصنيع الأعلاف.
يضيف أيضا أن كميات كبيرة من القمح المستورد استخراج 82% تجلبها الشركات الاستثمارية من الخارج. وتستخدم فى صناعة الحلوى والمخبوزات والمكرونة والرغيف السياحى ويصل إجماليها الى 4 ملايين طن سنويا لأنه يحظر على هذه القطاعات التى تستخدم هذه النوعية من الدقيق استخدام الدقيق المدعم لإنتاج الرغيف التموينى المدعم.