مزارعون: نتعرض لخسائر فادحة بسبب تكلفة الزراعة

مزارعون: نتعرض لخسائر فادحة بسبب تكلفة الزراعة

أسواق الجملة بالغربية تتأرجح بين تحكمات التجار وشكاوى الفلاحين

ما بين ارتفاعٍ شبه مستمر، وهبوط أحيانا، تتأرجح أسعار الخضراوات والفاكهة، لكن تظل شكوى المستهلك مستمرة، لا تتوقف، خاصة فى المناسبات والمواسم، فمن المسئول؟ هل تجار الجملة الذين يرفعون شعار «العرض والطلب»، أم بائعو التجزئة الذين يعانون من ارتفاع تكلفة النقل والعمالة وخسارة جزء من السلعة (بالعطب أو الميزان)، أم المزارع الذى يشكو دائما من ارتفاع تكلفة الزراعة، سواء فى أسعار السماد أو التقاوى أو المبيدات وحتى مياه الرى ومن ثم تعرضه للخسارة .


«الأهرام» تجول داخل أكبر سوق جملة فى محافظة الغربية لتجارة الخضراوات والفاكهة، وهو «سوق الجملة بطنطا»، للوقوف على حقيقة ارتفاع أسعار الخضراوات والفاكهة، ودور الرقابة التموينية فى ضبطها، وكيفية التخفيف عن كاهل المستهلكين دون الإضرار بأى من الأطرف فى هذه المعادلة. بداية، يؤكد الحاج العيسوى برزان (تاجر فاكهة فى سوق الجملة بطنطا) أن كثيرا من الفاكهة نأتى بها من «الجبل» بمحافظات البحيرة، والإسماعيلية وأسيوط وأسوان، حيث تتم زراعة البطيخ والكنتالوب والفراولة والتفاح والتين والموز بمحافظة البحيرة، بينما تتم زراعة أجود أنواع المانجو فى محافظات الإسماعيلية والصعيد، الأمر الذى يرفع من تكلفة النقل (النَّولون)، مشيرا إلى أن عملية شراء المحصول تبدأ بـ »الكلالة» أى عملية التقدير، حيث نقوم بتقدير أعداد أشجار الفاكهة فى أرضها، والمساحة المزروعة، ثم يتم الاتفاق مع المزارع على السعر المناسب، أضف إلى ذلك تكلفة النقل والعمالة، وهامش ربح بسيط. كل هذه الأمور هى التى تحدد سعر بيع أى سلعة لتاجر التجزئة أو بائع الفاكهة. ويضيف «برزان» أن محصول الموز - مثلا -  يتم الاتفاق على سعره (سعر اليوم أو سعر قديم) وهو أخضر فى أرضه وعلى شجره، ودفع العربون اللازم للمزارع، مشيرا إلى أننا نبيع حاليا الموز بسعر 7 جنيهات، ويبيعه تاجر التجزئة (بائع الفاكهة) بـ 10 جنيهات، وهو سعر مناسب جدا، حيث إن هامش ربحه فى كيلو الموز لا يتجاوز جنيها واحدا، كما أن أسعار التفاح تتراوح بين 13 و17 جنيها، فى حين يتراوح سعر الخوخ بين 6٫5 جنيه و13 جنيهًا، حسب الجودة، ويشير إلى أن التاجر قد يتعرض لخسارة كبيرة نتيجة حرارة الجو، خاصة فى فاكهة مثل الموز، وأن قانون العرض والطلب هو الذى يحكم العلاقة السعرية بين التُّجار والمُستهلكين، وأن التسعيرة الجبرية تضر بنا؛ لأنه لا يتم تصنيف الفاكهة حسب جودتها، وإنما نقوم بشرائها من المزارعين جملة دون تفرقة بين جيد ورديء.


أما الحاج مصطفى الشبكشى (تاجر خضراوات وفاكهة بسوق الجملة بطنطا) ويعمل فى هذه المهنة منذ نصف قرن، فيؤكد أن الذى ينافس تاجر الجملة هو «التصدير»، حيث يقوم مصدّرو الفاكهة أو الخضراوات بالاتفاق مع المزارعين على أسعار عالية للأصناف الجيدة التى يتم اختيارها، ولا يتبقى لتاجر الجملة إلا «الفرزة»، الأمر الذى يضر بنا نحن تجار الجملة، كما يرفع من سعر السلعة عموما، مشيرا إلى أنه فى محصول مثل البرتقال، فإن سعره على أرضه يتراوح بين 3٫25 للفلاحى، و3٫5 للصحراوى (البلدى الصيفي)، أما «أبو صرة» فسعره حاليا على أرضه 9 جنيهات. فى السياق ذاته، يؤكد أحمد محجوب (تاجر تجزئة فاكهة وخضراوات) أن المستهلك يرى أن البائع يبالغ فى أسعاره، والحقيقة أن الأمر محسوب بمعايير ومصروفات ضرورية، مثل تكلفة النقل وأجرة العامل وكذلك ما يمكن أن نتكبده من خسائر بسبب «عَطَب» (فساد) جزء من الفاكهة، بسبب حرارة الجو، وما يحدث من تفاوت الميزان، فمثلا من يبيع قفصا كاملا مرة واحدة، غير من يقوم ببيع نفس القفص تجزئة بالكيلو، ومن هنا تتم الخسارة فى الميزان، ويشير إلى أن هامش الربح محدود، حيث إن الذى يحدد الأسعار هو العرض والطلب، الأمر الذى قد يعرِّضنا أحيانا للخسارة، وليس المكسب الفادح كما يتصور البعض.


على الصعيد نفسه، يؤكد المهندس الزراعى فخرى باز، مدير الإدارة الزراعية بقطور، أن حرص الدولة على التخفيف عن كاهل المواطنين، خاصة فى مواجهتها لهيب الأسعار، جعلها تتبنى عددًا من المبادرات، التى أسهمت بشكل كبير فى توفير السلع الغذائية والخضراوات والفاكهة وكذلك اللحوم والأسماك بأسعار مناسبة وأقل من مثيلاتها فى الأسواق والمحال، مثل: الشوادر والمجمعات التى تقيمها وزارة الزراعة. ويشير إلى ضرورة قيام الدولة بإنشاء مجمعات مماثلة فى أسواق الجملة والتجزئة لإيجاد حالة من المنافسة التى تصب فى مصلحة المواطنين جميعا.


من جانبه، يؤكد المهندس محمد أبو هاشم، وكيل وزارة التموين بالغربية، أن الرقابة التموينية مستمرة بشكل يوميٍّ على جميع الأسواق والمحال التجارية، كما يتم تكثيفها فى المناسبات والمواسم، للحفاظ على عملية ضبط الأسعار، وجودة المعروض، ومدى مطابقته للمواصفات، وصلاحيته للاستهلاك الآدمى.