«المخلفات».. طاقة وسماد واستثمار أخضر

«المخلفات».. طاقة وسماد واستثمار أخضر

فى خطوة إيجابية لكيفية إدارة الدولة لملفاتها البيئية، من خلال توطين التكنولوجيا المتطورة وإبجاد فرص للاستثمار الأخضر فى المخلفات، وفى بداية جديدة لإيجاد حلول بيئية من منظور اجتماعى واقتصادى، ونموذج لوفاء مصر بالتزاماتها الدولية فى اتفاقية المناخ، نجحت وزارة البيئة فى استقدام تكنولوجيا متطورة، تعمل على تحويل المخلفات لطاقة بتقنية جديدة تسمى «التغويز اللاهوائي» بقرية قلهانة بالفيوم.

هذا المشروع يهدف فى الأساس إلى التخلص الآمن من المخلفات الصلبة البلدية والمخلفات الزراعية، واستغلالها لإنتاج طاقة كهربائية وسماد حيوى، مع دعم المجتمعات الريفية بمحافظة الفيوم، وتحسين مستوى المعيشة بها.

الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، أوضحت أن المشروع يأتى ضمن اجراءات تنفيذ البرنامجين الأول والثالث فى منظومة الإدارة المتكاملة للمخلفات البلدية، وهما إنشاء البنية التحتية والدعم المؤسسى والمشاركة المجتمعية، مؤكدة أنه منذ اليوم الأول للعمل بهذا المشروع ورغم تعثره، قامت الجهات الوطنية كالهيئة العربية للتصنيع والإنتاج الحربى على توطين هذه التكنولوجيا، التى تعد استكمالا لمساهمات وزارة البيئة فى مبادرة «حياة كريمة» التى بدأت مع نشر فكر وحدات البيوجاز، التى تقوم على الاستفادة من المخلفات الزراعية وروث الحيوانات لتحويلها لطاقة للأغراض المنزلية وسماد عضوى، ثم يأتى مشروع التغويز اللاهوائى، كنموذج آخر للتعامل مع المخلفات الزراعية والبلدية لإنتاج سماد وكهرباء.

وأضافت أن المشروع لا يساعد فقط على حل مشكلة محلية لإحدى القرى المصرية، ولكنه يساعد أيضا على وفاء مصر بالتزاماتها الدولية، من خلال إيجاد حلول لقطاع للمخلفات الصلبة البلدية، الذى يمثل ثالث قطاع متسبب فى غازات الاحتباس الحرارى.

وقالت فؤاد إن الغاز المتولد من هذه الوحدة يتم استخدامه فى تشغيل مولد الكهرباء الذى يتم ربطه على شبكة الكهرباء، كما تعمل الوحدة على انتاج الكربون الحيوى الذى يعتبر من أحسن المخصبات الزراعية، حيث انه يحول نحو ٣٠٪ من مدخلات النظام إلى كربون حيوى، مشيرة إلى أنه سيتم تنفيذ المشروع على نطاق أوسع فى باقى محافظات الجمهورية، نظرا لكونه مشروعا صغيرا لايستلزم استثمارات كبيرة.

وفى السياق نفسه، يوضح الدكتور على أبو سنة، مساعد وزير البيئة لإدارة المشروعات، أن النموذج التجريبى للمشروع تم تمويله بدعم من الاتحاد الأوروبى، من خلال توفير التكنولوجيا وتدريب العاملين، وتنفيذ البرامج التوعوية.

ويشير إلى أن المشروع ارشادى بسعة 2.5 طن فى اليوم، وقدرة انتاجية 100 كيلوات فى الساعة من الطاقة الكهربية، كما يهدف إلى توفير تكنولوجيا صديقة للبيئة، تضمن التخلص من المخلفات بشكل آمن.

ويقول أبو سنة إن فكرة المشروع قائمة على «التغويز اللاهوائي»، ويقصد به عملية تفكيك جزئى للمخلفات لتحويلها الى غاز يطلق عليه «سين جاز»، وهو عبارة عن خليط من الهيدروجين وأول أوكسيد الكربون، وهو غاز قوى اذا تم حرقه يخرج مواد سامة، ولذلك فإنه يتم إنتاجه من خلال التفكيك والتفتيت الجزئى للمخلفات وتجفيفها لإنتاج الكهرباء والفحم النباتى (سماد عضوى قوى يستخدم فى تسميد التربة) وهى تقنية جديدة تستخدم لاول مرة فى مصر، حيث إنها عملية لا تحرق المخلفات الصلبة مباشرة، بل تقوم بتكسير الجزيئات مع الحرارة وفصلها فى غياب الهواء، وبعد ذلك يعاد تكوينها لتشكيل الغازات.

ويضيف أن هذه الوحدة الجديدة لها عمر افتراضى، يتراوح مابين عشرين وخمسة وعشرين عاما، وقد صممت لتستخدم خصيصا فى القرى والريف، ومن المفترض ان تعمم فى المرحلة الاولى فى الـ ١٥٠٠ قرية التابعة لبرنامج حياة كريمة، وتستوعب هذه الوحدة نحو اثنين ونصف طن يوميا من المخلفات، وتحولها الى اكثر من ١٠٠ كيلو وات كهرباء فى الساعة، و٣٠ كيلو «سماد عضوى» فى الساعة، اى ما يعادل ٢٥٪ من قيمة المخلفات التى تستقبلها الوحدة، والباقى يحول الى كهرباء، بما يعادل اثنين ونصف ميجاوات فى الساعة فى اليوم.