«الشمام الإسماعيلاوى» محاولات للعودة.. والتحسين الوراثى كلمة السر

«الشمام الإسماعيلاوى» محاولات للعودة.. والتحسين الوراثى كلمة السر

فى وقت من الأوقات كان الشمام الإسماعيلاوى كمثيله من المانجو الإسماعيلاوية، ملء السمع والبصر، وكان موسمه موسم الخير سواء للمزارعين أو المواطنين، حيث كان هناك إقبال كبير على شرائه لحلاوة مذاقه، ولكن منذ بداية التسعينيات من القرن الماضى أصبح «الشمام الإسماعيلاوي» من الذكريات بعد اختفائه تحت هجوم «الكانتلوب» وبعد عملية التهجير وبسبب الحروب تراجع الاهتمام بزراعته، ولكن تجرى الآن محاولات فى مركز البحوث الزراعية لاستعادته مرة أخرى بمحصول ومواصفات جودة عالية، مما يسهم بشكل جيد فى الاقتصاد المصري.


بداية يقول الدكتور محمد عبد السلام رئيس مركز البحوث الزراعية بمعهد بحوث البساتين «قسم بحوث تربية الخضر»: إن الشمام الإسماعيلاوى كان من أشهر محاصيل الخضر فى مصر فى الفترة ما قبل ثمانينيات القرن الماضي، حيث ذاع صيته فى ربوع القطر المصرى بسبب صفاته التى كانت تميزه وأهمها الطعم الجيد ورائحته المحببة، وكذلك حجمه الكبير.


ويشير إلى أن الشمام الإسماعيلاوى انتقل من الصعيد الى صحراء الإسماعيلية، عن طريق عمال حفر قناة السويس الذين كانت جلبتهم الحكومة المصرية من الصعيد لحفر القناة، وبالتالى تم زراعة الشمام فى المناطق المطلة على قناة السويس، واكتسبت محاصيل الخضراوات والفاكهة المنزرعة بالإسماعيلية صفات جودة عالية مميزة، جعلتها تنال إعجاب المستهلك، ويأتى على رأسها المانجو والشمام، والذى تغيرت صفات جودته كثيرا، حينما تمت زراعته بالإسماعيلية، عما كان عليه بالصعيد، وهو ما نطلق عليه نحن مربى النبات، تأثير العوامل البيئية على التركيب الوراثي.


ويوضح أن زراعة الشمام انتقلت على يد مزارعين آخرين فى المناطق الداخلية من الاسماعيلية والذين لم تكن لديهم الخبرة الكافية للحفاظ على صفات الجودة المميزة للشمام، مما كان له أكبر الأثر فى التدهور السريع لهذا المحصول الاقتصادى المهم فى ذلك الوقت ومما زاد من إهمال وتدهور الشمام الإسماعيلاوى هو دخول «هجن القاوون» الشهير بالكانتلوب، إلى الزراعة المصرية وإقبال المزارع المصرى على زراعته لصفاته ومميزاته ومحصوله العالي، وهو الأمر الذى أدى إلى زيادة إهمال الغالبية العظمى من مزارعى الإسماعيلية للشمام وترك زراعته.


ويتميز الشمام باستهلاكه المحدود للمياه، ومقاوم للأمراض تحت الظروف المحلية وأهمها البياض الدقيقى والزغبى وأعفان الجذور ولفحة الساق الصمغية، بالإضافة إلى أنه الشمام قوى النمو وذو مجموع خضرى قوي، يحمل محصولا عاليا، حيث يحمل النبات الواحد فى المتوسط أربع ثمرات بمتوسط وزن أربعة كيلو جرامات للثمرة الواحدة، وهو ما يعنى أن النبات الواحد يحمل حوالى 16 كيلو جراما فى المتوسط، بينما يعطى الكانتلوب محصولا حوالى 6 كيلو جرامات فى المتوسط للنبات الواحد عند أحسن الظروف.


وبدوره يؤكد المهندس كمال فتحى مدير الإرشاد الزراعى بمديرية الزراعة بمحافظة الإسماعيلية، أنه كان للشمام الإسماعيلاوى شهرة واسعة وكان اسما معروفا فى عالم الخضر والفاكهة على مستوى الجمهورية، وكان كبير الحجم وبه نسبة سكريات عالية وذا رائحة مميزة، لكنه بدأ فى الاختفاء فى بداية التسعينيات من القرن الماضي، خاصة بعد ظهور الكانتلوب القادم من العريش، حيث بدأ المزارع فى الجرى وراء الإنتاج الغزير، مثلما يحدث الآن من جرى المزارعين وراء الأصناف الأجنبية فى المانجو على حساب الأصناف المحلية.


ولكن المهندس كمال يؤكد أن هناك مزارعين فى القنطرة غرب، ما زالوا محافظين على سلالة الشمام الإسماعيلاوي، وبدأت البحوث الآن فى استنساخ أصناف دائرية الشكل، بالإضافة إلى شكله الأصل المميز مستطيل الشكل.


وبدوره يضيف ياسر دهشان «مزارع بمنطقة المنايف» أن الشمام الإسماعيلاوى كان شهيرا للغاية وكان يمثل هو والبطيخ، المحصول رقم واحد فى الإسماعيلية فى فترة الستينيات، ويقول: حصل والدى المرحوم الحاج منصور دهشان عام 1964 على جائزة من المهندس إبراهيم شكرى وزير الزراعة فى ذلك الوقت، وذلك لتميز الإنتاج من الشمام والبطيخ بكافة أنواعه سواء الجيزة أو المحيسن أو البعلى أو النمس، وكانت الإسماعيلية مشهورة جدا بهذا الإنتاج.


ويشير إلى أن البطيخة فى ذلك الوقت كانت تزن 12 كيلوجراما ويتم بيعها فى سوق روض الفرج وكانت سيارة الشمام أو البطيخ تباع فى ذلك الوقت بنحو 100 جنيه، وهو مبلغ كبير فى زمن الستينيات، حيث كان يتم زراعة الشمام الإسماعيلاوى على مصاطب وكان البطيخ والشمام فى ذلك الوقت مثل «الأهلى والزمالك» فى المنافسة بينهما.


ويلفت إلى أن الشمام الإسماعيلاوى كان يطلق عليه «الشمام المانجو» وذلك لرائحته المميزة ومذاقه شديد الحلاوة وكنت تشعر بهذا المذاق قبل تناوله، وكانت له سوق كبيرة وكان معروفا فى سوق روض الفرج، وكان هناك أناس من علية القوم يأتون للبحث عنه خصيصا، لكن ذلك حتى 5 سنوات ماضية.


وإلى الآن ما زال هناك من يسأل عنه، ولكنه اختفى أمام الكانتلوب، وبسبب قلة العمالة الزراعية وتراجع جودة مستلزمات الإنتاج وارتفاع تكلفتها.