برغم التحذيرات الإعلامية من موجة التضخم العالمية، فإن السوق المحلية شهدت تراجعاً ملحوظاً فى أسعار الخضراوات والفاكهة والدواجن الحية وبيض المائدة، ووصل الانخفاض فى الأسعار إلى نحو ٤٥٪، كما انخفضت أسعار عدد من السلع الإستراتيجية مثل الحديد والألومنيوم والاسمنت، مما يسهم فى تخفيض حدة وتبعات هذه الموجة على المواطن المصرى وزيادة الانتاجية.
الانخفاضات السعرية جاءت بفضل الجهود الحكومية لتنظيم الاسواق ومراجعة قوائم السلع التى تفرض عليها رسوم إغراق لحماية الإنتاج المحلى لزيادة قدرته على المنافسة المحلية والعالمية والتوسع فى منافذ التسويق. تحقيقات «الأهرام» استطلعت آراء عدد من المنتجين والمسئولين عن حركة التجارة فى الأسواق وكيفية تخفيض الأسعار.
الدواجن وبيض المائدة
بداية، يؤكد عبدالعزيز السيد رئيس شعبة تجار الدواجن أن سعر كيلو الدواجن فى المزرعة بـ ٢٣ جنيها للكيلو لتباع للمستهلك بـ ٢٧ جنيها بعد أن وصل السعر الأسبوع الماضى إلى ٣٠ جنيها، بينما بيض المائدة بلغ سعره فى الجملة ٣٦ جنيها ليباع بـ ٤٢ جنيها للطبق بعدما وصل سعره قبل دخول المدارس بأسبوعين إلى ٦٠ جنيها للكرتونة، مشيراً إلى أن هذه الفترة شهدت انتاجية عالية من البيض والدواجن فانخفضت الأسعار بالرغم من ارتفاع أسعار الأعلاف عالميا إلى ٨٨٠ جنيها للطن، مطالباً بأن تساند الحكومة أصحاب المزارع خلال شهرى يناير وفبراير، حيث ترتفع نسب النفوق بين قطعان الدواجن بسبب انتشار الفيروسات والحاجة الى معدلات تدفئة عالية فى العنابر.
ويقول إن الشعب التجارية تحرص على افتتاح منافذ تسويقية على مستوى المحافظات لتسويق جميع المنتجات الغذائية لمحاربة الاحتكار وجشع التجار، محذرا من تكالب المواطنين على تخزين السلع الغذائية لان ذلك يدفع التجار المحتكرين إلى رفع أسعار السلع.
الخضر والفاكهة
وعلى صعيد أسواق الخضر والفاكهة، يقول حاتم نجيب نائب رئيس الشعبة العامة لتجار الخضر والفاكهة باتحاد الغرف التجارية إن نسبة الانخفاض فى الأسعار فى هذا القطاع وصلت إلى أكثر من ٤٠٪، وعلى سبيل المثال انخفض سعر الطماطم للمستهلك من ١٠ جنيهات إلى ٢٫٥ جنيه للكيلو لأن العروة الشتوية غزت الأسواق حالياً، أما البطاطس فقد انخفضت أسعارها للمستهلك من ١٢ جنيها إلى ٧ جنيهات للكيلو، وهاتان السلعتان استراتيجيتان للمستهلك لايستغنى عنهما فى المطبخ، وقد غزت أسواق الجملة فى المحافظات والقاهرة الكبرى كميات كبيرة من الطماطم والبطاطس من الوجهين القبلى والبحري، ثم تأتى الفاصوليا والبسلة الخضراء فى المرتبة الثالثة التى تحظى بإقبال من المستهلك، حيث انخفضت أسعارهما على التوالى إلي٧ و ٨ جنيهات للكيلو للمستهلك، بعد أن وصلت الاسعار الى ١٥ جنيها، وانخفض الباذنجان الرومى إلى ٥ جنيهات للكيلو، بعد أن وصل الى ثمانية جنيهات، والكوسة من عشرة جنيهات إلى ٨ جنيهات للكيلو للمستهلك.
ويرجع نجيب أسباب هذا التراجع فى الأسعار إلى التوسع فى استخدام زراعات الصوب البلاستيكية ونظم الرى الحديثة التى تعلمها المزارعون، حيث تعطى إنتاجية ٤ مرات من الزراعة التقليدية، إضافة الى التوسع آفقياً ورأسياً فى الزراعة وعودة نظام المرشد الزراعي، الذى يتواجد بين الفلاحين فى المزارع، مما ساهم فى تخفيض التكلفة الكلية للفدان الواحد.
وبالنسبة لأسواق الفاكهة، فيؤكد نجيب أن أسواق الجملة تتلقى مئات الأطنان من البرتقال والرومان من المحافظات، حيث انخفضت أسعار الرومان من عشرة جنيهات إلى ٧ جنيهات للكيلو للمستهلك، بينما البرتقال انخفض من ٨ جنيهات للكيلو إلى ٥ جنيهات نتيجة تدفق كميات كبيرة من الانتاج على الأسواق.
ويطالب نائب رئيس الشعبة العامة لتجار الخضر والفاكهة الحكومة باستمرار مسيرة تطوير الأسواق العشوائية لأنها مرتع للسلع المقلدة، وبعض التجار يمارسون فيها كل ألوان الغش والاحتكار، والضحية هو المستهلك، ويتهرب هؤلاء من سداد الرسوم المقررة إلى الدولة.
وتوقع أحمد الشربينى رئيس جمعية منتجى البطاطس أن تشهد أسواق الجملة غزو كميات كبيرة من الانتاج من المنيا والبحيرة والإسكندرية، مما يسهم فى تخفيض أسعارها فى أسواق الجملة والمستهلكين، محذراً من تدنى أسعارها لأقل من ٥ جنيهات، حتى لا يحجم الفلاحون عن زراعتها لأن تكلفة الفدان ارتفعت هذا العام ٢٥ ألف جنيه لتصل الى ٧٥ ألف جنيه، بسبب ارتفاع أسعار الأسمدة والبذور والمبيدات. ويطالب الشربينى بأن تتوسع الدولة فى تطبيق نظام المرشد الزراعى وتوفر الأسمدة بأسعار مناسبة فى أوقات الزراعة للمحاصيل حتى لايلجأ الفلاح الى شراء السماد من السوق السوداء.
٦٠ منفذاً تسويقياً فى الجيزة
ويؤكد يحيى كاسب رئيس شعبة المواد الغذائية فى غرفة تجارة الجيزة أنه تقرر إنشاء منافذ للشعبة فى جميع أنحاء المحافظة لبيع المنتجات الغذائية بسعر الجملة للمستهلك للحفاظ على أسعارها حتى لايستغلها المحتكرون، وأن الشعبة اتفقت مع اكثر من مورد لتوريد المنتجات الغذائية بسعر الجملة.
ويوضح أنه تقدم إلى المحافظ بطلب لإنشاء ٦٠ منفذا ًلبيع هذه المنتجات بأسعار مخفضة بنسبة تصل إلى ٣٠٪، وتطرح فيها اللحوم البلدية بسعر ١٢٠ جنيها للكيلو، والأرز بعشرة جنيهات للكيلو، وكرتونة البيض بـ ٣٥ جنيها.
ومن جهته، يشير محمد شكرى رئيس غرفة الصناعات الغذائية الاسبق إلى أن منظمة الفاو للأغذية والزراعة اعلنت عن زيادات جديدة فى اسعار السكر والمحاصيل الزيتية والأرز نتيجة تراجع هذه المحاصيل عالمياً، إلا أن وزير التموين طمأن الصناع بتوافر كميات كبيرة من هذه المنتجات، وأن الوزارة تحاول أن تمتص هذه الزيادات لتكون هامشية لايشعر بها المواطن خاصة من السكر والقمح، مشيراً إلى أن المصانع أخذت عهداً على نفسها بزيادات ضئيلة للغاية اذا اضطرتها الظروف الى ذلك، وأن المصانع تورد مباشرة الى المنافذ التسويقية بسعر الجملة للقضاء على الحلقات الوسيطة التى ترفع الأسعار.
القمح والسكر
ووضعت وزارة الزراعة خطة استراتيجية لزيادة المساحات المزروعة بالانتاج الزراعي، كما يقول د.سعد نصار مستشار وزير الزراعة واستصلاح الاراضي، حيث زادت الوزارة أسعار توريد القمح فى الموسم المقبل ١٠٠ جنيه للأردب الواحد، وكلفت المركز القومى للبحوث الزراعية لانتاج أنواع من التقاوى تعطى انتاجية مرتفعة ليصل السعر ٨٢٥ جنيها للأردب الواحد مقابل ٧٢٥ جنيها العام الماضي.
ويتابع: توسعت الوزارة فى زراعة محصول سكر البنجر فى المناطق الجديدة مثل مشروع غرب المنيا ومحور الضبعة لسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك فى السكر حتى نحافظ على اسعاره فى السوق المحلية، كما أبدت الحكومة اهتماماً كبيراً بمحصول القطن، ووصل سعر القنطار لاول مرة الى ٥ آلاف جنيه لارتفاع اسعاره عالميا وزيادة الإقبال عليه محلياً بعد تحديث المصانع المنتجة للغزول، فى إطار المشروع القومى للنهوض بهذه الصناعة.
ويضيف أن الوزارة حرصت على زيادة المخصصات المالية لمشروع البتلو لتصل إلى ٦ مليارات جنيه يستفيد منه ٣٦ ألفا و٦٠٠ مزارع بحجم ٤٠٥ آلاف رأس ماشية، لتقليل الفجوة بين الاستهلاك والإنتاج المحلي، وكذا زيادة حجم الإنتاج الداجنى إلى ١،٤ مليون دجاجة سنوياً و١٤ مليار بيضة للحفاظ على اسعار البروتين الأبيض والاكتفاء الذاتي.
تراجع الحديد والاسمنت والألومنيوم
على رأس السلع الاستراتيجية التى شهدت انخفاضاً ملحوظاً، حديد التسليح، بعد أصدرت نيفين جامع وزيرة الصناعة والتجارة الخارجية قراراً بإيقاف القرار رقم ٩٠٧ لسنة ٢٠١٩ الخاص بفرض رسم إغراق على واردات البليت بنسبة ١٦٪، وأن هذا الرسم بعد أن تم إلغاؤه خفض اسعار طن الحديد فى الاسواق إلى ١٥ ألفا و٣٠٠ جنيه للطن الواحد بدلاً من ١٦ ألفا، كما يقول أحمد الزينى رئيس شعبة تجارة مواد البناء، مشيراً إلى أن قرار وزيرة الصناعة ينعش ٢٢ مصنعاً تعمل فى مجال الدرفلة، مما يسهم فى تخفيض أسعار الوحدات السكنية لأن نسبة تكلفة مكون الحديد فى بناء الوحدة العقارية تصل الى ٦٪. ويضيف أن أسعار البليت ارتفعت عالمياً وأصبح سعره يقترب من سعر إنتاجه محلياً، مما دفع د . نيفين جامع الى إلغاء قرار فرض رسم إغراق لحماية ٤ مصانع كبرى تنتج البليت والحديد بدورة متكاملة. ويؤكد محمد حنفى مدير عام غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات أن قرار إلغاء رسم الوارد على البليت جاء فى إطار ارتفاع الاسعار عالمياً، بعد أن وصل سعر الطن الى ٧٢٠ دولارا للطن، إضافة إلى أن الطلب على الحديد ضعيف، مما يعنى أنه لن تكون هناك زيادات أخرى مستقبلاً، لكن هذا القرار ينشط مصانع الدرفلة فى السوق المحلية وتعاود المصانع التشغيل بكامل طاقتها.
أما أسعار الاسمنت فقد انخفضت بواقع ٥٠ جنيها فقط فى الطن الواحد، بسبب ارتفاع أسعار الفحم والغاز عالمياً، حيث كان يباع طن الأسمنت بـ ١١٠٠ جنيه وتراجع إلي١٠٥٠ جنيها.
ويأتى بعد الحديد والأسمنت، معدن الألومنيوم ومنتجاته التى انخفضت أيضاً نتيجة إلغاء وزيرة الصناعة رسم الوارد على استيراد الالومنيوم بموجب القرار رقم ١٦٨ لسنة ٢٠٢1 بعد ارتفاع اسعار البترول عالمياً لكن الأسعار تتجه الآن إلى التراجع مرة أخرى بعد تفشى متحور كورونا واتجاه عدد من الدول الى إغلاق حدودها.