بعد أكثر من خمسة أشهر على اندلاع الحرب، أعلنت تركيا وأوكرانيا أمس أن أول شحنة حبوب أوكرانية غادرت ميناء أوديسا الأوكرانى متجهة إلى مرفأ طرابلس فى لبنان، وذلك بموجب اتفاق اسطنبول لاستئناف تصدير الحبوب من موانيء البحر الأسود بهدف التخفيف من وطأة الأزمة الغذائية العالمية التى أدت إلى ارتفاع أسعار صاروخى بأفقر دول العالم.
وكتب أولكسندر كوبراكوف ،وزير البنية التحتية الأوكرانى، على تويتر :«غادرت أول سفينة حبوب منذ العدوان الروسى الميناء بفضل دعم جميع الدول الشريكة لنا والأمم المتحدة، تمكنا من التنفيذ الكامل للاتفاق الموقع فى إسطنبول». وفى بيان على فيسبوك كتب الوزير : «اليوم، تتخذ أوكرانيا مع شركائها خطوة أخرى نحو منع الجوع فى العالم»، وأضاف أن ١٦ سفينة أخرى تنتظر بالفعل فى موانئ البحر الأسود وقت مغادرتها.
وتابع أنه من خلال إعادة تشغيل ثلاثة موانئ، يمكن لأوكرانيا كسب أكثر من مليار دولار، مما سوف يتيح التخطيط فى القطاع الزراعى.
من جانبها، أوضحت وزارة الدفاع التركية أن السفينة «رازونى» المحملة بالذرة، والتى تبحر تحت علم سيراليون، غادرت ميناء أوديسا باتجاه مرفأ طرابلس فى لبنان. وينتظر أن تصل إلى إسطنبول اليوم الثلاثاء الموافق الثانى من أغسطس، وستواصل طريقها إلى وجهتها إثر عمليات تفتيش ستتم فى إسطنبول.
وقال وزير الدفاع التركى خلوصى أكار إنه من المتوقع أن ترسو السفينة «رازوني» بعد ظهر اليوم فى إسطنبول عند مدخل البوسفور، حيث ستصعد فرق مشتركة من المسئولين الروس والأوكرانيين والأتراك والأمم المتحدة لتفتيشها. وفى مقابلة مع وكالة الأناضول التركية الحكومية، حذر أكار من أن أزمة الغذاء العالمية تهدد بإطلاق «موجة هجرة خطيرة من إفريقيا إلى أوروبا وتركيا».
ويشهد تنفيذ الاتفاق تقدما تدريجيا حتى الآن، وذلك مع افتتاح مركز فى إسطنبول الأسبوع الماضى لمراقبة تصدير الحبوب. ويضم ممثلين من أوكرانيا وروسيا والأمم المتحدة وتركيا.
ويسجل المركز السفن التجارية المشاركة فى نقل الحبوب ويتتبعها عبر الإنترنت والأقمار الاصطناعية ويشرف على تفتيشها لدى تحميلها فى الموانئ الأوكرانية ولدى وصولها إلى المرافئ التركية.
وأوضح مسئولون بالرئاسة الأوكرانية أن هناك ١٧ سفينة رست فى موانئ أوكرانيا المطلة على البحر الأسود وعلى متنها ما يقرب من ٥٠٠ ألف طن من البضائع.
وأضافوا أن من بينها ١٦ سفينة تحمل حبوبا أوكرانية بحمولة إجمالية تبلغ حوالى ٥٨٠ ألف طن. وتوقفت شحنات أوكرانيا عبر البحر منذ العملية العسكرية الروسية فى فبراير الماضى مما أدى إلى ارتفاع الأسعار العالمية للحبوب وزيوت الطعام والوقود والأسمدة.
ونفت موسكو مسئوليتها عن أزمة الغذاء، وألقت باللوم على العقوبات الغربية فى تباطؤ الصادرات وعلى أوكرانيا لتلغيم مياه الموانئ.
وفى إطار ردود الفعل على تلك الخطوة، رحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش «بحرارة» بمغادرة أول سفينة تحمل شحنة من الحبوب الأوكرانية.
وأشار بيان صادر عن المنظمة الدولية إلى أن «الأمين العام يأمل فى أن تكون هذه الشحنة هى الأولى من بين العديد من الشحنات التى ستحملها السفن التجارية بموجب الاتفاقية الموقّعة، وأن تحقق الاستقرار والمساعدة الضروريَين للأمن الغذائى العالمى، خصوصاً فى ظل الظروف الإنسانية الهشة جدا».
ورحب الاتحاد الأوروبى وحلف الناتو بخروج شحنة الحبوب كخطوة أولى نحو تخفيف أزمة الغذاء. وفى سياق متصل، يعتزم برنامج الغذاء العالمى شراء وتحميل وشحن ٣٠ ألف طن من القمح من أوكرانيا، على متن سفينة مستأجرة تابعة للأمم المتحدة، بحسب ما قاله المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة.
وأفادت وكالة «بلومبرج» للأنباء بأن الإجراء يأتى «تماشيا مع الروح الإنسانية» للمبادرة بغرض السماح للسفن بالإبحار من الموانئ الأوكرانية. وفى موسكو، قال دميترى بيسكوف المتحدث باسم الكرملين للصحفيين إنه «بالنسبة لمغادرة أول سفينة، فهذا إيجابى جدا. فرصة جيدة لاختبار فعالية الآليات التى تم الاتفاق عليها خلال المحادثات فى إسطنبول». ومن جانبه، أكد وزير الخارجية الأوكرانى ديميترى كوليبا أن استئناف تصدير الحبوب الأوكرانية يشكل «انفراجاً للعالم».
وكتب الوزير الأوكرانى فى تغريدة، «إنه يوم انفراج بالنسبة للعالم، وخصوصاً بالنسبة لأصدقائنا فى الشرق الأوسط وآسيا وإفريقيا، بينما تغادر الحبوب الأوكرانية للمرة الأولى أوديسا بعد أشهر من الحصار الروسي». وأضاف «لطالما كانت أوكرانيا شريكاً يمكن الاعتماد عليه وستبقى كذلك إذا احترمت روسيا التزاماتها فى الاتفاق».