يقول الدكتور صلاح المصيلحى، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للثروة السمكية، إن سمكة القراض هى أكثر أنواع الأسماك خطورة ، حيث تعد سمومها أكثر السموم فتكًا وقدرة على القتل فى ثوان. وانتشرت هذه السمكة على طول البحر المتوسط، مما أدى إلى آثار سلبية على المصايد، وبلغ عدد أنواعها ٩ أنواع على الأقل، منها أربعة أنواع تهاجر من البحر الأحمر إلى المتوسط كغزو، وهو ما يمثل تحديًا خطيرًا على النظام البيئى وعلى صحة المستهلكين.
ويؤكد «المصيلحى» أن جهاز حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية ــ كجهة اختصاص ــ بالتنسيق مع الجهات المختصة، ومن منطلق الحفاظ على ثروات الوطن وحسن استغلالها، أصدر عددا من القرارات تمنع صيد «القراض» وتداولها، كما قام الجهاز بنشر تعليمات للتوعية على الموقع الرسمى له والمناطق المختصة بالإضافة الى التنسيق مع الجهات العلمية المعنية بالأمر بالاشتراك مع كليات الطب البيطرى.
ويتفق الدكتور محمود محروس فراج، أستاذ مساعد علوم البحار والأسماك بكلية العلوم جامعة الأزهر بأسيوط، مع رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للثروة السمكية، فى مدى خطورة سمكة القراض، حتى لو توقف الضرر على انتشارها وكثرتها وأحجامها وأنواعها و تأثيرها على البيئة والصحة العامة أو التعرض المباشر منها للبشر أو العكس. ويقول: «انتشار القراض تخطى كل التوقعات من حيث الانتشار والتعرض المباشر للبيئة والصحة العامة؛ فهى الأكثر والأسرع انتشارًا فى البحر المتوسط وبكميات وأحجام كبيرة، رغم سميتها التى تزداد معدلاتها نتيجة الانتشار. ويستطرد قائلًا: «هذا الانتشار جعلها عرضة للصيد غير القانونى وبيعها فى الأسواق بأشكال مختلفة، والأغلب أنها تباع معبأة فى صورة أسماك مخلية، ويوجد الكثير من الأحاديث والقصص عن هذه الأسماك منها ما هو صحيح ومنها ما هو خاطئ يحتاج إلى توضيح وتوعية للحفاظ على البيئة والصحة العامة والوقوف على بعض الحقائق العلمية نتيجة للأبحاث والواقع». ويوضح «فراج» أن أسماك القراض والمعروفة أيضًا بـ«النفيخ» أو «البالون» من الأسماك العظمية التابعة لفصيلة رباعية الأسنان، ذات فكين علوى وسفلى ويحتوى كل فك على عدد (٢) أسنان، وكلا الفكين يشبه الأرنب، ومن هنا يرجع تسميتها بهذا الاسم، وأغلب انتشارها فى الأماكن الدافئة مثل المحيط الهندى والبحر الأحمر، ولكن فى الآونة الأخيرة انتشرت فى «المتوسط» نتيجة لهجرتها، وتوجد أنواع أخرى تقطن المياه العذبة. ويشير «فراج» إلى أن الفكوك القوية لهذه الأسماك تمنحها قوة فى تأثيرات بيئية شديدة واجتماعية، حيث تقوم بإلحاق الضرر بمعدات الصيد والأسماك الموجودة بها، بالإضافة إلى احتوائها على سم «التيترودوتوكسين» الذى له تأثيرات صحية سلبية على من يتناولها، ومن هنا أصبح انتشارها قضية بيئية واقتصادية وصحية تهم العلماء وكثيرا من المسئولين. ويؤكد أن سم «التيترودوتوكسين» قادر على إحداث تأثيرات سلبية على أى مفترس لها، بل يتعدى إلى من يأكلها من البشر بشتى الطرق، حيث تم تسجيل الكثير من الحالات المرضية حول العالم نتيجة تناولها، وكانت الأعراض مختلفة منها تخدير وتنميل بالأطراف، وزيادة ضربات القلب، وإجهاد وقىء، وضعف بعضلة الحجاب الحاجز وضيق فى التنفس، وقد تصل بعض الحالات إلى الوفاة. ويلفت «فراج» إلى أن السُمية فى السمكة الواحدة تختلف من مكان إلى أخر، ومن عضو إلى آخر، بل من موسم إلى آخر، كما أنها تعتمد على حالة المريض وعلى القدر المأكول وسرعة العلاج، وبحسب الدراسات العلمية فإن السموم تنتشر فى جسم السمكة، وأكثرها تكون فى الكبد والجلد، كما يوجد فى العضلات القابلة للأكل على عكس الاعتقاد السائد، وبعض التجار يروجون كذبًا أن طرق الوقاية من السم تكمن فى التنظيف الجيد. ويحذر «فراج» من زيادة انتشار الأسماك فى الآونة الأخيرة بشكل كبير على طول الساحل المصرى وأعماق مختلفة، مما يتطلب الاهتمام بدراستها ومعرفة أنواعها.
وقام الباحثون بدراسة «القراض» الموجودة بنهر النيل وبحيرة ناصر والبحرين الأحمر والمتوسط، وجاءت الموجودة فى «المتوسط» فى المرتبة الأولى من حيث الأضرار البيئية والصحية، ويرجع ذلك لانتشارها السريع، وقد تم تسجيل الكثير من حالات التسمم على طول ساحل البحر المتوسط، وأصبح لها نصيب معروف وسمعة سيئة داخل أقسام السموم فى المستشفيات.
كما يحذر «فراج» من ضعف الرقابة وعدم وعى الصيادين والمستهلكين حيال خطر تداول «القراض» وتناولها، مشيرا الى وجود معلومات وترويجات خاطئة بعدم وجود السم فى لحومها فى حالة تنظيفها بطريقة معينة هو السبب فى انتشارها، وقال» الدليل على ذلك أن من يتاجرون فيها بشكل غير قانونى لا يتناولونها خوفاً منها.
ويكشف «فراج» أن أعراض التسمم نتيجة تناولها، تتضمن الضعف، الإسهال، الألم فى المفاصل، الشعور برعشة غير مستحبة فى كف اليد أو قاع القدم عند ملامسة الأشياء الباردة، الارتباك فى التمييز بين الاشياء الساخنة والباردة، وقد ينتج غثيان وقىء وارتعاش وتنميل فى الشفاه والحلق، وفى المراحل المتأخرة قد يسبب الشلل والذبحة الصدرية وربما الموت، موضحًا أن السمكة الواحدة تكفى لقتل ٢٠ شخصا.
ومن جانبه؛ يفجر الدكتور محمد موسى، أستاذ الرقابة على الأغذية ورئيس قسم مراقبة الأغذية ووكيل شئون تعليم الطلاب بكلية الطب البيطرى جامعة الإسكندرية، قضية وهى أن سمكة القراض شائعة بشرق آسيا، وسكانها هناك يجيدون التعامل معها فى أسلوب تجويفها وطهيها، ولكن عادات المصريين تختلف فى طهى الأسماك، وخاصة عندما يكون السمك صغير الحجم. ويؤكد «موسى» أن سمك القراض من الأسماك الخطرة المميتة للأفراد والأسرة كاملة، وخاصة إذا انفجرت الغدة السامة فأصبحت بذلك السمكة كاملة مميتة، فالمشكلة الحقيقية فى المادة السامة، لكونها سريعة المفعول ومن الممكن أن تقضى على المستهلك قبل أن ينتهى من وجبة الطعام.
وحول الدور الرقابي؛ يطالب «موسى» الرقابة على الأسواق والقيام بتحريز الأسماك المضبوطة وتحرير محاضر بها، بالإضافة إلى التوعية وإقامة ندوات للصيادين لتوضيح مدى خطورتها ، مستنكرًا قيام بعض ممن ليس لديهم ضمير باصطياد السمكة وطرحها فى الأسواق، مشددًا على أنه من يظهر عليه أعراض التسمم عليه شرب كمية كبيرة من اللبن والتوجه فورا للمستشفى ومراكز السموم.