قال الدكتور حاتم الرومى رئيس مجلس إدارة مجموعة تربل إم للطاقة ، عضو مجلس إدارة مركز بحوث الطاقة الجديدة والمتجددة بجامعة المنوفية ، النائب الأول لشعبة الطاقة المستدامة بالغرفة التجارية بالقاهرة، رئيس لجنة الطاقة بمجلس علماء مصر ، أن المزرعة البحثية ريف ، التابعة للمجموعة، تهدف إلى خلق مجتمع بيئي نظيف متكامل متجانس مكتفي ذاتيا متطور ، و ذلك من أجل تحقيق مستقبل أفضل للأجيال القادمة من خلال الحفاظ على البيئة واستغلال مصادرها للإنتاج.
و أوضح خلال تصريحات خاصة ل ” العالم اليوم ” ، أنه تم التعاقد على تشغيل أول مزرعة أسماك بالهيدروجين الاخضر على مستوى الشرق الأوسط بحجم استثمارات يبلغ 92 ألف يورو ، و ذلك من خلال مزرعتى ريف و بحر البقر .
و اضاف فى حواره على هامش الجولة التى قامت بها “العالم اليوم” فى المزرعة البحثية ريف ، أنه يتم من خلال المزرعة إقامة مشاريع الطاقات المتجددة البحثية باختلاف أنواعها ، حيث حرصت المزرعة على توافر أكبر عدد من الباحثين فى مختلف أنواع الطاقات الجديدة والمتجددة، مشيرا إلى أن المزرعة لا ترد طالب علم.
و أوضح ان العمل مازال مستمر من خلال المزرعة التى تقدم نموذج بيئي ونظام متكامل متجانس يعمل بكفاءة ويمكن الاعتماد عليه.
وأكد الرومي أنه يتم ايضا إنتاج الهيدروجين الأخضر بمشروعات المزرعة لتوفير الطاقة اللازمة لعملية الإنتاج.
كما أشار إلى أن المزرعة تتضمن محطة لتحلية المياه وهي محطة لتحويل مياه الآبار المالحة إلى مياه عذبة صالحة للاستخدام ، وكذلك محطة لإنتاج الطاقة الشمسية قدرتها 40 كيلووات ومحطة بيوجاز لإنتاج الغاز “من 80 – 100 م3 ” “تستخدم كسماد” كما أن المباني المقامة بالمزرعة مصممة بنظام العمارة البيئية.
و حول أهم المشروعات البحثية المستخدمة لأنظمة الطاقة النظيفة بالمزرعة و كيفية تحقيق التنمية الاقتصادية و حجم الاستثمارات المتوقع من خلالها …كان لنا هذا الحوار مع د.حاتم الرومى
إلى نص الحوار..
• فى البداية .. وضح لنا كيف تقوم المزرعة البحثية بالكامل على استخدام الطاقة المتجددة النظيفة؟
تقع المزرعة البحثية ريف التابعة لشركة تربل إم على مساحة 16 فدان بأبو صوير بمحافظة الإسماعيلية بجمهورية مصر العربية.
تستخدم المزرعة أنواع مختلفة من الطاقة الجديدة والمتجددة ، وصولا لنظام متكامل قائم على الطاقة المتجددة ، و هي الطاقة المشتقة من الموارد الطبيعية للأرض غير المحدودة أو المستنفدة ، مثل الرياح وأشعة الشمس. (الأنواع المتوفرة في المزرعة هي: نظام الطاقة الشمسية الكهروضوئية ، والنظام الهجين ، والمضخة الشمسية ، ووحدة تقطير المياه ، وتوربينات الرياح ، ووحدات الغاز الحيوي ، والمركبات الكهربائية)
• ماهو الهدف من إنشاء المزرعة البحثية العضوية؟
هدفنا هو إنشاء مجتمع متكامل بيئي معتمدا على ذاته منتجا لكافة إحتياجاته من الطاقة عن طريق تنويع مصادر إنتاج الكهرباء من( طاقة شمسية وطاقة رياح وبايوجاز) ، والغذاء بتنويع المحاصيل وكذا تنويع الإنتاج الحيواني من ( طيور ومواشي وأسماك ) والماء عن طريق تحلية مياه الأبار بإستخدام محطات تحلية المياه اللتي تعمل بالطاقة الشمسية .
• كيف يتم استخدام مخلفات المزرعة البحثية فى توليد الطاقة النظيفة؟
يتم استخدام المخلفات جميعها حتى روث المواشي لتحويل المخلفات إلى غاز حيوي من خلال محطة لإنتاج البيوجاز بطاقة “80-100 م3” حيث يتم تجميع المخلفات لإنتاج البيوجاز، وما ينتج من هذه العملية يُستخدم كسماد، ويوجد بالمزرعة أيضا محطة لتحلية المياه وتحويل مياه الآبار المالحة إلى مياه عذبة صالحة للاستخدام .
• هل تم التعاقد على تنفيذ مشروعات نموذجية بإستخدام الهيدروجين الأخضر ؟ و كم يبلغ حجم استثماراتها ؟
تم التعاقد مؤخرا مع سفيرة النرويج فى القاهرة بالتعاون مع المركز الدولي للأسماك لتشغيل أول مزرعة أسماك بالهيدروجين الاخضر ، حيث سيتم استخدام الأكسجين للأسماك والهيدروجين لتخزين الطاقة وانتاجها .
وهي تعد أول منظومه في الشرق الاوسط تعمل في المزارع السمكية كأول تطبيق على نطاق صغير لاستخدام الهيدروجين الاخضر ، و يتم ذلك فى مزرعتى ريف و بحر البقر كنموذج يركز على استخدام الهيدروجين الاخضر والبايوجاز لتشغيل مزارع كاملة.
و من المقرر أن يبدأ تدريب الشباب على هذه المزارع في المناطق المعزوله.
و يتم تمويل المشروعين من خلال السفارة النرويجية بالقاهرة بحجم استثمارات يبلغ 92 ألف يورو.
• وضح لنا آلية استخدام الهيدروجين الأخضر بالنسبة للسيارات و مدى أفضليتها مقارنة بالبنزين ؟
ان انتاج واحد كيلوجرام من الهيدروجين يحتاج 57 كيلووات ساعة بتكلفة تبلغ حوالى 80 جنيها .
كما ان إنتاج واحد كيلوجرام من الهيدروجين يستطيع أن يكفى لسير سيارة لمسافة تصل إلى 200 كيلومتر ، بينما قطع مسافة 200 كيلومتر يحتاج إلى حوالى 16 لتر بنزين ، و 16 لتر بنزين تبلغ تكلفته حوالى 190 جنيها ، و هذا يعنى أن،
80 جنيه = 1 كيلوجرام هيدروجين = 16 لتر بنزين = 190
جنيها .
• وماذا عن حجم كمية الهيدروجين المنتجة مقارنة بالكمية المستهلكة من المياه ؟
ينتج الهيدروجين من التحليل الكهربى للمياه باستخدام طاقة كهربية ، ثم يعاد دمج الهيدروجين و الأوكسجين لإنتاج الطاقة .
لذلك يعد الهيدروجين وسيلة لتخزين الطاقة مثل البطاريات .
اما عن استهلاك الماء نجد أن:
انتاج 1 كجم من الهيدروجين يحتاج الى 10 لتر من المياه ، علما بأن 1 كجم من الهيدروجين يكافئ 16 لتر من البنزين ، و هذا يعنى أن
10 لتر مياه = 1كجم هيدروجين = 16 لتر بنزين .
• ماهى أهم المشروعات البحثية المستخدمة للطاقة النظيفة و الجارى تطبيقها بالمزرعة الآن ؟ و ما مدى جدواها اقتصاديا؟
تستضيف مزرعة ريف البحثية عدد من الأبحاث، أهمها ثلاثة أبحاث تستخدم الطاقة النظيفة .
اولها هو مشروع تحويل مخلفات الزيتون بالتسخين بالطاقة الشمسية لاستخراج غاز الميثان ثم استخدامه ايضا في التسخين ويستخرج منه الديزل المستخدم في تشغيل الجرارات على سبيل المثال، وما تبقى من مخلفات يتم إعاده استخدامها في تسميد الأرض.
أما المشروع الثاني فهو خاص بتحويل الطينه الصفراء لفوسفات احادي وثلاثي للتصدير.
و فيما يخص المشروع الثالث، فهو استخدام مياه الصرف الصحى بعد معالجتها في الزراعة ، و هو ماسيوفر هدر الماء بالإضافة إلى التأكد من أنه أمن على الصحة بنسبة 100% ، و أؤكد أن جميع المشروعات الجارى تطبيقها لأبحاث تطبيقية حققت نتائج متميزة على أرض الواقع .
• كيف ترى أهمية العمارة البيئية كنموذج مطبق فى المزرعة البحثية؟
نقوم فى المزرعة بتطبيق معايير العمارة البيئية طبقا لاستيراتيجية مصر للتنمية المستدامة ، حيث تركز رؤية مصر 2030 على الارتقاء بجودة حياة المواطن المصري وتحسين مستوى معيشته في مختلف نواحي الحياة.
و من أهم المعايير التي تتعلق بـ العمارة البيئية هو عنصر كفاءة الطاقة، ونعني بهذا المعيار على وجه الخصوص استخدام كافة عناصر الطاقة المتجددة ومن أهم تلك العناصر الرياح بالإضافة إلى الطاقة الشمسية أو الإضاءة الطبيعية، ويتم استخدام تلك المصادر في الكثير من الوظائف ومن أهم تلك الوظائف التدفئة بالإضافة إلى التهوية.
المعيار الثاني من المعايير الخاصة بـ العمارة المستدامة – هو كفاءة استخدام المياه، فمن خلال العمارة الخضراء يتم التركيز بشكل أساسي على ترشيد استخدام المياه وتقليل الاستهلاك الخاص بها، ومن خلال العمارة البيئية كذلك يتم إعادة تدوير المياه وتنقيتها مرةً أخرى واستخدامها في بناء المباني الخضراء.
المعيار الثالث الذي يتعلق بـ العمارة الخضراء هو كفاءة استخدام الأراضي، ينبغي أن نهتم بشكل أساسي باستغلال كل جزء في تلك الأراضي، حيث يمكن تخصيص جزء من الأرض وجعله مخصصًا لحديقة المنزل ويمكن أن يتم تخصيص جزء آخر لإضافة المظاهر الطبيعية به.
المعيار الرابع الخاص بـ العمارة البيئية هو كفاءة المواد المستخدمة في البناء، يقوم المختصون في تصميم المباني الخضراء باختيار مواد تحافظ على الطاقة أثناء البناء، إضافة إلى عمل تصميم يعتمد على استخدام المواد الصديقة للبيئة.
و من أهم المعايير الخاصة بـ العمارة الخضراء هو الاهتمام بالحفاظ على الخصائص الطبيعية، فمن خلال هذا النوع من أنواع العمارة يحاول من يقوم بالتصميم أن يتجنب تمامًا أي تلفٍ قد يحدث في الأنظمة الطبيعية أو البيئية المحيطة بتلك المباني، لذلك ظهر مؤخرًا ما يسمى بالتصميمات الخضراء، وتم ابتكار تلك التصميمات بالتحديد للحد تمامًا من أي آثارٍ ضارة بالبيئة.
و بالتأكيد تساعد المساحات الخضراء على جعل صحة الأفراد أفضل؛ لذلك فإن استخدام النباتات في المباني الخضراء أو التقنيات الحديثة المسماة العمارة البيئية أو العمارة الخضراء تساعد على جعل الأشخاص بصحةٍ أفضل، ولا يقتصر الأمر على ذلك وحسب، بل يتم استخدام مواد في البناء غير سامة ولا تتسبب في أي أضرار في البيئة.
• فى رأيك ما هى أهم تحديات التنمية الاقتصادية المحلية فى ظل توافر منظومة الطاقة النظيفة؟
في رأيي أن تحقيق التنمية الاقتصادية فى المقام الأول قائم على تطوير الزراعة خاصه و أن مصر بلد زراعي فى الأساس، والنشاط الصناعي يقوم على الزراعة ، وهذا لن يحدث إلا من خلال مسانده الفلاح والتخفيف من التوجه نحو الاستثمار العقاري بالانتقال إلى الاستثمار الزراعي من خلال المطور الزراعي .
وبشكل مبسط أرى ان تقوم البنوك باعطاء قطعة ارض للمستثمر او المواطن لبناء بيت بنظام العمارة البيئية و استغلال الأرض فى زراعة المحاصيل المطلوبة محليا و لا سيما المحاصيل الاستراتيجية ، على أن يدفع المواطن جزء مقدم للبنك و يقوم بتقسيط المتبقي .
هذا بالاضافة إلى دعم البنوك لشراء هذه المحاصيل الزراعية ، وهذا كفيل أن يحل أزمه الاكتفاء الذاتي لبعض المحاصيل الزراعية ، مثل القمح والاعلاف.
كما نحتاج الى دعم الدوله للفلاح أو للمواطن لمواجهة مشكله توفير المياه للزراعة من خلال اتباع أساليب الري الحديثه أو نظام الري تحت الارض.
و أرى أن تضافر الجهود و التنسيق بين جميع القطاعات هو أساس نجاح أى منظومة ، و هو ما اتبعناه بجامعة المنوفية من خلال مركز الطاقة ، حيث تم تجميع المشكلات التى تواجه إقامة المشروعات التنموية و تحليلها و ذلك من خلال مراكز البحث المختصة بكل جهة و جارى بحث تذليل جميع المشكلات ، و العمل على تفعيل تطبيقات الطاقة المتجددة التى تحقق التكامل من خلال التكامل بين فروع العلم.