احدث تقرير عن تأثيرات التغيرات المناخية على الأمن الغذائي

احدث تقرير عن تأثيرات التغيرات المناخية على الأمن الغذائي

لعله من "نافلة" القول أن للتغيرات المناخية العالمية تأثيرات سلبية على الإنتاج الزراعي، حيث إن الحديث بهذا الشأن والذي ظل لسنوات طوال حبيس أروقة المؤسسات العلمية، والنقاش الأكاديمي "المحض" بين عدد من المختصين في علم المناخ والزراعة، بات اليوم حديث "عام" تتناوله وسائل الإعلام، والمنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي...

فالخطر يطول الجميع، والمخاوف عن عجز الإنسان عن مواجهة هذا التحدي، تثير قلقاً حقيقياً ومتصاعدا، يتجاوز حدود الدول والمجتمعات منفردة، ليصبح الآن موسوم بصبغة عالمية تتطلب عمل مشترك لمواجهته.

القمح والذرة والشعير تحديدا يظهرون استجابة "سلبية" لزيادة درجات الحرارة أكثر من المحاصيل الأخرى، ومنذ عام 1950، ارتفع متوسط درجات الحرارة العالمية بنحو 0.13 درجة مئوية في العقد، متوقعا تسارع معدل ارتفاع درجات الحرارة بأكثر من 0.2 درجة مئوية تقريبا في العقد الواحد على مدى العقود القليلة المقبلة.

كما ان الذرة أحد المحاصيل الأكثر نموا على نطاق واسع في العالم، وقد قام مكتب الأرصاد الجوية أخيرا بدراسة حول كيفية تأثير الطقس الشديد على الذرة، وأن هناك فرصة بنسبة 6 في المائة كل عشر سنوات، يمكن أن نشهد فشل متزامن في إنتاج الذرة في الصين والولايات المتحدة - وهم أهم منتجين للذرة في العالم – نتيجة التغيرات المناخية".

وتشير التقارير العلمية العالمية أن كل درجة مئوية زيادة في المتوسط العالمي لدرجة الحرارة تخفض متوسط الغلة العالمية من القمح بنسبة 6 في المائة، والأرز بنسبة 3.2 في المائة، والذرة بـ 7.4 في المائة وفول الصويا بنسبة 3.1 في المائة، وتلك المحاصيل الأربعة تمثل أكثر من ثلثي السعرات الحرارية للبشرية.

وان خطورة التغيرات المناخية على الإنتاج العالمي من الغذاء، لا تكمن في تراجع المعدل العام لإنتاج الغذاء، وإنما في كون تأثير التغيرات المناخية غير موزع جغرافيا بالتساوي، وهو ما يؤدي إلى زيادة الفجوة الراهنة بين الدول المتقدمة والنامية في مجال إنتاج المحاصيل الرئيسية.

وان معظم الخسائر ستصيب البلدان ذات الدخل المنخفض مثل البلدان الواقعة في جنوب أسيا وشمال افريقيا والمناطق شبه الرطبة في أفريقيا، يضاف إلى ذلك إمكانية التكيف الضعيفة في تلك البلدان، وحتما سيؤثر ذلك سلبا على المواطنين"، متوقعة انخفاض إنتاج الحبوب في تلك البلدان بنحو 50 في المائة بحلول منتصف القرن، وذلك يمثل 7 في المائة من الإنتاج العالمي للمحاصيل، وعلى سبيل المثال سيؤدي الإحترار العالمي إلى خفض القدرة الزراعية للهند بنسبة 40 في المائة.

كما أن الإحترار العالمي سيفرض بقوة مزيداً من أوجه عدم اليقين في مجال الزراعة، والغذاء، وبالتالي، على سبل عيش السكان الأكثر ضعفاً، خاصة أن الزراعة في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوبي شرق آسيا هي مصدر رزق 80 في المائة من السكان.

وبدون تأثيرات تغيير المناخ، شريطة أن يستمر التقدم الاقتصادي، فإن معظم المناطق ستشهد انخفاضا في عدد الأشخاص المعرضين للجوع من الآن حتى عام 2050، لكن مع تغير المناخ، واستمرار التقدم الاقتصادي بالوتيرة نفسها، فإن ما بين 35 و122 مليون شخص إضافي يمكن أن يعيش في فقر من الآن حتى 2030.

وتغير المناخ سيعرّض البلدان النامية، في المناطق الحضرية والريفية على السواء، لزيادة أسعار المواد الغذائية، كما أن تغير المناخ سيضر بتوافر الأغذية بما يؤدي إلى انخفاض إنتاجية المحاصيل، والمواشي، والأسماك، والإضرار بمعيشة ملايين من سكان الريف الذين يعيشون اعتمادا على الزراعة.

كما ان التغييرات المناخية سيكون لها أثر في جميع جوانب الأمن الغذائي، بدءًا بكمية الأغذية المنتجة. وبدون أي جهد حقيقي لوقف هذه التغيرات، يمكن أن تنخفض غلة المحاصيل الكبيرة "القمح، الأرز، والذرة".


مع هذا فان الوقت لم ينفذ بعد، وأن هناك فرصة حقيقية للتغلب على التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية شريطة عمل جاد في هذا الصدد.

ولابد من مزيد من الاستثمارات في مجال الهندسة الوراثية للمحاصيل، بحيث يمكن تحديد تركيبات مواتية من أصناف المحاصيل، وتحديدا فيما يتعلق بالأنماط الجينية، على أن تترافق مع أساليب أكثر حداثة في مجال الهندسة الزراعية، وأن يعمل الجانبين في نظام متناسق".

وأن هذه الآليات يمكن من خلالها تخفيف التأثير السلبي للإختلالات المناخية، حيث أن استخدام كل من الحلول الجينية والإدارية لتطوير محاصيل قادرة على التكيف من التغير المناخي يمثل الحل الأمثل لمواجهة تلك التحديات.


دكتور محمد علي فهيم

2 اكتوبر 2018


المشاركة على منصات التواصل: