أدت زيادة تكاليف إنشاء وإدارة المشروعات الزراعية الصغيرة، ليس فقط بالدول العربية، ولكن بكثير من دول العالم، إلى التفكير الريادي في حل تلك المشكلة؛ نتيجة قلة الأماكن المتاحة لتلك المشروعات، وتراجع أنشطتها المتاحة؛ نظرًا لندرة الأراضي الزراعية.
لذلك، بات ضروريًا، الاتجاه إلى المشروعات الزراعية الصغيرة ومتناهية الصغر؛ حيث يشتمل المشروع الزراعي متناهي الصغر، على خط إنتاج وفريق عمل من 3 إلى 5 أفراد، لإنتاج محصول زراعي رئيس واحد، ويمكن أحيانًا منتج ثانوي آخر، بالمواصفات والجودة المطلوبة، وبأقل الموارد المتاحة.
ومن أهم خصائص تلك المشروعات، أن تعمل بكفاءة وفاعلية ومرونة عالية لتحقيق دخل، وبأقل تكلفة من خلال مدخلات ومستلزمات الإنتاج وتكلفة العمالة، وأن تتمتع بميزة نسبية لتحقيق كفاءة إنتاجية أعلى من المشروعات الأكبر حجمًا، مع القدرة على الإنتاجية العالية.
وتعد المشاتل والبساتين والخدمات الزراعية والبيطرية، وحظائر التربية الحيوانية والداجنة،وخدمات النقل، ونقل المنتجات الزراعية والبضائع، وغيرها، من أبسط وأوضح أمثلة المشروعات الصغيرة والخدمية ومتناهية الصغر في مجال الأنشطة الزراعية.
وتتكون المباديء الأساسية لتنفيذ تلك المشروعات من خمسة مبادئ أساسية، هي: الاعتماد على الذات، وأن تكون أكثر كفاءة وإنتاجية من المشروعات الأكبر، مع القدرة على زيادة إنتاجيتها بدون سقف للطموحات، و التنمية الجماعية لتحقيق المشاركة في الإنتاجية من خلال التجمعات لتحقيق الوفرة، والاستفادة من الوقت في زيادة الإنتاجية.
وتصمم هذه المشروعات بحيث تكون أكثر كفاءة من نظيرتها المتوسطة من خلال المرونة والتكرارية والنمو السريع في معدلات الإنتاج، وتكلفة وحجم الإنتاج بالنسبة للتكلفة الكلية، وتكلفة وحجم الإنتاج بالنسبة للمساحة، وتحقيق أقل تكلفة لفرصة العمل، واستخدام وقت العمل في الكسب وزيادة الإنتاجية.
والسؤال المطروح: لماذا المشروعات الصغيرة الزراعية متناهية الصغر؟ والإجابة: لأن الزراعة من أهم قاطرات التنمية تليها الصناعة، كما أنها الأساس في توفير الغذاء، وخامات الإنتاج، ومستلزمات التصنيع، وتوفير الأمن الغذائي للمجتمعات.
وقد ثبت عمليًا أن المشروعات والمساحات الزراعية الصغيرة أكثر كفاءة وإنتاجية وأقل تكلفة من مثيلتها الكبيرة في إنتاج وحدة المتر المربع، بالإضافة إلى النقص المستمر في الأراضي الزراعية ورغبة شباب المزارعين في المشاركة وامتلاك وحدات إنتاجية زراعية، وندرة المياه للزراعة التقليدية، وازدياد تكلفة إنتاج الفدان من الأسمدة والمبيدات، وتناقص العائد من المساحات والحيازات الصغيرة بالزراعات التقليدية، والحاجة إلى تحويلها لمشروعات متناهية الصغر؛ لتكون أكثر كفاءة وقادرة على الاستمرار.
وكمثال يُطبق في كثير من دول العالم، نتناول زراعة البطاطس في الحاويات( البراميل أو القصيص الزراعي وغيرها)؛ وذلك للأسباب التالية:
1. حرية نقل الحاويات: من مكان لآخر بسبب الشمس أو البرد، وإمكانية الزراعة والإنتاج والحصاد اليومي بدلًا من التخزين بغرض الاستهلاك المنزلي (زراعة 6 حاويات كل شهر).
2. قدرة أكبر على التحكم: في المياه والآفات والمبيدات والتسميد؛ ما يعني أنها أقل استهلاكًا، وأقل تكلفة، مع إمكانية زيادة الإنتاج.
3. سهولة الخدمة الزراعية: للرش وتدفئة المحتوى بلفه بالقش في حالات البرد الشديدة، وسهولة الحصاد بتفريغ المحتوى،وليس الحرث كما في الزراعة التقليدية.
4. سهولة الحصاد: بتفريغ الحاملة بدلًا من الحرث أو تقليب الأرض.
ويتكون خط إنتاج البطاطس المقترح على سبيل المثال من ثلاث وحدات أساسية هي:
– التجهيز: ومهمتها الإعداد والتجهيز والإمداد، ومدتها شهر ولها معدلات أداء.
– التنمية: ومهمتها متابعة العمليات الزراعية، ومدتها شهران ولها معدلات أداء.
– الإنتاج: ومهمتها إنتاج البطاطس والجزء الخضري، ومدتها شهر ولها معدلات أداء.
وتُحدد إنتاجية الخط بناءً على محورين أساسين: محور البرنامج المتبع للخط الإنتاجي اليومي أو الأسبوعي أو الشهري، ومحور حجم خط الإنتاج، من حيت إعداد الإمداد المستمر من الحاويات.
وتختلف معدلات الإنتاج طبقًا للخبرة والتأهيل والتدريب لمستوى الأداء الإنتاجي من حيث كونه إنتاجًا تجريبيًا.
وتتميز تلك المشروعات بإتاحة التنمية الزراعية بدون توفر الأراضي الزراعية التقليدية، وتتيح الاستخدام الأمثل والأقل إهدارًا للمياه، وتتيح تجميع المياه وإعادة استخدامها مرات عديدة، وإمكانية حماية المحصول والجذور من الحشرات والآفات؛ نتيجة وضعها في حاويات، والتوفير في استخدام الأسمدة والمبيدات عند وضعها في الحاوية وليس في كامل الأرض، علاوة على إمكانية النمو والتنمية المستدامة في عدد المشروعات الإنتاجية، والتوسع في الإنتاجية، وتحسين معدلات الإنتاج، وتسجيل التجارب والخبرات العملية.