علاء عزوز: تاريخ مصر يبدأ من خلف أسوار المتحف.. نحافظ على الفلاح ونحتفى به كل يوم

علاء عزوز: تاريخ مصر يبدأ من خلف أسوار المتحف.. نحافظ على الفلاح ونحتفى به كل يوم

يتم تطوير المتحف الزراعى حالياً تحت زعاية وزير الزراعة السيد القصير تمهيداً لافتتاحه خلال أشهر قليلة

محمود عطا: بروتوكول مع الهيئة العربية للتصنيع لإعادة تأهيل المتحف الزراعى ليواكب نظراءه من المتاحف العالمية

م:أحمد عبد الحكم: المتحف يضم مقتنيات ونباتات نادرة بعضها انقرض منها نبات "البرساء" الذى قدسه الفراعنة 

مصر الحضارة مهد القيم والأصول، أصل المعرفة و التقدم على مر الزمان، كتب لها أن تكون مصر التى لن يجود الزمان بمثلها مرتين، و هناك أناس إختصهم الله بالحفاظ على تاريخ ومقتنيات هذا البلد، نختص منهم اليوم رجال عهد إليهم بحفظ تراث وتاريخ أصل حضارة العالم، الزراعة المصرية أول إصطفاف لأبناء هذه الأرض المباركة حول ( حابى) نهر النيل المقدس.. نهر الجنه، هؤلاء الرجال القيمة والقامة، الذين أثبتوا مدى عشقهم لتراب هذا البلد.


على رأس هذا الفريق السيد الدكتور علاء عزوز رئيس قطاع الإرشاد الزراعى بوزارة الزراعة المصرية، الذى لا يألوا جهدا ليواصل الليل بالنهار لرفعة شأن مصر فى أهم قطاعات بنائها ..الزراعة، و مازال على عهده، لذا كان لابد لنا من أن نلتقى به لننهل من معين خبراته المتعددة و خاصة الفلاحة فى مصر، و كيف لنا أن نكافئ الفلاح المصرى الذى وهب عمره وحياته بلا ثمن لكى يشبع كل فم فى مصر، ويكتسى كل مواطن من خيرات بلادنا المروية بماء نيلنا العذب،و قد كان ترحابا كعادته على الرغم من ضيق وقته لثقل مسئولياته الجسام، و فى بداية لقائنا معه كان السؤال الأهم عن مدى أهمية المتحف الزراعى المصرى كصرح عالمى علمى و متحفى، مقارنة بأقرانه من المتاحف الزراعية على كوكب الأرض، حيث وضح د. علاء أن هذا المتحف هو ثانى متحف ينشأ فى جنبات المعمورة بعد متحف بودابست، و كان ذلك فى العام 1938، أما اليوم فالمتحف الزراعى المصرى يحتل المركز الأول على العالم من حيث الحجم و المساحة و التاريخ و التخصص.


هذا المتحف يحتوى كنوزا لا تقدر بثمن، بدءا بتاريخ الزراعة فى مصر القديمة، حتى نقطة الحداثة الزراعية بعد ثورة 1952، و التحول للميكنة الزراعية، تاريخ القطن المصرى والعادات والتقاليد المصرية الأصيلة التى كانت متوارثة على مر التاريخ قبل الفرنجة المفتعلة بعد انفتاح الفلاح المصرى على الوطن العربى والعالم بالسفر للعمل والغربة، مصر لم تكن محتاجة يوما للإرشاد الزراعى حيث أن الفلاح المصرى هو الذى علم العالم الزراعة و أنظمة الرى المختلفة، و مواعيد العروات الزراعية، و علاقة الزراعة بالدورة القمرية الشهرية، و لنا فى أسماء السنة السريانية قدوة حيث أن اسم الشهر مرتبط دائما وأبدا مع النشاط الحقلى للشهر، كبرمهات .. إنزل الغيط وهات، لم نحتج يوما إلى الإرشاد الزراعى إلا فى القرن العشرين عندما هجر الفلاح أرضه وسافر للعمل فى الخارج، حيث تربى معظم الأبناء بعيدا عن الحقل، و مع تغير المناخ و ظهور العديد من الظواهر الغير مألوفة مثل ظهور الآفات الزراعية و أمراض النبات، كان لابد أن يكون للأرشاد الزراعى الدور الواضح المستنير لمعاونة الفلاح فى التخلص من كل هذه المشكلات التى أثرت سلبا على الإنتاج ، و بالتالى على دخل الفلاح مع الخسائر الناتجة من تلك الأضرار.


أما عن نجاح قطاع الإرشاد الزراعى بوزارة الزراعة فى حينه، فقد كان ناتج عن خطة قوية كان المقصود بها عمل قطاعات من الأراضى الزراعية على مستوى الجمهورية لتحديد أصناف الزراعات حسب العروة و حاجة الدولة من المحاصيل الإستراتيجية، و هو ما تشكل بعد ذلك فى نمط الزراعة التعاقدية التى عادت على الفلاح والدولة بالخير الوفير، مع تحديد الأراضى التى تروى بالغمر أو التنقيط ، بالإضافة إلى الأرض القابلة لزراعة الأرز، هذا الجزء اليسير من دور الوزارة و الدولة، و الذى تغير الآن للأفضل مع نشأة كارت الفلاح، الذى سوف يساعد كثيرا فى اعادة ترتيب البيت من الداخل، من زراعة و رى و تربية دواجن و مواشى، بالإضافة إلى التصنيع الغذائى و اعادة التدوير و الصناعات الصغيرة ومتناهية الصغر، فنحن نحافظ على الفلاح المصرى و نحتفى به كل يوم، و ليس يوما واحد فى السنة كما يظن البعض.


بعد أن شرفنا بلقاء الدكتور علاء عزوز كان لابد لنا من أن نتجه إلى السادة المسئولين عن المتحف الزراعى، و كانت البداية عند مهندس محمود عطا رئيس الإدارة المركزية للبساتين و المشرف العام على الإدارة العامة للمتاحف و المعارض الزراعية، حيث كان استقبالا حافلا فى مكتبه بالمتحف الزراعى، لنرى على الطبيعة مدى الزحام و التداخل فى العلاقات بين الإدارات تحت ولايته، مما يجعل الأمر صعبا على معظم القيادات، لكننا وجدنا أنفسنا أمام شخصية لا تتكرر بسهولة من حيث القوة و المهارة والسيطرة و حزم الإدارة، فتح لنا عطا قلبه بعد أن أثنى على فكرة أن نذكر هذا الصرح الهائل المتمثل فى المتحف الزراعى، بما يمثله من كيان ضخم يحتوى على تاريخ العالم القديم والحديث، و على جينات الأصول النباتية و الحيوانية التى إندثرت والمتحورة والسليمة ، المصريون لا يعرفون شيئا عن مدى عظمة هذا المتحف، و ما يمثله من قوة علمية تجذب العلماء المتخصصين من كل صوب و حدب، لكن التقديم الأهم كان عن مدى أهمية اهتمام الدولة بإعادة ترتيب البيت من الداخل، عن طريق اعادة تأهيل المتحف الزراعى فى بروتوكول تعاون مشترك مع الهيئة العربية للتصنيع، التى تقوم حاليا بتطوير المتحف ليواكب نظرائه من المتاحف العالمية المتخصصة فى هدا  المجال النادر، على أن يفتتح للجمهور مرة أخرى خلال عدة أشهر، و سيعلن عن موعد الإفتتاح حال الإنتهاء من الأعمال، و ترجع أهمية المتحف الحضارية لسرد التاريخ الزراعى المصرى مند فجر التاريخ حتى عدة عقود مضت.


اختتمنا جلستنا مع المهندس محمود عطا لنستكمل رحلتنا مع مسئولى المتحف الزراعى لنلتقى بالمهندس أحمد عبدالحكم منصور مدير عام الإدارة العامة للمتاحف و المعارض الزراعية، لنجد أنفسنا مرة أخرى أمام مواطن مصرى عالم وعبقرى، متفان فى عمله مع حسن اختيار من قياداته لأهمية المنصب، وأهمية المسئولية الملقاة على عاتقه، دماثة الخلق و حسن الإستقبال طابع أصيل من تكوين الشخصية، مع التوفيق فى حسن اختيار الكلمات والمعانى، و التنظيم العقلى الرائع ، فكان لقاء رائع و ممتع بدأناه بالسؤال عن تاريخ المتحف مند الإفتتاح، فكان الرد أن المتحف الزراعي في مصر كان الغرض من إنشائه هو التوثيق لذاكرة مصر الزراعية ليكون نافذة تطل منها كل الأجيال علي حضارة مصر الزراعية، فضلاً عن كونه مركزاً للثقافة الزراعية، و قد بدأ  المتحف من سراي الأميرة فاطمة إسماعيل ابنة الخديوي إسماعيل في حي الدقي، و بدأ العمل به في عام1930بعد صدور قرار مجلس الوزراء المصري في 21نوفمبر من عام 1927، وأطلق عليه في البداية اسم "متحف فؤاد الأول الزراعي "،  واليوم أصبح هذا المتحف ثمانية متاحف فى متحف واحد، وتزيد مساحة هذا المتحف علي ثلاثين فداناً، أي ما يعادل 175ألف متر مربع، و هو يعد أول متحف زراعي في العالم.


و بالسؤال عن مقتنيات المتحف، فأسهب أنه يضم آلاف المعروضات والمقتنيات التي تقدم في مجملها قراءة تاريخية للزراعة وتطورها في مصر منذ عصر الفراعنة، ويمثل المتحف قبلة للعلماء والباحثين في مجال الأبحاث والدراسات الزراعية والبيطرية والتاريخية، وتوجد بالمتحف مقتنيات ونباتات نادرة بعضها انقرض من الوجود، مثل نبات (البرساء) الذي كان مقدساً عند الفراعنة، كما يحتوى نماذج لآلات زراعية تاريخية مثل المجرش أو آلة طحن الحبوب، التي يعود تاريخها إلي 15ألف سنة، هذا فضلاً عن الكثير من الصور الفوتوغرافية والأعمال الفنية الزيتية التي تأخدك إلي أجواء الماضي، وتطور الأساليب الزراعية لدي الفلاح المصري، وأشكال الحياة القروية عبر التاريخ، و المتحف هو ثاني أهم مكان متخصص في «الزراعة» على مستوى العالم بعد المتحف الزراعى في العاصمة المجرية «بودابست».


و فى إضافة عن المسئول و الفكرة عن الإنشاء فيعود فضل إنشاء المتحف الزراعى إلى الملك فؤاد الأول، الذي كان يرى أنه من الضرورى أن يكون لمصر متحف زراعى تكون مهمته نشر المعلومات الزراعية والاقتصادية في البلاد، وتمت الإستعانة بمصمم المتحف الزراعى في العاصمة المجرية «بودابست» ليقوم بتصميم المتحف الزراعى المصري، ووقع الاختيار على سراى الأميرة فاطمة إسماعيل، ابنة الخديو إسماعيل، وشقيقة الملك فؤاد الأول، ليكون متحفاً زراعياً، و يعد المتحف الزراعىالمصرىمن أكبر المتاحف في مصر، إذ تبلغ مساحته 125ألف متر مربع، وكان المتحف قصرا للأميرة فاطمة إسماعيل ابنة الخديوي إسماعيل.


أما عن تشكيل المتحف فى بداياته فكان يتكون المتحف من ثلاث مبان لمعروضات خصص المبني الأول للمملكة النباتية، والمبني الثاني لمعروضات المملكة الحيوانية،أما المبني الثالث فيضم المعرض التاريخي للزراعة المصرية منذ عهد ما قبل التاريخ إلي يومناهذا، و بالمتحف أيضا مكتبة وقاعات للسينما والمحاضرات وكذلك يضم المجموعة الحشرية، أما الآن فقد وصل المتحف إلى ثمانية متاحف تضم بين جنباتها مبنى للوحدة العربية أو البهو السورى، و مبنى للصداقة المصرية الصينية، مبنى للتاريخ الزراعى اليونانى الرومانى القبطى والإسلامى، ثم متحف تاريخ القطن المصرى، وصولاً لمتحف المقتنيات التراثية، و يحيط بالمتاحف داخل السور الرئيسى العديد من الحدائق على الطرز الحضارية المختلفة و التخصصات الزراعية كحديقة الصبارات و حديقة الورد، و تبلغ المساحة الإجمالية للحدائق حوالى اربعين ألف و خمسمائة متر مربع.


ان هده الدفعة الخرافية الإيجابية التى تلقيناها من وراء هدا العمل العظيم لن يضاهيها إلا أن نشهد افتتاح هدا الصرح العظيم عندما يكون على أهبة الإستعداد لإستقبال الجمهور.

المشاركة على منصات التواصل: