"نورت يا قطن النيل.. يا حلاوة عليك يا جميل" بهذه الأغنية الشهيرة كان الفلاح يستهل موسم جني القطن والذي يعد بمثابة عيد له لما كان يحمله من خير وفير.. ومع بدء موسم جني القطن هذا العام قبل يومين فإن أجواء عيد جنى القطن لم تعد كما كانت.. ولم يعد المحصول كما كان.. الأحوال تغيرت.. والأجواء تبدلت.. لكن الأمل تجدد مع زيادة سعر استلام المحصول، مما شجع الفلاحين على زراعته هذا العام، لكن تبقى إعادة القطن المصري إلى عرشه فى حاجة إلى جهود كبيرة من الدولة سواء فى زراعته أو تسويقه أو تصنيعه.. وفي التحقيق التالي تناقش "بوابة الأهرام "ملف القطن المصري والتحديات التى تواجه زراعته وتصنيعه.
بداية فإن القطن المصري له تاريخ عريق، تربع على عرش المحاصيل الزراعية وبلغ فى سمعته إلى العالمية.. ففي الخمسينيات من القرن الماضي احتل نحو 21% من المساحة الزراعية، ومثّل 40% من قيمة الإنتاج الزراعي، ونحو 70% من مجموع الصادرات المصرية، غير أن مساحة زراعة القطن بدأت بالتقلص مع مرور الوقت إلا أن هذا العام بدأ القطن المصري يسترد عرشه بزيادة المساحة المزروعة منه مقارنة بالأعوام الماضية.
وأعلنت الحكومة أن عام 2018 هو عام الذهب الأبيض، ومع بداية زراعته ولأول مرة تم تحديد سعر ضمان للمحصول 2700 جنيه للوجه البحري، و2500 جنيه للقبلي، على أن تلتزم الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج بشراء الأقطان بأسعار السوق في حال ارتفاعها عن سعر الضمان، وفى حالة انخفاض الأسعار تلتزم الشركة بشراء القطن بسعر الضمان المعلن.
"بوابة الأهرام" شاركت الفلاحين فرحتهم ببدء موسم جني القطن.
تعاون مشترك
يقول الدكتور حامد عبد الدايم المتحدث الرسمي لوزارة الزراعة لـ"بوابة الأهرام": إن المساحة المزروعة من محصول القطن لهذا الموسم 2018 هي "336 ألف فدان" مقارنة بالعام الماضي، والتي بلغت المساحة المزروعة 220 ألف فدان، وكانت المساحة العام قبل الماضي 2016 قد بلغت 130 ألف فدان، مما يوضح زيادة المساحة المزروعة وإقبال الفلاح على زراعته بعد إعلان سعر ضمان له، مضيفًا أن مصر تتميز بالقطن الشعر طويل التيلة والذي يعد من أجود الأقطان بالعالم.
ويشير عبد الدايم إلى أن هناك تعاونًا مشتركًا بين وزارتي الزراعة والتجارة لتطوير مصانع الغزل والنسيج حتى تتناسب مع ما نزرعه من أقطان، هذا بالإضافة إلى تعظيم الاستفادة من القيمة المضافة من القطن المصري سواء من التصنيع أو استخراج الزيوت من بذرته، أو كسبه كعلف حيواني، مشيرًا إلى قيام الوزارة خلال موسم زراعة القطن بتقديم خدمات للفلاح عن طريق الحملة القومية للقطن في محافظات زراعته وتنظيم حملات وندوات إرشادية.
التعاونيات والتسويق
ومن جانبه أكد مجدي عيسي عضو مجلس إدارة الاتحاد التعاوني الزراعي أن التعاونيات ستعود وبقوة لتسويق وتجميع القطن من الفلاحين؛ حيث إن المحصول هذا العام مبشر نتيجة لزيادة المساحة المزروعة هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة ولا توجد إصابات بالمحصول، مشددًا على ضرورة تمويل الدولة للتعاونيات ودعمها حتى تتمكن من تسديد ثمن المحصول عند توريده للجمعيات دون انتظار وضمان لعدم وقوع الفلاح فريسة لجشع التجار.
سعر الضمان
وفي سياق متصل يوضح حسين أبو صدام نقيب الفلاحين، أن المساحة المزروعة من محصول القطن كانت في السباق تصل إلى 2.5 مليون فدان، وبدأت تتدهور وتتقلص المساحة المزروعة من هذا المحصول الإستراتيجي، ولكن بدأ القطن يسترد عرشه في آخر الثلاث سنوات الماضية؛ حيث زادت المساحة المزروعة هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة، مشيرًا إلى أن السبب وراء زيادة المساحة هو اطمئنان الفلاح بعد إعلان الحكومة لسعر ضمان لمحصول القطن حيث وصل سعر ضمان للوجه القبلي 2500 جنيه، و2700 جنيه وجه بحري وبذلك يكون هذا الحد الأدنى للمحصول وقابل للزيادة مع توقع بزيادة المساحة المزروعة لتصل إلى نصف مليون فدان.
ولفت أبو صدام إلى أن من أهم أسباب انهيار محصول القطن الأعوام الماضية جاء نتيجة عدم إعلان سعر ضمان للمحصول، إلا أن الدولة بدأت أن تضع القطن في بداية أولوياتها؛ حيث أعلنت الحكومة أن عام 2018 هو عام الذهب الأبيض، موضحًا أن اتجاه الدولة للحد من زراعة المحاصيل الشرهة للمياه يوفر مساحة لزراعة محصول القطن؛ حيث إن القطن بديل لمحصول الأرز بالنسبة للفلاح، ففي غضون سنوات قليلة سيسترد الذهب الأبيض عرشه ويعود للقمة من جديد.
مخاوف الفلاح
وأعرب عوض شلبي عاشور رئيس جمعية تسويق المحاصيل الحقلية بالركابية بمحافظة دمياط عن قلقه من زيادة إنتاج محصول القطن لخوفه من تدنى سعره ووقوعه فريسة لجشع التجار، لافتًا إلى أن محافظة دمياط ستبدأ في حصاد المحصول الأول من سبتمبر وأننا مستعدون لتجميع وتسويق القطن بالتعاونيات.
وناشد شلبي وزير الزراعة بجعل سعر قطن الإكثار مثل سعر القطن التجاري وذلك للحفاظ على التقاوي للموسم المقبل.