أكد عبدالحميد دمرداش، رئيس المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية، عضو البرلمان، أن مشروع الصوب الزراعية الذى أقامته القوات المسلحة فى سيناء ومناطق أخرى، يعد مشروعا اقتصاديا اجتماعيا تنمويا، ولا يوجد مثيل له عالميا، مشددا على أن مصر لديها فرصة هائلة للتصدير، ومضاعفة قيمة بعض المحاصيل التى تصدرها، مثل الطماطم، بشرط أن يكون لديها أسطول بحرى تستطيع معه تصدير المحاصيل القابلة للتلف السريع إلى أوروبا خلال 3 أيام فقط. واقترح «دمرداش» فى حوار لـ«المصرى اليوم» تأجير جزء من هذه الصوبات، للمستثمرين المصريين والأجانب، لمضاعفة التصدير والإنتاج؛ خاصة أن الاستثمار فى الصوب يحتاج مبالغ طائلة لا يقدر عليها كثير من المستثمرين، مطالبا بتوجه مصر إلى إفريقيا؛ خاصة الدول ذات الموانئ المستقرة سياسيا، لبدء زراعة محاصيل فيها، أسوة بدول الصين والسعودية والإمارات.. وإلى نص الحوار.
■ ما تقييمك لمشروع الصوب الزراعية فى سيناء الذى تحدث عنه الرئيس السيسى؟
- أولا المشروع ليس فى سيناء فقط، لكنه موجود فى أكثر من منطقة، وفقا لمخططها لعدد يصل إلى 100 ألف فدان صوب؛ فالمشروع موجود فى قاعدة محمد نجيب بمطروح، والعاشر من رمضان، وأبوسلطان بالشرقية وقرية الأمل فى الإسماعيلية، واللاهون فى الفيوم، وبنى سويف، وهو مشروع اقتصادى تنموى اجتماعى، يقوم على توفير فرص عمل للشباب، بجانب التصدير بالعملة الأجنبية، علاوة على توفير الأمن الغذائى، لسد جزء من الفجوة الزراعية، للخضار والفاكهة، وهذا المشروع بصفة عامة لا يوجد مثيله فى أى دولة فى العالم، ويعد من المشروعات العظيمة، على مستوى العالم، وبحكم عملى فى الزراعة منذ 30 سنة، شاهدت كافة زراعات العالم، لم أشاهد مثل هذا المشروع نهائيا.
■ ما عوامل نجاح هذا المشروع؟
- عندما بدأ المشروع فى العاشر من رمضان وقاعدة محمد نجيب، أتيت بمستثمرين أجانب، لمعرفة تقييمهم للمشروع؛ خاصة أنه يهدف للتصدير، وكان رد فعلهم مبهرا، وأشادوا بحجم المشروع وآلياته، والإمكانات التى وضعتها مصر لإنجاحه؛ سواء البنية التحتية وتوافر المياه والكهرباء أو نوعية الصوب، والتسهيلات داخل كل منطقة، فضلا عن محطات التعبئة والثلاجات لتجميد الخضار والفاكهة الموجودة فى المشروع، فأى متخصص سيذهب إلى هذا المشروع سيتأكد أنه تم تنفيذه بفكر ومجهود كبيرين وآليات جديدة، وللعلم قبل بدء تنفيذ المشروع تشكلت اللجنة التنسيقية للخضر والفاكهة لدعمه، ومعها تم الاستماع إلى آراء مزارعين ومصدرين، ما أثقل المشروع وكانت بدايته ناجحة للغاية، ما يؤكد أنه مشروع متكامل ورائع، فتوافر هذه الأمور كنا نعانى منها كمصدرين من قبل، تم تلافيها فى المشروع وبالتالى كان النجاح حليفه، فيجب الإشادة ببداية هذا المشروع، نظرا لأنه قبل البدء فيه تم التواصل مع مصدرين لدراسته بشكل ممتاز، وكانت النتائج هائلة.
■ هل اعتمد المشروع على الصوب فقط؟
- تم تنفيذ 30 مشتلا فى المشروع، ولا يقوم بزرع البذرة فقط، إنما تطعيم البذرة نفسها، لحمايتها من الأمراض، وهى تقنية عالمية لمقاومة الأمراض، وتعطى إنتاجية أفضل، وهى من أهم نجاحات المشروع، بجانب استخدام «المكافحة البيولوجية» الذى طالبت باستخدامه كثيرا، أسوة بمعظم دول العالم،
■ هل أثر هذا المشروع على أصحاب مشروعات الصوب من المستثمرين، مثلما يدعى البعض؟
- من خبرتى فى مجال التصدير الزراعى، فإن من يعملون فى الصوب لا يتعدون 5 مستثمرين تقريبا، وكان العدد أعلى من هذا قليلا، وخرجوا من المشروع، لأنه يحتاج إلى عمالة كثيفة وخبرة. وتقريبا كل مستثمر لديه نحو 400 صوبة، حدا أقصى، وهماك من بينهم من يبحث عن بيعها بسبب المصاريف والعمالة، إذن ليس هناك منافسة فى هذا المشروع بين مصدرين أو مستثمرين كبار، ولا يوجد سوى الصوب الصغيرة؛ الخاصة بالفلاحين الصغار فى القرى، ولا يتعدى نصيب كل واحد منهم 3 صوب على الأكثر، وهذا لا يؤثر نهائيا، فهى مجرد مشروعات بسيطة متناثرة، ولا يوجد تنافس بين القطاع الخاص، المُصدر، وبين مشروع الصوب الزراعية الذى أقامته الدولة.
■ لإنجاح أى مشروع زراعى لابد أن يكون هناك تصدير.. فما رأيك فيما يتم فى مشروع الصوب الزراعية؟
- هذا حقيقى، لكن التصدير ليس عملية سهلة، فى الوقت نفسه، لو هناك تسهيلات لابد أن يكون هناك تصدير للحصول على العملة الأجنبية، وطالما سددنا احتياجات السوق المحلية، فلابد من الاتجاه للتصدير، حتى وقت الأزمات المعتادة؛ مثل التفاوت بين العروات، يجب الاهتمام بالتصدير مع سد احتياجات السوق المحلية، وهذا مطلوب لإنجاح أى مشروع، ومن مميزات هذا المشروع أنه نُفذ على هامشه مشروع للتقاوى؛ فمصر تستورد تقاوى بطاطس، نحو 120 ألف طن تقريبا، بقيمة 700 دولار للطن، أى نحو 84 مليون دولار تقاوى، وهى خطوة ممتازة، لإنتاج تقاوى البطاطس بدلا من الاستيراد، ولكن أمامنا فترة لإنتاج نوعية جيدة.
■ طالما تحدثنا عن التصدير، ونجاح المشروع.. فماذا عن التسويق؟
- لابد من التسويق الجيد، وقد اقترحت دعوة «السوبر ماركت»، المعروفة فى الخارج، لأن لديهم الشهادات المطلوبة، بالنسبة للزراعة، ولا يستخدمون المبيدات، بعد استخدام المكافحة الحيوية، وهذا الأمر بالنسبة للخارج مسألة أساسية، وهو ما اعتمد عليه مشروع الصوب، وبالتالى من السهولة تسويق المنتجات، ولكن يجب أن يتحرك التمثيل التجارى بوزارة التجارة والصناعة، لدعوة المستثمرين خارجيا للمشاركة فى هذا المشروع الضخم؛ فوجود عين أجنبية خبيرة فى المشروع مهم جدا؛ لأن التصدير عملية صعبة، والعين الأجنبية قادرة على تحديد ما نحتاجه للتصدير وتوجهات الأسواق الخارجية.
■ مع أزمة المياه.. هل ترى أن مشروع الصوب سيكون أفضل من المساحات المكشوفة فى مصر خلال المرحلة المقبلة؟
- من أهم مميزات الصوب توفير المياه؛ خاصة فى ظل التحدى الذى تعيشه مصر؛ فالطماطم مثلا فى الأرض المكشوفة يحتاج الكيلو إلى 80 لتر مياه لإنتاج كيلو واحد، أما داخل الصوب، فنستخدم 25 لتر مياه للكيلو، وهو ما يطبق على كثير من المحاصيل؛ فالصوب تعتمد على توفير هائل للمياه وإنتاج نوعية جيدة من الزراعة، ولو الفدان فى الصوب ينتج 30 طنا، يمكن تصدير 20 طنا منه، بينما الأرض المفتوحة لو الفدان ينتج 60 طنا نصدر من 8 إلى 10 أطنان فقط، وبالتأكيد واضح الفرق الكبير فى أرقام التصدير.
■ ماذا عن التصنيع الزراعى مع الصوب الزراعية؟
- الخام الخاص بالتصنيع الزراعى يأتى من الزراعة، وبدون زراعة لا توجد صناعة غذائية، ولدينا تصدير للصناعات الغذائية بنحو 3 مليارات دولار، فى الوقت الذى نصدر فيه محاصيل زراعية بنحو 2.3 مليار دولار، وأعتقد أن وجود ثلاجات فى مشروع الصوب فرصة هائلة للتصنيع الزراعى، وهى خطوة يجب أن تفكر فيها الدولة مع المستثمرين.
■ ماذا يحتاج مشروع الصوب الزراعية الآن؟
- يجب الانتظار فى توسيع هذا المشروع قليلا؛ فمع زراعة محاصيل سريعة التلف ويتم تصديرها؛ مثل الطماطم والفلفل، يجب أن تكون لدينا آليات سريعة للتصدير، وأولها وجود أسطول بحرى مصرى سريع ينقل شحنة هذه المحاصيل الطازجة إلى أوروبا خلال 3 أيام فقط، ما يزيد الكميات المصدرة وتنوعها، فتصدير محصول مثل البرتقال ليس فيه مشكلة، لأنه يمكنه أن يستمر فى البحر 20 يوما بلا تلف، وللعلم مصر تصدر 120 ألف طن طماطم، وبعد مشروع الصوب لديها فرصة لمضاعفة هذه القيمة إلى 300 أو 400 ألف طن.
■ باعتبارك رئيس المجلس التصديرى وعضو برلمانى بارز، بماذا تدعو المستثمرين بعد دعوة الرئيس للاستثمار فى الصوب؟
- مشروعات الصوب بصفة عامة إدارتها صعبة جدا، ولذا لا يوجد كثير من المستثمرين الزراعيين يعملون فيها، وقد يكون من الصعوبة المشاركة فيها؛ لأنها قد تكلف مليارات، لكن الخطوة التى يمكن تنفيذها وتأتى بربح كبير، ودعم للمشروع هو تأجير جزء من هذه الصوبات؛ مثل تخصيص 500 صوبة، للتأجير لبعض المصريين والأجانب بأسعار معقولة، لخلق حالة من التنوع بين المستثمرين المصريين والأجانب والقوات المسلحة؛ فالناس لن تستثمر فى بنية أساسية فى الصوب، وهذا فعلته الدولة، وبالتالى يمكن تنشيطها بالإيجار.