سنوات طويلة اعتمدت خلالها محافظات الجمهورية التى تشتهر بزراعة الذهب الأحمر "الفراولة" على الشتلات الخارجية، إلا أن هذه الفترة شهدت رواجا كبيرا للشتلات المحلية التى حرص فلاحو القليوبية على إعدادها بمشاتلهم الخاصة بهم، لتتربع القليوبية على عرش المحافظات التى تشتهر بزراعة الفراولة، وزيادة نسبة المساحة المزروعة بها عام عن عام، وذلك فى ظل الخدمات التى تسعى الدولة على تقديمها خلال السنوات الماضية، ليحصل المزارع على هامش ربح يمكنه من المواصلة ويكون ناتجا لمجهوده طوال العام فى عملية الزراعة.
وفى هذا الإطار، حرص "اليوم السابع"، على تتبع الشتلات الجديدة، التى حرص فلاحو القليوبية على تربيتها بأيديهم، بدلا من استيرادها بأسعار مكلفة، من شأنها زيادة إجمالى تكلفة زراعة وتجهيز الأرض حتى الحصول على المنتج النهائى للفراولة، وعدم الاعتماد بشكل كلى على الشتلات المستوردة، والاعتماد على المهجنة منها بمراكز البحوث المصرية وشركات الزراعة المصرية، وكليات الزراعة التى تقدمت فى هذا المجال من بينها زراعة عين شمس.
فى البداية قال المهندس حسن زايد، وكيل وزارة الزراعة بالقليوبية، إن الدولة تسعى للوقوف بجانب المزارع المصرى، من خلال تقديم كافة وسائل الدعم له على اختلاف أشكالها، من تدريب وتوفير أسمدة ومبيدات، إلى جانب المتابعة المستمرة معه للتعرف على مشاكله، مشيرا إلى أنه تم عقد عدة دورات لتدريب مزارعى الفراولة للدخول فى منظومة التكويد والتصدير، وذلك بالتعاون مع مؤسسة بشاير ولجنة المبيدات بالوزارة، وبإشراف مديرية الزراعة بالقليوبية، حيث تم تنظيم دورات بمركزى طوخ وشبين القناطر حيث تتركز زراعات الفراولة، حضر تلك الدورات على مدار الفترة الماضية ما يزيد عن 300 مزارع.
وأضاف "زايد" لـ"اليوم السابع"، أنه تم خلال هذه الدورات التعرف على مشاكل المزارعين والتى تبلورت فى عدم توفر المبيدات والمخصبات من المصادر الموثوق بها، موضحا أنه تم التأكيد على العمل على توفير تلك المبيدات والمخصبات بالإدارات الزراعية لهم، مشيرا إلى أن المشكلة الأخرى جاءت بشأن توفير الكراتين والباسكات المخصصة لعملية جمع المحصول، وتم التأكيد على أنها تتبع القطاع الخاص وسيتم حلها فور بدء إنتاج المحصول.
وتابع، أنه من بين المقترحات التى عرضتها المديرية أيضا إمكانية تقديم البنك الزراعى المصرى قروض ميسرة لمزارعى الفراولة، تصل فيها قيمة القرض بالنسبة للفدان الواحد من 37: 90 ألف جنيه، لزراعة الفراولة، بقيمة فائدة 5%، وهو ما لاقى ترحاب كبير من المزارعين، مشيرا إلى انه يتم التقدم للحصول على هذه القروض بشرط التأكد من زراعة الفراولة وبعدها مباشرة يحصل على قيمة القرض، وتبدأ عملية التحصيل عقب انتهاء موسم الحصاد.
وأوضح "زايد"، أنه بلغ إجمالى المساحة المنزرعة بالفراولة بالقليوبية حتى الآن 1280 فدانا، ومن المتوقع أن يصل إجمالى المساحة المنزرعة بقرى طوخ وشبين القناطر 3000 فدان، بزيادة 550 فدانا عن العام الماضى، مشيرا إلى أن التسهيلات التى تقدمها الدولة تلقى قبولا لدى المزارعين، وهو ما يدفعهم إلى العودة مرة أخرى لزراعة الفراولة.
ومن ناحيته قال الحاج سيد جمعة، رئيس مجلس إدارة مزارعى الفراولة بالقليوبية، إن مزارعى المحافظة لمحصول الفراولة كانوا يعتمدون بشكل كلى على الشتلات المستوردة من هولندا، المصدر الأول لتلك الشتلات، موضحا "وصل سعر عود الشتلة الواحد المستورد الهولندى 26 جنيها، فى حين أن إجمالى ما يحتاجه الفدان الواحد من شتلات تصل إلى 3000 شتلة، وهو ما يكون فى النهاية إجماليه 78 ألف جنيه، إلى جانب باقى التجهيزات الخاصة بالأرض التى يتم زراعتها".
وأضاف "جمعة" لـ"اليوم السابع"، أن إجمالى أعمال تجهيز الأرض لزراعة محصول الفراولة تصل إلى 40 ألف جنيه وتتمثل فى "أعمال الحرث، والتسميد البلدي، وشبكة الرى بالتنقيط، وبلاستيك التعقيم، إلى جانب غاز التعقيم بديل البروميد، وعزيق للتقليب قبل الزراعة"، موضحا "المبلغ دا والمزارع لم يزرع شتلة واحدة للفراولة، وضيف على ذلك قيمة الشتلات المستوردة وأعمال الزراعة والمتابعة طوال العام من رى وتسميد وتثبيت شبكات ورش وقائى مستمر حتى المحصول، ومن الممكن أن تتخطى التكلفة للفدان الواحد 90 ألف جنيه".
وتابع، أن كل ما سبق يأتى بخلاف القيمة الإيجارية للأرض بما يتناسب مع مدة بقائها بالأرض المستديمة وحسب الموقع، وهو ما دفع المزارعين إلى العمل على تخفيض النفقات إلى جانب السعى للحصول على محصول جيد وزيادة الكمية، فعلى الفور تم تهجين الشتلات المستوردة بالتنسيق مع مراكز البحوث وكلية الزراعة بعين شمس، وتعليم المزارعين كيفية استخراج شتلات جديدة من الأمهات المزروعة حاليا، وكيفية حفظها بشكل يحفظ جودتها لزراعتها الموسم المقبل، وهو ما نجح فيه الغالبية الكبيرة من المزارعين، لتصل قيمة الشتلة الواحدة للفراولة البلدى ما بين 8 : 10 جنيهات، وهو سعر لم يصل إلى حتى نصف تكلفة الشتلة الواحدة للمستوردة.
وفى هذا السياق قال مصطفى منشار أحد كبار مزارعى الفراولة بشبين القناطر، إنه تبدأ أعمال استخراج الشتلات من خلال تنظيف الأمهات من الشتلات للعام السابق، ثم حفظها بالثلاجات بطريقة حفظ معينة، وذلك فى شهر يناير من كل عام، إلى أن يتم استخراجها لبدء تربيتها فى بداية شهر أبريل، إلى أن يتم زراعتها نهاية أبريل، وكذلك الشتلات الأخرى التى يتم زراعتها فى منتصف سبتمبر وحتى منتصف أكتوبر من كل عام.
وأوضح، أن زراعة الفراولة تحتاج عمالة كبيرة خاصة أن عملية جمع المحصول تتم طوال اليوم بشكل يدوى، لكن بطريقة معينة دون أن تترك بصمة اليد على الثمرة، فهناك مهندسو جودة يشرفون على المنتج المصدر ويرفضون المخالف للمعايير المطلوبة، كما أنه لابد من توافر وحدات تبريد بدرجة حرارة معينة، مع طريقة معينة فى التعبئة حتى تأخذها سيارات النقل فى شكلها النهائي، مشيرا إلى أن متوسط انتاج الفدان بالشتلات الجديدة يتراوح ما بين 20 : 25 طن للفدان الواحد، كما بلغ متوسط السعر للعام الماضى 5000 جنيه للطن.