يعتبر البحث العلمي أهم سلاح مصري زراعي لمواجهة الحروب البيولوجية وما لها من آثار سلبية علي المجال الزراعية وكذلك لمواجهة ظاهرة التغيرات المناخية التي تؤثر على عملية التنمية المستدامة، والتي تؤثر بشكل كبير على قطاعي الزراعة والمياة، ضمن العديد من التحديات المرتبطة بالتغيرات المناخية وهو ما تسعي الدولة لمواجهتها باستخدام البحث العلمي واستنباط أصناف جديدة متأقلمة مع هذه الظاهرة.
وقامت الحكومة المصرية بالعديد من الجهود لمواجهة الآثار الناتجة عن التغيرات المناخية وتوابع أزمة كورونا العالمية، وانعكس ذلك في رؤية مصر 2030 بالإضافة إلى قيام العديد من الوزارات ومنها وزارة الزراعة بإنشاء مراكز متخصصة لرصد التغيرات المناخية وآثارها واتخاذ التدابير والإجراءات للحد من الأخطار المترتبة على ذلك.
• السند الحقيقي
وزير الزراعة واستصلاح الأراضي السيد القصير، أعلن أنه يستوجب علينا جميعا ونحن نحاول رفع طموحاتنا في التصدى لهذه الظاهرة مراعاة أهمية التوازن بين جهود خفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري والملوثة للمناخ وبين جهود التكيف مع اثار المناخ وأهمية توفير وسائل وآليات التنفيذ من التكنولوجيات وبناء القدرات.
وأكد القصير، أن هناك ارتباطا وثيقا بين التغيرات المناخية وبين قطاع الزراعة حيث يؤثر تغير المناخ فيها من خلال العديد من المتغيرات مثل معدلات الحرارة وسقوط الأمطار وتوقيتها والتقلبات المناخية وموجات الحرارة والبرودة والتداخل ما بين الفصول ومعدلات تبخر المياه لذلك اصبح من الضروري اتخاذ اجراءات وتدابير وتنفيذ برامج تتماشى مع الاثار المتوقعة على انتاجية ونوعية المحاصيل وتغير جذري في الية إنتاج الغذاء وإدارة الأراضي وتعزيز التعاون بين جميع الدول للتخفيف من جميع هذه الآثار السلبية ودعم الدول الأكثر احتياجا إلى التأقلم مع هذه التغيرات، مؤكد على أهمية دور البحث العلمي في مجال استنباط أصناف جديدة قادرة على التأقلم مع التغيرات المناخية ونظم ري حديثة تعتمد على تقنيات صديقة للبيئة بالإضافة الى إيجاد حلول عملية وواقعية كل ذلك اصبح ضرورة ملحة لمكافحة التصحر.
وقال وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، إن مجال الزراعة به إمكانيات هائلة ويتطور بشكل سريع، مشيرا إلى أنه يوجد الآلاف من الكنوز النباتية لم يستفد سوى بالقليل منها ومازال أمام الإنسان خطوات كبيرة في مسيرة التقدم العلمي الزراعي.
وأضاف أن العلماء هم من يصنعون الفارق ومصر قادرة على عبور الفجوة التكنولوجية الزراعية مع الدول المتقدمة لأن هناك دعما كبيرا من الدولة للبحث العلمي الزراعي التطبيقي، كما أننا نمتلك طاقات بشرية وبحثية هائلة في مختلف المراكز البحثية والجامعات المصرية ولكنها تحتاج إلى مزيد من الدعم والتعاون والتكامل.
وأوضح أن الابتكارات في مجال الزراعة غير محدود وإمكانياته هائلة وهناك إصلاح تشريعي مصري لحماية الابتكار ودعم التقدم وتشجيع البحث العلمي الزراعي، مشيرا إلى أن الزراعة هي أساس الصناعة والغذاء والدواء وفرص العمل فيها هي الأقل تكلفة من القطاعات الأخرى وأكثرها تأثيرا، خاصة في المناطق الريفية، وأيضا تسهم في تقليل الهجرة من الريف للمدن .
وأشار وزير الزراعة إلى أهمية التطبيقات الميكروبيولوجية في التنمية الشاملة المستدامة، وخاصة في مجال صناعة الغذاء وتنقية الهواء وإنتاج الأسمدة البيولوجية، كما طالب الباحثين بضرورة التعاون بينهم لتوحيد الجهود بدلا العمل كجزر منعزلة.
وأشار الي أن مسار البحوث لا يكتفي بالمحاصيل الاستهلاكية فقط ولكنها تمتد إلى المحاصيل التصديرية خاصة أن مصر نجحت في فتح سوق الموالح بدولة الأرجنتين أمام الصادرات المصرية لأول مرة، وأيضا فتح السوق الأسترالية أمام التمور المصرية، وتسعى للتوسع في منافذ الأسواق الدولية لزيادة الصادرات الزراعية، خاصة أن مصر تحتل المكانة الأولى عالميا في صادرات الموالح.
وقال «القصير» إن الوزارة هي السند الحقيقي للمزارعين، والفلاحون هم صمام الأمن الغذائي، وهي نموذج لتطبيق البحوث العلمية على المستوى الحقلي، مشيرا إلى أن أهمية البحوث الزراعية تكمن في أن تكون قابلة للتطبيق وأن تكليفات الرئيس السيسي والدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء تركز على أهمية البحوث التطبيقية في قابلية تنفيذها على أرض الواقع حتى تحقق المردود والعائد منها خاصة في المحاصيل الاستراتيجية المرتبطة بالأمن الغذائي ومنها محصول القمح.
مشيرا إلى أهمية زيادة متوسط إنتاجية القمح المصري لتصل إلى متوسط إنتاجية الحقول الإرشادية بما ينعكس على زيادة الإنتاج الكلي من القمح وتقليل الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك وتوفير احتياجات رغيف الخبز وفقا لاستراتيجية الدولة المصرية.
وشدد على أهمية دور البحوث العلمية في مجال تطوير أنظمة الري أو زيادة إنتاجية المحاصيل الزراعية والتي يقدرها مركز البحوث الزراعية بنحو 24 إردبا للفدان في الحقول الإرشادية بمختلف المحافظات، مشددا على ضرروة أن تصل البحوث الزراعية والحقول الإرشادية إلى مختلف الأراضي المنزرعة بالقمح والبالغة أكثر من 3 ملايين و402 ألف فدان العام الحالي.
وشدد الوزير على أهمية دور مركز البحوث الزراعية في توعية المزارعين بالأصناف ذات الإنتاجية العالية والأقل استهلاكا للمياه من خلال التوسع في زراعة القمح على مصاطب، مشيرا إلى ضرورة التوازن بين تحقيق أعلى إنتاجية من جانب وتقليل استهلاك مياه الري وتقليل تكلفة الإنتاج وتعميم الأصناف التي تحقق هذه الأهداف.
وأوضح أن ذلك يتم من خلال تفعيل دور الإرشاد الزراعي في التوعية، مشيرا إلى ضرروة أن يكون للإرشاد الزراعي خلال الفترة المقبلة دور ملموس على أرض الواقع وهو ما يعقد عليه الآمال في ظل تولي الدكتور علاء عزوز رئاسة قطاع الإرشاد الزراعي على أن يتم ذلك من خلال آليات حالية يتم تفعيلها أو أخرى يجب أن يتم استحداثها خلال الفترة المقبلة بمختلف محافظات الدولة للاستفادة من الأبحاث العلمية.
وشدد على أهمية تفعيل دور التعاونيات الزراعية في تقديم الخدمات اللازمة للفلاح المصري والمنتجين الزراعيين، والتنسيق بين الأجهزة التابعة للوزارة لاستخدام أصناف عالية الإنتاجية قليلة الاستهلاك المائي.
وأضاف، أن الدولة تهدف إلى زيادة متوسط إنتاجية محصول القمح من خلال التوسع في استنباط أصناف جديدة عالية الإنتاجية وأقل استهلاكا للمياه وتتحمل الظروف المناخية غير المواتية، بما ينعكس على تخفيض تكلفة إنتاج المحصول وتقليل الفجوة الغذائية منه، ويتم ذلك من خلال البحوث التطبيقية التي تخدم الفلاحين والقطاع الزراعي.
وأوضح الوزير أنه يجب أن تمتد البحوث لتشمل ليس فقط البحوث فقط ولكن تمتد إلى التطبيق لزيادة الإنتاجية من خلال استنباط أصناف تتحمل الملوحة وارتفاع درجات الحرارة في ظل ما يشهده العالم من تأثير سلبي للتغيرات المناخية أو أن تكون الأصناف أقل استهلاكا للمياه، مطالبا بضرورة أن تركز أيضا البحوث التطبيقية على تخفيض تكلفة الإنتاج لزراعة القمح حتى يحصل المزارع على هامش ربح مناسب.
• سد الفجوة بين العلم والتطبيق
من جانبه قال الدكتور أحمد إسماعيل، الباحث في مركز بحوث الصحراء، إن المشكلات التي تواجه الزراعة المصرية تتركز في الفجوة الكبيرة بين البحث العلمي وتطبيقه للاستفادة من مخرجاته، وهذه ليست مسؤولية القائمين على البحث العلمي وإنما هي مسؤولية واضعي السياسات الزراعية أيضًا لربط الأنشطة البحثية بالاحتياجات الفعلية وللتصدي لمعوقات التنمية الزراعية.
وأضاف «إسماعيل» أن هذه العوامل أثرت سلبًا على معدلات تطبيق التكنولوجيات الحديثة، ومعدلات تطبيق البحوث.
وأصبحت نسبة كبيرة من الجهود البحثية تواجه الكثير من العقبات، نتيجة عدم تطبيقها في وقتها وبالصورة التي تكفل لها تحقيق الأثر الاقتصادي المعنوي، مشيرًا إلى أن الريف المصري كان لديه ما يشبه الاكتفاء الذاتي من احتياجاته الغذائية نباتية أو حيوانية، ولكنه أصبح ريفًا مفتقدا لدور القرية الحقيقي في الإنتاج وتحقيق التنمية.
• زراعة المناطق القاحلة
وقال د. رفيق صالح مدير عام المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة «أكساد» إن المركز له دور عظيم فى مجال الدراسات والبحوث في المناطق القاحلة خلال جهوده المثمرة فى التعاون مع كافة المراكز البحثية على مستوى الوطن العربى، وفى مصر هناك تعاون كبير بين «أكساد» ومركز بحوث الصحراء في مجال تنفيذ مشروعات بحثية متميزة فى مجال مكافحة التصحر وتثبيت الكثبان الرملية وحصاد مياه الامطار وتنمية مناطق السقوط المطرى، وتنمية المراعى والانتاج الحيوانى والاصول الوراثية البرية، لافتا أن هناك تعاون بين «أكساد» ومركز البحوث الزراعية في استنباط أصناف متأقلمة للظروف البيئية المعاكسة والمتحملة للجفاف والملوحة.
وأشار إلى أن هناك جهود كبيرة قد بذلت فى مجالات التعاون بين «أكساد» ومركز بحوث الصحراء المصري ومركز الأراضى القاحلة بمدنين في تونس لانجاز أطلس الكثبان الرملية في الوطن العربى، والتنسيق جاري بين أكساد وهيئات ومراكز البحوث التابعة لوزاة الزراعة واستصلاح الأراضى بمصر ووزرات الزراعة في الدول العربية الشقيقة للتخطيط والإعداد لعمل أطلس عن الترب الزراعية في الوطن العربى بقيادة «أكساد».
قال د. نعيم مصيلحي رئيس مركز بحوث الصحراء، إن من أهداف التنمية المستدامة 2030 ، بحث سبل التكيف مع ظاهرة التغيرات المناخية وتأثيراتها على القطاع الزراعي في المنطقة العربية ودورها الفاعل في احداث تنمية مستدامة حقيقية لقاطنى المناطق الهامشية لاسيما وأن الموارد الطبيعية (الموارد المائية والأرضية والنباتية والحيوانية) بالمناطق الصحراوية بمصر تشهد تأثرا واضحا بسبب تأثير الظروف البيئية مما أدى إلى تقلص التنوع الحيوى وانتشار ظاهرة التصحر وزيادة المناطق المتأثرة بالملوحة فضلا على النظام البيئى الهش بهذه المناطق وهى جميعها عوامل تفرض تغيرا في الفكر التنموى الخاص بهذه المناطق والذي ينبغي أن يكون مبنيا على إيجاد حلول غير تقليدية لهذه المعوقات.
وأكد مصيلحي أن مركز بحوث الصحراء بالإشتراك مع كثير من المنظمات الدولية قام بتنفيذ عديد من المشروعات التنموية والبحثية والتى استهدفت فى المقام الأول التكيف مع التغيرات المناخية وتقليل تأثيرها على قطاع الزراعة والمياه في مصر من خلال إدخال بعض الأنواع النباتية غير التقليدية مثل الأنواع النباتية العلفية والحبوب والزيوت والنباتات الطبيه والعطرية وزراعتها فى الأراضى المتأثرة بالملوحة فى صحاري مصر، مشيرا إلى أن البرامج البحثية التى يتم تنفيذها بالمركز تبنت وضع الحلول غير التقليدية والمبنية فى الأساس على معالجة المشاكل المتفاقمة مثل شح المياه والجفاف ومصادر المياه الجوفية وازدياد رقعة التصحر وهي برامج بحثية تطبيقة تتعامل مع المشكلات الحقيقة وسوف يكون لها مردود ايجابى في مراحل التنمية الزراعية الشامله والتي سوف تؤتي ثمارها الطيبة في القريب العاجل.