مافيا "الحبة الصفرا".. خبراء يحذرون من سيطرتها على سوق استيراد الحبوب

مافيا "الحبة الصفرا".. خبراء يحذرون من سيطرتها على سوق استيراد الحبوب

علت مؤخرًا الأصوات في مصر بضرورة أن تسعى البلاد ومن يقود سفينتها إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الإستراتيجية والتي نعتمد عليها في استمرار الحياة على أرض أم الدنيا كالذرة والقمح والأرز.


10 ملايين فدان


وتمتلك مصر ما يربو على 10.5 مليون فدان صالحة للزراعة وتسعى المحروسة إلى زيادتها لمواجهة الزيادة السكانية فصلًا عن تأمين احتياطاتها الإستراتيجية من المحاصيل المهمة وبالرغم أن هذه المطالب مشروعة في أذهان العوام إلا أنه بالتأكيد يوجد تحديات وعقبات قد تحول دون تنفيذها.


"فيتو" استعانت بآراء مَن كانوا ضمن صناع القرار في وقت من الأوقات وخبراء في مجال الزراعة والري لتضع أمام من يهمه الأمر بعض الحلول القابلة للتنفيذ.


الاكتفاء الذاتي


تحقيق الاكتفاء الذاتي في بعض المحاصيل ممكن ووارد.. هكذا بدأ الدكتور صلاح يوسف حديثه ، موضحًا أن الدولة كانت بدأت مشروع تقليل الفجوة الغذائية منذ 9 سنوات ، مشيرًا إلى أن المحاصيل الزيتية من الصعب تحقيق الاكتفاء الذاتي منها بسبب أن إنتاجية الفدان منخفضة وفي حدود أقل من طن ، ونحتاج لزراعة مليون فدان لتقليل الفجوة فقط وليس تحقيق الاكتفاء الذاتي وبالتالي هذا أمر صعب للغاية.


وأضاف أن القمح يمكن أن نحقق فيه الدولة اكتفاءً ذاتيًا ، مؤكدا أن أكبر عائق أمام هذا الهدف هم المستوردون ، وأن الدولة تسير بشكل جيد إلى حد ما في زراعة بعض المحاصيل المهمة عن طريق الصوب الزراعية.


وأوضح يوسف أنه يجب على الدولة الموازنة بين التصدير والاستهلاك المحلي مع العلم أن التصدير في صالح المزارع المصري لأنه يعوض تكاليف الإنتاج ، ولفت إلى أننا لا نستفيد من الإنتاجية القصوى للفدان من القمح حيث ينتج حاليا 20 أردب ويجب الوصول إلى 24 أردب عن طريق تقنيات فنية من تسميد وزراعة وإرشاد وتوفير مستلزمات إنتاج وهامش ربح معقول للتاجر الذي بدأ يقل بعد تحرير سعر العملة.


الري بالتنقيط


وتابع: كما أن هناك مساحات يمكن زراعتها لا تحتاج إلى مياه ري بغزراة مثل منطقة الساحل الشمالي لأنها منطقة مطيرة وهناك أصناف من القمح صالحة لهذه التربة وتتحمل الملوحة ، لافتًا إلى أن البرسيم من المحاصيل التي تنافس القمح ومن المحاصيل الشتوية المهمة ونستفيد منه في الإنتاج الحيواني والتصدير للخارج فضلًا عن الشعير المستنبت الذي يوفي أيضا في مياه الري وهذه المحاصيل يمكن التقليل منها والاستعاضة عنها بالقمح لزيادة المحصول.


وأشار وزير الزراعة الأسبق أنه يجب على الدولة لكي تحقق الاكتفاء الذاتي الاهتمام بالتربية والأصناف ودعم المعاهد المتخصصة والبحث العلمي لاستنباط أصناف جديدة تكون قادرة على توفير مياه الري فضلًا عن زيادة الإنتاجية.


محاصيل إستراتيجية


وذكر أن فول الصويا أيضًا من المحاصيل المهمة لأن مصر تستورد فول الصويا ومنتجاته والدولة أهملت زراعته لأنه مكلف في الإنتاج وزراعته شيء مهم لأنه يدخل في كثير من المنتجات وعلى رأسها لبن الأطفال فضلا عن أنه مشروع اقتصادي مربح للغاية والأهم أيضا أن زيادة الإنتاج المحلي منه يعمل على تقليل الاستيراد.


وتابع: الزيتون أيضا محصول مهم للغاية وذو عائد اقتصادي وكانت مصر منذ سنوات على عرش زراعته عالميا ولكن تونس انتهجت نهجا حديثا وطورت كثيرا من زراعة الزيتون على أرضها وأصبحت الدولة الأولى في العالم في زراعة الزيتون وتصديره بالرغم من مصر تمتلك أفضل جودة عالميا ونحتاج إلى توحيد العلامة التجارية وتأسيس اتحاد لكل محصول لخدمته وخدمة منتجيه وتوفير مستلزمات الإنتاج بشكل أرخص فضلا عن ابتكار طرق حديثة للتسويق ، موضحًا أن مصر بها فجوة غذائية في الزيوت بنسبة 97%.


وبالتالي: إن التوسع في رقعة زراعة الزيتون وغيره من المحاصيل الزيتية سيوفر على الدولة مليارات الدولارات سنويا والمياه الجوفية يمكن أن تخدم هذا الغرض فضلًا عن إمكانية التصدير وإدرار عائد اقتصادي يشجع الزارعين على الاهتمام بالمحصول والسعي لزيادة الإنتاجية.


الذرة والشعير


وتابع: من المحاصيل الإستراتيجية أيضا التي يمكن للدولة زيادة الرقعة الزراعية منها الشعير والذرة الصفراء الذي نستفيد منه في الإنتاج الحيواني حيث نحتاج إلى زراعة مليون فدان إضافية للاكتفاء منه محليا إلا أن المستوردين يقفون عائقا كبيرا أمام تحقيق هذا الهدف حفاظا على مكتسباتهم.


وأكد أن هذا المشروع يجب أن تشرف عليه الدولة مستعينة بالإدارة الواعية التي لا تبتغي إلا مصلحة البلاد ورؤية سليمة واهتمام بالباحثين ودعمهم جيدا ماليا وتنظيم بعثات للخارج لهم فضلا عن زيادة النفقات على البحث العلمي ويمكن أن يتحمل المنتج الزراعي هذه التكاليف كما يحدث في الدول الرأسمالية الكبرى.


وعلى صعيد المياه أوضح وزير الزراعة الأسبق أن حل الأزمة يكمن في إدارة سليمة وواعية للملف ورؤية مستقبلية واضحة من علماء تطبيقيين حيث إن هناك محاصيل يمكن الاكتفاء الذاتي منها وأخرى يكمن تقليل الفجوة الاستيرادية منها ، مؤكدا أنه يجب التوسيع والتطوير في مشروعات الري الحقلي والري بالتنقيط وزراعة المحاصيل التي تكون احتياجاتها المائية أقل من السابق فضلا عن البحث في مشروعات كيفية احتفاظ الأرض بالمياه.


مافيا الحبوب


وقال المهندس حمدي ورئيس قطاع الخدمات الأسبق بوزارة الزراعة: إنه من الممكن واليسير تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الإستراتيجية والحبوب شريطة إبعاد المحتكرين ومافيا استيراد الحبوب عن اتخاذ القرار السياسي حتى القمح نستطيع الاكتفاء الذاتي لكن لن يتحقق ذلك بسبب أن هناك مافيا تتحكم في استيراد الحبوب وتوهم القيادة السياسية أننا غير قادرين على الوصول إلى ذلك الهدف.


وأضاف عاصي أنه في خلال 3 سنوات نستطيع الاكتفاء الذاتي من القمح ، مشيرا إلى أن مستوردي القمح في مصر 5 أشخاص ويدخل في حسابهم مليارات الجنيهات وهناك تواصل بينهم ومع من يسهل لهم أعمالهم.


وأشار إلى مصر تزرع سنويا 3.4 مليون فدان قمح وطبقا للتقارير من المفترض إنتاج من 8 إلى 9 ملايين طن قمح إلا أنه لا يدخل مخازن الحكومة من 3 إلى 3.4 مليون طن قمح فقط ، مشددا على أنه يجب على الدولة أن تأخذ موقف حاسم مع المافيا المتحكمة في استيراد القمح والذرة وفول الصويا والعدس والفول البلدي ، موضحًا أننا نحتاج 250 ألف فدان فقط لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الفول البلدي في مصر لكن بشرط أن تتعاقد وزارة التموين مع الفلاح على الطن بما لا يقل عن 10 آلاف جنيه أو ما يرضي الفلاح لتشجيعه على زراعته وكذلك العدس أيضا.


مبادرات دعم الفلاح


ولفت إلى أن كان هناك الكثير من المبادرات التي كانت تدعم الفلاح والزراعة في مصر منها أن التعاقد مع اتحاد منتجي الدواجن لشراء الذرة الصفراء من الفلاحين فضلا عن توزيع آلات "فراطات" للذرة على الفلاحين كدعم لهم ولتشجيعهم على زراعة الذرة بجميع قرى مصر كمنحة من وزارة الزراعة بالتعاون مع جامعة الدول العربية في عهد الوزير أيمن أبو حديد إلا أن هذا المشروع تم ضربه في مقتل وأصبحت هذه الآلات "خردة" في الجمعيات الزراعية.


وأكد عاصي أن مصر كما تحتاج إلى زراعات إستراتيجية في أيضا في أمس الحاجة إلى صناعات مهمة مثل صناعة النسيج والذي يعود بفائدة من الناحية الزراعية حيث يمكن أن تستعيد مصر دورها العالمي في زراعة القطن حيث كانت مصر تزرع 3 ملايين فدان قطن وتصديره إلى جميع دول العالم حتى بدأت خطة تقليص زراعة القطن المصري في أواخر أيام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.


ولفت إلى الذرة الصفراء في طريقه إلى مصير القطن ، موضحًا أنه في فصل الصيف يوجد ما لا يقل عن 2.8 مليون فدان قابلة لزراعة الذرة وفي هذه الحالة لا تحتاج مصر إلى الاستيراد من الخارج حيث ما تستورده مصر 6 ملايين طن ذرة وقادرون على إنتاجهم وأكثر ولا ينقص ذلك إلا بناء مجففات ومخازن والتعاقد مع اتحاد منتجي الدواجن لسحب هذا الإنتاج ثم دعوة المستثمرين لإنشاء مصانع لاستخلاص الزيت من جنين الذرة وبهذا نعمل على تقليل الفجوة الاستيرادية من الزيت.


وسائل الري


وأوضح رئيس قطاع الخدمات الأسبق بوزارة الزراعة أنه يجب تطوير جميع وسائل الري في مصر لتصبح بالتنقيط والرش بجميع أنواع الأرض لتوفير أكثر من 70% من استخدامات مياه الري فضلا عن السماح لأراضي شمال فقط بالري بالغمر بشرط زراعتها بالأرز حيث يجري زراعة 2.7 مليون فدان أرز متابعا أن هناك معادلات يتم تغذيتها لمياه الري لتصبح صالحة لجميع أنوع التربة بدليل أنه يتم زراعة الفراولة على سبيل المثال بجميع أراضي مصر.


وكذلك الخيار والباذنجان والبطاطس والموز ، مشيرًا إلى أنه تم تقليص ميزانية البحث العلمي الزراعي من 134 مليون جنيه سنويا إلى 3 ملايين جنيه.