توفى الدكتور يوسف والى، نائب رئيس الوزراء، وزير الزراعة الأسبق، عن 89 عاما، صباح أمس.
وأوصى «والى»، العائلة بعدم إقامة عزاء عند وفاته، على أن يدفن فى مقابر أسرته بمدينة يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وفق ما قاله الدكتور ماهر والى، عميد كلية الزراعة بجامعة الأزهر الأسبق، فى تصريحات لـ«المصرى اليوم»، موضحًا أنه كان يعانى من التهاب شديد فى الرئتين على مدار أكثر من شهر، وأنه لأول مرة يفضل متابعة حالته الصحية فى المنزل وليس فى مستشفى الزراعيين.
وسيظل يوسف والى- رغم رحيله- علامة بارزة فى تاريخ مصر السياسى والزراعى، فهو صاحب الأرقام التاريخية غير المسبوقة فى تولى حقيبة الزراعة واستصلاح الأراضى لمدة 23 عامًا، وموقع الأمين العام للحزب الوطنى الحاكم لمدة 22 عامًا، وهو أول وزير للزراعة يصعد لدرجة نائب رئيس وزراء أثناء تعرضه لاتهامات غير مسبوقة عن تلويث الغذاء بمبيدات مسرطنة.
ليس هذا فحسب، فقد سجل والى أيضًا أرقامًا قياسية فى عدد القضايا التى تردد فيها اسمه شاهدًا أو متهمًا أثناء شغله مناصبه الوزارية والحزبية الرفيعة، أو عقب قيام ثورة 25 يناير، إذ صدر قرار بحبسه على ذمة تحقيقات خلال ولايته شؤون وزارة الزراعة، بينما استقبل قرار الحبس بابتسامة خفيفة رصدتها كاميرات وسائل الإعلام تعكس أسرارًا كثيرة.
من هنا استحق ويستحق يوسف والى لقب «صاحب الأرقام التاريخية غير المسبوقة»، التى اقترنت أيضا بغموض استمراره تلك السنوات الطويلة بالرغم من تعدد الاتهامات التى برأته منها المحاكم، بينما تظل أصداؤها فى الشارع المصرى لغزًا حائرًا لا يجد تفسيرًا أمام إصرار يوسف والى على الصمت مكتفيًا بأحكام القضاء، وبثقة الرئيس مبارك فى استبقائه بجانبه طوال حكمه، وهو ما أثار تكهنات وشائعات عن «نيران صديقة» تعرض لها بعد تعاظم قوته التى استمدها من الجمع بين قطاع الفلاحين وأمانة الحزب الحاكم.
من هنا صار يوسف والى لغزا غامضا أمام حالة الصمت التى التزم بها ورفضه الكامل الحديث إلى كل وسائل الإعلام المتاحة خلال توليه المنصب أو بعد خروجه منه، أو حتى كتابة مذكراته الشخصية لأقرب المحيطين به، مكتفيًا بما اعتاده فى حياته اليومية من الصوم والصلاة للصبر على الشدائد.
«المصرى اليوم» نشرت قبل فترة حوارًا صحفيًا مع الدكتور يوسف والى، تضمن تصريحات عن تداعيات أزمة كورونا على مصر والعالم، وقدم الرجل استقراءً لخريطة العالم بعد كورونا أشار فيه إلى احتمالية تغيرها انطلاقًا من أن الشغل الشاغل للعالم هو الأمن الغذائى.
وشدد «والى» فى الحوار، الذى تم قبل أيام من تعرضه للوعكة الصحية الأخيرة، على ضرورة تحليل خريطة أحد المحاصيل السكرية، حيث تتم زراعة 250 ألف فدان من قصب السكر لإنتاج مليون طن سكر، وزراعة 650 ألف فدان بالبنجر لإنتاج مليون و200 ألف طن، ولفت إلى أنه بتحليل زراعة مساحات من البنجر مرتبط بزراعة القمح لأنهما محصولان شتويان، وهو أحد المحاصيل المنافسة لزراعة القمح والبرسيم، وشركات السكر تبرم تعاقدات مع مزارعى البنجر وتقدم لهم التسهيلات اللازمة، ما ساهم فى ارتفاع إنتاجية البنجر إلى أكثر من 17 طنًا للفدان، وبعض الفلاحين يحقق إنتاجية تصل إلى 40 طنًا للفدان، والفلاح يهتم بالتوجه نحو المحصول الذى يحقق له المكسب السريع، بينما القمح يعانى من أزمة تنعكس على إنتاجيته، وهى أنه لا يمكن زراعته فى نفس المساحة والمكان سنويًا ولابد أن تتم زراعته ضمن دورة ثنائية أو ثلاثية مع المحاصيل الشتوية الأخرى. وأشار وزير الزراعة الأسبق إلى أن انخفاض إنتاجية القمح العام الماضى بسبب الظروف المناخية غير المواتية، والتوقعات بانخفاض المعروض من المحصول فى الأسواق الدولية للقمح يدفعان بقوة لضرورة تبنى أحد أهم السيناريوهات للتخفيض من هذه المشكلات بالتوجه نحو التوسع فى زراعة الذرة الشامية كأحد الحلول للاستفادة منها فى خلط رغيف الخبز المدعم من جانب، والتوسع فى زراعة محاصيل الحبوب الصيفية، ومنها الأرز، من خلال الأصناف الأقل استهلاكًا للمياه.
واختتم «والى» حواره بأن مشكلة الزراعة المصرية فى أنها فكر قديم من الصعوبة تغييره لأنه يمتد لآلاف السنين ويعتمد على الشهور الشمسية فى الزراعة والحصاد، مثل شهور توت وبابه وهاتور وكهيك وطوبة وأمشير وبرمهات وبرمودة وبشنس وبوؤنة وأبيب ومسرى، والتى تحدد مواعيد الزراعة المصرية وفقًا لهذه الشهور.