تستعد مصر حاليًا لإطلاق حدث اقتصادى كبير خلال أبريل المقبل، ليتحقق الحلم على أرض الواقع، حيث يتم بدء التشغيل التجريبى للبورصة السلعية فى موسم القمح المحلى القادم، حيث تم الاتفاق على أن تبدأ المرحلة الأولى من البورصة السلعية، بالقمح ثم الزيت والسكر والأرز والحديد والذهب وغيرها من السلع فى مراحل تالية، ليصبح لدى مصر بورصة سلعية حقيقية وسوق منظمة لتداول السلع القابلة للتخزين.
وهو الأمر الذى يحدث لأول مرة فى تاريخ مصر، بإشراف وتنفيذ وزارة التموين والتجارة الداخلية وجهاز تنمية التجارة التابع لها بالتعاون مع الشركاء من المؤسسات المصرفية والاستثمارية واتحاد الغرف التجارية، بهدف تقليل حلقات التداول وتوفير السلع الأساسية بأسعار تقل عن الأسواق لتنشيط وتنظيم حركة التجارة الداخلية والقضاء على العشوائية وتشجيع دخول صغار المستثمرين فى الاقتصاد الرسمى وكذلك زيادة وانتشار أسواق الجملة المنظمة والمناطق اللوجستية والمخازن الاستراتيجية للسلع بالمحافظات وما كان ذلك يتحقق إلا بوجود إرادة سياسية قوية داعمة لتحقيق هذه الأهداف لصالح المواطن وتخفيف الأعباء المعيشية.
الرئيس وبورصة السلع
أكد الدكتور على المصيلحى وزير التموين والتجارة الداخلية، أنه لولا دعم واهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسى واعتماده الخطة الاستراتيجية لتطوير البنية الأساسية لمنظومة التجارة الداخلية، ما ظهرت البورصة السلعية المصرية للنور وما انتهينا من تأسيس شركة البورصة المصرية للسلع، ضمن خطة الدولة لتنمية التجارة الداخلية، حيث ذللت توجيهاته كافة المعوقات لإقامة البورصة السلعية ومخازنها الاستراتيجية بالمحافظات، كما وجه الرئيس بضرورة التوسع فى المناطق اللوجستية وإقامة أسواق الجملة المنظمة بالمحافظات وتوفير السلع الأساسية للمواطنين بأسعار مخفضة وتقليل نسبة الفاقد وتخزين السلع بأساليب علمية حديثة تضمن سلامتها.
وقال المصيلحى إنه تم الانتهاء من وضع قانون تنظيم عمل البورصة السلعية ووضع اللوائح الخاصة بها، كما تم اعتماد المواصفات العامة والخاصة لكافة أنواع المخازن وأيضا المواصفات الخاصة للسلع التى سيتم طرحها من خلال البورصة السلعية.
وأضاف أن البورصة السلعية تبدأ بتداول سلعة القمح أولا ثم السلع الأخرى تباعا وأننا نستهدف 4 ملايين طن قمح فى الموسم المقبل ودخول ٤ صوامع جديدة ضمن منظومة تخزين الأقماح، ولفت الوزير إلى أنه سيتم الانتهاء من خطة إقامة وإنشاء أسواق الجملة بالمحافظات فى شهر أبريل المقبل، وأن هناك ١٠ مناطق يتم تجهيزها حاليا باستثمارات إماراتية وبالتعاون مع وزارة الإسكان، وهو ما يخلق نقلة نوعية جديدة فى التجارة الداخلية فى الفترة المقبلة. وقال المصيلحى إن الاستثمارات الأجنبية تساهم فى رفع كفاءة منظومة التجارة الداخلية، ومنها إنشاء البورصة السلعية، وصولا لتقليل الفاقد فى المنتجات، وبالتالى سينعكس على خفض الأسعار، من خلال تقليل عمليات النقل وربط كل خطوات الإمداد والتوزيع والسلع الغذائية فى مكان واحد، وحدوث نهضة فى أسواق الجملة على مستوى الجمهورية. مع وجود شبكة طرق متطورة، وهو ما يعود على المستهلك بالنفع، وحتى يتم ذلك، كان لابد من إعادة صياغة منظومة التجارة الداخلية وإقامة البورصة السلعية وتطوير ورفع كفاءة التجارة الداخلية وزيادة إنشاء المناطق اللوجستية وسلاسل التوزيع الرئيسية والهايبر ماركت، بهدف توفير السلع بأسعار مناسبة للمواطنين.
أسئلة وإجابات
فى لقاء مع الدكتور إبراهيم عشماوى مساعد أول وزير التموين ورئيس مجلس إدارة شركة البورصة السلعية المصرية ورئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية، أجاب فيه عن عدد من الأسئلة التى تدور فى ذهن المواطن حول البورصة السلعية:
فى البداية نود أن نعرف ما هى البورصة السلعية؟
هى سوق منظم لتداول بعض السلع الأساسية الحاضرة القابلة للتخزين وهى نظام أساسى تمارس من خلاله التجارة بشكل أسرع وأقل تكلفة، ويتعامل فيها كافة العملاء منتجين وتجار ومستهلكين وهى كذلك تعد نظاما عالميا معتمدا للبيع والشراء بنظام الجملة، وتستطيع أن ترفع كثيرًامن قدرة المنتجين، وتيسر عملية التبادل السلعى ومن هنا كان من الضرورى النظر فى تأسيس بورصة مصرية للسلع لتكون منصة تداول إلكترونية لتجارة السلع، كما أنها تعد جزءا من البنية التحتية لمنظومة التجارة الداخلية لتشجيع صغار التجار على الدخول ضمن منظومة التجارة المنظمة، مما سينعكس على أسعار السلع لصالح المستهلك، خاصة مع تقليل حلقات تداول السلع بين الوسطاء لضبط الأسواق وتوفير السلع الأساسية، خاصة الغذائية.
متى تم تأسيس البورصة؟
تم تأسيسها والموافقة على ترخيصها بقرار من المهندس مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، فى أغسطس ٢٠٢٠ وشمل هيكل المساهمين كافة الجهات ذات الصلة. وتم عقد الجمعية العمومية الأولى فى سبتمبر الماضى وتم وضع النظام الأساسى والعقد الابتدائى، كما عقدت عدة اجتماعات لمجالس إدارة، لوضع الأطر التنفيذية للشركة بمعرفة مجلس إدارتها وأعضائها التنفيذيين.
أين سيكون المقر الرئيسى لإدارة البورصة السلعية؟
تم الاتفاق على ان يكون فى التجمع الخامس بالقاهرة وجار تجهيز المقر الإدارى والهيكل التنظيمى للشركة.
وما هى أهدافها؟
تهدف البورصة إلى تقليل حلقات تداول السلع وتشجع صغار التجار والمنتجين على الدخول ضمن منظومة التجارة الرسمية، كما ستعمل على استقرار الأسعار ومنع الممارسات الاحتكارية والقضاء على العشوائية فى التجارة وزيادة الفرص أمام تصدير المنتجات المصرية والتى ستوفر قدراً من الحماية لصغار المزارعين والمنتجين عن طريق جمع إنتاجهم وتصنيفه وعرضه على كافة المتعاملين على منصة البورصة فى شكل سوق منظم لزيادة القدرة التنافسية بين صغار المزارعين والمنتجين ومنع ظهور احتكار واستغلال من بعض المتعاملين بالأسواق.
وماذا عن طريقة التعامل؟
يستطيع البائع «مزارع أو تاجر أو منتج» إيداع السلع داخل المخازن المعتمدة من قبل وزارة التموين بعد تصنيفها وإعطاء درجة لجودتها ليتم تداولها مباشرة على المنصة الإلكترونية للبورصة التى تعرض الكميات المتاحة من كل سلعة على شاشات البورصة وفق آليات وقوى العرض والطلب التى تحدد سعر تلك السلع وسط منافسة عادلة مما سينعكس بشكل إيجابى على أسعار السلع والمنتجات.
من هم المشاركون الأساسيون؟
يشارك فى إدارة البورصة كل من: جهاز تنمية التجارة الداخلية والشركة القابضة للصوامع والتخزين، وهيئة السلع والتموين، والبنوك التجارية والاستثمارية، وشركة مصر القابضة للتأمين، وشركة مصر للمقاصة.
كم يبلغ رأس مال البورصة السلعية ؟ ومعدل العائد؟
يبلغ رأس المال السوقى مبدئيًا 100 مليون جنيه قابلة للزيادة و39% معدل العائد على الاستثمار بفترة استرداد 3 سنوات.
لماذا وقع الاختيار على السلع الست المذكورة؟
لأنها سلع أساسية قابلة للتخزين لفترات طويلة.
وهل ستتم إضافة سلع أساسية أخرى مثل العدس والفول والبقوليات والبصل وأنواع من الفاكهة فى مرحلة أخرى للبورصة السلعية؟
هذا وارد جدا فأى سلعة أساسية قابلة للتخزين، تضاف فى المستقبل للسلع التى ستتداول فى البورصة.
هل تم إنشاء مخازن ومستودعات البورصة؟
طرحت وزارة التموين من خلال جهاز تنمية التجارة الداخلية إنشاء وإدارة ٤ من المستودعات الاستراتيجية على القطاع الخاص فى ٧ محافظات باستثمارات ٣٠ مليار جنيه، وتم البدء فى طرح ٤ مستودعات كمرحلة أولى وتقدمت ٧ من كبرى الشركات العالمية للتنفيذ.
ما الهدف من المستودعات الاستراتيجية؟
تسعى الحكومة من خلال مشروع المستودعات الإستراتيجية، إلى توفير احتياطى آمن من السلع الغذائية الأساسية وغيرها، وتخزين وتدبير احتياجات الاستهلاك الحالى والمستقبلى للبلاد، حيث تم اختيار وتجهيز الأراضى الصالحة لها وجرت عملية الإعداد بالتعاون مع المحافظات لطرح الأراضى لإنشاء المستودعات الاستراتيجية على مرحلتين، الأولى شملت ٤ مواقع فى كل من (الفيوم والأقصر والسويس والشرقية).
وما علاقة البورصة السلعية بالتجارة الداخلية؟
البنية التحتية لمنظومة التجارة تتضمن سلاسل الإمداد والتوريد ومناطق لوجستية ومراكز تجارية ومساحات تخزينية وأسواق جملة ومتخصصة وبورصة للسلع، وهو ما يقوم به جهاز تنمية التجارة الداخلية، حيث نجح فى جذب استثمارات تقدر بنحو ٥٠ مليار جنيه لإنشاء ١٨ مشروعا تتضمن مناطق لوجستية وتجارية وأماكن تخزين وأسواق جملة ونصف جملة بالمحافظات المختلفة.
كم حجم العمالة فى التجارة الداخلية ونسبة مشاركتها فى الناتج المحلى؟
عدد العاملين بها يصل إلى ٣٠ مليونا فى القطاع الحكومى والقطاع الخاص، وأيضا فى القطاع غير الرسمى، كما أن قطاع التجارة يمثل ٣٠٪ من فرص العمل على مستوى الجمهورية، بما يقرب من 10 ملايين فرصة عمل، وأنه على مدار الأربع سنوات الماضية، شهد قطاع التجارة الداخلية طفرة كبيرة، تنفيذا لتوجيهات القيادة السياسة بشأن تطوير منظومة التجارة.ومع بلوغ إجمالى الناتج المحلى العام الماضى ٦ تريليونات جنيه، فإن قطاع التجارة الداخلية يساهم بخُمس إجمالى الناتج المحلى بقيمة تقرب من ١٫٣ تريليون جنيه.
ماذا بشأن الاحتياطى السلعي؟
الاحتياطى الإستراتيجى من السلع الأساسية التموينية، حسب تقرير وزارة التموين والتجارة الداخلية، يصل إلى ٥.٥ شهر من القمح، الأرز 11.1شهر، والسكر ٣٫٢ شهر، والزيت التموينى ٤٫٣ شهر، المكرونة، ٥٫٨ شهر. الدواجن ١٣٫٤ شهر، اللحوم الحية السودانى ٢٥٫٣ شهر.
ما هى السعة التخزينية للأقماح بالصوامع؟
إجمالى السعة التخزينية للصوامع تصل إلى ما يقرب من ٣٫٤ مليون طن والرؤية المستقبلية للصوامع، من خلال المخطط الذى يتم تنفيذه لإنشاء عدد (٦٠) صومعة حقلية بإجمالى طاقة تخزينية (٣٠٠) ألف طن على مستوى محافظات الجمهورية بسعة (٥٠٠٠) طن للصومعة الواحدة للتغلب على سلبيات الشون الترابية الحقلية.
خبراء الاقتصاد
ومن جهته أشار الدكتور علاء عز أمين عام اتحادات الغرف المصرية والأوروبية والإفريقية، إلى أن البورصة السلعية هى آلية لتنظيم السوق بشكل إلكترونى حرفى، حيث تتوافر لديها كافة البيانات والمعلومات والكميات والأصناف للسلع المعروضة فيها، كما تصنف السلع والمنتجات المعروضة للبيع والشراء من حيث الجودة والدرجة والسعر، سواء للاستهلاك المحلى أو للتصدير، كما أن وجود البورصة السلعية فى مصر أو فى أى دولة، يساعد صاحب القرار على اتخاذ القرار الاقتصادى السليم.
وأضاف: نتمنى أن تحيى مصر بورصة القطن وبورصة البصل وأن يكون لدينا بورصة للمواشى مثل الموجودة فى تركيا وبورصة للزيوت مثل الموجودة فى إيطاليا، أو أن تضاف هذه السلع تباعا فى البورصة المصرية فى مراحل قادمة.
وأوضح عز أن مصر مؤهلة جغرافيا باعتبارها المحور اللوجستى العالمى بين ملتقى قارات العالم وأن البورصة السلعية سوف تلعب هذا الدور، لتكون مصر مركزا للدول العربية والإفريقية فى توفير السلع التى تحتاجها، حيث يتم ربطها بمنظومة البورصات السلعية العالمية خاصة الإيطالية والأوروبية والتى يتم التداول بها أكثر من 90 مجموعة سلعية زراعية وغذائية وصناعية.
وأكد أن هناك عوائد وفوائد متعددة تنعكس على الاقتصاد المصرى من تشغيل البورصة السلعية، أهمها تنظيم السوق ومنع العشوائية والاحتكار فى السوق وتوفير قاعدة بيانات ومواصفات ومخازن معتمدة وموثوقة عن السلعة المتداولة، مما يساهم فى تخفيض التكلفة، نتيجة اختصار وتقليل حلقات التداول ومنع الوسطاء، كما تقلل الهالك من السلعة المتداولة إلى 30% وتسهم فى خفض الواردات السلعية.
ومن جانبه أوضح فاروق إسماعيل عضو الشركة القابضة للصناعات الغذائية واللجنة الفنية لإنشاء الصوامع بالشركة المصرية القابضة للصوامع التابعة لوزارة التموين، أن فكرة إنشاء بورصة سلعية بدأت فى عهد الدكتور حسب الله الكفراوى وزير الإسكان الأسبق، حيث كان مقررا إقامة بورصة سلعية ومركز تجميع كبير للقمح فى مدينة دمياط الجديدة عام 1987 ولكن للأسف لم يتم استكمال أو تحقيق الفكرة، غير أن الدكتور خالد حنفى وزير التموين الأسبق، أعاد إحياءها مرة أخرى عام 2015، وجاء الدكتور على المصيلحى وزير التموين الحالى لتحقيق الحلم على أرض الواقع بدعم وتوجيهات القيادة السياسية.
وأوضح إسماعيل، أن هناك أوقاتا من العام يكون سعر القمح فى البورصات العالمية منخفضا وهنا يجب الدخول للشراء بغرض التخزين وتكوين احتياطى آمن للبلاد من هذه السلعة الإستراتيجية، خاصة وأن مصر من أكبر وأهم الدول استهلاكا للقمح وتقوم بالشراء من عدة مناشئ. وقال إن مصر ممثلة فى وزارة التموين، خططت لإنشاء عدد من الصوامع الحديثة لتخزين القمح الكافى للبلاد وتكوين احتياطى منه لا يقل عن 4 شهور.
ولفت فاروق اسم