"غرب المنيا".. انتهاء حلم استصلاح 20 ألف فدان

"غرب المنيا".. انتهاء حلم استصلاح 20 ألف فدان

كما تُظهر التفاصيل، استمرار السياسات الزراعية الخاطئة، سواء باستخدام محاصيل لا تُناسب طبيعة التربة بتلك المنطقة، ومياه تزداد ملوحتها عن المُعدل المناسب لبعض المحاصيل الحقلية، وعلى إثر التحقيق السابق نشره، تَقدم برلمانيون بطلب إحاطة للدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب، لاستدعاء وزير الزراعة والتحقيق فى الوقائع المنشورة. 

رغم فشله 3 مرات: الوزير يأمر ب «زراعة القطن » على مساحة 1800م 

حصلت «البوابة نيوز» على معلومات وصور تؤكد إصرار وزير الزراعة الدكتور عبدالمنعم البنا، على الاستمرار فى السياسات الزراعية الخاطئة بالمشروع ومُضاعفة حجم الخسائر، على الرُغم من وضوح فشل هذه السياسة. 

منذ أيام قليلة، أمر الوزير بزراعة مساحة ٤ بيفوت (١٨٠٠ متر) قطن، رغم فشل زراعة المحصول ٣ مرات سابقة، وسط تجاهل المسئولين، مما يدُل على جهل القائمين على المشروع بمواعيد زراعة القطن، التى انتهت مُنذ شهرين، فضلًا عن عدم صلاحية القطن للزراعة للمرة الأولى فى أرض استصلاح زراعى حديثة.

«الصور» التى حصلنا عليها، تكشف فشل زراعة ١٠٠٠ فدان «عنب مطعوم» بالمشروع، وإهدار ما يزيد على ٣٠ مليون جنيه بسبب؛ موت الشتلات، الناتج عن ارتفاع المياه وارتفاع نسبة الملوحة، حيث أكدت المستندات، أن العنب تمت زراعته على خرطومين بدلًا من خرطوم واحد، مما أدى إلى؛ تعفن الجذور إثر زيادة نسب المياه، فضلًا عن؛ أن زراعة العنب تمت فى أواخر شهر أبريل بدلًا من أوائل شهر فبراير.

وبحسب الصور المُلتقطة للمشروع، فإنه تمت زراعة العنب قبل إنشاء «الشَدّة» وبمساحات تزيد على ٥ أفدنة للقطعة الواحدة، وهو عكس تمامًا أساسيات زراعة هذا المحصول التى تتبانها وتعطى وزارة الزراعة تعليمات بها للمزارعين، بالإضافة إلى؛ عدم نزع «الكيس الأسمر» من الشتلات وزراعة العب بالأكياس وهو الأمر الذى يتسبب فى موت الشتلة فى ظل الحرارة المُرتفعة، مما يدُل أيضًا على مُعاملات زراعية لا تعتمد على تقنية لاستثمار حقيقي.

وبحسب ما يؤكده مصدر داخل مركز البحوث الزراعية، تتحفظ «البوابة» على ذكر اسمه، فإن وزير الزراعة أصر على زراعة محصول القطن بمشروع غرب/غرب المنيا عدة مرات بالرغم من مناشدات مدير معهد القطن، التابع لمركز البحوث الزراعية، بتقليل المساحة لعدم المخاطرة، دون جدوى.

ويُضيف المصدر، أن «البنا» قام باستبعاد وكيل مركز البحوث الزراعية لشئون البحوث، محمد سليمان، نظرًا لمخالفته الوزير الرأى فى مواعيد الزراعة ونوعية المزروعات على الرغم من كونه مديرًا سابقًا لمعهد البحوث، بالإضافة إلى محاولة استبعاد مُدير مركز بحوث الصحراء، نعيم مصيلحي، على إثر مناقشاته مع الوزير بشأن بعض الأعمال الفنية التى تُنفذ بطريقة خاطئة وتؤدى إلى إهدار المال العام.

ويتابع المصدر، أن وزير الزراعة وجه بوقف التعامل مع الشركة التى رسى عليها مزاد «البيفوت» والمولد والخزان والطلمبة واللوحة والكابلات، والتى كانت تكلفتها ١٦٨ مليون جنيه شاملة الضريبة، والتوجيه للتوريد من شركة أُخرى بمبلغ ٢٦٨ مليون جنيه فضلًا عن ٢٢ مليونا كنقل وتركيب، وسط علامات استفهام مطروحة حول السبب الرئيسى لتحميل ميزانية الدولة ١٠٠ مليون جنيه إضافية لتوريد مُعدات وتجهيزات بنفس المواصفات.

ويشير المصدر، إلى أن «البنا» قام أيضًا بتهميش دور نائب الوزير لشئون الخدمات، بالإضافة لتهميش ومحاربة نائب الإنتاج الحيوانى والطب البيطري، والتوجيه على جميع رؤساء القطاعات بعدم التعامل مع النواب إلا من خلاله، والإطاحة بكل من يُخالفه الرأي.

وتساءل المصدر عن سر مخالفة الوزير، لقرار رئيس الجمهورية بتكليف الدكتور محمد عبدالتواب لاستصلاح واستزراع الـ٢٠ ألف فدان، وتكليف عبدالكريم زيادة، رئيس قطاع الإنتاج بالوزارة، رغم فشل الأخير فى إدارة القطاع، وتسببه فى سقوط عدد ٢ طلمبة فى البئر رقم ١٠ و١١ بالمشروع.


«ملوحة المياه» سبب فشل المشروع

يقول أستاذ المياه والأراضي، بمعهد بحوث المياه والأراضي، بمركز البحوث الزراعية، الدكتور عبدالتواب لاستصلاح واستزراع الـ٢٠ ألف فدان، وتكليف عبدالكريم زيادة، رئيس قطاع الإنتاج بالوزارة، رغم فشل الأخير فى إدارة القطاع، وتسببه فى سقوط عدد ٢ طلمبة فى البئر رقم ١٠ و١١ بالمشروع.

مضيفا أن هناك محددات، تحكم عملية الحكم على المحصول الذى يتحمل الملوحة، من حيث نوعية التربة سواء كانت «طينية- رملية» أو غيرها، لأنها تؤثر بشكل مباشر على درجة تَحّمل المحصول للملوحة، إضافة لنوعية المناخ السائد بالمنطقة «جاف- قارى- ممطر» أو خلافه. 

ويُتابع، أنه من ضمن العوامل التى يجب اتباعها فى حالة زراعة محاصيل مثل الذرة أو القطن على درجة ملوحة مياه تصل لـ٥ آلاف جزء فى المليون، أبرزها «طريقة معينة لتخطيط الحقل، بحيث تكون واسعة وعريضة- استخدام أسمدة حيوية تجعل المحصول يتحمل درجة الملوحة» لافتًا إلى إمكانية استخدام جهاز مغناطيسى بحيث حين تمر عليه المياه يُقَلّل من درجة ملوحتها. 

بشكل أكثر تفسيرًا، تحسين طريقة التربة وقياس درجة ملوحتها ومعرفة درجة سهولة حرثها وتخطيطها، ثم قياس درجة ملوحة المياه، ثم اختيار أصناف من المحاصيل تتحمل درجات الملوحة، واستخدام أسمدة وإضافتها مع التقاوى لتكون أكثر تحملًا لدرجة ملوحة المياه، ثم اختيار طريقة رى المحاصيل «رش- تنقيط» وتوقيتات مواعيد الري، بحسب أستاذ المياه والأراضي. 

ويُشير «عبده» إلى أن الأجهزة الحديثة والإمكانيات وفرت الكثير على المُزراعين، بحيث تم استنباط تقاوى وبذور أكثر تحملًا للجفاف والملوحة من غالبية أنواع النباتات، وأن قاعدة وجود محاصيل حساسة للملوحة آخذة فى الاختفاء مع التطور التكنولوجى الزراعي. 

من جانبه، يُعّرف الدكتور ميلاد زكى رئيس بحوث بمعهد بحوث البساتين بمركز البحوث الزراعية فى ورقة بحثية، تأثير ملوحة المياه على النباتات، قائلًا: «إن ارتفاع الضغط الأسموزى والأثر التراكمى للأيونات السامة هما الأثر السلبى للملوحة على النبات والتربة». 

ويقول، إن ارتفاع الضغط الأسموزي، يحدث عند زيادة الأملاح فى التربة فى منطقة انتشار الجذور وحتى يتمكن النبات من مقاومة هذه الظروف غير الملائمة فى محلول التربة تقوم الخلايا النباتية برفع الضغط الأسموزى الداخلى للسيتوبلازما، وهذا يؤدى إلى فقد النبات للطاقة الحيوية اللازمة لتطوره ونموه، مما يؤدى إلى ضعفه وقلة إنتاجيته.

ويُتابع، أن الأثر التراكمى للأيونات السامة، يحدث عندما تتزايد نسبة امتصاص الأيونات السامة مثل الكلور والبورون والصوديوم عن طريق الجذور فى وجود نسبة مرتفعة منها فى محلول التربة وهو ما يسمى بالتأثير النوعى للأملاح، ويؤدى لارتفاع نسبة وجود هذه العناصر فى أوراق النبات إلى إعاقة التغذية وامتصاص العناصر الأخرى. 

ويُشير إلى تأثير ملوحة مياه الرى على إنتاجية النباتات، حيث تختلف المحاصيل الزراعية فى حساسيتها للأملاح الذائبة فى مياه الري. 

كما يُضيف الدكتور أحمد فوزى دياب أستاذ المياه والأراضى بمعهد بحوث الصحراء والخبير بالأمم المتحدة، أنه يمكن تقسيم المحاصيل الزراعية إلى ٣ أنواع «محاصيل حساسة للملوحة» و«محاصيل تتحمل ملوحة المياه بدرجات أقل» و«محاصيل تتحمل ملوحة المياه بدرجات أعلى». 

ويلفت إلى أن كل المحاصيل الزراعية التى تُزرع فى الأراضى القديمة مثل «الذرة- القمح- القطن- البرسيم» وغيرها، تتحمل درجة ملوحة أقل من ١٠٠٠ جزء فى المليون على أكثر تقدير.