وجود قاعدة بيانات دقيقة يتم تحديثها بصفة دورية ضرورة لاتخاذ القرارات السليمة فى الوقت المناسب، وهو ما ينطبق على كل مجالات الانتاج والخدمات ومنها قطاع الثروة الحيوانية، باعتباره من أهم قطاعات الدولة، حيث يوفر الأمن الغذائى واحتياجات المواطنين من البروتين الحيوانى من اللحوم والألبان. ودعمت الدولة هذا القطاع من خلال المشروعات القومية، مثل المشروع القومى للبتلو، والمشروع القومى لإنشاء وتطوير مراكز تجميع الألبان، ومشروع التحسين الوراثى.
وبتوجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسى، تم تنفيذ المشروع القومى لترقيم الماشية الذى أسفر عن رسم خريطة شاملة لثروتنا الحيوانية على مستوى الجمهورية، من خلال الترقيم والتسجيل والحصر الدقيق الشامل.
من المؤكد أن وجود خريطة رقمية واضحة بها قاعدة بيانات كبيرة تسهم فى اتخاذ القرار المناسب لإدارة ملف استيراد الماشية، وتوفير اللقاحات والأمصال للمنتج المحلى، وتحسين السلالة، وزيادة الإنتاج، واستثمارات اللحوم والألبان، ومعرفة احتياجات المربين والمنتجين من أعلاف وخدمات بيطرية، وتم لأول مرة رفع إحداثيات المنشآت وإنشاء قاعدة بيانات للثروة الداجنة بلغت نحو 38 ألفا و194 منشأة داجنة تشمل 33182 مزرعة دواجن، و727 خط أعلاف، و387 معمل تفريخ، و3613 منفذ بيع أدوية بيطرية، و285 مجزر دواجن، ويستهدف حصرها التخطيط السليم وتقديم الدعم الفنى لها وتحديد احتياجاتها.
وكشف تقرير وزارة الزراعة لحصر الثروة الحيوانية ميدانياً فى جميع المحافظات أن عدد رءوس الماشية بلغ 3٫8 مليون رأس منها 2.3 مليون رأس أبقار محلية و1.3 مليون رأس جاموس محلى، و200 ألف رأس أبقار مستوردة، بالإضافة إلى 2٫7 مليون رأس من الأغنام والماعز والإبل، وساعد الحصر على التخطيط لتحديد الاحتياجات من اللحوم وإدارة ملف الاستيراد، وتحديد أماكن تمركز السلالات وتوزيعها، وتحديد كميات الألبان، والولادات المتوقعة، وتحديد احتياجات الرءوس من الرعاية البيطرية والحيوانية.
الخريطة الرقمية رحب بها مربو الماشية، باعتبارهم المستفيدين الحقيقيين، بتحديد ما لديهم لتوفير احتياجاتهم من تطعيمات وأعلاف وتحديد الاحتياجات الحقيقية من الواردات حتى لا تؤثر سلبيا على انتاجهم وتغرق السوق المحلية وتحرق الأسعار وتصطنع أزمات فى السوق المحلية وتتحكم فى العرض والطلب. ويوضح الحاج مجدى عبدالعظيم، أحد المربين، أن وجود قاعدة بيانات وأرقام دقيقة للثروة الحيوانية هو السبيل لاتخاذ القرار السليم المناسب لفتح باب الاستيراد والتصدير حسب الاحتياجات الفعلية حتى لا تؤثر سلبيا على المنتج المحلى، الذى يغطى الآن نحو 60% من استهلاكنا من اللحوم ونستورد الباقى، وهى بيانات لم تكن معروفة من قبل، وبموجبها يمكن تحديد ما نحتاج لاستيراده حتى لا يكون المربى الصغير الذى يمثل 90% من المربين هو الضحية فى حالة استيراد كميات كبيرة تغرق السوق.
وطالب بإيجاد حلول لمشكلة الزيادة الكبيرة فى سعر الأعلاف التى يعانيها المربى الصغير من خلال قاعدة البيانات المتوافرة، مقترحاً عودة الجمعية الزراعية لدورها بتوفير الأعلاف بأسعار مناسبة دون دعم وبهامش ربح معقول، كالأسمدة الزراعية التى مازالت تقوم الجمعية الزراعية بتوزيعها، وهو دور لابد من عودته للجمعية الزراعية.
أول الملفات
خطوات ومراحل رسم الخريطة الرقمية للثروة الحيوانية والداجنة يشرحها الدكتور طارق سليمان رئيس قطاع الثروة الحيوانية والداجنة بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى موضحا أنها بدأت فور تولى السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضى مسئولية الوزارة، كان أول الملفات التى حظيت باهتمامه أعمال الترقيم والتسجيل وحصر الثروة الحيوانية والداجنة، وتم الحصر من خلال مديريات الزراعة بجميع المحافظات والإدارات والجمعيات الزراعية والهيئة العامة للخدمات البيطرية ومديريات الطب البيطرى، بمتابعة غرفة عمليات مركزية بقطاع الثروة الحيوانية والداجنة تم تشكيلها بالوزارة لتلقى البيانات وتذليل أى عقبات تواجه أعمال الحصر، وأصبح لدينا خريطة رقمية للثروة الحيوانية والداجنة.
وقال إن الخريطة أفادت فى تحديد حجم وارداتنا بالقدر اللازم لسد احتياجاتنا فقط حتى لا تؤثر على الأسعار وتضر المنتجين والمربين، ففى مطلع 2020 تنبأنا بأن إنتاجنا من اللحوم الحمراء سيغطى 52% من احتياجاتنا ومن ثم اكتفينا باستيراد 48% منها، ومع نهاية العام عملنا على زيادة إنتاجنا من اللحوم الحمراء، حيث غطى 58% من احتياجاتنا، ومن ثم انخفضت فاتورة الاستيراد لـ 42% ورغم أن جميع الدول عانت نقصا فى المواد الغذائية وأزمات بسبب انتشار جائحة كورونا، فإن المربين والمنتجين استطاعوا خلال فترة انتشار الجائحة الحفاظ على الإنتاجية.
وأضاف أنه بعد إجراء حصر الثروة الحيوانية فى جميع محافظات الجمهورية تم وضع خطة طموح، تمثلت فى توفير عجلات عشار وتحت عشار مستوردة ذات صفات وراثية عالية تناسب صغار المربين متخصصة فى انتاج اللحوم والألبان، وإجراء تحسين وراثى للسلالات المحلية باستخدام التلقيح الاصطناعى من طلائق ذات صفات وراثية عالية لرفع الكفاءة الإنتاجية للسلالات المحلية من اللحوم والألبان، وتم إنشاء 600 نقطة تلقيح اصطناعى بالوحدات البيطرية وتجهيزها بالأجهزة المطلوبة لتنفيذ إجراءات التلقيح الاصطناعى فى القرى بالمحافظات المختلفة، بالإضافة الى الاهتمام بمراكز تجميع الألبان التى كانت تعمل فى معزل بعيدا عن رقابة الدولة ووزارة الزراعة.
الاكتفاء الذاتى
أكد رئيس قطاع الثروة الحيوانية والداجنة أن الفترة الحالية تشهد انجازات كبيرة، من بينها تحقيق الاكتفاء الذاتى من الألبان الطازجة، وبيض المائدة الذى يصل انتاجه لـ 13مليار بيضة سنويا، ويُصدر الفائض إلى 6 دول، ونحن على أعتاب الوصول للاكتفاء الذاتى من الدواجن وبالتحديد من بدارة التسمين، حيث بلغ إنتاجنا 1.4 مليار طائر سنويا بقيمة 90 مليار جنيه، وطبقا للقرار الجمهورى رقم 39 لسنة 2020 الخاص بفتح آفاق للاستثمار الداجنى فى الظهير الصحراوى بعيدا عن الوادى والدلتا، فإن خريطة الاستثمار الداجنى تتوجه إلى الظهير الصحراوى وتحويل مزارع التربية من النظام المغلق إلى المفتوح، كما أنها توفر قاعدة بيانات دقيقة تدعم اتخاذ القرار المناسب فيما يتعلق بالأغذية والأعلاف والأمصال واللقاحات والتسويق والإنتاج واستيراد اللحوم وتحدد تمركز الكثافات ومن ثم تحديد أماكن التحسين الوراثى والتلقيح الصناعى لزيادة الإنتاج وأماكن الاحتياج لتجميع الألبان.
بداية اختيارية
وكشف الدكتور عبدالحكيم محمود رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية عن أن العمل على رسم خريطة للثروة الحيوانية بدأ مع بداية ترقيم وتسجيل حيوانات المزرعة مطلع عام 2006 والذى لم يكن إجبارياً فى ذلك الوقت، وتم البدء فى رفع إحداثيات مُنشآت الثروة الداجنة وتشمل المزارع، ومعامل التفريخ، ومنافذ الأدوية، ومصانع الأعلاف، والمجازر. وتم إنشاء قاعدة بيانات الثروة الداجنة فى يونيو2019، وشملت جهود رسم خريطة الثروة الحيوانية تصميم البرنامج القومى لترقيم وتسجيل الثروة الحيوانية على موقع الهيئة على الشبكة العنكبوتية بالتعاون مع النظم الخبيرة بوزارة الزراعة فى 2007، ومنذ ذلك الحين حتى الآن يتم ترقيم الحيوانات وتسجيلها على مستوى الجمهورية، تلا ذلك إصدار القانون رقم 13 لسنة 2014 الذى بموجبه أصبح ترقيم وتسجيل الحيوانات وتحصينها إجباريا، الأمر الذى كان له أكبر الأثر فى الحصول على الحصر الرقمى للثروة الحيوانية فى أثناء حملات التحصين.
تحديث قاعدة البيانات
وأوضح الدكتور عبد الحكيم محمود أنه يتم حالياً تحديث قاعدة البيانات للحيوانات المرقمة على البرنامج القومى للترقيم والتسجيل وتطويره ليشمل البيانات الإنتاجية والتحسين الوراثى والاختبارات التى يتم إجراؤها على الحيوان مثل اختبارات السل والبروسيلا، وبلغ ما تم ترقيمه من الأبقار والجاموس والأغنام والماعز628007 رءوس خلال عامى 2014و2015، فى حين أن ما تم ترقيمه خلال 2020 و2021 بلغ مليونا و302 ألف رأس.
وأكد رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية أن خريطة الثروة الحيوانية تفيد فى مجال الخدمات البيطرية من خلال إعداد الدراسات والخرائط الوبائية للأمراض الحيوانية المعدية وطُرق السيطرة عليها بناءً على التوزيع الجغرافى للثروة الحيوانية وأنواعها ودلالاتها والتنبؤ بانتشار الأمراض الوبائية وتحديد حجم المشكلات والخسائر، وتحديد الاحتياجات السنوية من اللقاحات البيطرية اللازمة لمكافحة الأمراض المختلفة وقصيبات السائل المنوى المُجمد والنيتروجين السائل اللازم للتلقيح الاصطناعى لإناث الماشية وأدوية التجريع والمبيدات الحشرية البيطرية وغيرها من المستلزمات البيطرية وتوزيعها على المحافظات طبقاً لخريطة الثروة الحيوانية، وتقدير الكميات المنتجة من اللحوم والألبان وتحديد الكميات الواجب استيرادها لسد العجز وتلبية احتياجات السوق المحلية بما يضمن الأمن الغذائى الذى بدوره يعد جزءا من الأمن القومى، بالإضافة إلى أن توافر تلك البيانات عن الثروة الحيوانية لمتخذ القرار يمكنه من اتخاذ ما يلزم من قرارات لتنمية الثروة الحيوانية ورصد الفجوات بسلسلة انتاج الدواجن والتخطيط لسدها ووضع تصورات لإنشاء مشروعات للإنتاج الداجنى وتتبع الأمراض بالقطاع الداجنى ووضع خطط للتحكم والسيطرة والانذار المبكر. وقال إنه تم حصر الثروة الحيوانية (الماشية - دواب) عام 2020 فى جميع أنحاء الجمهورية بالتعاون مع قطاع تنمية الثروة الحيوانية والداجنة وبالتنسيق بين مديريات الطب البيطرى ومديريات الزراعة بالمحافظات، ويتم تحديثها كل عامين من خلال متابعة الحيوانات وتحصينها 3 مرات سنويا على الأقل، وهو ما يحقق الفائدة لصغار وكبار المربين.