١٦ مشروعا للاستزراع السمكى وإنتاج الفاكهة والخضراوات فى عمق الصحراء مزارع التنمية المتكاملة أعادت الحياة للتجمعات البدوية بجنوب سيناء
تشهد محافظة جنوب سيناء تحولات حقيقية وواقعًا ملموسًا يثبت الأمل فى النفوس بمشروعات حقيقيةـ عبارة عن مزارع للخضراوات والفاكهة والاستزراع السمكى والإنتاج الحيوانى وإنتاج عسل نحل السدر الجبلى هذه المشروعات أعادت الحياة لقاطنى التجمعات البدوية البعيدة عن العمران فى عمق الصحراء وأيضاً وفرت العديد من فرص العمل وحققت نوعا من الاكتفاء الذاتى لأهالى المحافظة، بل وساهمت فى صقل انتماءاتهم الوطنية والابتعاد عن الأعمال غير المشروعة.«محافظات الأهرام» رصدت على أرض الواقع كيف تغيرت الحياة.
ورغم مشقة وعناء الوصول إلى مزارع التنمية المتكاملة فى عمق الصحراء، فقد حرص المهندس حازم يوسف مصطفى رئيس منطقة تعمير جنوب سيناء، على مرافقة الأهرام فى جولة استمرت أكثر من ٦ ساعات، حيث التجول من مزرعة إلى أخرى ومن شدة جمال الطبيعة والروح المعنوية العالية للأهالى وسعادتهم بمشروعاتهم الناجحة، لم نشعُر بالوقت حتى غابت الشمس وقررنا العودة إلى، حيث بدأنا جولتنا استعدادًا لاستكمالها فى مدينة أخرى صبيحة اليوم الثانى.
وشاهدت الانتهاء من إقامة ١٦ مزرعة ضمن مشروع التنمية المتكاملة منها عدد ٣ مزارع تحت الإنشاء بإجمالى مساحة ٦٤٧ فدانا، ويهدف المشروع إلى توطين أهالى سيناء واستقرارهم فى تجمعات عمرانية يسهل مدها بالمرافق والخدمات وتدريبهم على طرق الزراعة الحديثة.
أكد رئيس منطقة تعمير جنوب سيناء، أن مزارع طور سيناء متكاملة فى تجمعات بدوية بمختلف المحاصيل وأحواض تخزين مياة وبحيرات استزراع سمكى ويستخدم ناتج صرف بحيرات الاستزراع السمكى كأسمدة عضوية لتسميد التربة الزراعية، دون الاعتماد بشكل كبير على الأسمدة المصنعة لذلك فإن المحاصيل الزراعية المنتجة من كل المزارع طبيعية «أورجانيك» ويجرى حاليًا انشاء معصرة لإنتاج زيت الزيتون وبذلك تكون طور سيناء حققت الاكتفاء الذاتى من الخضر والفاكهة والأسماك ولحوم الماعز.
ولا يختلف الوضع فى مدينة «أبورديس»، حيث تم إقامة ٥ مزارع ومنحل عسل سدر بإجمالى مساحة ١٩٤ فدانا
وفى مدينة أبوزنيمة تم الانتهاء من إقامة ٣ مزارع فى وادى تال والبدع وسيح الرملة، بإجمالى مساحة ١١٦ فدانا وفى مدينة رأس سدر تم إقامة ٣ مزارع بتجمعات الرينة وأبوصويرة والحمة بإجمالى مساحة ١٠٥ فدادين وفى مدينة سانت كاترين تم إقامة مزرعة بتجمع بدوى الشيخ عواد بإجمالى مساحة ١٥ فدانا وعدد ٥ صوبات زراعية وبلغت تكلفة المزارع حوالى ١١٥ مليون جنيه.
وأشار المهندس حازم مصطفى إلى الترتيب لإقامة مزرعة لإنتاج الألبان بمدينة رأس سدر لخدمة المحافظات المجاورة بطاقة ٥٠٠ رأس ملحقا بها مصنع لإنتاج كل أنواع الألبان والجبن على مساحة ٢٠ فدانا ملحقا بها ٣٠٠ فدان لإنتاج الأعلاف والأسمدة بتكلفة تقريبية تصل إلى ١٦٠ مليون جنيه، فضلا عن البدء فى إقامة المرحلة الثالثة من مزرعة ٣٠٦ لإنتاج شتلات الخضراوات لتغطية احتياجات مزارع جنوب سيناء بالكامل تضم ١٠ صوبات مساحة الصوبة الواحدة فدان و١٠ أفدنة عنب بمختلف أنواعه.
أما المهندس محمد السكرى المسئول التنفيذى لمزارع التنمية المتكاملة بتجمعات جنوب سيناء فيقول: كان هناك مشروع يخص الأمن الغذائى من خلال منظمة الفاو «الأغذية والزراعة» وخلال أحداث ٢٥ يناير بدأنا التعاون مع جهاز التعمير بالتفكير فى اقامة مشروعات التنمية المتكاملة لأهالى جنوب سيناء فى عمق الصحراء ضمن خطة الدولة لتعمير سيناء وإيجاد فرص عمل للمواطنين كلٍ فى مكان إقامته وذلك باستخدام الإمكانيات المتاحة بجهاز التعمير، بدأنا أولًا فى البحث عن مصادر المياه الصالحة للزراعة بالتعاون مع إدارة المياه الجوفية وبعد التأكد من وجود المياه تم تحليلها فى المعامل المختصة وتحليل التربة لمعرفة مدى خصوبتها وماهى أصناف المحاصيل التى يمكن زراعتها بالمنطقة وبعد الانتهاء من الإجراءات الأولية كان القرار باستثمار هذه المياه الصالحة.
وأوضح «السكرى» أن المزرعة تضم صوبا زراعية وأحواضا للاستزراع السمكى ومنطقة خضار مكشوفة وتربية أغنام وأشجار نخيل من أنواع الخليجى مثل البرحى أو المجدول، ويتم زراعة المحاصيل حسب نوع الفاكهة الذى يتناسب مع التربة والمنطقة ولها عدة عوامل منها كميات المياه ونسبة ملوحتها ودرجة حرارتها، فعلى سبيل المثال لا يمكن زراعة نفس أصناف الخضر والفاكهة المنتجة من مزارع الطور في مزرعة سانت كاترين.
وتابع «السكرى» أن مدة تنفيذ المزرعة تراوح من ٣ إلى ٦ أشهر فقط استطاع مشروع التنمية المتكاملة لأهالى جنوب سيناء، توفير فرص عمل عديدة لأهالى التجمعات البدوية وإحداث نقلة نوعية فى التجمع الموجود به المزرعة، حيث كان يصعب علينا دخول المنطقة باعتبارها صحراوية لا يوجد بها حتى طريق ممهد كانت التجمعات عبارة عن طرق صحراوية شديدة الوعورة مليئة بالحجارة، حيث لم يستطيع أحد الدخول إليها إلا بسيارات الدفع الرباعى إو الجمال وبعد إقامة المزرعة، حرص البدو على المشاركة فى العمل للتعلم وصقل خبرتهم فى مجال الزراعة، وساهم المشروع فى جذب عدد من المزارعين لإقامة مزارع خاصة بجوار مشروع التنمية المتكاملة ما ساهم فى دمج البدو معهم لصقل مهارتهم، كما ساهم المشروع فى توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة فى أماكن تواجدهم.
من ناحية أخرى يقول علاء صباح حسين أحد قاطنى تجمع بدوى وادى ميعر من قبيلة العليقات: كنا نطلق على تجمع بدوى وادى ميعر والشيخ موسى عطوة والمنطقة المقام بها مزارع شباب الوادى «وادى الزلط» أو بشكل عام وادى الحجارة، حيث الرمال الكثيفة التى لا يستطيع أحد الدخول إلى الوادى إلا بسيارات الدفع الرباعى أو ممتطيًا الجمال، فضلا عن وعورة الطريق وتراكم الزلط والحجارة به ولم يقطن بهذا التجمع سوى الشيخ موسى رحمة الله عليه وأسرته، حيث إنه من أوائل البدو الذين قطنوا هذا التجمع، وبمجرد إن أخطرنا بفكرة مشروع التنمية المتكاملة لجأنا إلى أكبرنا سنا وأكثرنا خبرة وهو الشيخ جميع عطوة شقيق الشيخ موسى الذى سبق أن قطن التجمع بأسرته فتم الترحيب بالفكرة لكن مكثنا نفكر كيف يقام مشروع ضخم وسط وعورة الصحراء التى لا تكن تبشر إلا بالفشل وتم التعاون مع جهاز تعمير سيناء وأصحاب الخبرة فى هذا المجال.
وأضاف علاء صباح أن فكرة عمل مجلس إدارة لكل مزرعة فى بداية المشروع هو تفعيل لدور الشباب واشراكهم فى ما يتم على أرض الواقع من خلال المشاركة المجتمعية ما أسهم فى صقل انتمائهم تجاه المشروع دون تهميش كما كان يحدث فى السابق وظلوا قائمين على حراسة المعدات وبادروا بالتعاون فى كل ما كان يطلب منهم رغم ما واجه القائمين على إقامة المزرعة من صعوبات كعدم وجود مظلة تقيهم من أشعة الشمس الحارقة ولا منطقة يستظلون بها ليتناولوا الغذاء.
أما سالم صالح محمد رئيس مجلس ادارة مزرعة ٣٠٦ السمكية بطور سيناء، فقال إن المزرعة تضم ١٦ حوض استزراع سمكى بالاضافة الى حوضين خدمة ومستهدف انتاج من ٦ الاف الى ٨ الاف طن سمكى فى الدورة الواحدة، ونجحت المزرعة فى خدمة اكثر من تجمع بدوى يقطن به آلاف المواطنين بالاضافة الى خدمة اهالى المحافظة بامدادهم باحتياجاتهم الضرورية من الاغذية والمحاصيل الزراعية المختلفة.
ومن ناحية أخرى قال سليمان جمعة من قبيلة القرارشة رئيس مجلس إدارة مزرعة شباب الوادى بوادى ميعر فى عمق الصحراء: المزرعة ساهمت فى تحيقيق الاكتفاء الذاتى من الأسماك والخضر والفاكهة، حيث إن موقعها يعد فى طريق أهالى تجمع وادى ميعر، فبالتالى يحرصون على سد حاجاتهم منها مرة بالمجان وأخرى بأسعار أقل من سعرها السوقى بكثير.
أما الشيخ جميع عطوة من قبيلة العليقات فقال: مشروع التنمية المتكاملة لأهالى جنوب سيناء كان بمثابة الخير الذى أنزله الله لنا من السماء، حيث ساهم فى توفير احتياجاتنا وتوفير فرص عمل لأبنائنا والحد من البطالة وجذب المستثمرين الزراعيين إلى التجمعات البدوية التى كانت فى السابق طاردة لسكانها رغم أهمية تعميرها فى حفظ الأمن واستقرار البلاد.
وأضاف قائلا: كنا نقطع مسافة ٤٠ كيلومترا للحصول على احتياجاتنا الضرورية من الخضر والفاكهة مازاد من أعبائنا عبئًا جديدا، أما اليوم فأصبحنا لا نخرج من التجمع إلا للضرورة القصوى بعد ان تحققت به كل احتياجاتنا الضرورية.