«الذهب الأبيض .. رجعت أيامه» كلمات بسيطة انطلقت على لسان أحد المزارعين لمحصول القطن «صنف جيزة٨٦ طويل التيلة» فى محافظة الإسكندرية تلخص فرحتهم بالطفرة التى تشهدها زراعة المحصول هذا العام، وتذكرهم بأيام مجده قبل سنوات مضت، كانت فيها الإسكندرية المركز التجارى الأول لتصدير القطن المصرى إلى جميع دول العالم وتضم بورصتين لتداول الأقطان.
يقول طاهر سليمان، أحد المزارعين بمنطقة العامرية غرب الإسكندرية، إن محصول هذا العام مبشر، كما أن المزارعين مطمئنون إلى بيعه بسعر جيد هذا الموسم بعد إقرار المنظومة الجديدة لتداول القطن، موضحًا أنه زرع ثلاثة أفدنة هذا العام، وفى الأعوام السابقة كان ينتج الفدان ما بين ستة وسبعة قناطير، ولكن نتيجة البذرة الجيدة التى تم زراعتها هذا العام من المتوقع أن يصل الانتاج هذا العام إلى أحد عشر قنطارا فى الفدان.
ويوضح «سليمان» أنه يحرص على زراعة القطن باستمرار حتى خلال السنوات الماضية رغم أنها لم تكن مربحة للمزارعين، فمنذ الصغر كان موسم جمع القطن خيرا بالنسبة للمزارعين يزوجون أبناءهم ويبتاعون ما ينقصهم خلاله. ويشيد محمد أبو السعود، أحد المزارعين باهتمام الدولة بزراعة القطن هذا العام، حيث تتابع الجمعيات التعاونية المزارعين منذ بداية اختيار البذرة وتتابع إجراءات الزراعة حتى الحصاد، بالإضافة إلى تسويق المحصول، وهى الأزمة التى كان يعانيها المزارعون فى سنوات سابقة، مشددًا على أن هذا الاهتمام سيدفعه إلى زراعة أرضه بمحصول القطن العام المقبل، خاصة أن الدولة وضعت أسعارا لشراء المحصول عادلة وتحقق أرباحا للفلاحين.
ومن جانبه، يوضح المهندس طارق زكى صالح وكيل وزارة الزراعة أن مساحة الأرض المزروعة قطنا هذا العام نحو ٩٥٠ فدانا تتركز فى منطقة العامرية، ومن المتوقع أن تزيد هذه المساحة العام المقبل بعدما لمس إقبال المزارعين على زراعته عقب متابعتهم للمزاد الذى عقد لتحديد سعر القنطار، وفق منظومة التداول الجديدة. ويضيف «صالح» أن سعر القنطار وصل حتى الآن إلي٤٣٠٠ جنيه وهو بذلك ضعف سعر العام الماضي، كما أنه سعر جيد بالنسبة للمزارعين يتناسب مع ما أنفقوه طوال الموسم، بعد أن عانوا خلال السنوات الماضية من تراجع أسعار القنطار مما تسبب فى عزوفهم عن زراعته وتراجع الرقعة المزروعة بالقطن فى مصر بشكل عام.
ويشير إلى أن إدارات الإرشاد الزراعى وإدارة المكافحة التابعة لمديرية الزراعة تعمل على متابعة زراعة القطن منذ البداية وحتى الجنى للحفاظ على المحصول وجودته، حيث تعقد ندوات حول طرق الزراعة وتجهيز البذرة وعملية الجني، موضحًا أن الوزارة توفر المبيدات ثلاث مرات فى الموسم بالإضافة إلى الإشراف الدقيق للمبيدات التى يحصل عليها المزارعون من خارج الوزارة.
بينما يقول الدكتور ياسر سامى ربيع مدير إدارة العامرية الزراعية إن إدارة العامرية تضم أربع جمعيات زراعية ائتمانية، وتم تجهيز مركزين لتجميع القطن، وان الدولة تولى اهتمامًا كبيرًا بزراعة القطن هذا العام وفقًا لخطة قومية للنهوض بزراعته، واستيراد أحدث الماكينات.
ويوضح «ربيع» أنه خلال العشرين عامًا الماضية شهدت زراعة القطن تقلبات كبيرة وتراجع الاهتمام بها مما دفع المزارعين إلى العزوف عن زراعته، ولكن هذه الفكرة تغيرت هذا العام، كما أن القائمين على البحث العلمى اهتموا بجينات القطن المصرى طويل التيلة، للحفاظ على هذه الأصناف.
ويضيف الدكتور محمود خميس أبو زيد بمعهد بحوث القطن بمركز البحوث الزراعية، أن جميع الأصناف التى تزرع حاليًا فى مصر طويلة التيلة على اختلافها، وما يُزرع فى محافظة الإسكندرية هو صنف «جيزة ٨٦» وهو ينتج متوسط سبعة قناطير فى الفدان، وفى الظروف الزراعية المتميزة ينتج اثنى عشر قنطارا فى الفدان، ويصل طول التيلة إلى ٣٢ مم.
ويوضح «أبو زيد» أن الوزارة تحدد الأصناف التى ستتم زراعتها فى كل محافظة وفقًا لعدة عوامل علمية وبناء على ذلك يحصل المزارع على التقاوى من مديرية الزراعة عن طريق الجمعيات الزراعية.