عادت قضيّة مراكز تجميع الألبان من جديد، لتحتل واجهة المشهد الزراعى، مع تعيين السيد القصير وزيراً للزراعة واستصلاح الأراضى، وهو وزير صاحب خبرة مصرفية، وخلفية عمل بالشركات الاقتصادية، لأكثر من 35 عاماً، ويمكن أن تكون خبرته هذه، فاتحة خير، للنهوض بالمشروعات الزراعية والحيوانية والداجنة والسمكية، وخاصة قضيّة مراكز تجميع الألبان، ومنها إنتاج الجبنة والزبدة وغيرها، بمواصفات قياسية مصرية وعربية وعالمية، تدعم تصديرها للخارج، بعد سد حاجة السوق المحلى، والاكتفاء الذاتي من هذه المنتجات، التي تلتهم العُملة الصعبة، نتيجة الاستيراد من الخارج، بفاتورة جزافية.
خطة حكومية طموحة
تسابق الحكومة، مُمثلة في وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى الزمن، لوضع خطة قومية طموحة، لزيادة إنتاج مصر من الألبان خلال الفترة القادمة، باعتباره مكون غذائي هام وضرورى، لجميع المراحل العمرية، ويساهم في تحسين النمط الغذائي للمصريين، كما تشمل هذه المنظومة صناعة الألبان وإنتاجها حالياً، والبداية في الإنتاج الكلي لمصر، من الألبان السائلة لأغراض الشرب، والتي تُقدّرها الإحصائيات والأرقام الرسمية، بـ 5 ملايين طن، ونستطيع القول أن مصر لديها اكتفاءً ذاتياً من الألبان المخصصة للشرب المباشر، ويصل نصيب الفرد من إنتاج الألبان إلي 50 كيلو جراماً، بينما تستورد مصر 166 ألف طن من ألبان الأطفال وألبان البودرة، المُستخدمة في صناعة الألبان، في حين أن إجمالي الصادرات المصرية، من منتجات الألبان يصل إلي 45 ألف طن، وخاصة الجبنة الدمياطي، ولابد من التأكيد، على أن 90% من إنتاج اللبن لدي صغار المربين، كما تستهدف الحكومة، رفع متوسط إنتاج الرأس الواحدة من الماشية، إلي 50 كجم من الألبان، وبدء خطة التحسين الوراثي للثروة الحيوانية بـ 5 آلاف رأس، مع التوسع في مراكز تجميع الألبان، والبدء في 5 محافظات، مع خطة للتوسع في إنشاء معامل المراقبة علي الألبان والأغذية، وتؤكد التقارير الزراعية والصناعية الرسمية أيضا، أن نصيب المواطن المصري من استهلاك الألبان، يصل إلي 23 كيلو جرام سنوياً، مقابل 100 كيلو جرام، هي نصيب الفرد عالمياً، ويرتفع هذا الرقم إلي 180 كيلو جراماً، في الولايات المتحدة الأمريكية، ونسبة استهلاك اللبن السائب في مصر، تصل إلى 77.5% مقارنة بـ 23.5% فقط، و تستهدف الحكومة، زيادة نسبة استهلاك اللبن المعبأ الآمن، إلى 80% بحلول عام 2020، خاصة بعد ارتفاع معدل الألبان مجهولة المصدر مؤخراً، ووجود حوالى 12 ألف بائع لبن متجوّل، يبيعون ألباناً مجهولة المصدر يومياً.
منظومة جودة المُنتَج
كان الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، قد شدد على أهمية أن تكون مراكز التجميع التابعة لمزارع ومجمعات الإنتاج الحيواني على أعلى مستوى، من خلال متابعة منظومة جودة المنتج، التي تشترط حصول هذه المزارع على شهادة السلامة، وقال مدبولى خلال حضوره افتتاح عدد من مشروعات الإنتاج الحيواني بمحافظة الفيوم منذ أيام، إن وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، سوف تتولى خطة التقنين، لضمان حصول المزارع والمراكز المختلفة على هذه الشهادات، وفيما يتعلق بمراكز إنتاج الألبان، أوضح رئيس الوزراء أنه لابد وأن تكون مراكز تجميع الألبان حاصلة على شهادة السلامة، وهو ما سيتم من خلال التنسيق مع وزارة الزراعة أيضاً، مشيرًا إلى منح هذه المراكز مهلة لتقنين أوضاعها.
تقرير غِش الألبان
كان معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية، بمركز البحوث الزراعية، قد أصدر تقريرا رسميا عن طرق غش اللبن، وأوضح التقرير أن تعريف غش اللبن، هو نزع أي مادة من مكونات اللبن أو إضافة أي مادة غير مكونات اللبن الطبيعية، وأنه يوجد نوعين من غش اللبن، وهما الغش الطبيعي والغش الكيماوي، وأضاف التقرير، أن الغش الطبيعي، يتم عن طريق تغيير أحد خواص اللبن الطبيعية، وغالباً يتم عن طريق نزع كمية من الدهن، وإضافة ماء إلي اللبن، وإضافة لبن فرز، وإضافة ماء ولبن فرز، فضلاً عن نزع دهن وإضافة ماء، وأوضح التقرير أن الغش الطبيعي هو أقل خطراً، ويتم بإضافة الماء أو بنزع القشدة أو بإضافة الماء ونزع القشدة أو بإضافة اللبن الفرز، ولفت التقرير، إلي أن الطريقة التي تُستخدم لعمل اللبن المقلد، دون زيادة أو نقصان، بأن يتم فرز اللبن، أي استخراج القشدة من اللبن، ثم يتم إضافة زيت نباتي، ومن يمتلك جهاز التجنيس، يتم تجنيس اللبن مع الزيت، ومن لا يمتلك هذا الجهاز، يتم تقليب اللبن مع الزيت جيداً، ثم يتم إضافة لبن مجفف أيضا في هذا اللبن المجفف، لأنهم يستخدمون لبن مجفف مستورد، لتغذية العجول وليس للاستخدام الآدمي، كما يتم إضافة الماء.
وقد يتطلب الأمر إلى جانب ذلك إضافة مادة مثقلة لقوام اللبن، سواء النشا أو أحد المثبتات أو جيلاتين، وبهذا يكون قد تم تصنيع اللبن المقلد، وأوضح التقرير أن الغش الكيماوي، هو إضافة المواد الكيماوية للبن، بهدف إطالة مدة حفظ اللبن، أو زيادة لزوجة اللبن، لإيهام المستهلك أن اللبن غني في الدهن، و تعديل اللبن الحمضي، مشيراً إلي أن الغش الكيماوي، يتم باستخدام الأمونيا وكربونات أو بيكربونات الصوديوم وهيدروكسيد الصوديوم"الصودا الكاوية"، لمعادلة الحموضة في اللبن، وأوضح التقرير، أن أخطر هذه المواد، هي الأمونيا التي لم يذكر أحداً شيئاً عنها، مع أنه لايوجد معمل لا توجد به الأمونيا ، وأضاف التقرير أن الغش الكيماوي، يشمل أيضا استخدام النشا أو الجيلاتين أو الغراء، المُستخدم في تحضير البويات ولصق الأشياء، أو الدقيق لزيادة لزوجة الألبان، واستخدام الفورمالين أو البيروكسيد أو حامض السلسليك أو المضادات الحيوية، بهدف إطالة مدة حفظه، وأخطر هذه المواد، والتي تستخدم بكميات كبيرة، هي الفورمالين ، وكشف التقرير، عن أن طرق غش اللبن، يتم بتقليل نسبة الدهن، بغرض الاستفادة من الدهن المنزوع، ذا القيمة الثمينة العالية، ونزع جزء من دهن اللبن بنزع القشدة، وإضافة الماء، أو إضافة الماء ونزع القشدة، أو بإضافة اللبن الفرز.
وأشار التقرير إلي أن الغش، يتم بإضافة مواد تزيد في الكثافة مثل النشا والطباشير والزلال وبياض البيض والصمغ والدقيق وصفار البيض والغراء والجيلاتين، ولفت أن الغش يتم كذلك بإضافة مواد ملونة الدكستورين "السكر المحروق"، أو الملونات الصناعية كالانوتو وهو غير ضار، أو أصباغ الأنيلين وهو سام، ويجب اجتناب استعماله بتاتاً، أو أن يتم الغش، بإضافة مواد كيماوية حافظة، توقف نشاط الميكروبات الموجودة فى اللبن، فتطيل من فترة سيولته، حتى يتم التصرف فى اللبن وبيعه، ومن المواد الحافظة المعتادة، إضافة ماء الأكسجين فوق أكسيد الأيدروجين، وإضافة الفورمالين "الفورمالدهيد)، وإضافة الكربونات أو بيكربونات الصوديوم، أو أضافة البوركس، وحمض السلسيك، وإضافة مضادات حيوية Antibiotic، وهذه المواد حافظة، إلاّ أن جميع الحكومات تحذر من استعمالها لضررها على صحة الإنسان.
نستورد لبن بودرة بـ مليار دولار
كان فتحي كامل، عضو غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، وعضو المجلس التصديري للصناعات الغذائية، قد صدم الجميع بتصريحات صحفية، أكد خلالها أن مصر تستورد لبن بودرة مجفف، بقيمة تتراوح مابين 500 مليون دولار إلى مليار دولار، وقال "كامل" إن نسبة المكون المحلي في قطاع الصناعات الغذائية، وخاصة صناعة الجبن، لا تتعدي 10%، وتصل نسبة المكون المستورد 90% ويزيد، وتمنّى مع وجود وإطلاق خريطة صناعية استثمارية، أن يبدأ التخطيط فعلياً لزيادة المكون المحلي في القطاع، وتعميق التصنيع المحلي، بالتزامن مع رؤية الدولة للحد من الاستيراد، وطالب كامل، الحكومة أن تتبنى إنشاء مصنع لبن البودرة، باعتباره مشروعا قوميا يوفر على مصر، ويمنع على حد قوله ما أسماه "تصدير الدولار للخارج"، علاوة على أن إنشاء هذا المصنع، سيحل مشكلات الملايين من صغار المربين، والذين يعانون في تصريف منتجاتهم من اللبن، في ظل ارتفاع تكلفة التربية دون وجود عائد، وهو ما دفع الفلاحين لذبح إناث الجاموس والأبقار، مما سيترتب عليه آثار سلبية على الاقتصاد المصري.
وأشار كامل، إلى أن حجم إنتاج اللبن في مصر حاليا ، يقدر بـ 5 ملايين طن سنويا، منها مليون طن تنتجه المزارع الكبرى، وتورده لمصانع الألبان، وهنا لا توجد مشكلة ، أما المشكلة، فتكمن فيما ينتجه المربون الصغار، والمقدرة بـ 4 ملايين طن، والتصرف في منتجاتهم أمر في غاية الصعوبة، وأن إنشاء مصنع لتحقيق اللبن، يحل هذه المشكلة، ويمنع استيراد الألبان المجففة من الخارج.
وأكد كامل، أن هذا لن يتحقق إلا من خلال أن تتبني الدولة سواء من خلالها أو من خلال القطاع الخاص، مع تقديم حوافز للقطاع الخاص، بالعمل على إنشاء مصانع لتجفيف الألبان إلى لبن بودرة، علاوة على إنشاء مصانع أخرى للزبدة والسمنة، و علب الكرتون"التغليف" المستخدمة في الألبان أو علب الجبنة، والتي تستورد بالكامل من الخارج، بما يصل إلى نصف مليار دولار سنويا، على أن يواكب إنشاء هذه المصانع، زيادة في إنتاج اللبن الخام، حيث أن إنتاج مصر يصل إلى 5 ملايين طن سنويا، بينما حجم استهلاك مصر من الألبان سنويا يصل إلى 20 مليون طن سنويا، ويتم تغطية تلك الفجوة من خلال استيراد لبن البودرة.
ولفت إلى أن عدد مصانع الجبن في مصر تزيد على 15 مصنعا ولعل وجود الخريطة الصناعية ستوضح أن القطاع ليس في حاجة لمصانع جبن جديدة بل لمصانع أخرى سبق ذكرها.