حملات مقاطعة الفاكهة: «خلّوها تحمض»

حملات مقاطعة الفاكهة: «خلّوها تحمض»

خرجت العديد من الدعوات المطالبة بمقاطعة الفاكهة، منذ أمس الأول، وعلى مدار أسبوع كامل، فى محاولة للضغط على التجار لخفض أسعارها بعد ارتفاعها بشكل مبالغ فيه خلال الأسابيع القليلة الماضية. وتحت شعار «خليها تحمض عندهم.. كلوها أو ارموها فى الزبالة»، تداول عدد كبير من مستخدمى مواقع التواصل الاجتماعى «دعوات المقاطعة»، مطالبين بتفعيلها على مستوى الجمهورية، لحين انضباط الأسعار والعودة إلى معدلاتها الطبيعية.

وعلى ناصية شارع (هيمفرس) ببولاق الدكرور فى الجيزة، ألقت «سعاد»، السيدة الأربعينية، نظرة طويلة على تسعيرة الفاكهة المعروضة، تخطو خطوات ثقيلة على تاجر العنب وتهمس بصوت منخفض: «ملاقيش عندك عنب فرط أرخص من المعروض»، يهز التاجر رأسه، مؤكدًا أن (العنب الفرط) يتنافس الأهالى فى شرائه، لأنه أرخص ثمنًا، حيث يصل الكيلو منه إلى 7 جنيهات فقط.

واختلف أحمد عبدالدايم، تاجر فاكهة، مع رأى «عبدالعاطى» الذى يجاوره بخطوات، فهو يرى أن الأيام المقبلة ستكون صعبة على المستهلك والتاجر معًا، وهو ما تؤكده السوق التى خلت تمامًا من الزبائن إلا قليلاً: «نعانى حالة من الركود بعد انتهاء عيد الأضحى، وبسبب هذا القرار تحوّل كل بيت مصرى إلى عزاء نشعر به فى تعاملاتنا معهم، ويتهمنا المستهلك أننا السبب فى رفع ثمن كيلو الفاكهة، رغم أننا حلقة ضمن حلقات كثيرة، فهناك الفلاح الذى يزرع الخضار، وتاجر الجملة الذى يتحكم فى سعره داخل الأسواق، وسائق النقل الذى يوصله لنا ويُحدد وحده تكلفة النقل».

وتوقع أشرف ياسين، تاجر، عدم نجاح حملة المقاطعة، لأنه لا أحد يستطيع الاستغناء عن شرائها.

وأكد محمد عبدالمقصود، أحد المشاركين فى حملة المقاطعة، أن مشاركته فى الإضراب رد فعل طبيعى للغلاء غير المبرر لأسعار الفاكهة.

ودشن أهالى جنوب سيناء حملة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعى، لمقاطعة شراء الفاكهة، مطالبين المحافظة بضرورة إيجاد حلول سريعة، خاصة أن سعر كيلو العنب بلغ 25 جنيهًا، والمانجو 50 جنيهًا، والتفاح البلدى 35 جنيهًا، حتى الجوافة وصل سعرها لـ20 جنيهًا.

وحملت النقابة العامة للفلاحين الزراعيين بمحافظة مطروح، برئاسة النقيب العام عماد أبوحسين، عددًا من كبار التجار الذين يتحكمون فى سوق الفاكهة، المسؤولية عن الارتفاع الملحوظ فى الأسعار مؤخرا.

وأرجع بائعون سبب ارتفاع الأسعار لزيادة تكلفة النقل، خاصة بعد رفع الدعم عن الوقود، علاوة على ارتفاع الأسعار من الأساس فى سوق العبور، وكذلك ارتفاع إيجارات المحلات التى وصلت إلى 3 آلاف جنيه.

وأكد محسن سعد الفيومى، رئيس شعبة تجار الفاكهة والخضر بالغرفة التجارية بالجيزة وسوق الجملة بمدينة 6 أكتوبر، أن هناك أسبابا عديدة لارتفاع أسعار الفاكهة بالأسواق، أبرزها أن عددا كبيرا من أصنافها دخلت مرحلة نهاية العروة، خاصة (التفاح البلدى والعنب البناتى)، وهو ما يؤدى إلى ارتفاع أسعارها.

وأضاف «الفيومى» أن تكاليف النقل وبدء تطبيق الضريبة العقارية التى تم احتسابها بواقع 4 آلاف جنيه للمحل، فضلًا عن ارتفاع تكلفة العمالة من 50 جنيها إلى 120 فى اليوم الواحد، وكذلك زيادة أسعار الأسمدة والمبيدات والوقود، كلها أسباب للحالة التى وصلت إليها أسواق الفاكهة.

وحول جدوى حملات المقاطعة وقدرتها على دفع الأسعار للتراجع، أشار إلى أنه لن تؤثر بأى حال من الأحوال على الأسعار، لأنه بالفعل هناك شبه مقاطعة، لأن الإقبال على الشراء أصبح ضعيفًا للغاية.

وقال المهندس محمود عطا، رئيس الإدارة المركزية للبساتين والمحاصيل بوزارة الزراعة، إن الارتفاع الحالى فى أسعار الفاكهة غير مبرر، ويرجع إلى السلسلة الوسيطة فى التداول، وهى المسؤولة عن رفع الأسعار، موضحًا أن أسعار الفاكهة فى مزارع الإنتاج تصل لـ 30% من سعرها فى الأسواق بمختلف المحافظات.

وبرر حسين عبد الرحمن أبو صدام، نقيب الفلاحين، أسباب ارتفاع أسعار الفاكهة بزيادة أسعار المستلزمات الزراعية من أسمدة وتقاوى وآلات زراعية وأيدٍ عاملة، بالإضافة إلى بُعد الأسواق عن أماكن الإنتاج، وارتفاع تكلفة النقل، وكذلك تعدد التجار (الجملة والتجزئة). ولفت «أبو صدام» إلى أن حملات مقاطعة الشراء تضر بالمزارع أكثر من التاجر، كما أنها تهدد الأمن الزراعى، منوهًا بأن السبب الحقيقى لارتفاع أسعار الفاكهة ليس جشع التجار كما يشاع، لكن قلة العرض مقابل كثرة الطلب، فضلًا عن تعرّض محاصيل عديدة للآفات والأمراض، وهذه مسؤولية الدولة فى تحقيق المعادلة الثلاثية التى تضم (المنتج، والوسيط، والمستهلك).

وطالب خبراء بالتوسّع فى شبكات التسويق الإلكترونى لمنتجات الفاكهة من خلال شركات تخضع لرقابة الدولة، تضمن المنافسة بين التجار.

يأتى ذلك، بينما طالبت مصادر رسمية بوزارة الزراعة بتفعيل دور الأجهزة الرقابية ووزارة التموين فى ضمان المنافسة فى السلسلة الوسيطة لتداول منتجات الفاكهة، وإحالة المخالفات إلى جهات التحقيق، أو قيام الوزارات المعنية بفتح منافذها للتسويق المباشر لمنتجات الفاكهة.