تزيد خصوبة التربة.. طريقة جديدة للزراعة في قطر تجمع أساليب زراعية متعددة

تزيد خصوبة التربة.. طريقة جديدة للزراعة في قطر تجمع أساليب زراعية متعددة

هذه الطريقة هي أسلوب زراعة يضم مجموعة طرق زراعية موروثة عبر أجيال في دول العالم، ووضعت بطريقة منهجية لتحقيق عائد للمزارع عن طريق خفض النفقات ورفع قيمة المحصول المنتج عضويا.


الدوحة ـ في إطار سعي دولة قطر لتحقيق الأمن الغذائي المستدام، نجحت إدارة البحوث الزراعية في وزارة البلدية القطرية في تطوير أسلوب زراعة جديد هو الأول من نوعه، يجمع بين طرق وأساليب زراعية متعددة، وأطلق عليه مسمى "الزراعة القطرية المستدامة".


ومن شأن هذا الأسلوب الجديد المساعدة في زيادة خصوبة التربة الزراعية، وإنتاج محاصيل الخضار العضوية بأسعار تنافسية، بسبب قلة تكلفة مدخلات الإنتاج، والمحافظة على موارد المزرعة الطبيعية والبيئة القطرية.


كما يسهم في الاستقلال عن السوق العالمية وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الأسمدة والمبيدات الزراعية، وذلك باتباع نهج من الزراعة يعتمد على الموارد المحلية، وهذا الأسلوب الجديد يحوّل زراعة الخضراوات إلى زراعة كربونية سالبة، وذلك لأنه بالإضافة إلى صغر البصمة الكربونية لهذا النظام إلا أن ثاني أكسيد الكربون الجوي يثبت في التربة في الصورة الكربونية (فحم) ويظل ثابتا على امتداد آلاف من السنين.


ويقول الاستشاري في إدارة البحوث الزراعية بوزارة البلدية القطرية الدكتور علي الخربوطلي إن الزراعة القطرية المستدامة هي إحدى طرائق الزراعة الإيكولوجية (البيئية) التي طُوّرت لتتناسب مع الظروف الجوية والبيئية القطرية، وذلك تحت نظام الزراعة المحمية في بيوت الشبك المانع للحشرات، كما يمكن استخدامها أيضا في الحقل المفتوح.


خفض النفقات

ويوضح الخربوطلي، في حديث للجزيرة نت، أن هذه الطريقة هي أسلوب زراعة أكثر منها طريقة زراعة تضم العديد من طرق الزراعة الموروثة عبر أجيال في العديد من دول العالم، ولكنها وضعت بطريقة منهجية تستخدم لتحقيق عائد للمزارع عن طريق خفض النفقات ورفع قيمة المحصول المنتج عضويا ليكون منافسا للمنتجات نفسها في السوق العالمية.


ويشير إلى أنه في حين تركز طريقة الزراعة العضوية المعروفة على إحلال المدخلات الكيماوية في الزراعة بمدخلات عضوية أو حيوية مصنعة، فإن الطريقة الجديدة تعتمد على الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة في المزرعة والمنطقة المحيطة بها من نباتات وميكروبات وحيوانات ويكون الشراء من خارج المزرعة في أضيق الحدود، حيث يقوم المزارع في هذه الطريقة بعمل مدخلات الإنتاج (بدائل للأسمدة والمبيدات) ولا يعتمد على الشراء من السوق المحلية أو الاستيراد.


ويوضح أنه بالإضافة إلى إسهام هذه الطريقة في تعزيز الحياة البيولوجية المرتبطة بنمو المحصول في التربة، فإن لها بصمة بيئية وكربونية منخفضة، وذلك يساعد في المحافظة على موارد المزرعة الطبيعية، وتكون المحصلة النهائية المحافظة على البيئة ومكوناتها وتنميتها على نحو يؤدي إلى تعافي البيئة القطرية.


وعن المنتظر من تطبيق هذه الطريقة الجديدة في الزراعة، يوضح الخربوطلي أن الهدف هو الوصول إلى إنتاج أقصى قدر من الخضار العضوية بأقل تكلفة ممكنة، وتخفيض أسعار مدخلات الإنتاج وذلك بتصنيعها محليا وعدم الاعتماد على شراء الكيماويات والمبيدات من الخارج، فضلا عن زيادة خصوبة التربة.


مزايا متعددة

ويلفت الخربوطلي الانتباه إلى أن طريقة الزراعة الجديدة هي أسلوب زراعة يمكن المزارع من الاستقلالية التامة عن السوق، ويؤدي إلى تقليل النفقات، وتحويل المزارع إلى منتج بمعنى الكلمة للغذاء لا مستهلك للأسمدة والمبيدات.


ويعدد الاستشاري في إدارة البحوث الزراعيّة بوزارة البلدية القطرية مزايا الطريقة الجديدة للزراعة، فيشير إلى أنها تتميز برخص ثمنها (تقلل التكاليف بنسبة تبلغ أكثر من 90%) واعتمادها على مخرجات ومخلفات المزرعة (تربة المزرعة ونباتاتها وحيواناتها).


وكذلك فإن الميكروبات يمكن جمعها وتكثيرها بطريقة مبسطة، فيمكن للمزارع العادي جمعها ومن ثم استخدامها، وإنتاج السماد العضوي الصلب والسائل سواء أكان هوائيا أو لاهوائيا، فضلا عن البدء في بناء التربة بزيادة نسبة المواد العضوية سنة بعد أخرى.


كما يؤكد الخربوطلي أن الطريقة لا تكتفي بالانتقال من الزراعة الكيماوية إلى الزراعة العضوية، لأن الزراعة العضوية المعروفة تعتمد في الوقت الحالي على العديد من الأسمدة والمبيدات التي تنتجها من شركات خارجية، ومن ثم لا تحقق الاستقلالية والأمن الغذائي الذي يمكن أن يتأثر نتيجة انقطاع سلاسل الإمداد.


ويوضح أن شراء تلك الأسمدة يزيد تكلفة الإنتاج، ويؤدي إلى ارتفاع أسعار المحاصيل العضوية في الأسواق، ولا يكون في متناول الجميع أو لا يكون للمنتج المحلي أي ميزة سعرية عن مثيلة المستورد من الخارج.


ويرى أن طريقة الزراعة الجديدة تضطلع بدور مهم في التغلب على تحديات القطاع الزراعي بالإسهام في زيادة توجه المزارعين لإنتاج محاصيل الخضار العضوية لقلة تكاليف الإنتاج، وكذلك إنتاج الخضار العضوية محليا بأسعار تنافسية رخيصة لقلة سعر مدخلات الإنتاج، كما أنها لا تحتوي على أي تقنيات عالية ويمكن التدريب عليها من أي مستوى تعليمي للمزارعين أو العمال.


تجدر الإشارة إلى أن وزارة البلدية ممثلة بإدارة البحوث الزراعية تحرص على تنظيم دورات إرشادية للمزارعين وأصحاب المزارع تتعلق بمشاريع رفع الإنتاجية المستدامة لمحاصيل الخضراوات، وذلك في إطار سعي قطر لزيادة الأمن الغذائي عن طريق زيادة الناتج المحلي من محاصيل الخضراوات الورقية والثمرية على مدار العام وبأقل استهلاك للمياه.


المصدر : الجزيرة