الأعلاف البديلة.. من طرح الطبيعة

الأعلاف البديلة.. من طرح الطبيعة

  • حطب القطن والذرة  حل مناسب  تزيد  قيمته الغذائية بالحقن  بغاز الأمونيا و«المولاس»
  • «تفل» البرتقال والبنجر ورقائق الذرة المطبوخة بديل محلى رخيص الثمن
  • «الأزولا» علف سريع النمو قليل التكلفة ينتج  30 طنا شهريا مقابل ثلاثة أطنان  لفدان البرسيم
  • زراعة 2٫3مليون فدان ذرة شامية و600 ألف للرفيعة بزيادة 200 ألف فدان

ظهرت أزمة أعلاف الحيوانات بعد الارتفاع الجنوني في أسعارها نتيجة لقلة المعروض منها وارتفاع سعر الدولار .. فكانت أولى نتائج ذلك الارتفاع المحموم في أسعار اللحوم والأسماك والدواجن والبيض، ونتيجة لعدم قدرة أصحاب مزارع الدواجن على توفير أعلاف لها بعدما تجاوز سعر طن العلف إلى 19 ألف جنيه .. اضطروا لبيع الكتاكيت بجنية واحد وتكلفته 8 جنيهات ولم يجدوا من يشتريه، فكان المخرج من هذه المسألة هو التوجه إلى معاهد البحوث الزراعية  للبحث عن حل علمى وسريع فى دفاتر أبحاثهم ، وحتى لا نفقد مليارات من الجنيهات هى حجم الاستثمار فى الثروات الحيوانية والداجنة وكانت النتائج أكثر من رائعة، فخلف أسوار البحوث الزراعية حلول غير تقليدية وعملية، تنتظر من يكتشفها وينفذها.

 

 

يقول الدكتور تامر منصور الباحث فى معهد البحوث الزراعية إن سبب أزمة نقص الأعلاف عدم وجود إنتاج محلى من الخامات العلفية كافٍ للإنتاج الحيوانى بشكل عام، ونقص وجود العملة الصعبة، فقد شهدت سوق الأعلاف خلال الفترة الأخيرة تحولا كبيرا وارتفاعا غير مسبوق فى الأسعار، وصلت الزيادة فى بعض الأحيان إلى 1500 و2000 جنيه فى الطن خلال 72 ساعة فقط، بعدما كان الارتفاع فى الأسعار لا يتعدى 200 و300 جنيه خلال العام كله. فلقد سجل سعر طن علف الدواجن حوالى 19 ألف جنيه، سعر علف بادى 23% سجل19 ألفا و200 جنيه للطن، وعلف ونامى بروتين 21% سجل19150جنيه للطن وعلف ناهى بروتين 19% 18950 جنيها للطن وعلف بادى نامى 21%سجل 18700 جنيه للطن .

كما وصل سعر الذرة الشامية البرازيلى 13 ألفا و800 جنيه للطن والذرة الشامية الأوكرانى 13 ألفا و500 جنيه للطن، مقابل 7 آلاف جنيه من قبل، وبلغ سعر كسب الصويا المحلية بروتين 44% 29 ألفا و500 جنيه للطن وبروتين 46% سجل 39 ألفا للطن مقابل 10500 جنيه (وحاليا لا يوجد مستورد )،وسعر طن الردة المحلية 7400 جنيه للطن مقابل 5آلاف، وكسب عباد الشمس بروتين 36% بلغ سعره 12 ألف جنيه للطن.

من الجدير بالذكر أننا نستورد كميات ضخمة من الأعلاف سنويا وخاصة الذرة الصفراء وفول الصويا من أمريكا والبرازيل والأرجنتين وأوكرانيا (استوردنا وفقا لتقرير الإدارة المركزية للحجر الزراعي 4.6 مليون طن فول صويا و9.7 مليون طن ذرة عام 2020) فى حين أننا ننتج نسبة لا تتعدى 15 إلى 20% من خامات الأعلاف التى يتم استهلاكها محليا، والباقى يتم استيراده، وفقا لاتحاد منتجى الدواجن. حيث يبلغ حجم الاستثمارات فى صناعة الدواجن بمصر يبلغ نحو 100 مليار جنيه

  • المخلفات الزراعية

وتشير معظم الحلول التى خرجت من الأبحاث العلمية فى المركز القومى للبحوث ومعهد البحوث الزراعية كما يراها الدكتور تامر منصور إلى عدة نقاط حيث يمكن كما يقول الاستفادة من المخلفات الزراعية واستخدامها فى العديد من الأغراض مثل استخدامها فى تغذية الحيوانات، وبالتالى يمكن سد الفجوة فى كمية الأعلاف وتقليل المساحات المزروعة بالأعلاف الخضراء واستغلالها فى زراعة المحاصيل الإستراتيجية، حيث أثبتت الدراسات التى قام بها باحثون من المعهد القومى للبحوث الزراعية أن العديد من المخلفات الزراعية مثل التبن، وحطب الذرة ، وحطب القطن، وعروش النباتات، ومخلفات قصب السكر لها قدرة على أن تصبح أعلافا بديلة للحيوانات وإن كانت قليلة العناصر الغذائية إذا تم استخدامها فى شكلها الخام فى تغذية الحيوانات، لذا يجب استخدام التقنيات الحديثة التى توصل لها الباحثون فى رفع القيمة الغذائية لهذه المخلفات بإضافة بعض المواد المكلمة غذائيا مثل اليوريا، والحقن بغاز الأمونيا، وإضافة المولاس للمخلفات وكلها ستحقق القيمة الغذائية المطلوبة.

كذلك من الحلول زراعة نباتات «البونيكام» لما لها من قدرة فائقة وقيمة غذائية أعلى فى الأعلاف فلابد من تشجيع زراعة «البونيكام» فى الأراضى المستصلحة الجديدة، خاصة أن إنتاجيته أكثر من البرسيم الحجازى هذا علاوة على استهلاكه القليل للمياه وينصح بزراعته فى مناطق شرق العوينات وغرب المنيا وتوشكي.

ويضيف: لا أحد ينكر أن الذرة تمثل نسبة 65% من العلف المستخدم فى تربية الدواجن، لذلك فان التحرك نحو تطبيق الزراعات التعاقدية مع الفلاحين كحل آخر غير تقليدى للأعلاف الحيوانية سيسهم فى حل المشكلة الحالية حتى يأمن الفلاح بيع محصوله بسعر عادل، وبالتالى تزيد المساحات المزروعة بالذرة وفول الصويا، ومن ثم يقل الاستيراد وتنخفض الأسعار. وتستهدف وزارة الزراعة زراعة 3.2 مليون فدان من محصول الذرة منها 2.8 مليون فدان من الذرة الشامية و400 ألف فدان ذرة رفيعة، تم بالفعل زراعة 2.3 مليون فدان من الذرة الشامية بمتوسط إنتاجية 25 إردبا للفدان، كما بلغت المساحة المنزرعة بمحصول الذرة الرفيعة نحو 600 ألف بزيادة عن المستهدف بحوالى 200 ألف فدان.

ويختتم الدكتور تامر منصور كلامه يمكن للإرشاد الزراعى أن يساهم فى توعية الزراع بالتكنولوجيات الخاصة بمعالجة المخلفات الزراعية (والتى تبلغ حوالى ١٥مليون طن مستخدم منها حوالى 6 ملايين طن فقط) ويسعى الإرشاد الزراعى لتغيير السلوكيات السلبية الخاصة بهذا المجال، وذلك من خلال توعية الزراع بأهمية الاستخدام الأمثل للمخلفات الزراعية وكيفية الاستفادة منها.

  • بدائل غير تقليدية

ويقول الدكتور محمد بكر مدرس تغذية الحيوان وتكنولوجيا تصنيع الأعلاف بكلية الزراعة جامعة القاهرة يواجه قطاع الإنتاج الحيوانى والداجنى خلال السنوات الأخيرة العديد من التحديات العالمية التى تسبب انخفاض ربحيته لعدة أسباب، منها التغيرات المناخية وتأثيرها، وكذلك الصراع بين روسيا وأوكرانيا أثر سلبا وساعد فى ارتفاع أسعار الحبوب و«الاكساب» عالمياً لأنهما يشاركان بنسبة 53% من تجارة زيت دوار الشمس والبذور ما يعنى إنتاج الزيت والاكساب (مصدر البروتين) الهامة فى علائق الماشية بأنواعها المختلفة حيث كانت تكاليف التغذية تمثل سابقا من 50 إلى 60% من التكاليف المتغيرة فى مشاريع الإنتاج الحيوانى لكن مع المستجدات الجديدة ارتفعت النسبة إلى ما يزيد على 80% من التكاليف المتغيرة.

ويضيف الدكتور محمد بكر كلنا نقر بان الذرة هى مصدر الطاقة الرئيسى فى علائق الماشية لكن أسعارها سجلت رقما تاريخيا لم يحدث من قبل ولذلك كان لابد من البحث عن بعض بدائل لتلك الخامة العلفية الهامة بشرط أن يكون البديل متاحاً محلياً وأرخص سعراً.

فكانت النتائج البحثية العلمية إيجاد بديل يعطى نفس النتائج فى التغذية المتكاملة حسب طبيعة إنتاج الحيوان ومرحلته الإنتاجية فأمكن استبدال الذرة الصفراء ببعض الخامات مثل الذرة الشامية (الذرة البيضاء المحلية) والذرة الصفراء المحلية والذرة الرفيعة (السورجم) والشعير مع مراعاة القيمة الغذائية لهذه الخامات التى عادلت بل وتفوقت أحيانا على الذرة المستوردة خاصة وأنه تم معاملتها أثناء وبعد الحصاد بشكل مناسب.

كما يشير البحث العلمى فى مجال الأعلاف على أنه يمكن الاعتماد بالمزارع على بعض المواد الأخرى لتخفيض نسب الذرة فى العلائق مثل «مولاس» القصب و«مولاس» بنجر السكر،وكذلك على عنصر هام جدا فى التغذية الحيوانية والعلف وهو «تفل» البنجر والذى يتم إنتاجه بكميات جيدة ويتم تصدير جزء منه لتوفير العملة الصعبة وكذلك «تفل» البرتقال المجفف او الطازج ( كل 1 كجم ذرة يعادل 6 كجم تفل برتقال فريش) وغيرها من الخامات المحلية التى يجب الاهتمام بها وتوعية المربين بضرورة الاعتماد عليها لتخفيض نسب الذرة المستوردة فى العلائق وتخفيض تكاليف التغذية دون التأثير السلبى على صحة الحيوان أو جودة المنتج الحيواني

الذرة المطبوخة

ويرى الدكتور محمد بكر ان الأبحاث أثبتت أن رقائق الذرة المطبوخة المجلتنة المعاملة بالبخارأحد أهم الطرق لمواجهة ارتفاع أسعار الذرة و الاستفادة من مركباتها الغذائية وتقليل الفاقد منها بأكبر قدر ممكن من خلال التخزين فى ظروف مثلي، وبالتالى فاستخدام هذه الخامة المصنعة بتكنولوجيا عالمية يمكن من خلالها استبدال كمية الذرة المأكولة بكمية أقل مع الحصول على نفس الإنتاجية. وفى جميع الأحوال يجب مراعاة الاحتياطات الفنية فى تكوين العلائق وخليط العلف المركز التى تحقق التوازن والملاءمة

  • علف سريع النمو

أما الحل الأمثل لمشكلة الأعلاف وارتفاع أسعارها كما يقول الدكتور رضا الشحات، أستاذ الميكروبيولوجى بمعهد بحوث الأراضى والمياه والبيئة بمركز البحوث الزراعية فهو نبات «الأزولا» وهو نبات سرخسى صغير يعيش طافياً على سطح المياه العذبة، ولم يكن موجوداً فى مصر قبل 40 عاماً. حتى قام بعض أساتذة مركز البحوث الزراعية فى الثمانينيات بجلبه من جنوب شرق آسيا ، خاصة نوع «أزولا باناتا» لإجراء تجارب وأبحاث عليه وتم زراعته وأقلمته مع الظروف المصرية، وبالفعل نجحت تلك التجارب وأصبح «الأزولا» موجوداً بكثرة بفضل تلك الأبحاث.

فنبات الأزولا يرتبط بنوع من الطحالب التى تتعايش معه ويعمل على تثبيت الأزوت الجوى، لذلك يحتوى على نسبة تتراوح بين 35 و40% من البروتين، وتُستخدم تلك النباتات فى أعلاف الدواجن بنسبة تصل إلى 50% مع معدل نمو طبيعى، ويمكن أن تتغذى عليها الدواجن، سواء كانت خضراء أو بعد تجفيفها وترطيبها قليلاً بالماء. كما يمكن استخدام الأزولا كعلف للدجاج الأبيض والأرانب والأسماك، ويُستبدل بـ50% من العلف المركز، ويستخدم للمواشى بنسبة 60%، والبط والأغنام والماعز بنسبة 80%، مع ثبات التحويل وزيادة إدرار الحليب بنسبة 20%، ويوفر الأدوية البيطرية، كما يمكن استخدام الأزولا فى تسميد التربة ورفع خصوبتها وتغذية النبات، إضافة إلى أنه يحمى البيئة من التلوث، فهو يمتص العناصر الثقيلة السامة من التربة.

ويؤكد الدكتور رضا أنه من خلال استخدام «الازولا» كعلف للدواجن يمكن توفير أسعار الأعلاف المستوردة غالية الثمن مما يساعد على خفض أسعار اللحوم، كما يمكن استبدال آلاف الأفدنة من البرسيم وإحلالها بالقمح بدلا منها حيث يستغرق نبات «الأزولا» من ثلاثة إلى أربعة أيام كى ينمو ويتضاعف، ويُنتج الفدان طن أوزولا يومياً على أقل تقدير، بما يعادل 30 طناً شهرياً، مقابل فدان البرسيم الذى يُنتج 3 أطنان شهرياً، بالإضافة إلى أن «الأزولا» يُزرع مرة واحدة ويعطى إنتاجية مدى الحياة، ولا يحتاج تكاليف سوى إنشاء المزرعة. وهذا المشروع قد يوفر فرص عمل لملايين من الشباب من خلال مشروع استثمارى مربح.

ويضيف، يمكن زراعة الأزولا فى الحقول أو على أسطح المنازل وأنسب موعد للزراعة شهرا مارس وأبريل من كل عام حيث يوفر معهد الأراضى والمياه تقاوى الأزولا لمن يرغب فى زراعة هذا المحصول.

  • تجربة حية

والكلمة الفصل كانت لدى الدكتور رضا خليل صاحب تجربة رائدة فى مجال تدوير المخلفات الزراعية وتحويلها لأعلاف غير تقليدية يقول المشروع بدأ منذ ٢٠١٨ فى الوادى الجديد وهو مشروع لتدوير المخلفات الزراعية لإنتاج أعلاف غير تقليدية بديل الذرة وفول الصويا، وتم التطبيق بنسب نجاح غير متوقعة وغير مسبوقة ويمكن تعميم التجربة فى كل المحافظات وتصدير الفائض منها ، فمن المعروف أن المخلفات الزراعية غير مستغلة وتكون عبئا على الفلاح والدولة، فكانت الفكرة تحويلها لأعلاف فتم التعاون مع المركز القومى للبحوث لكيفية الاستفادة من مخلفات خاصة تالف التمر والنوى وناتج عصر الطماطم والبرتقال وباقى أنواع الفواكه، وتم إنشاء وحدة تجفيف وإنتاج أعلاف غير تقليدية فى مزرعة المركز فى النوبارية، وتم عمل التجارب على جميع أنواع المواشى والأغنام والدواجن وحقق نجاحا كبيرا، ووفر فى تكلفة العلفية للدواجن والمواشي.

ويضيف الدكتور رضا خليل اقترح إنشاء غرفة لصناعة الأعلاف غير التقليدية، وكذلك إنشاء بورصة لتسعير المخلفات الزراعية حتى نشجع العاملين والشباب للدخول فى هذا المجال وقتها سوف تكون الأسعار فى العلف المستورد أو المعاد تدويره أقل بنسبة ٥٠%.