عقدت لجنتا العدالة الاجتماعية، والدين العام وعجز الموازنة والإصلاح المالى، بالمحور الاقتصادى فى الحوار الوطنى، جلستى «الدين العام: الإشكاليات والحلول»، و«تفعيل مبدأ تكافؤ الفرص فى العمل والأجور والمعاشات والسياسات الضريبية وغيرها».
وقال الدكتور أحمد جلال، مقرر المحور الاقتصادى بالحوار الوطنى، إن مجلس الأمناء حرص على عقد جلسة جديدة بشأن العدالة الاجتماعية، خاصة أن المناقشات فى الجلسة الأولى تطرقت إلى الحماية الاجتماعية بشكل أكبر دون التطرق بشكل حقيقى نحو العدالة الاجتماعية، حيث يوجد فارق كبير بين كل منها.
وأكد أن الحماية الاجتماعية متصلة بشكل حقيقى بكل الفئات المُهمشة والفقيرة، أما العدالة الاجتماعية فهى تحقيق التوازن بين فئات المجتمع بداية من الفئات الأكبر و«يُطلق عليهم بتوع الساحل»، حتى الفئات الأقل وهم «المُهمشون»، مشيرًا إلى أن تحقيق التوازن بين كل الفئات يُحقق العدالة الاجتماعية.
وتابع أنه من خلال تحقيق التوازن بين الفئات نكون أمام استدامة فى العدالة الاجتماعية، مع أهمية الوضع فى الاعتبار أن العدالة الاجتماعية ليست مساواة بين الفئات، خاصة أنه لا أحد يرغب أن يكون جميع الفئات مثل بعضهم البعض، ولكن تحقيق التوازن هو ما يخلق العدالة مع مرور الوقت.
وأشار إلى أنه يرى أن ذلك يتحقق من خلال تفعيل فكرة مبدأ تكافؤ الفرص بين الجميع فى كل ما تقدمه الحكومة بجانب الأدوات التوزيعية يكون فيها توازن بين الفئات أيضا والتى تكون فى إطار الضرائب والدعم، بجانب أهمية العمل على تحقيق التوازن بين الأجيال فيما تمتلك الدولة على أى من المستويات من ثروات.
وقال جودة عبدالخالق، عضو مجلس أمناء الحوار الوطنى، إنه سبق أن تمت مناقشة العدالة الاجتماعية لكن معظم المناقشات ركزت على الحماية الاجتماعية، بينما العدالة الاجتماعية منظور أوسع وأشمل.
وأوضح عبدالخالق، خلال كلمته بلجنة العدالة الاجتماعية ضمن جلسات المحور الاقتصادى للحوار الوطنى، أن إجراءات الحماية الاجتماعية ناتجه عن تطبيق سياسات جائرة خلقت ضحايا وفقراء، مما أدى إلى تقديم الدول سياسات تضمن الحماية الاجتماعية مثل برامج تكافؤ وكرامة.
وأضاف عبدالخالق أن الدستور المصرى واستراتيجية مصر للتنمية المستدامة رؤية مصر 2030 تنص على العدالة الاجتماعية، وتحقيق تكافؤ وعدالة توزيع الفرص بين المواطنين باعتبارهم شركاء فى وطن واحد بأبعادهم الثلاثة، سواء الجيل الحالى والجيل التالى، والفقراء والطبقة الغنية، الوجه البحرى والصعيد. وأشار إلى أن العدالة الاجتماعية ليست عدالة توزيع الدخل فقط، وإنما الدخل والثروة والفرص، والسياسة المالية والنقدية والصناعية والزراعية، متابعا: «نلاحظ أنه رغم نصوص الدستور والمواثيق الدولية التى تشدد على أهمية العدالة الاجتماعية إلا أن سياسة الدولة المطبقة حاليا تسير عكس اتجاه العدالة الاجتماعية وتركز على الحماية الاجتماعية، وهو اتجاه خاطئ.
وقال إن المزارعين تطبق عليهم ضرائب تعادل ما يزيد على 50% وهو أكبر معدل ضريبى لضرائب الدخل، مقابل ذلك هناك بعض الفئات المعفاة من الضرائب تماما، وأوصى بإعادة النظر فى جوهر السياسات المالية لدينا، بحيث تراعى مخصصات السياسة الاقتصادية ومتطلبات العدالة الاجتماعية من ناحية أخرى.
وطالب بوقف العمل بقانون التوريد الإجبارى للمزارعين، لأننا نعيش فى مجتمع يتعامل بالسوق الحرة، لذا لا يجب أن يتم تطبيق سياسة التوريد الإجبارى على المحاصيل الزراعية.
وأشار إلى أن المعاشات فئة مظلومة، وسياق العدالة الاجتماعية لا يكتمل إلا بأنصاف هذه الفئة من المجتمع.
وطالب النائب أحمد الشريف، ممثل حزب النور فى الحوار الوطنى، باتخاذ الإجراءات الصارمة والحاكمة للتوظيف والترقية والجزاءات وتفعيل الضوابط العامة، وتفعيل دور المجلس الأعلى للأجور وإجراء تعديل تشريعى لقانون المعاشات لتوفير حياة كريمة للمحالين للمعاشات.
واقترح «الشريف» إعادة المشروعات المشتركة مع الدول مثل مشروع بنجر السكر والتوسع فى الجامعات الأهلية، مشددا على ضرورة توفير التأمين الصحى وتأمين معاشات للمزارعين والاهتمام بالمنصات التعليمية الرقمية، متابعا: «نحن بحاجة لتوفير فرص للشباب من قطع أراض وسكن مناسب».
من جانبها قالت إكرام الجزار، ممثلة حزب الدستور، إنه لا يمكن الحديث عن تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص فى ظل محدودية الفرص من الأساس، موضحة أن تحقيق تكافؤ الفرص لا يتطلب فقط عدم التمييز، لكن زيادة فرص العمل.
وقالت النائبة راوية مختار، ممثل حزب الإصلاح والتنمية، إن مبدأ تكافؤ الفرص تحقق من خلال السياسات التى وفرتها الحكومة حيث تطوير العشوائيات وتوفير الخدمات المختلفة.
وفى جلسة الدين العام، قال الدكتور طلعت خليل، مقرر لجنة الدين العام وعجز الموازنة والإصلاح المالى، بالحوار الوطنى، إنه منذ عام 2014 توسعت الحكومة فى سياسة الاقتراض بشكل غير مسبوق، حيث ارتفع الدين العام الداخلى 4 تريليونات و٧٨١ مليارا و٩٣٢ مللى خلال 6 سنوات بزيادة تعادل نسبة 109%.
وأشار «خليل» إلى أن حجم الدين الخارجى للدولة كان 213 مليار جنيه فى 2016، وصل إلى تريليون و526 مليار جنيه خلال عام 2022، أى بنسبة زيادة تعادل 614%.
وأضاف أن الدولة لديها مشكلة كبيرة، وتدور فى حلقة مفرغة فى هذه الديون، مشيرا إلى أن العجز الكامل فى الموازنات فى ظل وجود مصروفات يزيد من الأزمة، وبالتالى يجب البحث عن إيرادات جديدة منعا لتفاقم العجز، مضيفا أن الاستمرار فى إصدار السندات والأذون يزيد من تفاقم الدين العام الداخلى للدولة، وأن التعثر فى السداد سوف يضع الدولة فى مأزق.
وتابع «خليل»: «الأزمة التى كانت قائمة هى إنفاق الديون فى غير أماكنها المقررة، فعلينا وضع آلية لوقف الاقتراض غير الضرورى، فالتعثر فى السداد سيلقى بظلال صعبة على الدولة المصرية واقتصادها».
من جانبه، أكد عبدالفتاح الجبالى، المقرر المساعد للجنة الدين العام والموازنة بالحوار الوطنى، أن إجمالى الدين العام وصل إلى 113% من الناتج المحلى الإجمالى، وهو نسبة كبيرة، مشيرًا إلى ضرورة قياس نسبة الدين وفقا للناتج المحلى الإجمالى والصادرات والواردات، وليس مجرد أرقام الدين.
وأضاف «الجبالى»: «أزمة الديون هى أكبر أزمة يواجهها الاقتصاد المصرى، وهناك أزمة لابد من وضع حد لها، وهى أن ديون الدولة تمول تمويلا جاريا وليس استثمارات، حيث تسدد ٩٠٪، من مبالغ الديون لسد عجز الموازنة، وهى قضية تحتاج لحلول، فلدينا فجوة فى الموارد نتيجة للفجوة بين معدل الادخار والاستثمار.. ومطروح للنقاش إقرار قانون من البرلمان لوضع سقف للدين العام، واللجوء لإعادة الجدولة، وتبادل الديون».
وقال الدكتور رائد سلامة، مقرر مساعد لجنة التضخم وغلاء الأسعار، خلال كلمته بجلسة الدين العام، فى الحوار الوطنى، إنه يعتقد أنه من الأفضل مناقشة تسوية الدين الخارجى فى اللجنة المصغرة التى شكلها مجلس الأمناء.
وأضاف «سلامة»: «ملامح المسألة تتعلق بأن حجم الدين العالمى بلغ ٣٠٥ تريليونات دولار، نصيب إفريقيا فيه ١.١ تريليون دولار، أى أن نسبته ضئيلة، مقارنة بالدول السبع الكبار، والذين يمثل حجم الدين لديها ٢٥٪، من إجمالى الديون العالمية، ما يعنى أنه يمكن، بالتنسيق مع الشركاء الإفريقيين، البحث عن سبل لجدولتها، وتسويتها».
وتابع: «لابد من وضع آلية لتنظيم الدين فى إطار المالية العامة، فنحن بحاجة لقانون «الانضباط المالى»، الموجود فى دول عديدة، رغم أننا نطبق روحه، أو إجراءات منسوبة له». وتابع: «نحن بحاجة لإنشاء المجلس الاقتصادى والبيئى وإعادة النظر فى التعامل مع الموازنة الحالية كموازنة تقشف حكومى، وأيضا إعادة النظر فى فلسفة الموازنة بعدم الاعتماد على الاقتراض لتمويل العجز».
وقال محمد عبدالحميد، وكيل لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس النواب، إن هناك عجزا مستمرا فى الموازنة، فتجاوز الدين الخارجى ١٦٥ مليار دولار، فى حين وصل الدين الداخلى لأكثر من ٥ تريليونات جنيه. وأضاف «عبدالحميد»، خلال كلمته بجلسة الدين العام، فى الحوار الوطنى، أنه يميل لزيادة الإيرادات، حيث يمكن اعتماد الاقتصاد غير الرسمى والذى يشكل نحو ٤٠٪ من حجم الاقتصاد المصرى، حيث يمكن فرض ضرائب على هذا الاقتصاد، عن طريق إدخاله بالاقتصاد الرسمى.