برغم توفيره المياه وإنتاجيته العالية.. «الزراعة» ترفض تسجيل الأرز المقاوم للجفاف

برغم توفيره المياه وإنتاجيته العالية.. «الزراعة» ترفض تسجيل الأرز المقاوم للجفاف

تعد مشكلة ندرة المياه العذبة من المشكلات الخطيرة التى تضع تحديات كبرى أمام متخذى القرار حول العالم وفى القلب منه مصر، التى تعتمد على مصادر مياه خارج حدودها حتى دخلت ضمن الدول التى تعيش تحت خط الفقر المائي، وصار نصيب الفرد يتناقص سنويا، وتمر مصر بمرحلة فقر مائى ناهيك عن ازمة سد النهضة، ويعد الارز اكثر المحاصيل الزراعية شراهة للمياه، ولذلك تم تقليص مساحات الافدنه المزروعة لتوفيرها، ومنذ عدة سنوات استنبط الدكتور سعيد سليمان استاذ الوراثة بجامعة الزقازيق، عدة اصناف لارز مقاوم للجفاف، يوفر 50 % من المياه، بالاضافة الى مميزات عدة منها انتاجيته الأعلى من الاصناف العادية، ومنذ عدة سنوات تقدم الدكتور سعيد بهذه الاصناف لتسجيلها من قبل وزارة الزراعة، حيث ان المسئول عن التسجيل مركز البحوث الزراعية، ولكن المركز رفض تسجيله، معللا ذلك بأن اللوائح تنص على عدم تسجيل اى صنف من خارج المركز، ومن ثم قام الدكتور سعيد بتقديم شكوى لمجلس النواب، وقام وزير الزراعة بعدها بتشكيل لجنة لبحث الامر.

فهل يعقل ان يكون لدينا اصناف للازر المقاوم للجفاف فى وقت نحن فى اشد الحاجة لكل نقطة مياه، ويكون لدينا ما يرفع من انتاجية الارز ويحقق اكتفاء ذاتيا بل وايضا فائضا قابلا للتصدير دون الحاجة للاستيراد، ارز الجفاف يعد قضية امن قومى وامن غذائى فكيف ترفض وزارة الزراعة تسجيل صنف يعود بالخير على مصر وبانتاجية اعلى من الاصناف العادية ؟!.

فى البداية يتحدث الدكتور سعيد سليمان استاذ الوراثة بجامعة الزقازيق، عن تجربته واستنباطه لاصناف الارز المقاوم للجفاف، فيقول ان مشروع »التربية لتحمل الجفاف فى الارز« ، مشروع ممول امريكى مصرى عام 1988من مركز البحوث الزراعية، وفزت به وكان تابعا للمشروع القومى للابحاث الزراعية، واستنبطت اصنافا عدة مقاومة للجفاف وقمت بتهجين بين كل الاصناف المتاحة والعالمية المقاومة للجفاف وبين التراكيب الوراثية المقاومة ايضا للجفاف حتى اصل إلى صنف يتحمل الجفاف ويقلل استخدام المياه، فوجدت تراكيب خاصة حساسة للجفاف، والتى تحب المياة بكثرة وشراهة وتراكيب خاصة مقاومة للجفاف لا تحتاج الى مياة، فهجنت بينهما من اجل استنباط تراكيب وجينات خاصة مقاومة للجفاف وذات انتاجية اعلي.

يتابع قائلا: نجحت فى استنباط 110 سلالات جديدة للارز المقاوم للجفاف ويعطى محصولا اكثر، من عام 1995 الى 2010 ومنها 4 أصناف عرابى 1و2و3و4 والمنتشر زراعتها الان بجميع المحافظات .

وأكد سليمان انه حصل على شهادة براءة اختراع فى عام 2012 من وزارة الزراعة من مكتب حماية الاصناف النباتية لاصناف عرابى 1و2و3و4، ولهم شهادات حماية لمدة 20 عاما، وتم اختبارهم عامين من قبل وزارة الزراعة، وان نتيجة الاختبار ان هذا الصنف متميز ومتجانس وثابت وهذا بقرار وزاري.

ولذلك يطالب سليمان بان تكون هناك لجنة محايدة للبت فى الامر بشفافية، حيث ان رئيس اللجنة هو فى ذات الوقت رئيس المركز، فكيف يكون الخصم والحكم فى لجنة واحدة؟!، فاللجنة مازالت تناقش دون نتيجة على الرغم من اقبال الفلاحين على الصنف بكثافة، الا ان وزارة الزراعة لها رؤية غير واضحة فى هذا .

وأوضح سليمان انه لو تم تسجيل هذا الصنف منذ عام 2012  لكانت قد تمت زراعة 3 ملايين فدان بالمياه المنخفضة فقط، لانه يأخذ نصف الكمية من المياه وانتاجيته تصل الى 4 أطنان للفدان وفائض للتصدير فوق المليون طن بدلا من الاستيراد، ومن ثم تحقيق اكتفاء ذاتى فى محصول الارز.

ومن جانبه يؤكد المهندس السعيد الفضالى أحد زارعى هذا الصنف، انه فى منتصف مايو الماضى حصلت على التقاوى من الجامعة ( أرز عرابى 3 محسن)  لعمل حقل يمكن من خلاله الحكم على هذا الصنف، وبالفعل زرعت الصنف فى مساحة فدانين بأرضى الكائنة بقرية بطرة مركز طلخا - محافظة الدقهلية..  وكان لابد من تنظيم الرى بالشكل الذى يختبر قدرة الصنف على مقاومة العطش، وبالفعل وبعد تمام الإنبات كان الرى كل عشرة أيام ( أقل من الذرة)  ولم تظهر على النبات مظاهر إجهاد على الإطلاق ولم تسجل عليه أية إصابة فطرية، بما يعنى أن الصنف مقاوم للجفاف، وعند تمام الحصاد لوحظ أن الأرز عريض الحبة ومتوسط إنتاجية الفدان 4.5 طن وأعطى نسبة تصافى 65% وصفات الطهى كانت ممتازة واللون ناصع البياض.

ويبقى السؤال.. ماذا ننتظر من أجل تسجيل هذا الصنف؟.