انخفاض شديد فى درجات الحرارة أصاب الإقليم المصرى بالكامل، مما أدى الى ارتفاع نسبى فى أسعار الخضراوات التى تراجع إنتاجها لانخفاض درجات الحرارة، وإن كان ذلك أكد أهمية التوسع فى مشروعات الصوبات الزراعية التى لا تتأثر باختلاف العوامل الجوية، وهى الأمل الحقيقى فى تحقيق الاكتفاء الذاتى عندما تعمل بكل طاقاتها، بل إنها قادرة على تحقيق الفائض..
السطور التالية تطرح القضية من كل جوانبها ومع أطرافها المتعددة.
بداية يشكو صلاح عبد الحميد موظف ـ من ارتفاع أسعار الخضراوات والفاكهة بشكل نسبى ولكن التأثير على ميزانية الأسرة يشتد من جراء ارتفاع أسعار الخضراوات التى زادت بنسبة 20 %، اما الفاكهة فيمكننا الاستغناء عنها أو تقليل الكميات، ولكنها لم تتأثر كثيرا فقد ارتفعت بنسبة 10 % فقط.
وتؤكد إسراء فكرى- ربة منزل - أن جشع التجار سبب رئيسى فى ارتفاع الأسعار، فبمجرد شعورهم باحتمال قلة المعروض فى الأسواق بدأوا فعلا فى رفع الأسعار على بائعى الأسواق، لنجد ان «البسلة» والطماطم والبصل والكوسة وغيرها زاد سعرها ما بين 2 أو 3 جنيهات للكيلو جرام، وميزانياتنا المحدودة لا تستطيع الوفاء بهذه الأعباء.
التاجر الوسيط
أما المهندس محمد عبد الله - صاحب إحدى مزارع الخضار والفاكهة - فيقول إن السبب وراء ارتفاع أسعار الخضراوات والفواكه يعود إلى الطقس السيئ الذى تعرضت له البلاد، وليس التاجر الوسيط كما يدعى البعض، فليس من مصلحته أن يرفع أسعارها لأن الخضراوات والفاكهة من السلع السريعة التلف، ومن أسباب ارتفاع الأسعار ارتفاع تكلفة الإنتاج، حتى إن المزارع لا يحصل إلا على هامش ربح بسيط ، فضلا عن ارتفاع أسعار ما بعد الزراعة مثل النقل والتخزين.
أما هشام الشحات - صاحب مزارع وتاجر خضار وفاكهة - فأكد أن الصقيع يتسبب فى تلف الكثير من المحاصيل، وبالتالى يقل المعروض مع زيادة الطلب أو استمراره على معدلاته العادية، وهذا بطبعه يؤثر على انتاج عدد من المحاصيل مثل الطماطم التى لا تنضج فى هذا الجو، مما يؤدى إلى تعطش السوق، وهذا عكس ما يحدث فى الجو الحار، حيث يكثر فيه المعروض من محصول الطماطم، فضلا عن رخص ثمنها صيفا.
أوضح الشحات أن شهرى يناير وفبراير بالتحديد ترتفع فيهما الأسعار سنويا، ويجب أن يتخذ المزارعون التدابير اللازمة لمواجهة موجة الصقيع، بحيث يزرعون (العروة الشتوية) على بلاستيك، وهذا قد يؤدى إلى ارتفاع التكلفة، مما يدفع بعض المزارعين إلى الإحجام عن زراعتها، ودائما ما نجد هذه العروة الشتوية مرتفعة الثمن فى السوق.
الموجة الباردة
أما محمود العسقلاني، رئيس جمعية «مواطنون ضد الغلاء» فقال إن موجة الصقيع التى مرت بها البلاد كان لها تأثير سيئ على الخضراوات لأنها لا تتحمل درجة البرودة المرتفعة، إضافة إلى الرياح، وهذا كان وراء ارتفاع أسعار عدد من الخضراوات مثل «البسلة» والكوسة.
وأعرب عن أمله فى أن تتمكن الصوب الزراعية المحمية الآن من التغلب على موجة البرد المقبلة وليس هذا العام.
تسعيرة استرشادية
وأضاف العسقلانى أن التاجر الوسيط هو أحد أسباب زيادة أسعار الخضراوات والفاكهة، والدور الذى تقوم به الدولة فيما يتعلق بالشوادر التى تنظمها وتشرف عليها وزارات التموين والداخلية والدفاع والزراعة والمحليات تسهم بشكل كبير فى حل الأزمة، والحل الأمثل يكمن فى الحلقة الأخيرة فى البيع، فليس من المنطقى أن يباع كيلو الطماطم «فى الأرض» بـ 3 جنيهات، ثم يباع فى السوق للمستهلك بـ 10 جنيهات، وسبب ذلك أن الحلقات الوسيطة تحصل على أرباح مضاعفة، والأفضل الآن أن تتدخل الدولة بسرعة بعمل تسعيرة استرشادية لفترة مؤقتة، وهذا من حق الحكومة طبقا لحكم المادة (10) من قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، حيث يجوز لها فى حالة الضرورة أن تحدد سعر منتج أو أكثر، ونحن الآن فى حالة الضرورة.
ولفت إلى أن الصوب الزراعية التى افتتحها الرئيس عبدالفتاح السيسى عندما تنتج سوف تختلف الأمور، من حيث وفرة المنتجات، علاوة على أن التوسع فى الصوب الزراعية سوف يقى المحاصيل من موجة البرد العام المقبل.
إدارة المناخ
ويقول رائف تمراز، وكيل لجنة الزراعة بمجلس النواب، إنه من المفترض أن تعلن وزارة الزراعة عنها وليست الأرصاد الجوية، وخاصة بالنسبة للمزروعات، بمعنى أن التنبؤات تعلن عنها الوزارة وتخبر الفلاحين فى حال وجود موجة للصقيع حتى يغطوا زراعاتهم، أو يكشفوها لأشعة الشمس، وهناك إدارة بوزارة الزراعة تسمى (إدارة المناخ) لا تعمل ولا تقوم بدورها المنوط بها فى تحذير الفلاحين ، وطرح الحلول للقضاء على مشكلة ارتفاع أسعار الخضراوات تمثلت فى ضرورة قيام الدولة ممثلة فى وزارة الزراعة بإنشاء أسواق أو شوادر، وتأخذ المحاصيل من الفلاح وتطرحها فيها لمحدودى الدخل بأسعار التكلفة .. كما أشاد بمشروع الصوب الزراعية التى ستحقق اكتفاء ذاتيا وتحل جزءا كبيرا من المشكلة، مشيرا إلى أنها تعد ثانى أكبر صوب فى العالم، والتى تقام فى مرحلتها الأولى بالعاشر من رمضان على مساحة 38 ألف فدان، ومن المقرر الوصول إلى 100 ألف صوبة زراعية، تعادل نحو 300 ألف فدان،.
من جانبه، قال حاتم نجيب نائب رئيس شعبة الخضر والفاكهة بالغرفة التجارية إن الأوضاع انضبطت بعض الشىء خلال الفترة الماضية بالنسبة لأسعار الخضراوات والفاكهة، وإنه يوجد بعض أصناف منها هى محاصيل إستراتيجية مثل - الطماطم والبصل والبطاطس - مستقرة بشكل نسبى من نحو شهر ونصف الشهر، بالإضافة إلى التوسع فى المشروعات الزراعية التى أشرنا إليها عدة مرات منذ سنوات بعيدة واستجابت الدولة، لتحقيق الأمن الغذائي.
وأشار إلى أنه بالنسبة لموجة الصقيع التى نعيشها هذه الأيام فقد أثرت على بعض المحاصيل ولكن ليس التأثير المبالغ فيه أو المقلق مثل «البسلة» والفاصوليا والكوسة والفلفل الرومى والباذنجان، فعندما تتزايد موجة الصقيع يتأثر بها الخضار والفاكهة بشكل أكبر، نظرا للعواصف الترابية والصقيع الشديد أثناء الليل، وهذا يتسبب فى قلة المنتج المعروض.
وأوضح نجيب أنه فى العادة تنخفض الأسعار فى حال (العروة الصيفية) فى ذروة إنتاجها، و(العروة الشتوية) فى أعلى انتاجية لها، والفجوات التى ترتفع فيها الأسعار تكون مع انتهاء العروة سواء فى نهاية الصيف وبداية الشتاء، أو نهاية الشتاء وبداية الصيف، وهذا يحدث سنويا فى نفس التوقيت، والعروة الوسطى التى تغطى بين الخريف والربيع، وهى التى تزرع فى الخريف والربيع، فى آخر العام فى نهاية الشتوية ، وفى نهاية الصيف.
وأكد أن الزيادة الناتجة عن الصقيع تقدر بنحو من 5 إلى 10% ، وسوف تتراجع وتعود إلى طبيعتها عند حدوث استقرار فى الحالة الجوية، وذلك نتيجة لتوافر الإنتاج المعروض فى الأسواق، وجدد تأكيد رخص ثمن الفاكهة المعروضة فى الأسواق مثل البرتقال، ويباع فى الأسواق بنحو 3 جنيهات ونصف الجنيه، والموز بـ 4 جنيهات فى الجملة، والجوافة من 4 إلى 5 جنيهات.
ولفت نائب رئيس شعبة الخضر والفاكهة بالغرفة التجارية إلى أن الحلقات الوسيطة وراء ارتفاع الأسعار من جملة إلى نصف جملة ثم تجزئة ثم نصف تجزئة، والمواطن هو من يدفع ثمن الفاتورة، والحل فى زيادة المنافذ والمجمعات الاستهلاكية التابعة لوزارة التموين، إضافة إلى المجمعات والجمعيات والنقابات والاتحادات، كما يجب أن يتم تفعيل أكثر لدور منظمات المجتمع المدنى تجاه المواطن، وقال: نحن كتجار على استعداد ان نبيع لأى شخص من المعروض داخل الأسواق بسعر الجملة بشرط أن يصل إلى المواطن بسعر الجملة.