تغير المناخ يضرب هنا وهناك ... ثم يضرب بشدة في كل مكان ..!! مقالة استباقية بأثر رجعي ... اقرأ بتركيز وتمعن ...
يومياً بنسمع ايه اللى بيحصل في
العالم بسبب تغير المناخ من سيول وفيضانات وانهيارات أرضية وحرائق غابات وعواصف
مدارية واعاصير مدمرة بتخرب مدن وبلدان كاملة وبتمسح مدن من خريطة البلدان ..
وللأسف الأمور مرشحة لزيادة في عنف وشراسة التغيرات المناخية خلال السنوات القادمة
...
طيب
هل مصر معرضة للشكل ده من تغير المناخ؟؟ ده سؤال هام جداً ... نقدر نقول ان الحمد
لله موقع مصر الجغرافي لا يؤهلها لهذا الشكل العنيف من تغير المناخ ( حتى الان)
ولكن اللى بيحصل في مصر شكل تاني وخاص من تغير المناخ بييسموه احياناً
"التغيرات المناخية الصامتة" ... يعني تضرب من غير من نشوف مظاهرها –
يعني ممكن نشوف التأثير من غير ما نشوف الأثر ...
طيب
أيه هي مظاهر تغير المناخ في مصر واللي بنتكلم عنها كتير...
أهمها
موضوع "تداخل الفصول المناخية" وزيادة حدة التذبذبات الحرارية ...
- يعني صيف بيجي بدري ( زي 2008 و 2016 و
2018 و 2020 ) وده بيعمل مشاكل كتير لكل التراكيب المحصولية خاصة الفاكهة ( خاصة
المانجو والزيتون والموالح ...الخ) ومحاصيل الخضر ( زي الطماطم بالتحديد والكل
فاكر ايه حصل في 2018 وزيادة الإصابة بفيروس تجعد أوراق الطماطم الأصفر ) واحيانا
المحاصيل الشتوية زي القمح والبنجر والفول واللى بيتأثر إنتاجهم كتير بسبب الصيف
المبكر اللى بيعتبر اكبر خطر ممكن يعمل مشكلة كبيرة على المستوى القومي ، وكلنا
فاكرين مشكلة انخفاض متوسط إنتاجية القمح في 2018 .
- او
شتاء متأخر (وده حصل في 2019 و2021 و 2023) لدرجة ان الشتاء استمر حتى اول شهر
مايو (5) وده طبعاً كان سلبي على أشجار الفاكهة واللي طول من موسم التزهير لغاية
ما اصطدم بالموجات الحارة بتاعة شهر خمسة. وطبعا الكل عارف ان الشتاء البارد
الطويل بيكون مناسب لأمراض خطيرة زي الصدأ الأصفر في القمح وامراض التبقعات واعفان
الثمار على كتير من المحاصيل.
-
وطبعاً زيادة او انخفاض الحرارة عن المعدلات المعروفة فنفاجيء بصيف شديد الحرارة
وبموجات حرارية مستمرة ومتوالية بدون انقطاع وده كان واضح جدا في اخر سنتين 2023
والجزء من صيف 2024 لدرجة ان صيف 2023 تم تصنيفه ان احر صيف في التاريخ المنظور ..
وجه صيف 2024 وحطم الأرقام القياسية وبمتوسط 17.09 درجة مئوية ( يعني بزيادة اكبر
من 2 درجة مئوية متخطياً كل تحذيرات ومقررات مؤتمرات المناخ اللي واقفة عند مستوى
خطر الـ 1.5 درجة مئوية... وطبعاً الصيف الحار جداً للأسف بيكون تأثيره سلبي جداً
جداً على كل الزراعات وكتير من المظاهر اللى حصلت السنة دي اتكلمنا عنها كتير
أهمها طبعاً فشل الاخصاب والعقد في كتير من المحاصيل خاصة الذرة والصويا والخضر
الصيفية وضعف التحجيم في أشجار الفاكهة وانخفاض احجام وسواس القطن ونقص كبير في
نسبة المادة الفعالة والزيت في الزيتون والطبية العطرية وغيرها ...
- او
يجي شتاء شديد البرودة يتخلله موجات صقيع زي شتاء 2019 و 2021 بالتحديد واللى عمل
مشاكل كتير للمحاصيل خاصة الفاكهة الاستوائية ( مانجو – موز ) حتى الجوافه والمحاصيل
الحقلية كمان ، واحيانا يكون شتاء دافيء جداً متقلص وده بيكون للأسف كارثي على
أشجار الفاكهة المتساقطة والزيتون بسبب عدم استيفاء احتياجات البرودة ونخش في
مشاكل عدم انتظام التزهير والعقد وخلافه ... والشتاء الدافيء بيكون له مشكلة
اضالفية وهو تواصل أجيال الحشرات طوال السنة ( بدل من انها تضعف او تتوقف في
الشتاء ( الحشرات الثاقبة الماصة وديدان الأوراق والثمار ) ...
-
واحيانا بيجي مواسم امطار غزيرة تقلب موازين الموسم الزراعي ( زي امطار مارس 2020
اللى كان اسمها عاصفة التنين) او رياح خماسين محملة بالاتربة واحيانا رياح خماسين
ساخنة جدا ( شرد) في الربيع واللى بيسبب مشاكل كتير لموسم التزهير والعقد لكتير من
محاصيل الفاكهة ..
وفي
كل الأحوال للأسف التغيرات دي بتحصل والممارسات الزراعية والتراكيب والاصناف لا
تتغير بنفس المستوى وده اللى بيعمل مشاكل في البيئة الزراعية وطبعا المزارع هو
المتضرر الاكبر بسبب تغير المناخ ...
طيب
ايه المطلوب على وجه التحديد ؟؟؟
بصراحة
مطلوب حاجات وإجراءات وممارسات كتير لازم تتغير سواء من المؤسسات المعنية او من
المزارعين انفسهم ، اهم حاجة هو "توطين ثقافة تغير المناخ" في نفوس الكل
سواء متخذ قرار او مزارع ... لازم ثقافة الاجراء تتغير ... يعني ببساطة جداً اعداة
هيكلة الخريطة الزراعية تماماً من حيث التراكيب المحصولية والخريطة الصنفية
ومواعيد الزراعة والعمليات الزراعية والمواد الفعالة في المبيدات والاسمدة
والمخصبات ، لازم يكون القرار الزراعي يكون معتمد على العلم والدراية مش الخبرة
فقط ( لانها غير كافية وعاجزة تماما امام تغير المناخ ) ...
امامنا
مشوار طويل جداً وجهد كبير عشان نوصل لإجراءات وحلول تخلى المحاصيل تتواكب وتتكيف
وتتأقلم قدر الإمكان مع التغيرات المناخية ...
وده
اللى خلاني اسخر وقتي وجهدي للمساهمة في مساعدة المزارعين للحد قدر الإمكان من
الخسائر المترتبة على المناخ وتغيراته العنيدة ... لان البديل صعب جداً وقاسي جداً
على الكل ...
ودي
دعوة صادقة لكل زملائي الباحثين والأكاديميين أنهم يكثفوا دراساتهم وابحاثهم في المجال
ده لانه مجال خصب جدا وفيه آلاف رؤوس الموضوعات البحثية والعلمية اللى يتعمل فيه
آلاف الرسائل والبحوث العلمية ..
دكتور
محمد علي فهيم ..
28 يوليو 2024
21
ابيب 1740